(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=48الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=49وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=50فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير )
ثم قال تعالى :
[ ص: 117 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=48الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=49وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=50فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ) .
بين
nindex.php?page=treesubj&link=28787_19784دلائل الرياح على التفصيل الأول في إرسالها قدرة وحكمة . أما القدرة فظاهرة فإن الهواء اللطيف الذي يشقه الودق يصير بحيث يقلع الشجر ، وهو ليس بذاته كذلك فهو بفعل فاعل مختار ، وأما الحكمة ففي نفس الهبوب فيما يفضي إليه من إثارة السحب ، ثم ذكر أنواع السحب فمنه ما يكون متصلا ومنه ما يكون منقطعا ، ثم المطر يخرج منه ، والماء في الهواء أعجب علامة للقدرة ، وما يفضي إليه من إنبات الزرع وإدرار الضرع حكمة بالغة ، ثم أنه لا يعم بل يختص به قوم دون قوم ، وهو علامة المشيئة . وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=49وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله ) اختلف المفسرون فيه ، فقال بعضهم هو تأكيد كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=17فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ) [ الحشر : 17] وقال بعضهم من قبل التنزيل من قبل المطر ، والأولى أن يقال من قبل أن ينزل عليهم من قبله ، أي من قبل إرسال الرياح ، وذلك لأن بعد الإرسال يعرف الخبير أن الريح فيها مطر أو ليس ، فقبل المطر إذا هبت الريح لا يكون مبلسا ، فلما قال من قبل أن ينزل عليهم لم يقل إنهم كانوا مبلسين ; لأن من قبله قد يكون راجبا غالبا على ظنه المطر برؤية السحب وهبوب الرياح فقال من قبله ، أي من قبل ما ذكرنا من إرسال الريح وبسط السحاب ، ثم لما فصل قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=50فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى ) لما ذكر الدلائل قال لمحيي باللام المؤكدة وباسم الفاعل ، فإن الإنسان إذا قال إن الملك يعطيك لا يفيد ما يفيد قوله إنه معطيك ; لأن الثاني يفيد أنه أعطاك ، فكان وهو معط متصفا بالعطاء ، والأول يفيد أنه سيتصف به ، ويتبين هذا بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إنك ميت ) فإنه آكد من قوله إنك تموت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=50وهو على كل شيء قدير ) تأكيد لما يفيد الاعتراف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=48اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=49وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=50فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
[ ص: 117 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=48اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=49وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=50فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .
بَيَّنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28787_19784دَلَائِلَ الرِّيَاحِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْأَوَّلِ فِي إِرْسَالِهَا قُدْرَةٌ وَحِكْمَةٌ . أَمَّا الْقُدْرَةُ فَظَاهِرَةٌ فَإِنَّ الْهَوَاءَ اللَّطِيفَ الَّذِي يَشُقُّهُ الْوَدْقُ يَصِيرُ بِحَيْثُ يَقْلَعُ الشَّجَرَ ، وَهُوَ لَيْسَ بِذَاتِهِ كَذَلِكَ فَهُوَ بِفِعْلِ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ ، وَأَمَّا الْحِكْمَةُ فَفِي نَفْسِ الْهُبُوبِ فِيمَا يُفْضِي إِلَيْهِ مِنْ إِثَارَةِ السُّحُبِ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنْوَاعَ السُّحُبِ فَمِنْهُ مَا يَكُونُ مُتَّصِلًا وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مُنْقَطِعًا ، ثُمَّ الْمَطَرُ يَخْرُجُ مِنْهُ ، وَالْمَاءُ فِي الْهَوَاءِ أَعْجَبُ عَلَامَةً لِلْقُدْرَةِ ، وَمَا يُفْضِي إِلَيْهِ مِنْ إِنْبَاتِ الزَّرْعِ وَإِدْرَارِ الضَّرْعِ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ، ثُمَّ أَنَّهُ لَا يَعَمُّ بَلْ يَخْتَصُّ بِهِ قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ ، وَهُوَ عَلَامَةُ الْمَشِيئَةِ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=49وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ ) اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ تَأْكِيدٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=17فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ) [ الْحَشْرِ : 17] وَقَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَبْلِ التَّنْزِيلِ مِنْ قَبْلِ الْمَطَرِ ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مَنْ قَبْلِهِ ، أَيْ مِنْ قَبْلِ إِرْسَالِ الرِّيَاحِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ بَعْدَ الْإِرْسَالِ يَعْرِفُ الْخَبِيرُ أَنَّ الرِّيحَ فِيهَا مَطَرٌ أَوْ لَيْسَ ، فَقَبْلَ الْمَطَرِ إِذَا هَبَّتِ الرِّيحُ لَا يَكُونُ مُبْلِسًا ، فَلَمَّا قَالَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُبْلِسِينَ ; لِأَنَّ مَنْ قَبْلَهُ قَدْ يَكُونُ رَاجِبًا غَالِبًا عَلَى ظَنِّهِ الْمَطَرُ بِرُؤْيَةِ السُّحُبِ وَهُبُوبِ الرِّيَاحِ فَقَالَ مِنْ قَبْلِهِ ، أَيْ مِنْ قَبْلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إِرْسَالِ الرِّيحِ وَبَسْطِ السَّحَابِ ، ثُمَّ لَمَّا فَصَّلَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=50فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى ) لَمَّا ذَكَرَ الدَّلَائِلَ قَالَ لَمُحْيِي بِاللَّامِ الْمُؤَكِّدَةِ وَبِاسْمِ الْفَاعِلِ ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا قَالَ إِنَّ الْمَلِكَ يُعْطِيكَ لَا يُفِيدُ مَا يُفِيدُ قَوْلُهُ إِنَّهُ مُعْطِيكَ ; لِأَنَّ الثَّانِيَ يُفِيدُ أَنَّهُ أَعْطَاكَ ، فَكَانَ وَهُوَ مُعْطٍ مُتَّصِفًا بِالْعَطَاءِ ، وَالْأَوَّلُ يُفِيدُ أَنَّهُ سَيَتَّصِفُ بِهِ ، وَيَتَبَيَّنُ هَذَا بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إِنَّكَ مَيِّتٌ ) فَإِنَّهُ آكَدٌ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّكَ تَمُوتُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=50وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) تَأْكِيدٌ لِمَا يُفِيدُ الِاعْتِرَافَ .