( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون    ) . 
قوله تعالى : ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون    ) . 
اعلم أنه تعالى لما كلف القوم بالوفاء بالعهد وتحريم نقضه ، أتبعه ببيان أنه تعالى قادر على أن يجمعهم على هذا الوفاء  وعلى سائر أبواب الإيمان ، ولكنه سبحانه بحكم الإلهية يضل من يشاء ويهدي من يشاء . أما المعتزلة    : فإنهم حملوا ذلك على الإلجاء ؛ أي لو أراد أن يلجئهم إلى الإيمان أو إلى الكفر لقدر عليه ، إلا أن ذلك يبطل التكليف ، فلا جرم ما ألجأهم إليه وفوض الأمر إلى اختيارهم في هذه التكاليف ، وأما قول أصحابنا فيه فهو ظاهر ، وهذه المناظرة قد تكررت مرارا كثيرة ، وروى الواحدي  أن عزيرا  قال : يا رب ، خلقت الخلق فتضل من تشاء وتهدي من تشاء ، فقال : يا عزيز  ، أعرض عن هذا ، فأعاده ثانيا ، فقال : أعرض عن هذا ، فأعاده ثالثا ، فقال : أعرض عن هذا وإلا محوت اسمك من النبوة . قالت المعتزلة    : ومما يدل على أن المراد من هذه المشيئة مشيئة الإلجاء - أنه تعالى قال بعده : ( ولتسألن عما كنتم تعملون    ) فلو كانت أعمال العباد بخلق الله تعالى  لكان سؤالهم عنها عبثا ، والجواب عنه قد سبق مرارا ، والله أعلم . 
				
						
						
