(
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=67وجاء أهل المدينة يستبشرون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=68قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=69واتقوا الله ولا تخزون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=70قالوا أولم ننهك عن العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=71قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فأخذتهم الصيحة مشرقين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=74فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إن في ذلك لآيات للمتوسمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وإنها لبسبيل مقيم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=77إن في ذلك لآية للمؤمنين ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=67وجاء أهل المدينة يستبشرون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=68قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=69واتقوا الله ولا تخزون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=70قالوا أولم ننهك عن العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=71قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فأخذتهم الصيحة مشرقين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=74فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إن في ذلك لآيات للمتوسمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وإنها لبسبيل مقيم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=77إن في ذلك لآية للمؤمنين ) .
اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=33955_28986المراد بأهل المدينة قوم لوط ، وليس في الآية دليل على المكان الذي جاءوه إلا أن القصة تدل
[ ص: 161 ] على أنهم جاءوا دار
لوط . قيل : إن الملائكة لما كانوا في غاية الحسن اشتهر خبرهم حتى وصل إلى
قوم لوط ، وقيل :
امرأة لوط أخبرتهم بذلك ، وبالجملة فالقوم قالوا : نزل
بلوط ثلاثة من المرد ما رأينا قط أصبح وجها ، ولا أحسن شكلا منهم ، فذهبوا إلى دار
لوط طلبا منهم لأولئك المرد ، والاستبشار إظهار السرور ، فقال لهم
لوط لما قصدوا أضيافه كلامين :
الكلام الأول : قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=68إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون ) يقال : فضحه يفضحه فضحا وفضيحة إذا أظهر من أمره ما يلزمه به العار ، والمعنى أن
nindex.php?page=treesubj&link=24548_24549الضيف يجب إكرامه ، فإذا قصدتموهم بالسوء كان ذلك إهانة بي ، ثم أكد ذلك بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=69واتقوا الله ولا تخزون ) فأجابوه بقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=70أولم ننهك عن العالمين ) والمعنى : ألسنا قد نهيناك أن تكلمنا في أحد من الناس إذا قصدناه بالفاحشة .
والكلام الثاني : مما قاله
لوط قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=71هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين ) قيل : المراد بناته من صلبه ، وقيل : المراد نساء قومه ; لأن رسول الأمة يكون كالأب لهم وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) [الأحزاب : 6] وفي قراءة
أبي وهو أب لهم ، والكلام في هذه المباحث قد مر بالاستقصاء في سورة
هود عليه السلام .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) فيه مسائل :
المسألة الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=34077العمر والعمر واحد وسمي الرجل عمرا تفاؤلا أن يبقى ، ومنه قول
ابن أحمر :
ذهب الشباب وأخلق العمر
وعمر الرجل يعمر عمرا وعمرا ، فإذا أقسموا به قالوا : لعمرك وعمرك فتحوا العين لا غير . قال
الزجاج : لأن الفتح أخف عليهم وهم يكثرون القسم بلعمري ولعمرك فالتزموا الأخف .
المسألة الثانية : في
nindex.php?page=treesubj&link=28986_33955قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) قولان :
الأول : أن المراد أن الملائكة قالت
للوط عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) أي : في غوايتهم يعمهون ، أي : يتحيرون فكيف يقبلون قولك ، ويلتفتون إلى نصيحتك .
