(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=14ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=16وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=14ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون
ثم بين أمرا آخر يكون في ذلك اليوم وهو الافتراق كما قال تعالى في آية أخرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=59وامتازوا اليوم أيها المجرمون ) [ يس : 59 ] فكأن هذه الحالة مترتبة على الإبلاس ، فكأنه أولا يبلس ثم يميز ويجعل فريق في الجنة وفريق في السعير ، وأعاد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=14ويوم تقوم الساعة ) لأن
nindex.php?page=treesubj&link=30296قيام الساعة أمر هائل فكرره تأكيدا للتخويف ، ومنه اعتاد الخطباء تكرير يوم القيامة في الخطب لتذكير أهواله .
ثم بين كيفية التفرق فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون ) أي في جنة يسرون بكل مسرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=16وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون ) .
يعني لا غيبة لهم عنه ولا فتور له عنهم كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=22كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها ) [الحج : 22] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=75لا يفتر عنهم ) [ الزخرف : 75 ] أي العذاب ، وفي الآيتين مسائل فيها لطائف :
المسألة الأولى : بدأ بذكر حال الذين آمنوا مع أن الموضع موضع ذكر المجرمين ، وذلك لأن
nindex.php?page=treesubj&link=29468المؤمن يوصل إليه الثواب قبل أن يوصل إلى الكافر العقاب حتى يرى ويتحقق أن المؤمن وصل إلى الثواب فيكون أنكى ، ولو أدخل الكافر النار أولا لكان يظن أن الكل في العذاب مشتركون ، فقدم ذلك زيادة في إيلامهم .
[ ص: 91 ] المسألة الثانية : ذكر في المؤمن العمل الصالح ولم يذكر في الكافر العمل السيئ ; لأن العمل الصالح معتبر مع الإيمان ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=29468_29680الإيمان المجرد مفيد للنجاة دون رفع الدرجات ولا يبلغ المؤمن الدرجة العالية إلا بإيمانه وعمله الصالح ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30558الكافر فهو في الدركات بمجرد كفره فلو قال : والذين كفروا وعملوا السيئات في العذاب محضرون ، لكان العذاب لمن يصدر منه المجموع ، فإن قيل فمن
nindex.php?page=treesubj&link=29680يؤمن ويعمل السيئات غير مذكور في القسمين ، فنقول له منزلة بين المنزلتين لا على ما يقوله المعتزلة ، بل هو في الأول في العذاب ولكن ليس من المحضرين دوام الحضور ، وفي الآخرة هو في الرياض ولكنه ليس من المحبورين غاية الحبور كل ذلك بحكم الوعد .
المسألة الثالثة : قال في الأول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15في روضة ) على التنكير ، وقال في الآخر في العذاب على التعريف ، لتعظيم الروضة بالتنكير ، كما يقال : لفلان مال وجاه ، أي كثير وعظيم .
المسألة الرابعة : قال في الأول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15يحبرون ) بصيغة الفعل ولم يقل محبورون ، وقال في الآخر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=16محضرون ) بصيغة الاسم ولم يقل يحضرون ; لأن الفعل ينبئ عن التجدد ، والاسم لا يدل عليه ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15يحبرون ) يعني يأتيهم كل ساعة أمر يسرون به . وأما الكفار فهم إذا دخلوا العذاب يبقون فيه محضرين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=14وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=16وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=14وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ
ثُمَّ بَيَّنَ أَمْرًا آخَرَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=59وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) [ يس : 59 ] فَكَأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى الْإِبْلَاسِ ، فَكَأَنَّهُ أَوَّلًا يُبْلَسُ ثُمَّ يُمَيَّزُ وَيُجْعَلُ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ، وَأَعَادَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=14وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ) لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30296قِيَامَ السَّاعَةِ أَمْرٌ هَائِلٌ فَكَرَّرَهُ تَأْكِيدًا لِلتَّخْوِيفِ ، وَمِنْهُ اعْتَادَ الْخُطَبَاءُ تَكْرِيرَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي الْخُطَبِ لِتَذْكِيرِ أَهْوَالِهِ .
ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ التَّفَرُّقِ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) أَيْ فِي جَنَّةٍ يُسَرُّونَ بِكُلِّ مَسَرَّةٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=16وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ) .
يَعْنِي لَا غِيبَةَ لَهُمْ عَنْهُ وَلَا فُتُورَ لَهُ عَنْهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=22كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا ) [الْحَجِّ : 22] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=75لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ ) [ الزُّخْرُفِ : 75 ] أَيِ الْعَذَابُ ، وَفِي الْآيَتَيْنِ مَسَائِلُ فِيهَا لَطَائِفُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : بَدَأَ بِذِكْرِ حَالِ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَ أَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ ذِكْرِ الْمُجْرِمِينَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29468الْمُؤْمِنَ يُوَصَلُ إِلَيْهِ الثَّوَابُ قَبْلَ أَنْ يُوَصَلَ إِلَى الْكَافِرِ الْعِقَابُ حَتَّى يُرَى وَيُتَحَقَّقَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ وَصَلَ إِلَى الثَّوَابِ فَيَكُونَ أَنَكَى ، وَلَوْ أُدْخِلَ الْكَافِرُ النَّارَ أَوَّلًا لَكَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْكُلَّ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ، فَقَدَّمَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي إِيلَامِهِمْ .
[ ص: 91 ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : ذَكَرَ فِي الْمُؤْمِنِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكَافِرِ الْعَمَلَ السَّيِّئَ ; لِأَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ مُعْتَبَرٌ مَعَ الْإِيمَانِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29468_29680الْإِيمَانَ الْمُجَرَّدَ مُفِيدٌ لِلنَّجَاةِ دُونَ رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَلَا يَبْلُغُ الْمُؤْمِنُ الدَّرَجَةَ الْعَالِيَةَ إِلَّا بِإِيمَانِهِ وَعَمَلِهِ الصَّالِحِ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30558الْكَافِرُ فَهُوَ فِي الدَّرَكَاتِ بِمُجَرَّدِ كُفْرِهِ فَلَوْ قَالَ : وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَعَمِلُوا السَّيِّئَاتِ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ، لَكَانَ الْعَذَابُ لِمَنْ يَصْدُرُ مِنْهُ الْمَجْمُوعُ ، فَإِنْ قِيلَ فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29680يُؤْمِنُ وَيَعْمَلُ السَّيِّئَاتِ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْقِسْمَيْنِ ، فَنَقُولُ لَهُ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْمُنْزِلَتَيْنِ لَا عَلَى مَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ ، بَلْ هُوَ فِي الْأَوَّلِ فِي الْعَذَابِ وَلَكِنْ لَيْسَ مِنَ الْمُحْضَرِينَ دَوَامَ الْحُضُورِ ، وَفِي الْآخِرَةِ هُوَ فِي الرِّيَاضِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَحْبُورِينَ غَايَةَ الْحُبُورِ كُلُّ ذَلِكَ بِحُكْمِ الْوَعْدِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ فِي الْأَوَّلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15فِي رَوْضَةٍ ) عَلَى التَّنْكِيرِ ، وَقَالَ فِي الْآخَرِ فِي الْعَذَابِ عَلَى التَّعْرِيفِ ، لِتَعْظِيمِ الرَّوْضَةِ بِالتَّنْكِيرِ ، كَمَا يُقَالُ : لِفُلَانٍ مَالٌ وَجَاهٌ ، أَيْ كَثِيرٌ وَعَظِيمٌ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ فِي الْأَوَّلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15يُحْبَرُونَ ) بِصِيغَةِ الْفِعْلِ وَلَمْ يَقُلْ مَحْبُورُونَ ، وَقَالَ فِي الْآخَرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=16مُحْضَرُونَ ) بِصِيغَةِ الِاسْمِ وَلَمْ يَقُلْ يَحْضُرُونَ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ يُنْبِئُ عَنِ التَّجَدُّدِ ، وَالِاسْمُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15يُحْبَرُونَ ) يَعْنِي يَأْتِيهِمْ كُلَّ سَاعَةٍ أَمْرٌ يُسَرُّونَ بِهِ . وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْعَذَابَ يَبْقَوْنَ فِيهِ مُحْضَرِينَ .