(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ) .
اعلم أن هذا نوع آخر من
nindex.php?page=treesubj&link=29426دلائل التوحيد ،
nindex.php?page=treesubj&link=29485_29703_32415وأقسام النعم والفضل ، والسكن والمسكن ، وأنشد
الفراء :
جاء الشتاء ولما أتخذ سكنا يا ويح كفي من حفر القراميص
والسكن ما سكنت إليه وما سكنت فيه . قال صاحب الكشاف : السكن فعل بمعنى مفعول ، وهو ما يسكن إليه وينقطع إليه من بيت أو إلف .
واعلم أن البيوت التي يسكن الإنسان فيها على قسمين :
القسم الأول : البيوت المتخذة من الخشب والطين والآلات التي بها يمكن تسقيف البيوت ، وإليها الإشارة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ) ، وهذا القسم من البيوت لا يمكن نقله ، بل الإنسان ينتقل إليه .
والقسم الثاني : القباب والخيام والفساطيط ، وإليها الإشارة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ) وهذا القسم من البيوت يمكن نقله وتحويله من مكان إلى مكان .
واعلم أن المراد الأنطاع ، وقد تعمل العرب البيوت من الأدم ، وهي جلود الأنعام ، أي : يخف عليكم حملها في أسفاركم . قرأ
نافع وابن كثير وأبو عمرو : "يوم ظعنكم" بفتح العين ، والباقون : ساكنة العين . قال
الواحدي : وهما لغتان كالشعر والشعر ، والنهر والنهر .
واعلم أن الظعن سير البادية لنجعة ، أو حضور ماء ، أو طلب مرتع ، وقد يقال لكل شاخص لسفر : ظاعن ، وهو ضد الخافض . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80ويوم إقامتكم ) بمعنى : لا يثقل عليكم في الحالين . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها ) قال المفسرون وأهل اللغة : الأصواف للضأن ، والأوبار للإبل ، والأشعار للمعز . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80أثاثا ) الأثاث : أنواع متاع البيت من الفرش والأكسية . قال
الفراء : ولا واحد له ، كما أن المتاع لا واحد له . قال : ولو جمعت فقلت : آثثة في القليل ، وأثث في الكثير لم يبعد . وقال
أبو زيد : واحدها أثاثة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80أثاثا ) يريد طنافس وبسطا وثيابا وكسوة . قال
الخليل : وأصله من قولهم : أث النبات والشعر إذا كثر . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80ومتاعا ) أي : ما يتمتعون به . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80إلى حين ) يريد إلى حين البلا ، وقيل : إلى حين الموت ، وقيل : "إلى حين" بعد حين ، وقيل : إلى يوم القيامة .
[ ص: 75 ] فإن قيل : عطف المتاع على الأثاث ، والعطف يقتضي المغايرة ، وما
nindex.php?page=treesubj&link=34077الفرق بين الأثاث والمتاع ؟
قلنا : الأقرب أن الأثاث ما يكتسي به المرء ويستعمله في الغطاء والوطاء ، والمتاع ما يفرش في المنازل ويزين به .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ) .