والثاني : أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه تعالى أقسم بحياته وما أقسم بحياة أحد ، وذلك يدل على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=28753أكرم الخلق على الله تعالى قال النحويون :
nindex.php?page=treesubj&link=34077ارتفع قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لعمرك ) بالابتداء والخبر محذوف ، والمعنى : لعمرك قسمي وحذف الخبر ، لأن في الكلام دليلا عليه وباب القسم يحذف منه الفعل نحو : بالله لأفعلن ، والمعنى : أحلف بالله فيحذف لعلم المخاطب بأنك حالف .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فأخذتهم الصيحة ) أي :
nindex.php?page=treesubj&link=29752صيحة جبريل عليه السلام ، قال أهل المعاني : ليس في الآية دلالة على أن تلك الصيحة صيحة
جبريل عليه السلام ، فإن ثبت ذلك بدليل قوي قيل به ، وإلا فليس في الآية دلالة إلا على أنه جاءتهم صيحة عظيمة مهلكة .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73مشرقين ) يقال : شرق الشارق يشرق شروقا لكل ما طلع من جانب الشرق ، ومنه قولهم : ما ذر شارق أي : طلع طالع فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73مشرقين ) أي : داخلين في الشروق ، يقال : أشرق الرجل إذا دخل في الشروق ، وهو بزوغ الشمس .
واعلم أن الآية تدل على
nindex.php?page=treesubj&link=33955أنه تعالى عذبهم بثلاثة أنواع من العذاب :
أحدها : الصيحة الهائلة المنكرة .
وثانيها : أنه جعل عاليها سافلها .
وثالثها : أنه أمطر عليهم حجارة من سجيل ، وكل هذه الأحوال قد مر
[ ص: 162 ] تفسيرها في سورة هود .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إن في ذلك لآيات للمتوسمين ) يقال : توسمت في فلان خيرا أي : رأيت فيه أثرا منه وتفرسته فيه ، واختلفت عبارات المفسرين في
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28986تفسير المتوسمين قيل : المتفرسين ، وقيل : الناظرين ، وقيل : المتفكرين ، وقيل : المعتبرين ، وقيل : المتبصرين . قال
الزجاج : حقيقة المتوسمين في اللغة المتثبتون في نظرهم حتى يعرفوا سمة الشيء وصفته وعلامته ، والمتوسم الناظر في السمة الدالة تقول : توسمت في فلان كذا أي : عرفت وسم ذلك وسمته فيه .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وإنها لبسبيل مقيم ) الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وإنها ) عائد إلى مدينة
قوم لوط ، وقد سبق ذكرها في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=67وجاء أهل المدينة ) [الحجر : 67] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76لبسبيل مقيم ) أي : هذه القرى وما ظهر فيها من آثار قهر الله وغضبه لبسبيل مقيم ثابت لم يندرس ولم يخف ، والذين يمرون من
الحجاز إلى
الشام يشاهدونها .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إن في ذلك لآيات للمتوسمين ) أي : كل من آمن بالله وصدق الأنبياء والرسل عرف أن ذلك إنما كان لأجل أن الله تعالى انتقم لأنبيائه من أولئك الجهال ، أما الذين لا يؤمنون بالله فإنهم يحملونه على حوادث العالم ووقائعه ، وعلى حصول القرانات الكوكبية والاتصالات الفلكية والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=67وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=68قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=69وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=70قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=71قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=74فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=77إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=67وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=68قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=69وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=70قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=71قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=74فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=77إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) .
اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33955_28986الْمُرَادَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ قَوْمُ لُوطٍ ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي جَاءُوهُ إِلَّا أَنَّ الْقِصَّةَ تَدُلُّ
[ ص: 161 ] عَلَى أَنَّهُمْ جَاءُوا دَارَ
لُوطٍ . قِيلَ : إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا كَانُوا فِي غَايَةِ الْحُسْنِ اشْتُهِرَ خَبَرُهُمْ حَتَّى وَصَلَ إِلَى
قَوْمِ لُوطٍ ، وَقِيلَ :
امْرَأَةُ لُوطٍ أَخْبَرَتْهُمْ بِذَلِكَ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْقَوْمُ قَالُوا : نَزَلَ
بِلُوطٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمُرْدِ مَا رَأَيْنَا قَطُّ أَصْبَحَ وَجْهًا ، وَلَا أَحْسَنَ شَكْلًا مِنْهُمْ ، فَذَهَبُوا إِلَى دَارِ
لُوطٍ طَلَبًا مِنْهُمْ لِأُولَئِكَ الْمُرْدِ ، وَالِاسْتِبْشَارُ إِظْهَارُ السُّرُورِ ، فَقَالَ لَهُمْ
لُوطٌ لَمَّا قَصَدُوا أَضْيَافَهُ كَلَامَيْنِ :
الْكَلَامُ الْأَوَّلُ : قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=68إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ) يُقَالُ : فَضَحَهُ يَفْضَحُهُ فَضْحًا وَفَضِيحَةً إِذَا أَظْهَرَ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَلْزَمُهُ بِهِ الْعَارُ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24548_24549الضَّيْفَ يَجِبُ إِكْرَامُهُ ، فَإِذَا قَصَدْتُمُوهُمْ بِالسُّوءِ كَانَ ذَلِكَ إِهَانَةً بِي ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=69وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ ) فَأَجَابُوهُ بِقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=70أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ) وَالْمَعْنَى : أَلَسْنَا قَدْ نَهَيْنَاكَ أَنْ تُكَلِّمَنَا فِي أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ إِذَا قَصَدْنَاهُ بِالْفَاحِشَةِ .
وَالْكَلَامُ الثَّانِي : مِمَّا قَالَهُ
لُوطٌ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=71هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ) قِيلَ : الْمُرَادُ بَنَاتُهُ مِنْ صُلْبِهِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ نِسَاءُ قَوْمِهِ ; لِأَنَّ رَسُولَ الْأُمَّةِ يَكُونُ كَالْأَبِ لَهُمْ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) [الْأَحْزَابِ : 6] وَفِي قِرَاءَةِ
أُبَيٍّ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ ، وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَبَاحِثِ قَدْ مَرَّ بِالِاسْتِقْصَاءِ فِي سُورَةِ
هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) فِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=34077الْعَمْرُ وَالْعُمْرُ وَاحِدٌ وَسُمِّيَ الرَّجُلُ عُمَرًا تَفَاؤُلًا أَنْ يَبْقَى ، وَمِنْهُ قَوْلُ
ابْنِ أَحْمَرَ :
ذَهَبَ الشَّبَابُ وَأَخْلَقَ الْعُمْرُ
وَعَمَّرَ الرَّجُلُ يُعَمِّرُ عَمْرًا وَعُمْرًا ، فَإِذَا أَقْسَمُوا بِهِ قَالُوا : لَعَمْرُكَ وَعَمْرُكَ فَتَحُوا الْعَيْنَ لَا غَيْرَ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : لِأَنَّ الْفَتْحَ أَخَفُّ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُكْثِرُونَ الْقَسَمَ بِلَعَمْرِي وَلَعَمْرُكَ فَالْتَزَمُوا الْأَخَفَّ .
المسألة الثَّانِيَةُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28986_33955قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ
لِلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) أَيْ : فِي غَوَايَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ، أَيْ : يَتَحَيَّرُونَ فَكَيْفَ يَقْبَلُونَ قَوْلَكَ ، وَيَلْتَفِتُونَ إِلَى نَصِيحَتِكَ .
وَالثَّانِي : أَنَّ الْخِطَابَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّهُ تَعَالَى أَقْسَمَ بِحَيَاتِهِ وَمَا أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28753أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ النَّحْوِيُّونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=34077ارْتَفَعَ قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لَعَمْرُكَ ) بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ، وَالْمَعْنَى : لَعَمْرُكَ قَسَمِي وَحُذِفَ الْخَبَرُ ، لِأَنَّ فِي الْكَلَامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ وَبَابُ الْقَسَمِ يُحْذَفُ مِنْهُ الْفِعْلُ نَحْوَ : بِاللَّهِ لِأَفْعَلَنَّ ، وَالْمَعْنَى : أَحْلِفُ بِاللَّهِ فَيُحْذَفُ لِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِأَنَّكَ حَالِفٌ .
