(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) .
اعلم أنه لما ذكر في الآية الأولى ما هو الركن الأعظم في الإيمان ، أتبعه بذكر ما هو من
nindex.php?page=treesubj&link=30491_30489شعائر الإيمان وشرائطه وهي أنواع :
النوع الأول : أن يكون الإنسان مشتغلا بعبادة الله تعالى ، وأن يكون محترزا عن عبادة غير الله تعالى ، وهذا هو المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) وفيه بحثان :
البحث الأول : القضاء معناه الحكم الجزم البت الذي لا يقبل النسخ . والدليل عليه أن الواحد منا إذا أمر غيره بشيء فإنه لا يقال : إنه قضى عليه ، أما إذا أمره أمرا جزما وحكم عليه بذلك الحكم على سبيل البت والقطع ، فههنا يقال : قضى عليه ، ولفظ
nindex.php?page=treesubj&link=34077القضاء في أصل اللغة يرجع إلى إتمام الشيء وانقطاعه . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : في هذه الآية كان الأصل : " ووصى ربك " فالتصقت إحدى الواوين بالصاد فقرئ : " وقضى ربك " ثم قال : ولو كان على القضاء ما عصى الله أحد قط ، لأن خلاف قضاء الله ممتنع ، هكذا رواه عنه
الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وهو قراءة
علي وعبد الله .
واعلم أن هذا القول بعيد جدا لأنه يفتح باب أن التحريف والتغيير قد تطرق إلى القرآن ، ولو جوزنا ذلك لارتفع الأمان عن القرآن وذلك يخرجه عن كونه حجة ولا شك أنه طعن عظيم في الدين .
البحث الثاني : قد ذكرنا أن هذه الآية تدل على وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=29428عبادة الله تعالى وتدل على المنع عن
nindex.php?page=treesubj&link=28675عبادة غير الله تعالى وهذا هو الحق ، وذلك لأن العبادة عبارة عن الفعل المشتمل على نهاية التعظيم , ونهاية التعظيم لا تليق إلا بمن يصدر عنه نهاية الإنعام ، ونهاية الإنعام عبارة عن إعطاء الوجود والحياة والقدرة والشهوة والعقل ، وقد ثبت بالدلائل أن المعطي لهذه الأشياء هو الله تعالى لا غيره ، وإذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=29428_20698المنعم بجميع النعم هو الله لا غيره ، لا جرم كان المستحق للعبادة هو الله تعالى لا غيره ، فثبت بالدليل العقلي صحة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى مَا هُوَ الرَّكْنُ الْأَعْظَمُ فِي الْإِيمَانِ ، أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ مَا هُوَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30491_30489شَعَائِرِ الْإِيمَانِ وَشَرَائِطِهِ وَهِيَ أَنْوَاعٌ :
النَّوْعُ الْأَوَّلُ : أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ مُشْتَغِلًا بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنْ يَكُونَ مُحْتَرِزًا عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) وَفِيهِ بَحْثَانِ :
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ : الْقَضَاءُ مَعْنَاهُ الْحُكْمُ الْجَزْمُ الْبَتُّ الَّذِي لَا يَقْبَلُ النَّسْخَ . وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا إِذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ : إِنَّهُ قَضَى عَلَيْهِ ، أَمَّا إِذَا أَمَرَهُ أَمْرًا جَزْمًا وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْحُكْمِ عَلَى سَبِيلِ الْبَتِّ وَالْقَطْعِ ، فَهَهُنَا يُقَالُ : قَضَى عَلَيْهِ ، وَلَفْظُ
nindex.php?page=treesubj&link=34077الْقَضَاءِ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ يَرْجِعُ إِلَى إِتْمَامِ الشَّيْءِ وَانْقِطَاعِهِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17188مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ الْأَصْلُ : " وَوَصَّى رَبُّكَ " فَالْتَصَقَتْ إِحْدَى الْوَاوَيْنِ بِالصَّادِ فَقُرِئَ : " وَقَضَى رَبُّكَ " ثُمَّ قَالَ : وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَضَاءِ مَا عَصَى اللَّهَ أَحَدٌ قَطُّ ، لِأَنَّ خِلَافَ قَضَاءِ اللَّهِ مُمْتَنِعٌ ، هَكَذَا رَوَاهُ عَنْهُ
الضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَهُوَ قِرَاءَةُ
عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ بَعِيدٌ جِدًّا لِأَنَّهُ يَفْتَحُ بَابَ أَنَّ التَّحْرِيفَ وَالتَّغْيِيرَ قَدْ تَطَرَّقَ إِلَى الْقُرْآنِ ، وَلَوْ جَوَّزْنَا ذَلِكَ لَارْتَفَعَ الْأَمَانُ عَنِ الْقُرْآنِ وَذَلِكَ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ حَجَّةً وَلَا شَكَّ أَنَّهُ طَعْنٌ عَظِيمٌ فِي الدِّينِ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=29428عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28675عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ عِبَارَةٌ عَنِ الْفِعْلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى نِهَايَةِ التَّعْظِيمِ , وَنِهَايَةُ التَّعْظِيمِ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِمَنْ يَصْدُرُ عَنْهُ نِهَايَةُ الْإِنْعَامِ ، وَنِهَايَةُ الْإِنْعَامِ عِبَارَةٌ عَنْ إِعْطَاءِ الْوُجُودِ وَالْحَيَاةِ وَالْقُدْرَةِ وَالشَّهْوَةِ وَالْعَقْلِ ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ أَنَّ الْمُعْطِيَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لَا غَيْرُهُ ، وَإِذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=29428_20698الْمُنْعِمُ بِجَمِيعِ النِّعَمِ هُوَ اللَّهَ لَا غَيْرَهُ ، لَا جَرَمَ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ هُوَ اللَّهَ تَعَالَى لَا غَيْرَهُ ، فَثَبَتَ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ صِحَّةُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) .