(
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي ) أي إلى حيث أمرني بالتوجه إليه (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26إنه هو العزيز الحكيم ) عزيز يمنع أعدائي عن إيذائي بعزته ، وحكيم لا يأمرني إلا بما يوافق لكمال حكمته ، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فآمن له لوط ) أي : بعدما رأى منه المعجز القاهر ،
nindex.php?page=treesubj&link=31879ودرجة لوط كانت عالية ، وبقاؤه إلى هذا الوقت مما ينقص من الدرجة ألا ترى أن
أبا بكر لما قبل دين
محمد -صلى الله عليه وسلم- وكان نير القلب قبله قبل الكل من غير سماع تكلم الحصى ولا رؤية انشقاق القمر ، فنقول إن
لوطا لما رأى معجزته آمن برسالته ، وأما بالوحدانية فآمن حيث سمع حسن مقالته ، وإليه أشار بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فآمن له لوط ) وما قال فآمن
لوط .
المسألة الثانية : ما تعلق قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26وقال إني مهاجر إلى ربي ) بما تقدم ؟ فنقول
nindex.php?page=treesubj&link=31862لما بالغ إبراهيم في الإرشاد ولم يهتد قومه ، وحصل اليأس الكلي حيث رأى القوم الآية الكبرى ولم يؤمنوا وجبت المهاجرة، لأن الهادي إذا هدى قومه ولم ينتفعوا فبقاؤه فيهم مفسدة لأنه إن دام على الإرشاد كان اشتغالا بما لا ينتفع به مع علمه ، فيصير كمن يقول للحجر صدق ، وهو عبث ، أو يسكت والسكوت دليل الرضا فيقال بأنه صار منا ورضي بأفعالنا ، وإذا لم يبق للإقامة وجه وجبت المهاجرة .
المسألة الثالثة : قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26مهاجر إلى ربي ) ولم يقل مهاجر إلى حيث أمرني ربي مع أن المهاجرة إلى الرب توهم الجهة ، فنقول قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26مهاجر ) إلى حيث أمرني ربي ليس في الإخلاص كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26إلى ربي ) لأن الملك إذا صدر منه أمر برواح الأجناد إلى الموضع الفلاني ، ثم إن واحدا منهم سافر إليه لغرض [ في ] نفسه يصيبه فقد هاجر إلى حيث أمره الملك ولكن لا مخلصا لوجهه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26مهاجر إلى ربي ) يعني توجهي إلى الجهة المأمور بالهجرة إليها ليس طلبا للجهة إنما هو طلب لله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ) أَيْ إِلَى حَيْثُ أَمَرَنِي بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) عَزِيزٌ يَمْنَعُ أَعْدَائِي عَنْ إِيذَائِي بِعِزَّتِهِ ، وَحَكِيمٌ لَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِمَا يُوَافِقُ لِكَمَالِ حِكْمَتِهِ ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ) أَيْ : بَعْدَمَا رَأَى مِنْهُ الْمُعْجِزَ الْقَاهِرَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31879وَدَرَجَةُ لُوطٍ كَانَتْ عَالِيَةً ، وَبَقَاؤُهُ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ مِمَّا يُنْقِصُ مِنَ الدَّرَجَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ لَمَّا قَبِلَ دِينَ
مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ نَيِّرَ الْقَلْبِ قَبِلَهُ قَبْلَ الْكُلِّ مِنْ غَيْرِ سَمَاعِ تَكَلُّمِ الْحَصَى وَلَا رُؤْيَةِ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ ، فَنَقُولُ إِنَّ
لُوطًا لَمَّا رَأَى مُعْجِزَتَهُ آمَنَ بِرِسَالَتِهِ ، وَأَمَّا بِالْوَحْدَانِيَّةِ فَآمَنَ حَيْثُ سَمِعَ حُسْنَ مَقَالَتِهِ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ) وَمَا قَالَ فَآمَنَ
لُوطٌ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : مَا تَعَلُّقُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ) بِمَا تَقَدَّمَ ؟ فَنَقُولُ
nindex.php?page=treesubj&link=31862لَمَّا بَالَغَ إِبْرَاهِيمُ فِي الْإِرْشَادِ وَلَمْ يَهْتَدِ قَوْمُهُ ، وَحَصَلَ الْيَأْسُ الْكُلِّيُّ حَيْثُ رَأَى الْقَوْمُ الْآيَةَ الْكُبْرَى وَلَمْ يُؤْمِنُوا وَجَبَتِ الْمُهَاجَرَةُ، لِأَنَّ الْهَادِيَ إِذَا هَدَى قَوْمَهُ وَلَمْ يَنْتَفِعُوا فَبَقَاؤُهُ فِيهِمْ مَفْسَدَةٌ لِأَنَّهُ إِنْ دَامَ عَلَى الْإِرْشَادِ كَانَ اشْتِغَالًا بِمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ ، فَيَصِيرُ كَمَنْ يَقُولُ لِلْحَجَرِ صَدِّقْ ، وَهُوَ عَبَثٌ ، أَوْ يَسْكُتُ وَالسُّكُوتُ دَلِيلُ الرِّضَا فَيُقَالُ بِأَنَّهُ صَارَ مِنَّا وَرَضِيَ بِأَفْعَالِنَا ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ لِلْإِقَامَةِ وَجْهٌ وَجَبَتِ الْمُهَاجَرَةُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ) وَلَمْ يَقُلْ مُهَاجِرٌ إِلَى حَيْثُ أَمَرَنِي رَبِّي مَعَ أَنَّ الْمُهَاجَرَةَ إِلَى الرَّبِّ تُوهِمُ الْجِهَةَ ، فَنَقُولُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26مُهَاجِرٌ ) إِلَى حَيْثُ أَمَرَنِي رَبِّي لَيْسَ فِي الْإِخْلَاصِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26إِلَى رَبِّي ) لِأَنَّ الْمَلِكَ إِذَا صَدَرَ مِنْهُ أَمَرٌ بِرَوَاحِ الْأَجْنَادِ إِلَى الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ ، ثُمَّ إِنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ سَافَرَ إِلَيْهِ لِغَرَضٍ [ فِي ] نَفْسِهِ يُصِيبُهُ فَقَدْ هَاجَرَ إِلَى حَيْثُ أَمَرَهُ الْمَلِكُ وَلَكِنْ لَا مُخْلِصًا لِوَجْهِهِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ) يَعْنِي تَوَجُّهِي إِلَى الْجِهَةِ الْمَأْمُورُ بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا لَيْسَ طَلَبًا لِلْجِهَةِ إِنَّمَا هُوَ طَلَبٌ لِلَّهِ .