(
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=15فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ) .
وجه تعلق الآية بما قبلها هو أن الله تعالى لما بين التكليف ، وذكر أقسام المكلفين ، ووعد المؤمن الصادق بالثواب العظيم ، وأوعد الكافر والمنافق بالعذاب الأليم ، وكان قد ذكر أن هذا التكليف ليس مختصا بالنبي وأصحابه وأمته حتى صعب عليهم ذلك ، بل قبله كان كذلك كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3ولقد فتنا الذين من قبلهم ) (العنكبوت : 3 ) ذكر من جملة من كلف جماعة ، منهم :
نوح النبي عليه السلام وقومه ، ومنهم
إبراهيم عليه السلام وغيرهما ، ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ) وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : ما الفائدة في ذكر مدة لبثه ؟ نقول : كان النبي عليه السلام يضيق صدره بسبب عدم دخول الكفار في الإسلام ، وإصرارهم على الكفر ، فقال : إن
nindex.php?page=treesubj&link=31832_33953_30549نوحا لبث ألف سنة تقريبا في الدعاء ، ولم يؤمن من قومه إلا قليل ، وصبر وما ضجر ، فأنت أولى بالصبر لقلة مدة لبثك ، وكثرة عدد أمتك ، وأيضا كان الكفار يغترون بتأخير العذاب عنهم أكثر ، ومع ذلك ما نجوا فبهذا المقدار من التأخير لا ينبغي أن يغتروا فإن العذاب يلحقهم .
[ ص: 38 ] المسألة الثانية : قال بعض العلماء : الاستثناء في العدد تكلم بالباقي ، فإذا قال القائل : لفلان علي عشرة إلا ثلاثة ، فكأنه قال علي سبعة ، إذا علم هذا فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14ألف سنة إلا خمسين عاما ) كقوله : تسعمائة وخمسين سنة ، فما الفائدة في العدول عن هذه العبارة إلى غيرها ؟ فنقول قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري فيه فائدتان :
إحداهما : أن الاستثناء يدل على التحقيق وتركه قد يظن به التقريب ، فإن من قال : عاش فلان ألف سنة أي يمكن أن يتوهم أن يقول : ألف سنة تقريبا لا تحقيقا ، فإذا قال إلا شهرا أو إلا سنة يزول ذلك التوهم ويفهم منه التحقيق .
الثانية : هي أن ذكر لبث
نوح عليه السلام في قومه كان لبيان أنه صبر كثيرا ، فالنبي عليه السلام أولى بالصبر مع قصر مدة دعائه ، وإذا كان كذلك فذكر العدد الذي في أعلى مراتب الأعداد التي لها اسم مفرد موضوع ، فإن مراتب الأعداد هي الآحاد إلى العشرة ، والعشرات إلى المائة ، والمئات إلى الألف ، ثم بعد ذلك يكون التكثير بالتكرير فيقال عشرة آلاف ، ومائة ألف ، وألف ألف .
المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=28791قال بعض الأطباء العمر الإنساني لا يزيد على مائة وعشرين سنة والآية تدل على خلاف قولهم ، والعقل يوافقها فإن البقاء على التركيب الذي في الإنسان ممكن لذاته ، وإلا لما بقي ، ودوام تأثير المؤثر فيه ممكن ؛ لأن المؤثر فيه إن كان واجب الوجود فظاهر الدوام ، وإن كان غيره فله مؤثر ، وينتهي إلى الواجب وهو دائم ، فتأثيره يجوز أن يكون دائما فإذن البقاء ممكن في ذاته ، فإن لم يكن فلعارض لكن العارض ممكن العدم ، وإلا لما بقي هذا المقدار لوجوب وجود العارض المانع ، فظهر أن كلامهم على خلاف العقل والنقل . ( ثم نقول ) لا نزاع بيننا وبينهم لأنهم يقولون : العمر الطبيعي لا يكون أكثر من مائة وعشرين سنة ، ونحن نقول : هذا العمر ليس طبيعيا بل هو عطاء إلهي ، وأما العمر الطبيعي فلا يدوم عندنا ولا لحظة ، فضلا عن مائة أو أكثر .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ) .
فيه إشارة إلى لطيفة ، وهي أن
nindex.php?page=treesubj&link=30364_30365_29468الله لا يعذب على مجرد وجود الظلم وإلا لعذب من ظلم وتاب ، فإن الظلم وجد منه ، وإنما يعذب على الإصرار على الظلم ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14وهم ظالمون ) يعني : أهلكهم وهم على ظلمهم ، ولو كانوا تركوه لما أهلكهم .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=15فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين )
في الراجع إليه الهاء في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=15وجعلناها ) وجهان :
أحدهما : أنها راجعة إلى السفينة المذكورة ، وعلى هذا ففي كونها آية وجوه :
أحدها : أنها اتخذت قبل ظهور الماء ولولا إعلام الله
نوحا وإنباؤه إياه به لما اشتغل بها فلا تحصل لهم النجاة .
وثانيها : أن
نوحا أمر بأخذ قوم معه ، ورفع قدر من القوت ، والبحر العظيم لا يتوقع أحد نضوبه ، ثم إن الماء غيض قبل نفاد الزاد ولولا ذلك لما حصل النجاة فهو بفضل الله لا بمجرد السفينة .
وثالثها : أن الله تعالى كتب سلامة السفينة عن الرياح المرجفة والحيوانات المؤذية ، ولولا ذلك لما حصلت النجاة .
والثاني : أنها راجعة إلى الواقعة أو إلى النجاة أي جعلنا الواقعة أو النجاة آية للعالمين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=15فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ) .
وَجْهُ تَعَلُّقِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ التَّكْلِيفَ ، وَذَكَرَ أَقْسَامَ الْمُكَلَّفِينَ ، وَوَعَدَ الْمُؤْمِنَ الصَّادِقَ بِالثَّوَابِ الْعَظِيمِ ، وَأَوْعَدَ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ ، وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ هَذَا التَّكْلِيفَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالنَّبِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَأُمَّتِهِ حَتَّى صَعُبَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ ، بَلْ قَبْلَهُ كَانَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) (الْعَنْكَبُوتِ : 3 ) ذَكَرَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ كَلَّفَ جَمَاعَةً ، مِنْهُمْ :
نُوحٌ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَوْمُهُ ، وَمِنْهُمْ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَغَيْرُهُمَا ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ) وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : مَا الْفَائِدَةُ فِي ذِكْرِ مُدَّةٍ لُبْثِهِ ؟ نَقُولُ : كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَضِيقُ صَدْرُهُ بِسَبَبِ عَدَمِ دُخُولِ الْكُفَّارِ فِي الْإِسْلَامِ ، وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ ، فَقَالَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31832_33953_30549نُوحًا لَبِثَ أَلْفَ سَنَةٍ تَقْرِيبًا فِي الدُّعَاءِ ، وَلَمْ يُؤْمِنْ مِنْ قَوْمِهِ إِلَّا قَلِيلٌ ، وَصَبَرَ وَمَا ضَجِرَ ، فَأَنْتَ أَوْلَى بِالصَّبْرِ لِقِلَّةِ مُدَّةِ لُبْثِكَ ، وَكَثْرَةِ عَدَدِ أُمَّتِكَ ، وَأَيْضًا كَانَ الْكُفَّارُ يَغْتَرُّونَ بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ أَكْثَرَ ، وَمَعَ ذَلِكَ مَا نَجَوْا فَبِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنَ التَّأْخِيرِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْتَرُّوا فَإِنَّ الْعَذَابَ يَلْحَقُهُمْ .
[ ص: 38 ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْعَدَدِ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي ، فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا ثَلَاثَةً ، فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ سَبْعَةٌ ، إِذَا عُلِمَ هَذَا فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ) كَقَوْلِهِ : تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ، فَمَا الْفَائِدَةُ فِي الْعُدُولِ عَنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ إِلَى غَيْرِهَا ؟ فَنَقُولُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِيهِ فَائِدَتَانِ :
إِحْدَاهُمَا : أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَدُلُّ عَلَى التَّحْقِيقِ وَتَرْكَهُ قَدْ يُظَنُّ بِهِ التَّقْرِيبُ ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ : عَاشَ فُلَانٌ أَلْفَ سَنَةٍ أَيْ يُمْكِنُ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنْ يَقُولَ : أَلْفُ سَنَةٍ تَقْرِيبًا لَا تَحْقِيقًا ، فَإِذَا قَالَ إِلَّا شَهْرًا أَوْ إِلَّا سَنَةً يَزُولُ ذَلِكَ التَّوَهُّمُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ التَّحْقِيقُ .
