(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=45أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=46أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=47أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=45أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=46أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=47أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم )
وفي الآية مسائل :
[ ص: 30 ] المسألة الأولى : اعلم أن هذا هو الشبهة الخامسة لمنكري النبوة كانوا يقولون : الله أعلى وأجل من أن يكون رسوله واحدا من البشر ، بل لو أراد بعثة رسول إلينا لكان يبعث ملكا ، وقد ذكرنا تقرير هذه الشبهة في سورة الأنعام فلا نعيده ههنا ، ونظير هذه الآية قوله تعالى حكاية عنهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وقالوا لولا أنزل عليه ملك ) [ الأنعام : 8 ] وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=47أنؤمن لبشرين مثلنا ) [ المؤمنون : 47 ] وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=33ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=34ولئن أطعتم بشرا مثلكم ) [ المؤمنون : 33 ، 34 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم ) [ يونس : 2 ] وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ) [ الفرقان : 7 ] .
فأجاب الله تعالى عن هذه الشبهة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ) والمعنى : أن
nindex.php?page=treesubj&link=31781_31791عادة الله تعالى من أول زمان الخلق والتكليف أنه لم يبعث رسولا إلا من البشر ، فهذه العادة مستمرة لله سبحانه وتعالى ، وطعن هؤلاء الجهال بهذا السؤال الركيك أيضا طعن قديم ، فلا يلتفت إليه .
المسألة الثانية : دلت الآية على
nindex.php?page=treesubj&link=31791أنه تعالى ما أرسل أحدا من النساء ، ودلت أيضا على أنه ما أرسل ملكا ، لكن ظاهر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1جاعل الملائكة رسلا ) [ فاطر : 1 ] يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29747الملائكة رسل الله إلى سائر الملائكة ، فكان ظاهر هذه الآية دليلا على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=29747_31791ما أرسل رسولا من الملائكة إلى الناس . قال القاضي : وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=13980أبو علي الجبائي أنه لم يبعث إلى الأنبياء عليهم السلام إلا من هو بصورة الرجال من الملائكة . ثم قال القاضي : لعله أراد أن الملك الذي يرسل إلى الأنبياء عليهم السلام بحضرة أممهم ، لأنه إذا كان كذلك فلا بد من أن يكون أيضا بصورة الرجال ، كما روي أن
جبريل عليه السلام حضر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة
nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي وفي صورة
سراقة ، وإنما قلنا ذلك لأن المعلوم من حال الملائكة أن عند إبلاغ الرسالة من الله تعالى إلى الرسول قد يبقون على صورتهم الأصلية الملكية ، وقد روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013041أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام على صورته التي هو عليها مرتين ، وعليه تأولوا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=13ولقد رآه نزلة أخرى ) [ النجم : 13 ] ولما ذكر الله تعالى هذا الكلام أتبعه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في
nindex.php?page=treesubj&link=32420_32423المراد بأهل الذكر وجوه :
الأول : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : يريد أهل التوراة ، والذكر هو التوراة . والدليل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=105ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ) [ الأنبياء : 105 ] يعني : التوراة .
الثاني : قال
الزجاج : فاسألوا أهل الكتب الذين يعرفون معاني كتب الله تعالى ، فإنهم يعرفون أن الأنبياء كلهم بشر .
والثالث : أهل الذكر أهل العلم بأخبار الماضين ، إذ العالم بالشيء يكون ذاكرا له .
والرابع : قال
الزجاج : معناه سلوا كل من يذكر بعلم وتحقيق . وأقول : الظاهر أن هذه الشبهة وهي قولهم : الله أعلى وأجل من أن يكون رسوله واحدا من البشر ، إنما تمسك بها كفار
مكة ، ثم إنهم كانوا مقرين بأن
اليهود والنصارى أصحاب العلوم والكتب ، فأمرهم الله بأن يرجعوا في هذه المسألة إلى
اليهود والنصارى ; ليبينوا لهم ضعف هذه الشبهة وسقوطها ، فإن اليهودي والنصراني لا بد لهما من تزييف هذه الشبهة وبيان سقوطها .
المسألة الثانية : اختلف الناس في أنه
nindex.php?page=treesubj&link=22310هل يجوز للمجتهد تقليد المجتهد ؟ منهم من حكم بالجواز ، واحتج بهذه الآية فقال : لما لم يكن أحد المجتهدين عالما وجب عليه الرجوع إلى المجتهد الآخر الذي يكون عالما لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) فإن لم يجب فلا أقل من الجواز .
المسألة الثالثة : احتج
nindex.php?page=treesubj&link=28368نفاة القياس بهذه الآية فقالوا : المكلف إذا نزلت به واقعة فإن كان عالما بحكمها
[ ص: 31 ] لم يجز له القياس ، وإن لم يكن عالما بحكمها وجب عليه سؤال من كان عالما بها ; لظاهر هذه الآية ، ولو كان القياس حجة لما وجب عليه سؤال العالم ; لأجل أنه يمكنه استنباط ذلك الحكم بواسطة القياس ، فثبت أن تجويز العمل بالقياس يوجب ترك العمل بظاهر هذه الآية ، فوجب أن لا يجوز . والله أعلم .