ثم قال تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ ) أَيْ :
nindex.php?page=treesubj&link=29752صَيْحَةُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي : لَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الصَّيْحَةَ صَيْحَةُ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ قَوِيٍّ قِيلَ بِهِ ، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ إِلَّا عَلَى أَنَّهُ جَاءَتْهُمْ صَيْحَةٌ عَظِيمَةٌ مُهْلِكَةٌ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73مُشْرِقِينَ ) يُقَالُ : شَرَّقَ الشَّارِقُ يُشَرِّقُ شُرُوقًا لِكُلِّ مَا طَلَعَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : مَا ذَرَّ شَارِقٌ أَيْ : طَلَعَ طَالِعٌ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73مُشْرِقِينَ ) أَيْ : دَاخِلِينَ فِي الشُّرُوقِ ، يُقَالُ : أَشْرَقَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ فِي الشُّرُوقِ ، وَهُوَ بُزُوغُ الشَّمْسِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33955أَنَّهُ تَعَالَى عَذَّبَهُمْ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعَذَابِ :
أَحَدُهَا : الصَّيْحَةُ الْهَائِلَةُ الْمُنْكَرَةُ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ جَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ أَمْطَرَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحْوَالِ قَدْ مَرَّ
[ ص: 162 ] تَفْسِيرُهَا فِي سُورَةِ هُودٍ .
ثم قال تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) يُقَالُ : تَوَسَّمْتُ فِي فُلَانٍ خَيْرًا أَيْ : رَأَيْتُ فِيهِ أَثَرًا مِنْهُ وَتَفَرَّسْتُهُ فِيهِ ، وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْمُفَسِّرِينَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28986تَفْسِيرِ الْمُتَوَسِّمِينَ قِيلَ : الْمُتَفَرِّسِينَ ، وَقِيلَ : النَّاظِرِينَ ، وَقِيلَ : الْمُتَفَكِّرِينَ ، وَقِيلَ : الْمُعْتَبِرِينَ ، وَقِيلَ : الْمُتَبَصِّرِينَ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : حَقِيقَةُ الْمُتَوَسِّمِينَ فِي اللُّغَةِ الْمُتَثَبِّتُونَ فِي نَظَرِهِمْ حَتَّى يَعْرِفُوا سِمَةَ الشَّيْءِ وَصِفَتَهُ وَعَلَامَتَهُ ، وَالْمُتَوَسِّمُ النَّاظِرُ فِي السِّمَةِ الدَّالَّةِ تَقُولُ : تَوَسَّمْتُ فِي فُلَانٍ كَذَا أَيْ : عَرَفْتُ وَسْمَ ذَلِكَ وَسَمْتَهُ فِيهِ .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وَإِنَّهَا ) عَائِدٌ إِلَى مَدِينَةِ
قَوْمِ لُوطٍ ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=67وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ) [الْحِجْرِ : 67] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) أَيْ : هَذِهِ الْقُرَى وَمَا ظَهَرَ فِيهَا مِنْ آثَارِ قَهْرِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ثَابِتٍ لَمْ يَنْدَرِسْ وَلَمْ يُخْفَ ، وَالَّذِينَ يَمُرُّونَ مِنَ
الْحِجَازِ إِلَى
الشَّامِ يُشَاهِدُونَهَا .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) أَيْ : كُلُّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَّقَ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ عَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى انْتَقَمَ لِأَنْبِيَائِهِ مِنْ أُولَئِكَ الْجُهَّالِ ، أَمَّا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ فَإِنَّهُمْ يَحْمِلُونَهُ عَلَى حَوَادِثِ الْعَالَمِ وَوَقَائِعِهِ ، وَعَلَى حُصُولِ الْقِرَانَاتِ الْكَوْكَبِيَّةِ وَالِاتِّصَالَاتِ الْفَلَكِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .