المسألة الثانية : أجمعوا على أنه لا يجب عليه التكلم بالكفر ، يدل عليه وجوه :
أحدها : أنا روينا أن
بلالا صبر على ذلك العذاب ، وكان يقول : أحد أحد . روي أن ناسا من
أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ، وكان فيهم من
nindex.php?page=treesubj&link=9943أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه ، مع أنه كان بقلبه مصرا على الإيمان ، منهم :
عمار ، وأبواه
ياسر وسمية ،
وصهيب ،
وبلال ،
وخباب ،
وسالم ، عذبوا ، فأما
سمية فقيل : ربطت بين بعيرين ووخزت في قبلها بحربة وقالوا : إنك أسلمت من أجل الرجال ، وقتلت ، وقتل
ياسر ، وهما
nindex.php?page=treesubj&link=34020أول قتيلين قتلا في الإسلام ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013061وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها ، فقيل : يا رسول الله ، إن عمارا كفر ، فقال : كلا إن عمارا مليء إيمانا من فرقه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه ، فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه ويقول : "ما لك ؟ إن عادوا لك فعد لهم بما قلت " ، ومنهم
جبر مولى الحضرمي أكرهه سيده فكفر ، ثم أسلم مولاه وأسلم ، وحسن إسلامهما وهاجرا .
المسألة الثالثة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106إلا من أكره ) ليس باستثناء ؛ لأن المكره ليس بكافر فلا يصح استثناؤه من الكافر ، لكن المكره لما ظهر منه بعد الإيمان ما مثله يظهر من الكافر طوعا صح هذا الاستثناء لهذه المشاكلة .
المسألة الثَّانِيَةُ : أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكَلُّمُ بِالْكُفْرِ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّا رَوَيْنَا أَنَّ
بِلَالًا صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ الْعَذَابِ ، وَكَانَ يَقُولُ : أَحَدٌ أَحَدٌ . رُوِيَ أَنَّ نَاسًا مِنْ
أَهْلِ مَكَّةَ فُتِنُوا فَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ دُخُولِهِمْ فِيهِ ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=9943أُكْرِهَ فَأَجْرَى كَلِمَةَ الْكُفْرِ عَلَى لِسَانِهِ ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ بِقَلْبِهِ مُصِرًّا عَلَى الْإِيمَانِ ، مِنْهُمْ :
عَمَّارٌ ، وَأَبَوَاهُ
يَاسِرٌ وَسُمَيَّةُ ،
وَصُهَيْبٌ ،
وَبِلَالٌ ،
وَخَبَّابٌ ،
وَسَالِمٌ ، عُذِّبُوا ، فَأَمَّا
سُمَيَّةُ فَقِيلَ : رُبِطَتْ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ وَوُخِزَتْ فِي قُبُلِهَا بِحَرْبَةٍ وَقَالُوا : إِنَّكِ أَسْلَمْتِ مِنْ أَجْلِ الرِّجَالِ ، وَقُتِلَتْ ، وَقُتِلَ
يَاسِرٌ ، وَهُمَا
nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلُ قَتِيلَيْنِ قُتِلَا فِي الْإِسْلَامِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013061وَأَمَّا عَمَّارٌ فَقَدْ أَعْطَاهُمْ مَا أَرَادُوا بِلِسَانِهِ مُكْرَهًا ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ عَمَّارًا كَفَرَ ، فَقَالَ : كَلَّا إِنَّ عَمَّارًا مَلِيءٌ إِيمَانًا مِنْ فَرْقِهِ إِلَى قَدَمِهِ ، وَاخْتَلَطَ الْإِيمَانُ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ ، فَأَتَى عَمَّارٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْكِي ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ : "مَا لَكَ ؟ إِنْ عَادُوا لَكَ فَعُدْ لَهُمْ بِمَا قُلْتَ " ، وَمِنْهُمْ
جَبْرٌ مَوْلَى الْحَضْرَمِيِّ أَكْرَهَهُ سَيِّدُهُ فَكَفَرَ ، ثُمَّ أَسْلَمَ مَوْلَاهُ وَأَسْلَمَ ، وَحَسُنَ إِسْلَامَهُمَا وَهَاجَرَا .
المسألة الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ ) لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَيْسَ بِكَافِرٍ فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنَ الْكَافِرِ ، لَكِنَّ الْمُكْرَهَ لَمَّا ظَهَرَ مِنْهُ بَعْدَ الْإِيمَانِ مَا مِثْلُهُ يَظْهَرُ مِنَ الْكَافِرِ طَوْعًا صَحَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ لِهَذِهِ الْمُشَاكَلَةِ .