وجوابه : أنه ثبت جواز العمل بالقياس بإجماع الصحابة ، والإجماع أقوى من هذا الدليل ، والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=45أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=46أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=47أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=45أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=46أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=47أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ )
وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
[ ص: 30 ] المسألة الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الشُّبْهَةُ الْخَامِسَةُ لِمُنْكِرِي النُّبُوَّةِ كَانُوا يَقُولُونَ : اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ وَاحِدًا مِنَ الْبَشَرِ ، بَلْ لَوْ أَرَادَ بِعْثَةَ رَسُولٍ إِلَيْنَا لَكَانَ يَبْعَثُ مَلَكًا ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَقْرِيرَ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ فَلَا نُعِيدُهُ هَهُنَا ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ) [ الْأَنْعَامِ : 8 ] وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=47أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا ) [ الْمُؤْمِنُونَ : 47 ] وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=33مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=34وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ ) [ الْمُؤْمِنُونَ : 33 ، 34 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ ) [ يُونُسَ : 2 ] وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ) [ الْفَرْقَانِ : 7 ] .
فَأَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ) وَالْمَعْنَى : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31781_31791عَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَوَّلِ زَمَانِ الْخَلْقِ وَالتَّكْلِيفِ أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْ رَسُولًا إِلَّا مِنَ الْبَشَرِ ، فَهَذِهِ الْعَادَةُ مُسْتَمِرَّةٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَطَعْنُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ بِهَذَا السُّؤَالِ الرَّكِيكِ أَيْضًا طَعْنٌ قَدِيمٌ ، فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ .
المسألة الثَّانِيَةُ : دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=31791أَنَّهُ تَعَالَى مَا أَرْسَلَ أَحَدًا مِنَ النِّسَاءِ ، وَدَلَّتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ مَا أَرْسَلَ مَلَكًا ، لَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ) [ فَاطِرٍ : 1 ] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29747الْمَلَائِكَةَ رُسُلُ اللَّهِ إِلَى سَائِرِ الْمَلَائِكَةِ ، فَكَانَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=29747_31791مَا أَرْسَلَ رَسُولًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى النَّاسِ . قَالَ الْقَاضِي : وَزَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=13980أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ إِلَّا مَنْ هُوَ بِصُورَةِ الرِّجَالِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ . ثم قال الْقَاضِي : لَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْمَلَكَ الَّذِي يُرْسَلُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِحَضْرَةِ أُمَمِهِمْ ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا بِصُورَةِ الرِّجَالِ ، كَمَا رُوِيَ أَنَّ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَضَرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَفِي صُورَةِ
سُرَاقَةَ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ حَالِ الْمَلَائِكَةِ أَنَّ عِنْدَ إِبْلَاغِ الرِّسَالَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى الرَّسُولِ قَدْ يَبْقَوْنَ عَلَى صُورَتِهِمُ الْأَصْلِيَّةِ الْمَلَكِيَّةِ ، وَقَدْ رُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013041أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ ، وَعَلَيْهِ تَأَوَّلُوا قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=13وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) [ النَّجْمِ : 13 ] وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْكَلَامَ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32420_32423الْمُرَادِ بِأَهْلِ الذِّكْرِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : يُرِيدُ أَهْلَ التَّوْرَاةِ ، وَالذِّكْرُ هُوَ التَّوْرَاةُ . وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=105وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 105 ] يَعْنِي : التَّوْرَاةَ .
الثَّانِي : قَالَ
الزَّجَّاجُ : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الْكُتُبِ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ مَعَانِيَ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ بَشَرٌ .
وَالثَّالِثُ : أَهْلُ الذِّكْرِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِأَخْبَارِ الْمَاضِينَ ، إِذِ الْعَالِمُ بِالشَّيْءِ يَكُونُ ذَاكِرًا لَهُ .
وَالرَّابِعُ : قَالَ
الزَّجَّاجُ : مَعْنَاهُ سَلُوا كُلَّ مَنْ يُذْكَرُ بِعِلْمٍ وَتَحْقِيقٍ . وَأَقُولُ : الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ وَهِيَ قَوْلُهُمْ : اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ وَاحِدًا مِنَ الْبَشَرِ ، إِنَّمَا تَمَسَّكَ بِهَا كُفَّارُ
مَكَّةَ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَصْحَابُ الْعُلُومِ وَالْكُتُبِ ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِأَنْ يَرْجِعُوا فِي هَذِهِ المسألة إِلَى
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ; لِيُبَيِّنُوا لَهُمْ ضَعْفَ هَذِهِ الشُّبْهَةِ وَسُقُوطَهَا ، فَإِنَّ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ تَزْيِيفِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ وَبَيَانِ سُقُوطِهَا .
المسألة الثَّانِيَةُ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=22310هَلْ يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ ؟ مِنْهُمْ مَنْ حَكَمَ بِالْجَوَازِ ، وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ : لَمَّا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ عَالِمًا وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إِلَى الْمُجْتَهِدِ الْآخَرِ الَّذِي يَكُونُ عَالِمًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) فَإِنْ لَمْ يَجِبْ فَلَا أَقَلَّ مِنَ الْجَوَازِ .
المسألة الثَّالِثَةُ : احْتَجَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28368نُفَاةُ الْقِيَاسِ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَقَالُوا : الْمُكَلَّفُ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ وَاقِعَةٌ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِحُكْمِهَا
[ ص: 31 ] لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقِيَاسُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِحُكْمِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ سُؤَالُ مَنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا ; لِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَلَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حُجَّةً لَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ سُؤَالُ الْعَالِمِ ; لِأَجْلِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ اسْتِنْبَاطُ ذَلِكَ الحكم بِوَاسِطَةِ الْقِيَاسِ ، فَثَبَتَ أَنَّ تَجْوِيزَ الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ يُوجِبُ تَرْكَ الْعَمَلِ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَجَوَابُهُ : أَنَّهُ ثَبَتَ جَوَازُ الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ، وَالْإِجْمَاعُ أَقْوَى مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .