( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون  من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم    ) 
ثم قال تعالى : ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون    ) . 
لما بين حسن التكليف بقوله : ( أحسب الناس أن يتركوا    ) بين أن من كلف بشيء ولم يأت به يعذب  وإن لم يعذب في الحال فسيعذب في الاستقبال ولا يفوت الله شيء في الحال ولا في المآل ، وهذا إبطال مذهب من يقول : التكاليف إرشادات والإيعاد عليه ترغيب وترهيب ، ولا يوجد من الله تعذيب ، ولو كان يعذب ما كان عاجزا عن العذاب عاجلا؛ فلما كان يؤخر العقاب فقال تعالى : ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا    ) يعني ليس كما قالوا؛ بل يعذب من يعذب ويثيب من يثيب بحكم الوعد والإيعاد ، والله لا يخلف الميعاد  ، وأما الإمهال فلا يفضي إلى الإهمال ، والتعجيل في جزاء الأعمال شغل من يخاف الفوت لولا الاستعجال . 
ثم قال تعالى : ( ساء ما يحكمون    ) يعني حكمهم بأنهم يعصون ويخالفون أمر الله ولا يعاقبون حكم سيئ  ؛ فإن الحكم الحسن لا يكون إلا حكم العقل أو حكم الشرع ، والعقل لا يحكم على الله بذلك فإن الله له أن يفعل ما يريد والشرع حكمه بخلاف ما قالوه ، فحكمهم حكم في غاية السوء والرداءة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					