الثَّانِيَةُ : هِيَ أَنَّ ذِكْرَ لُبْثِ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْمِهِ كَانَ لِبَيَانِ أَنَّهُ صَبَرَ كَثِيرًا ، فَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْلَى بِالصَّبْرِ مَعَ قِصَرِ مُدَّةِ دُعَائِهِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَذِكْرُ الْعَدَدِ الَّذِي فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْأَعْدَادِ الَّتِي لَهَا اسْمٌ مُفْرَدٌ مَوْضُوعٌ ، فَإِنَّ مَرَاتِبَ الْأَعْدَادَ هِيَ الْآحَادُ إِلَى الْعَشَرَةِ ، وَالْعَشَرَاتُ إِلَى الْمِائَةِ ، وَالْمِئَاتُ إِلَى الْأَلْفِ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ التَّكْثِيرُ بِالتَّكْرِيرِ فَيُقَالُ عَشَرَةُ آلَافٍ ، وَمِائَةُ أَلْفٍ ، وَأَلْفُ أَلْفٍ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28791قَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ الْعُمُرُ الْإِنْسَانِيُّ لَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِمْ ، وَالْعَقْلُ يُوَافِقُهَا فَإِنَّ الْبَقَاءَ عَلَى التَّرْكِيبِ الَّذِي فِي الْإِنْسَانِ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ ، وَإِلَّا لَمَا بَقِيَ ، وَدَوَامُ تَأْثِيرِ الْمُؤَثِّرِ فِيهِ مُمْكِنٌ ؛ لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِيهِ إِنْ كَانَ وَاجِبَ الْوُجُودِ فَظَاهِرُ الدَّوَامِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَلَهُ مُؤَثِّرٌ ، وَيَنْتَهِي إِلَى الْوَاجِبِ وَهُوَ دَائِمٌ ، فَتَأْثِيرُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَائِمًا فَإِذَنْ الْبَقَاءُ مُمْكِنٌ فِي ذَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِعَارِضٍ لَكِنَّ الْعَارِضَ مُمْكِنُ الْعَدَمِ ، وَإِلَّا لَمَا بَقِيَ هَذَا الْمِقْدَارُ لِوُجُوبِ وُجُودِ الْعَارِضِ الْمَانِعِ ، فَظَهَرَ أَنَّ كَلَامَهُمْ عَلَى خِلَافِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ . ( ثُمَّ نَقُولُ ) لَا نِزَاعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : الْعُمُرُ الطَّبِيعِيُّ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَنَحْنُ نَقُولُ : هَذَا الْعُمُرُ لَيْسَ طَبِيعِيًّا بَلْ هُوَ عَطَاءٌ إِلَهِيٌّ ، وَأَمَّا الْعُمُرُ الطَّبِيعِيُّ فَلَا يَدُومُ عِنْدَنَا وَلَا لَحْظَةً ، فَضْلًا عَنْ مِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) .
فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى لَطِيفَةٍ ، وَهِيَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30364_30365_29468اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ عَلَى مُجَرَّدِ وُجُودِ الظُّلْمِ وَإِلَّا لَعَذَّبَ مَنْ ظَلَمَ وَتَابَ ، فَإِنَّ الظُّلْمَ وُجِدَ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا يُعَذِّبُ عَلَى الْإِصْرَارِ عَلَى الظُّلْمِ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14وَهُمْ ظَالِمُونَ ) يَعْنِي : أَهْلَكَهُمْ وَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، وَلَوْ كَانُوا تَرَكُوهُ لَمَا أَهْلَكَهُمْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=15فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ )
فِي الرَّاجِعِ إِلَيْهِ الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=15وَجَعَلْنَاهَا ) وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى السَّفِينَةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَعَلَى هَذَا فَفِي كَوْنِهَا آيَةً وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّهَا اتُّخِذَتْ قَبْلَ ظُهُورِ الْمَاءِ وَلَوْلَا إِعْلَامُ اللَّهِ
نُوحًا وَإِنْبَاؤُهُ إِيَّاهُ بِهِ لَمَا اشْتَغَلَ بِهَا فَلَا تَحْصُلُ لَهُمُ النَّجَاةُ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ
نُوحًا أُمِرَ بِأَخْذِ قَوْمٍ مَعَهُ ، وَرَفْعِ قَدْرٍ مِنَ الْقُوتِ ، وَالْبَحْرُ الْعَظِيمُ لَا يَتَوَقَّعُ أَحَدٌ نُضُوبَهُ ، ثُمَّ إِنَّ الْمَاءَ غِيضَ قَبْلَ نَفَادِ الزَّادِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا حَصَلَ النَّجَاةُ فَهُوَ بِفَضْلِ اللَّهِ لَا بِمُجَرَّدِ السَّفِينَةِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ سَلَامَةَ السَّفِينَةِ عَنِ الرِّيَاحِ الْمُرْجِفَةِ وَالْحَيَوَانَاتِ الْمُؤْذِيَةِ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا حَصَلَتِ النَّجَاةُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى الْوَاقِعَةِ أَوْ إِلَى النَّجَاةِ أَيْ جَعَلْنَا الْوَاقِعَةَ أَوِ النَّجَاةَ آيَةً لِلْعَالَمِينَ .