ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=55وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ) والمعنى أنه لما قال قبل ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=54ربكم أعلم بكم ) قال بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=55وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ) بمعنى أن علمه غير مقصور عليكم ولا على أحوالكم بل
nindex.php?page=treesubj&link=28781علمه متعلق بجميع الموجودات والمعدومات ومتعلق بجميع ذوات الأرضين والسماوات فيعلم حال كل واحد ويعلم ما يليق به من المصالح والمفاسد ، فلهذا السبب فضل بعض النبيين على بعض وآتى
موسى التوراة
وداود الزبور
وعيسى الإنجيل ، فلم يبعد أيضا أن يؤتي
محمدا القرآن ولم يبعد أن يفضله على جميع الخلق .
[ ص: 184 ]
فإن قيل : ما السبب في تخصيص
داود عليه الصلاة والسلام في هذا المقام بالذكر .
قلنا : فيه وجوه :
الوجه الأول : أنه تعالى ذكر أنه
nindex.php?page=treesubj&link=29638فضل بعض النبيين على بعض .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=55وآتينا داود زبورا ) يعني أن
داود كان ملكا عظيما ، ثم إنه تعالى لم يذكر ما آتاه من الملك وذكر ما آتاه من الكتاب ، تنبيها على أن التفضيل الذي ذكره قبل ذلك ، المراد منه التفضيل بالعلم والدين لا بالمال .
والوجه الثاني : أن السبب في تخصيصه بالذكر أنه تعالى كتب في الزبور أن
محمدا خاتم النبيين وأن أمته خير الأمم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=105ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) [ الأنبياء : 105 ] وهم
محمد وأمته .
فإن قيل : هلا عرف كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=105ولقد كتبنا في الزبور ) .
قلنا : التنكير ههنا يدل على تعظيم حاله ، لأن الزبور عبارة عن المزبور فكان معناه الكتاب فكان معنى التنكير أنه كامل في كونه كتابا .
والوجه الثالث : أن السبب فيه أن كفار
قريش ما كانوا أهل نظر وجدل بل كانوا يرجعون إلى
اليهود في استخراج الشبهات
واليهود كانوا يقولون : إنه لا نبي بعد
موسى ولا كتاب بعد التوراة فنقض الله تعالى عليهم كلامهم بإنزال الزبور على
داود ، وقرأ
حمزة : " زبورا " بضم الزاي ، وذكرنا وجه ذلك في آخر سورة النساء .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=55وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=54رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ ) قَالَ بَعْدَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=55وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) بِمَعْنَى أَنَّ عِلْمَهُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَى أَحْوَالِكُمْ بَلْ
nindex.php?page=treesubj&link=28781عِلْمُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ وَالْمَعْدُومَاتِ وَمُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ ذَوَاتِ الْأَرَضِينَ وَالسَّمَاوَاتِ فَيَعْلَمُ حَالَ كُلِّ وَاحِدٍ وَيَعْلَمُ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ ، فَلِهَذَا السَّبَبِ فَضَّلَ بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَى
مُوسَى التَّوْرَاةَ
وَدَاوُدَ الزَّبُورَ
وَعِيسَى الْإِنْجِيلَ ، فَلَمْ يَبْعُدْ أَيْضًا أَنْ يُؤْتِيَ
مُحَمَّدًا الْقُرْآنَ وَلَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُفَضِّلَهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ .
[ ص: 184 ]
فَإِنْ قِيلَ : مَا السَّبَبُ فِي تَخْصِيصِ
دَاوُدَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِالذِّكْرِ .
قُلْنَا : فِيهِ وُجُوهٌ :
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=29638فَضَّلَ بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=55وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا ) يَعْنِي أَنَّ
دَاوُدَ كَانَ مَلِكًا عَظِيمًا ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ مَا آتَاهُ مِنَ الْمُلْكِ وَذَكَرَ مَا آتَاهُ مِنَ الْكِتَابِ ، تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ التَّفْضِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ ، الْمُرَادُ مِنْهُ التَّفْضِيلُ بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ لَا بِالْمَالِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ السَّبَبَ فِي تَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ أَنَّهُ تَعَالَى كَتَبَ فِي الزَّبُورِ أَنَّ
مُحَمَّدًا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَأَنَّ أُمَّتَهُ خَيْرُ الْأُمَمِ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=105وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 105 ] وَهْمُ
مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ .
فَإِنْ قِيلَ : هَلَّا عُرِّفَ كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=105وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ ) .
قُلْنَا : التَّنْكِيرُ هَهُنَا يَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ حَالِهِ ، لِأَنَّ الزَّبُورَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَزْبُورِ فَكَانَ مَعْنَاهُ الْكِتَابَ فَكَانَ مَعْنَى التَّنْكِيرِ أَنَّهُ كَامِلٌ فِي كَوْنِهِ كِتَابًا .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنَّ السَّبَبَ فِيهِ أَنَّ كُفَّارَ
قُرَيْشٍ مَا كَانُوا أَهْلَ نَظَرٍ وَجَدَلٍ بَلْ كَانُوا يَرْجِعُونَ إِلَى
الْيَهُودِ فِي اسْتِخْرَاجِ الشُّبُهَاتِ
وَالْيَهُودُ كَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَ
مُوسَى وَلَا كِتَابَ بَعْدَ التَّوْرَاةِ فَنَقَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ كَلَامَهُمْ بِإِنْزَالِ الزَّبُورِ عَلَى
دَاوُدَ ، وَقَرَأَ
حَمْزَةُ : " زُبُورًا " بِضَمِّ الزَّايِ ، وَذَكَرْنَا وَجْهَ ذَلِكَ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ .