(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) .
اعلم أنه تعالى لما ذكر في الآية الأولى مثل الكفار بالأبكم العاجز ، ومثل نفسه بالذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ، ومعلوم أنه يمتنع أن يكون آمرا بالعدل ، وأن يكون على صراط مستقيم إلا إذا كان كاملا في العلم والقدرة - ذكر في هذه الآية بيان كونه كاملا في العلم والقدرة ، أما بيان كمال العلم فهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77ولله غيب السماوات والأرض ) والمعنى :
nindex.php?page=treesubj&link=29692علم الله غيب السماوات والأرض ، وأيضا فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77ولله غيب السماوات والأرض ) يفيد الحصر ، معناه : أن العلم بهذه الغيوب ليس إلا لله ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=33679بيان كمال القدرة فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ) ،
nindex.php?page=treesubj&link=30292_30291والساعة : هي الوقت الذي تقوم فيه القيامة ، سميت ساعة ؛ لأنها تفجأ الإنسان في ساعة فيموت الخلق بصيحة واحدة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77إلا كلمح البصر ) اللمح : النظر بسرعة ، يقال : لمحه ببصره لمحا ولمحانا ، والمعنى : وما أمر القيامة في السرعة إلا كطرف العين ، والمراد منه تقرير كمال القدرة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77أو هو أقرب ) معناه : أن لمح البصر عبارة عن انتقال الجسم المسمى بالطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها ، ولا شك أن الحدقة مؤلفة من أجزاء لا تتجزأ ، فلمح البصر عبارة عن المرور على جملة تلك الأجزاء التي منها تألف سطح الحدقة ، ولا شك أن تلك الأجزاء كثيرة ، والزمان الذي يحصل فيه لمح البصر مركب من آنات متعاقبة ،
nindex.php?page=treesubj&link=33679والله تعالى قادر على إقامة القيامة في آن واحد من تلك الآنات ؛ فلهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77أو هو أقرب ) . إلا أنه لما كان أسرع الأحوال والحوادث في عقولنا وأفكارنا هو لمح البصر - لا جرم ذكره . ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77أو هو أقرب ) ؛ تنبيها على ما ذكرناه ، ولا شبهة في أنه ليس المراد طريقة الشك ، بل المراد : بل هو أقرب ، وقال
الزجاج : المراد به الإبهام عن المخاطبين
nindex.php?page=treesubj&link=33679أنه تعالى يأتي بالساعة إما بقدر لمح البصر أو بما هو أسرع .
قال القاضي : هذا لا يصح ؛ لأن إقامة الساعة ليست حال تكليف حتى يقال : إنه تعالى يأتي بها في زمان ، بل الواجب أن يخلقها دفعة واحدة في وقت واحد ، ويفارق ما ذكرناه في ابتداء خلق السماوات والأرض ؛ لأن تلك الحال حال تكليف ، فلم يمتنع أن يخلقها كذلك لما فيه من مصلحة الملائكة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى مَثَلَ الْكُفَّارِ بِالْأَبْكَمِ الْعَاجِزِ ، وَمَثَلَ نَفْسِهِ بِالَّذِي يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُوُنَ آمِرًا بِالْعَدْلِ ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ إِلَّا إِذَا كَانَ كَامِلًا فِي الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ - ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانَ كَوْنِهِ كَامِلًا فِي الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ ، أَمَّا بَيَانُ كَمَالِ الْعِلْمِ فَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) وَالْمَعْنَى :
nindex.php?page=treesubj&link=29692عَلِمَ اللَّهُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) يُفِيدُ الْحَصْرَ ، مَعْنَاهُ : أَنَّ الْعِلْمَ بِهَذِهِ الْغُيُوبِ لَيْسَ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=33679بَيَانُ كَمَالِ الْقُدْرَةِ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) ،
nindex.php?page=treesubj&link=30292_30291وَالسَّاعَةُ : هِيَ الْوَقْتُ الَّذِي تَقُومُ فِيهِ الْقِيَامَةُ ، سُمِّيَتْ سَاعَةً ؛ لِأَنَّهَا تَفْجَأُ الْإِنْسَانَ فِي سَاعَةٍ فَيَمُوتُ الْخَلْقُ بِصَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ ) اللَّمْحُ : النَّظَرُ بِسُرْعَةٍ ، يُقَالُ : لَمَحَهُ بِبَصَرِهِ لَمْحًا وَلَمَحَانًا ، وَالْمَعْنَى : وَمَا أَمْرُ الْقِيَامَةِ فِي السُّرْعَةِ إِلَّا كَطَرْفِ الْعَيْنِ ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ تَقْرِيرُ كَمَالِ الْقُدْرَةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) مَعْنَاهُ : أَنَّ لَمْحَ الْبَصَرِ عِبَارَةٌ عَنِ انْتِقَالِ الْجِسْمِ الْمُسَمَّى بِالطَّرْفِ مِنْ أَعْلَى الْحَدَقَةِ إِلَى أَسْفَلِهَا ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَدَقَةَ مُؤَلَّفَةٌ مِنْ أَجْزَاءٍ لَا تَتَجَزَّأُ ، فَلَمْحُ الْبَصَرِ عِبَارَةٌ عَنِ الْمُرُورِ عَلَى جُمْلَةِ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ الَّتِي مِنْهَا تَأَلَّفَ سَطْحُ الْحَدَقَةِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ تِلْكَ الْأَجْزَاءَ كَثِيرَةٌ ، وَالزَّمَانُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ لَمْحُ الْبَصَرِ مُرَكَّبٌ مِنْ آنَاتٍ مُتَعَاقِبَةٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=33679وَاللَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إِقَامَةِ الْقِيَامَةِ فِي آنٍ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْآنَاتِ ؛ فَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) . إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَسْرَعُ الْأَحْوَالِ وَالْحَوَادِثِ فِي عُقُولِنَا وَأَفْكَارِنَا هُوَ لَمْحَ الْبَصَرِ - لَا جَرَمَ ذَكَرَهُ . ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) ؛ تَنْبِيهًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ طَرِيقَةَ الشَّكِّ ، بِلِ الْمُرَادُ : بَلْ هُوَ أَقْرَبُ ، وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : الْمُرَادُ بِهِ الْإِبْهَامُ عَنِ الْمُخَاطَبِينَ
nindex.php?page=treesubj&link=33679أَنَّهُ تَعَالَى يَأْتِي بِالسَّاعَةِ إِمَّا بِقَدْرِ لَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ بِمَا هُوَ أَسْرَعُ .
قَالَ الْقَاضِي : هَذَا لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ إِقَامَةَ السَّاعَةِ لَيْسَتْ حَالَ تَكْلِيفٍ حَتَّى يُقَالُ : إِنَّهُ تَعَالَى يَأْتِي بِهَا فِي زَمَانٍ ، بَلِ الْوَاجِبُ أَنْ يَخْلُقَهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي ابْتِدَاءِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْحَالَ حَالُ تَكْلِيفٍ ، فَلَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَخْلُقَهَا كَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَلَائِكَةِ .