أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=3ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : المعنى : دع
nindex.php?page=treesubj&link=30539الكفار يأخذوا حظوظهم من دنياهم فتلك أخلاقهم ولا خلاق لهم في الآخرة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=3ويلههم الأمل ) يقال : لهيت عن الشيء ألهى لهيا ، وجاء في الحديث أن
ابن الزبير كان إذا سمع صوت الرعد لهي عن حديثه . قال
الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي : كل شيء تركته فقد لهيت عنه وأنشد :
صرمت حبالك فاله عنها زينب ولقد أطلت عتابها لو تعتب
فقوله " فاله عنها " أي اتركها وأعرض عنها . قال المفسرون : شغلهم الأمل عند الأخذ بحظهم عن الإيمان والطاعة فسوف يعلمون .
المسألة الثانية : احتج أصحابنا بهذه الآية على أنه تعالى قد يصد عن الإيمان ويفعل بالمكلف ما يكون له مفسدة في الدين ، والدليل عليه أنه تعالى قال لرسوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=3ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل ) فحكم بأن إقبالهم على التمتع واستغراقهم في طول الأمل يلهيهم عن الإيمان والطاعة ، ثم إنه تعالى أذن لهم فيها ، وذلك يدل على المقصود . قالت
المعتزلة : ليس هذا إذنا وتجويزا بل هذا تهديد ووعيد .
قلنا : ظاهر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=3ذرهم ) إذن أقصى ما في الباب أنه تعالى نبه على أن إقبالهم على هذه الأعمال يضرهم في دينهم ، وهذا عين ما ذكرناه من أنه تعالى أذن في شيء مع أنه نص على كون ذلك الشيء مفسدة لهم في الدين .
المسألة الثالثة : دلت الآية على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29497إيثار التلذذ والتنعم وما يؤدي إليه طول الأمل ليس من أخلاق المؤمنين ، وعن بعضهم : التمرغ في الدنيا من أخلاق الهالكين ، والأخبار في ذم الأمل كثيرة فمنها ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013026 " يهرم ابن آدم ويشب فيه اثنان : الحرص على المال وطول الأمل " nindex.php?page=hadith&LINKID=16013027وعنه صلى الله عليه وسلم أنه نقط ثلاث نقط وقال : " هذا ابن آدم ، وهذا الأمل ، وهذا الأجل ، ودون الأمل تسع وتسعون منية فإن أخذته إحداهن ، وإلا فالهرم من ورائه " ، وعن
علي عليه السلام أنه قال : إنما أخشى عليكم اثنين : طول الأمل واتباع الهوى ، فإن طول الأمل ينسي الآخرة ،
nindex.php?page=treesubj&link=32514واتباع الهوى يصد عن الحق . والله أعلم .
أما قوله تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=3ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : الْمَعْنَى : دَعِ
nindex.php?page=treesubj&link=30539الْكُفَّارَ يَأْخُذُوا حُظُوظَهُمْ مِنْ دُنْيَاهُمْ فَتِلْكَ أَخْلَاقُهُمْ وَلَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=3وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ) يُقَالُ : لَهِيتُ عَنِ الشَّيْءِ أَلْهَى لُهِيًّا ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ
ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ لَهِيَ عَنْ حَدِيثِهِ . قَالَ
الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13721وَالْأَصْمَعِيُّ : كُلُّ شَيْءٍ تَرَكْتَهُ فَقَدْ لَهِيتَ عَنْهُ وَأَنْشَدَ :
صَرَمَتْ حِبَالَكَ فَالْهَ عَنْهَا زَيْنَبُ وَلَقَدْ أَطَلْتَ عِتَابَهَا لَوْ تَعْتِبُ
فَقَوْلُهُ " فَالْهَ عَنْهَا " أَيِ اتْرُكْهَا وَأَعْرِضْ عَنْهَا . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : شَغَلَهُمُ الْأَمَلُ عِنْدَ الْأَخْذِ بِحَظِّهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ .
المسألة الثَّانِيَةُ : احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ يَصُدُّ عَنِ الْإِيمَانِ وَيَفْعَلُ بِالْمُكَلَّفِ مَا يَكُونُ لَهُ مَفْسَدَةً فِي الدِّينِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ لِرَسُولِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=3ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ) فَحَكَمَ بِأَنَّ إِقْبَالَهُمْ عَلَى التَّمَتُّعِ وَاسْتِغْرَاقَهُمْ فِي طُولِ الْأَمَلِ يُلْهِيهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَذِنَ لَهُمْ فِيهَا ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ . قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : لَيْسَ هَذَا إِذْنًا وَتَجْوِيزًا بَلْ هَذَا تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ .
قُلْنَا : ظَاهِرُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=3ذَرْهُمْ ) إِذَنْ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ تَعَالَى نَبَّهَ عَلَى أَنَّ إِقْبَالَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْأَعْمَالِ يَضُرُّهُمْ فِي دِينِهِمْ ، وَهَذَا عَيْنُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى أَذِنَ فِي شَيْءٍ مَعَ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مَفْسَدَةً لَهُمْ فِي الدِّينِ .
المسألة الثَّالِثَةُ : دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29497إِيثَارَ التَّلَذُّذِ وَالتَّنَعُّمِ وَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ طُولُ الْأَمَلِ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ : التَّمَرُّغُ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَخْلَاقِ الْهَالِكِينَ ، وَالْأَخْبَارُ فِي ذَمِّ الْأَمَلِ كَثِيرَةٌ فَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013026 " يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَيَشِبُّ فِيهِ اثْنَانِ : الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ وَطُولُ الْأَمَلِ " nindex.php?page=hadith&LINKID=16013027وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَقَطَ ثَلَاثَ نُقَطٍ وَقَالَ : " هَذَا ابْنُ آدَمَ ، وَهَذَا الْأَمَلُ ، وَهَذَا الْأَجَلُ ، وَدُونَ الْأَمَلِ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ مَنِيَّةً فَإِنْ أَخَذَتْهُ إِحْدَاهُنَّ ، وَإِلَّا فَالْهَرَمُ مِنْ وَرَائِهِ " ، وَعَنْ
عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ اثْنَيْنِ : طُولُ الْأَمَلِ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى ، فَإِنَّ طُولَ الْأَمَلِ يُنْسِي الْآخِرَةَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=32514وَاتِّبَاعَ الْهَوَى يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .