(
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم )
عطف على معنى ما سبق وتقديره آتينا
لقمان الحكمة حين جعلناه شاكرا في نفسه وحين جعلناه واعظا لغيره وهذا لأن
nindex.php?page=treesubj&link=32412_32406علو مرتبة الإنسان بأن يكون كاملا في نفسه ومكملا لغيره ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أن اشكر ) إشارة إلى الكمال ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه ) إشارة إلى التكميل ، وفي هذا لطيفة وهي أن
nindex.php?page=treesubj&link=30516الله ذكر لقمان وشكر سعيه حيث أرشد ابنه ليعلم منه فضيلة النبي - عليه السلام - الذي أرشد الأجانب أن الله ذكر لقمان وشكر سعيه حيث أرشد ابنه ليعلم منه فضيلة النبي عليه السلام الذي أرشد الأجانب والأقارب ، فإن إرشاد الولد أمر معتاد ، وأما تحمل المشقة في تعليم الأباعد فلا ، ثم إنه في الوعظ بدأ بالأهم وهو المنع من الإشراك وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إن الشرك لظلم عظيم ) أما أنه ظلم فلأنه وضع للنفس الشريف المكرم بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70ولقد كرمنا بني آدم ) [ الإسراء : 70 ] في عبادة الخسيس أو لأنه وضع العبادة في غير موضعها وهي غير وجه الله وسبيله ، وأما أنه عظيم فلأنه وضع في موضع ليس موضعه ، ولا يجوز أن يكون موضعه ; وهذا لأن من يأخذ مال زيد ويعطي عمرا يكون ظلما من حيث إنه وضع مال زيد في يد عمرو ، ولكن جائز أن يكون ذلك ملك عمرو أو يصير ملكه ببيع سابق أو بتمليك لاحق ، وأما الإشراك فوضع المعبودية في غير الله تعالى ، ولا يجوز أن يكون غيره معبودا أصلا .
[ ص: 129 ] ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير )
لما منعه من العبادة لغير الله ، والخدمة قريبة منها في الصورة بين أنها غير ممتنعة ، بل هي واجبة لغير الله في بعض الصور مثل خدمة الأبوين ، ثم بين السبب فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14حملته أمه ) يعني
nindex.php?page=treesubj&link=29485_29703_32413لله على العبيد نعمة الإيجاد ابتداء بالخلق ، ونعمة الإبقاء بالرزق ، وجعل بفضله للأم ما له صورة ذلك ، وإن لم يكن لها حقيقة ، فإن الحمل به يظهر الوجود ، وبالرضاع يحصل التربية والبقاء فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14حملته أمه ) أي صارت بقدرة الله سبب وجوده . (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14وفصاله في عامين ) أي صارت بقدرته أيضا سبب بقائه ، فإذا كان منها ما له صورة الوجود والبقاء ، وجب عليه ما له شبه العبادة من الخدمة ، فإن الخدمة لها صورة العبادة ، فإن قال قائل :
nindex.php?page=treesubj&link=18004وصى الله بالوالدين ، وذكر السبب في حق الأم فنقول : خص الأم بالذكر وفي الأب ما وجد في الأم ؛ فإن الأب حمله في صلبه سنين ، ورباه بكسبه سنين ، فهو أبلغ ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أن اشكر لي ولوالديك ) لما كان الله تعالى بفضله جعل من الوالدين صورة ما من الله ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=19789_32688_32405الوجود في الحقيقة من الله ، وفي الصورة يظهر من الوالدين - جعل الشكر بينهما ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أن اشكر لي ولوالديك ) ، ثم بين الفرق ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14إلي المصير ) يعني نعمتهما مختصة بالدنيا ونعمتي في الدنيا والآخرة ، فإن إلي المصير ، أو نقول : لما أمر بالشكر لنفسه وللوالدين قال : الجزاء علي وقت المصير إلي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )
عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى مَا سَبَقَ وَتَقْدِيرُهُ آتَيْنَا
لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ حِينَ جَعَلْنَاهُ شَاكِرًا فِي نَفْسِهِ وَحِينَ جَعَلْنَاهُ وَاعِظًا لِغَيْرِهِ وَهَذَا لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32412_32406عُلُوَّ مَرْتَبَةِ الْإِنْسَانِ بِأَنْ يَكُونَ كَامِلًا فِي نَفْسِهِ وَمُكَمِّلًا لِغَيْرِهِ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أَنِ اشْكُرْ ) إِشَارَةٌ إِلَى الْكَمَالِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ ) إِشَارَةٌ إِلَى التَّكْمِيلِ ، وَفِي هَذَا لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30516اللَّهَ ذَكَرَ لُقْمَانَ وَشَكَرَ سَعْيَهُ حَيْثُ أَرْشَدَ ابْنَهُ لِيُعْلَمَ مِنْهُ فَضِيلَةُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الَّذِي أَرْشَدَ الْأَجَانِبَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ لُقْمَانَ وَشَكَرَ سَعْيَهُ حَيْثُ أَرْشَدَ ابْنَهُ لِيُعْلَمَ مِنْهُ فَضِيلَةُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي أَرْشَدَ الْأَجَانِبَ وَالْأَقَارِبَ ، فَإِنَّ إِرْشَادَ الْوَلَدِ أَمْرٌ مُعْتَادٌ ، وَأَمَّا تَحَمُّلُ الْمَشَقَّةِ فِي تَعْلِيمِ الْأَبَاعِدِ فَلَا ، ثُمَّ إِنَّهُ فِي الْوَعْظِ بَدَأَ بِالْأَهَمِّ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنَ الْإِشْرَاكِ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) أَمَّا أَنَّهُ ظُلْمٌ فَلِأَنَّهُ وَضْعٌ لِلنَّفْسِ الشَّرِيفِ الْمُكَرَّمُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ) [ الْإِسْرَاءِ : 70 ] فِي عِبَادَةِ الْخَسِيسِ أَوْ لِأَنَّهُ وَضْعُ الْعِبَادَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَهِيَ غَيْرُ وَجْهِ اللَّهِ وَسَبِيلِهِ ، وَأَمَّا أَنَّهُ عَظِيمٌ فَلِأَنَّهُ وُضِعَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ مَوْضِعَهُ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَهُ ; وَهَذَا لِأَنَّ مَنْ يَأْخُذُ مَالَ زَيْدٍ وَيُعْطِي عَمْرًا يَكُونُ ظُلْمًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ وَضَعَ مَالَ زَيْدٍ فِي يَدِ عَمْرٍو ، وَلَكِنْ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِلْكَ عَمْرٍو أَوْ يَصِيرَ مِلْكَهُ بِبَيْعٍ سَابِقٍ أَوْ بِتَمْلِيكٍ لَاحِقٍ ، وَأَمَّا الْإِشْرَاكُ فَوَضْعُ الْمَعْبُودِيَّةِ فِي غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مَعْبُودًا أَصْلًا .
[ ص: 129 ] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )
لَمَّا مَنَعَهُ مِنَ الْعِبَادَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَالْخِدْمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْهَا فِي الصُّورَةِ بَيَّنَ أَنَّهَا غَيْرُ مُمْتَنِعَةٍ ، بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ لِغَيْرِ اللَّهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مِثْلُ خِدْمَةِ الْأَبَوَيْنِ ، ثُمَّ بَيَّنَ السَّبَبَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14حَمَلَتْهُ أُمُّهُ ) يَعْنِي
nindex.php?page=treesubj&link=29485_29703_32413لِلَّهِ عَلَى الْعَبِيدِ نِعْمَةُ الْإِيجَادِ ابْتِدَاءً بِالْخَلْقِ ، وَنِعْمَةُ الْإِبْقَاءِ بِالرِّزْقِ ، وَجَعَلَ بِفَضْلِهِ لِلْأُمِّ مَا لَهُ صُورَةُ ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقِيقَةً ، فَإِنَّ الْحَمْلَ بِهِ يَظْهَرُ الْوُجُودُ ، وَبِالرَّضَاعِ يَحْصُلُ التَّرْبِيَةُ وَالْبَقَاءُ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14حَمَلَتْهُ أُمُّهُ ) أَيْ صَارَتْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ سَبَبَ وُجُودِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) أَيْ صَارَتْ بِقُدْرَتِهِ أَيْضًا سَبَبَ بَقَائِهِ ، فَإِذَا كَانَ مِنْهَا مَا لَهُ صُورَةُ الْوُجُودِ وَالْبَقَاءِ ، وَجَبَ عَلَيْهِ مَا لَهُ شِبْهُ الْعِبَادَةِ مِنَ الْخِدْمَةِ ، فَإِنَّ الْخِدْمَةَ لَهَا صُورَةُ الْعِبَادَةِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=18004وَصَّى اللَّهُ بِالْوَالِدَيْنِ ، وَذَكَرَ السَّبَبَ فِي حَقِّ الْأُمِّ فَنَقُولُ : خَصَّ الْأُمَّ بِالذِّكْرِ وَفِي الْأَبِ مَا وُجِدَ فِي الْأُمِّ ؛ فَإِنَّ الْأَبَ حَمَلَهُ فِي صُلْبِهِ سِنِينَ ، وَرَبَّاهُ بِكَسْبِهِ سِنِينَ ، فَهُوَ أَبْلَغُ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) لَمَّا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ جَعَلَ مِنَ الْوَالِدَيْنِ صُورَةَ مَا مَنَّ اللَّهُ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19789_32688_32405الْوُجُودَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنَ اللَّهِ ، وَفِي الصُّورَةِ يَظْهَرُ مِنَ الْوَالِدَيْنِ - جَعَلَ الشُّكْرَ بَيْنَهُمَا ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) ، ثُمَّ بَيَّنَ الْفَرْقَ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) يَعْنِي نِعْمَتُهُمَا مُخْتَصَّةٌ بِالدُّنْيَا وَنِعْمَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَإِنَّ إِلَيَّ الْمَصِيرَ ، أَوْ نَقُولُ : لَمَّا أَمَرَ بِالشُّكْرِ لِنَفْسِهِ وَلِلْوَالِدَيْنِ قَالَ : الْجَزَاءُ عَلَيَّ وَقْتَ الْمَصِيرِ إِلَيَّ .