الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة : أجمعوا على أنه لا يجب عليه التكلم بكلمة الكفر ، ويدل عليه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أنا روينا أن بلالا صبر على ذلك العذاب ، وكان يقول : أحد أحد ، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : بئس ما صنعت ، بل عظمه عليه ، فدل ذلك على أنه لا يجب التكلم بكلمة الكفر .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : ما روي أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين ، فقال لأحدهما : ما تقول في محمد ؟ فقال : رسول الله ، فقال : ما تقول في ؟ قال : أنت أيضا ، فخلاه ، وقال للآخر : ما تقول في محمد ؟ قال رسول الله ، قال : ما تقول في ؟ قال : أنا أصم ، فأعاد عليه ثلاثا ، فأعاد جوابه ، فقتله ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : "أما الأول فقد أخذ برخصة الله ، وأما الثاني فقد صدع بالحق ، فهنيئا له " . وجه الاستدلال بهذا الخبر من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنه سمى التلفظ بكلمة الكفر رخصة .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أنه عظم حال من أمسك عنه حتى قتل .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : أن بذل النفس في تقرير الحق أشق ، فوجب أن يكون أكثر ثوابا ؛ لقوله - عليه السلام - : " أفضل العبادات أحمزها " أي : أشقها .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : أن الذي أمسك عن كلمة الكفر طهر قلبه ولسانه عن الكفر . أما الذي تلفظ بها فهب أن قلبه طاهر عنه إلا أن لسانه في الظاهر قد تلطخ بتلك الكلمة الخبيثة ؛ فوجب أن يكون حال الأول أفضل ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية