(
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين )
ثم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ) وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=28900_28914ما الفائدة في إعادة ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) مرة أخرى ؟ نقول : الله تعالى ذكر من المكلفين قسمين مهتديا وضالا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) (العنكبوت : 3 ) وذكر حال الضال مجملا وحال المهتدي مفصلا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ) ولما تمم ذلك ذكر قسمين آخرين هاديا ومضلا فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=8ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ) يقتضي أن يهتدي بهما وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=8وإن جاهداك لتشرك ) بيان إضلالهما ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=8إلي مرجعكم فأنبئكم ) بطريق الإجمال تهديد المضل ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9والذين آمنوا ) على سبيل التفصيل ، وعد الهادي فذكر (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) مرة لبيان حال المهتدي ، ومرة أخرى لبيان حال الهادي ، والذي يدل عليه هو أنه قال أولا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7لنكفرن عنهم سيئاتهم ) ، وقال ثانيا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9لندخلنهم في الصالحين ) والصالحون هم الهداة لأنه مرتبة الأنبياء ، ولهذا قال كثير من الأنبياء (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=83وألحقني بالصالحين ) ( الشعراء : 83 ) .
المسألة الثانية : قد ذكرنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=30500_30495_30503_30512_30514الصالح باق والصالحون باقون وبقاؤهم ليس بأنفسهم ، بل بأعمالهم الباقية فأعمالهم باقية ، والمعمول له وهو وجه الله باق ، والعاملون باقون ببقاء أعمالهم ، وهذا على خلاف الأمور الدنيوية ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=20737في الدنيا بقاء الفعل بالفاعل ، وفي الآخرة بقاء الفاعل بالفعل .
المسألة الثالثة : قيل في معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9لندخلنهم في الصالحين ) لندخلنهم في مقام الصالحين أو في دار الصالحين ، والأولى أن يقال : لا حاجة إلى الإضمار ؛ بل يدخلهم في الصالحين أي يجعلهم منهم ويدخلهم في عدادهم كما يقال الفقيه داخل في العلماء .
[ ص: 34 ] المسألة الرابعة : قال الحكماء : عالم العناصر عالم الكون والفساد ، وما فيه يتطرق إليه الفساد ، فإن الماء يخرج عن كونه ماء ، ويفسد ويتكون منه هواء ، وعالم السماوات لا كون فيه ولا فساد بل يوجد من عدم ، ولا يعدم ولا يصير الملك ترابا بخلاف الإنسان ، فإنه يصير ترابا أو شيئا آخر ، وعلى هذا
nindex.php?page=treesubj&link=19785فالعالم العلوي ليس بفاسد فهو صالح فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9لندخلنهم في الصالحين ) أي في المجردين الذين لا فساد لهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ )
ثُمَّ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ) وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28900_28914مَا الْفَائِدَةُ فِي إِعَادَةِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) مَرَّةً أُخْرَى ؟ نَقُولُ : اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ قَسَمَيْنِ مُهْتَدِيًا وَضَالًّا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) (الْعَنْكَبُوتِ : 3 ) وَذَكَرَ حَالَ الضَّالِّ مُجْمَلًا وَحَالَ الْمُهْتَدِي مُفَصَّلًا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) وَلَمَّا تَمَّمَ ذَلِكَ ذَكَرَ قِسْمَيْنِ آخَرَيْنِ هَادِيًا وَمُضِلًّا فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=8وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ) يَقْتَضِي أَنْ يَهْتَدِيَ بِهِمَا وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=8وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ ) بَيَانُ إِضْلَالِهِمَا ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=8إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ ) بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ تَهْدِيدُ الْمُضِلِّ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9وَالَّذِينَ آمَنُوا ) عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ ، وَعَدَ الْهَادِي فَذَكَرَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) مَرَّةً لِبَيَانِ حَالِ الْمُهْتَدِي ، وَمَرَّةً أُخْرَى لِبَيَانِ حَالِ الْهَادِي ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) ، وَقَالَ ثَانِيًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ) وَالصَّالِحُونَ هُمُ الْهُدَاةُ لِأَنَّهُ مَرْتَبَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَلِهَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=83وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) ( الشُّعَرَاءِ : 83 ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30500_30495_30503_30512_30514الصَّالِحَ بَاقٍ وَالصَّالِحُونَ بَاقُونَ وَبَقَاؤُهُمْ لَيْسَ بِأَنْفُسِهِمْ ، بَلْ بِأَعْمَالِهِمُ الْبَاقِيَةِ فَأَعْمَالُهُمْ بَاقِيَةٌ ، وَالْمَعْمُولُ لَهُ وَهُوَ وَجْهُ اللَّهِ بَاقٍ ، وَالْعَامِلُونَ بَاقُونَ بِبَقَاءِ أَعْمَالِهِمْ ، وَهَذَا عَلَى خِلَافِ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20737فِي الدُّنْيَا بَقَاءَ الْفِعْلِ بِالْفَاعِلِ ، وَفِي الْآخِرَةِ بَقَاءَ الْفَاعِلِ بِالْفِعْلِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قِيلَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ) لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي مَقَامِ الصَّالِحِينَ أَوْ فِي دَارِ الصَّالِحِينَ ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : لَا حَاجَةَ إِلَى الْإِضْمَارِ ؛ بَلْ يُدْخِلُهُمْ فِي الصَّالِحِينَ أَيْ يَجْعَلُهُمْ مِنْهُمْ وَيُدْخِلُهُمْ فِي عِدَادِهِمْ كَمَا يُقَالُ الْفَقِيهُ دَاخِلٌ فِي الْعُلَمَاءِ .
[ ص: 34 ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ الْحُكَمَاءُ : عَالَمُ الْعَنَاصِرِ عَالَمُ الْكَوْنِ وَالْفَسَادِ ، وَمَا فِيهِ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ ، فَإِنَّ الْمَاءَ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَاءً ، وَيَفْسُدُ وَيَتَكَوَّنُ مِنْهُ هَوَاءٌ ، وَعَالَمُ السَّمَاوَاتِ لَا كَوْنَ فِيهِ وَلَا فَسَادَ بَلْ يُوجَدُ مِنْ عَدَمٍ ، وَلَا يَعْدَمُ وَلَا يَصِيرُ الْمَلَكُ تُرَابًا بِخِلَافِ الْإِنْسَانِ ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ تُرَابًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ ، وَعَلَى هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=19785فَالْعَالَمُ الْعُلْوِيُّ لَيْسَ بِفَاسِدٍ فَهُوَ صَالِحٌ فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=9لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ) أَيْ فِي الْمُجَرَّدِينَ الَّذِينَ لَا فَسَادَ لَهُمْ .