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29426دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29485_29703_32415وَأَقْسَامِ النِّعَمِ وَالْفَضْلِ ، وَالسَّكَنِ وَالْمَسْكَنِ ، وَأَنْشَدَ
الْفَرَّاءُ :
جَاءَ الشِّتَاءُ وَلَمَّا أَتَّخِذْ سَكَنًا يَا وَيْحَ كَفِّي مِنْ حُفَرِ الْقَرَامِيصِ
وَالسَّكَنُ مَا سَكَنْتَ إِلَيْهِ وَمَا سَكَنْتَ فِيهِ . قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ : السَّكَنُ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ، وَهُوَ مَا يُسْكَنُ إِلَيْهِ وَيُنْقَطَعُ إِلَيْهِ مِنْ بَيْتٍ أَوْ إِلْفٍ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْبُيُوتَ الَّتِي يَسْكُنُ الْإِنْسَانُ فِيهَا عَلَى قِسْمَيْنِ :
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : الْبُيُوتُ الْمُتَّخَذَةُ مِنَ الْخَشَبِ وَالطِّينِ وَالْآلَاتِ الَّتِي بِهَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُ الْبُيُوتِ ، وَإِلَيْهَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ) ، وَهَذَا الْقِسْمُ مِنَ الْبُيُوتِ لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ ، بَلِ الْإِنْسَانُ يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي : الْقِبَابُ وَالْخِيَامُ وَالْفَسَاطِيطُ ، وَإِلَيْهَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ) وَهَذَا الْقِسْمُ مِنَ الْبُيُوتِ يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَنْطَاعُ ، وَقَدْ تَعْمَلُ الْعَرَبُ الْبُيُوتَ مِنَ الْأَدَمِ ، وَهِيَ جُلُودُ الْأَنْعَامِ ، أَيْ : يَخِفُّ عَلَيْكُمْ حَمْلُهَا فِي أَسْفَارِكُمْ . قَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو : "يَوْمَ ظَعَنِكُمْ" بِفَتْحِ الْعَيْنِ ، وَالْبَاقُونَ : سَاكِنَةَ الْعَيْنِ . قَالَ
الْوَاحَدِيُّ : وَهُمَا لُغَتَانِ كَالْشَّعْرِ وَالشَّعَرِ ، وَالنَّهْرِ وَالنَّهَرِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّعْنَ سَيْرُ الْبَادِيَةِ لِنُجْعَةٍ ، أَوْ حُضُورِ مَاءٍ ، أَوْ طَلَبِ مَرْتَعٍ ، وَقَدْ يُقَالُ لِكُلِّ شَاخِصٍ لِسَفَرٍ : ظَاعِنٌ ، وَهُوَ ضِدُّ الْخَافِضِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ) بِمَعْنَى : لَا يَثْقُلُ عَلَيْكُمْ فِي الْحَالَيْنِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ : الْأَصْوَافُ لِلضَّأْنِ ، وَالْأَوْبَارُ لِلْإِبِلِ ، وَالْأَشْعَارُ لِلْمَعِزِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80أَثَاثًا ) الْأَثَاثُ : أَنْوَاعُ مَتَاعِ الْبَيْتِ مِنَ الْفُرُشِ وَالْأَكْسِيَةِ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَلَا وَاحِدَ لَهُ ، كَمَا أَنَّ الْمَتَاعَ لَا وَاحِدَ لَهُ . قَالَ : وَلَوْ جَمَعْتَ فَقُلْتَ : آثِثَةٌ فِي الْقَلِيلِ ، وَأُثُثٌ فِي الْكَثِيرِ لَمْ يَبْعُدْ . وَقَالَ
أَبُو زَيْدٍ : وَاحِدُهَا أَثَاثَةٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80أَثَاثًا ) يُرِيدُ طَنَافِسَ وَبُسُطًا وَثِيَابًا وَكُسْوَةً . قَالَ
الْخَلِيلُ : وَأَصْلُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ : أَثَّ النَّبَاتُ وَالشَّعْرُ إِذَا كَثُرَ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَمَتَاعًا ) أَيْ : مَا يَتَمَتَّعُونَ بِهِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80إِلَى حِينٍ ) يُرِيدُ إِلَى حِينِ الْبَلَا ، وَقِيلَ : إِلَى حِينِ الْمَوْتِ ، وَقِيلَ : "إِلَى حِينٍ" بَعْدَ حِينٍ ، وَقِيلَ : إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
[ ص: 75 ] فَإِنْ قِيلَ : عَطَفَ الْمَتَاعَ عَلَى الْأَثَاثِ ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ ، وَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=34077الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَثَاثِ وَالْمَتَاعِ ؟
قُلْنَا : الْأَقْرَبُ أَنَّ الْأَثَاثَ مَا يَكْتَسِي بِهِ الْمَرْءُ وَيَسْتَعْمِلُهُ فِي الْغِطَاءِ وَالْوِطَاءِ ، وَالْمَتَاعَ مَا يُفْرَشُ فِي الْمَنَازِلِ وُيَزَيَّنُ بِهِ .