(
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير )
ولما ذكر تعالى أوصاف الكمال بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=26إن الله هو الغني الحميد ) ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=28إن الله عزيز حكيم ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=28إن الله سميع بصير ) وأشار إلى الإرادة والكمال بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ما نفدت كلمات الله ) وبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=29يولج الليل في النهار ) وعلى الجملة فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=26هو الغني ) إشارة إلى كل صفة سلبية فإنه إذا كان غنيا لا يكون عرضا محتاجا إلى الجوهر في القوام ، ولا جسما محتاجا إلى الحيز في الدوام ، ولا شيئا من الممكنات المحتاجة إلى
[ ص: 141 ] الموجد ، وذكر بعده جميع الأوصاف الثبوتية صريحا وتضمنا ، فإن الحياة في ضمن العلم والقدرة ، قال ذلك بأن الله هو الحق أي ذلك الاتصاف بأنه هو الحق ، والحق هو الثبوت والثابت الله ، وهو الثابت المطلق الذي لا زوال له وهو الثبوت ، فإن المذهب الصحيح أن وجوده غير حقيقته فكل ما عداه فله زوال نظرا إليه ، والله له الثبوت والوجود نظرا إليه ، فهو الحق وما عداه الباطل ; لأن الباطل هو الزائل يقال : بطل ظله إذا زال . وإذا كان له الثبوت من كل وجه يكون تاما لا نقص فيه .
ثم اعلم أن الحكماء قالوا : الله تام وفوق التمام ، وجعلوا الأشياء على أربعة أقسام : ناقص ومكتف وتام وفوق التمام . فالناقص : ما ليس له ما ينبغي أن يكون له كالصبي والمريض والأعمى . والمكتفي : وهو الذي أعطي ما يدفع به حاجته في وقته كالإنسان والحيوان الذي له من الآلات ما يدفع به حاجته في وقتها ، لكنها في التحلل والزوال . والتام : ما حصل له كل ما جاز له ، وإن لم يحتج إليه كالملائكة المقربين لهم درجات لا تزداد ولا ينقص الله منها لهم شيئا كما
قال جبريل عليه السلام “ لو دنوت أنملة لاحترقت “ لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164وما منا إلا له مقام معلوم ) [ الصافات : 164 ] .
وفوق التمام : هو الذي حصل له ما جاز له، وحصل لما عداه ما جاز له أو احتاج إليه لكن
nindex.php?page=treesubj&link=29626الله تعالى حاصل له كل ما يجوز له من صفات الكمال ونعوت الجلال ، فهو تام ، وحصل لغيره كل ما جاز له أو احتاج إليه فهو فوق التمام .
إذا ثبت هذا فنقول : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30هو الحق ) إشارة إلى التمام ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30وأن الله هو العلي الكبير ) أي فوق التمام ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30هو العلي ) أي في صفاته ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30الكبير ) أي في ذاته ، وذلك ينافي أن يكون جسما في مكان ; لأنه يكون حينئذ جسدا مقدرا بمقدار ، فيمكن فرض ما هو أكبر منه ، فيكون صغيرا بالنسبة إلى المفروض ، لكنه كبير مطلقا أكبر من كل ما يتصور .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ )
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَوْصَافَ الْكَمَالِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=26إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=28إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=28إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) وَأَشَارَ إِلَى الْإِرَادَةِ وَالْكَمَالِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ) وَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=29يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ) وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=26هُوَ الْغَنِيُّ ) إِشَارَةٌ إِلَى كُلِّ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ غَنِيًّا لَا يَكُونُ عَرَضًا مُحْتَاجًا إِلَى الْجَوْهَرِ فِي الْقَوَامِ ، وَلَا جِسْمًا مُحْتَاجًا إِلَى الْحَيِّزِ فِي الدَّوَامِ ، وَلَا شَيْئًا مِنَ الْمُمْكِنَاتِ الْمُحْتَاجَةِ إِلَى
[ ص: 141 ] الْمُوجِدِ ، وَذَكَرَ بَعْدَهُ جَمِيعَ الْأَوْصَافِ الثُّبُوتِيَّةِ صَرِيحًا وَتَضَمُّنًا ، فَإِنَّ الْحَيَاةَ فِي ضِمْنِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ ، قَالَ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ أَيْ ذَلِكَ الِاتِّصَافُ بِأَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ ، وَالْحَقُّ هُوَ الثُّبُوتُ وَالثَّابِتُ اللَّهُ ، وَهُوَ الثَّابِتُ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَا زَوَالَ لَهُ وَهُوَ الثُّبُوتُ ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ أَنَّ وُجُودَهُ غَيْرُ حَقِيقَتِهِ فَكُلُّ مَا عَدَاهُ فَلَهُ زَوَالٌ نَظَرًا إِلَيْهِ ، وَاللَّهُ لَهُ الثُّبُوتُ وَالْوُجُودُ نَظَرًا إِلَيْهِ ، فَهُوَ الْحَقُّ وَمَا عَدَاهُ الْبَاطِلُ ; لِأَنَّ الْبَاطِلَ هُوَ الزَّائِلُ يُقَالُ : بَطَلَ ظِلُّهُ إِذَا زَالَ . وَإِذَا كَانَ لَهُ الثُّبُوتُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَكُونُ تَامًّا لَا نَقْصَ فِيهِ .
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْحُكَمَاءَ قَالُوا : اللَّهُ تَامٌّ وَفَوْقَ التَّمَامِ ، وَجَعَلُوا الْأَشْيَاءَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ : نَاقِصٌ وَمُكْتَفٍ وَتَامٌّ وَفَوْقَ التَّمَامِ . فَالنَّاقِصُ : مَا لَيْسَ لَهُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَرِيضِ وَالْأَعْمَى . وَالْمُكْتَفِي : وَهُوَ الَّذِي أُعْطِيَ مَا يَدْفَعُ بِهِ حَاجَتَهُ فِي وَقْتِهِ كَالْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ الَّذِي لَهُ مِنَ الْآلَاتِ مَا يَدْفَعُ بِهِ حَاجَتَهُ فِي وَقْتِهَا ، لَكِنَّهَا فِي التَّحَلُّلِ وَالزَّوَالِ . وَالتَّامُّ : مَا حَصَلَ لَهُ كُلُّ مَا جَازَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ كَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ لَهُمْ دَرَجَاتٌ لَا تَزْدَادُ وَلَا يَنْقُصُ اللَّهُ مِنْهَا لَهُمْ شَيْئًا كَمَا
قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ “ لَوْ دَنَوْتُ أُنْمُلَةً لَاحْتَرَقْتَ “ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ) [ الصَّافَّاتِ : 164 ] .
وَفَوْقَ التَّمَامِ : هُوَ الَّذِي حَصَلَ لَهُ مَا جَازَ لَهُ، وَحَصَلَ لِمَا عَدَاهُ مَا جَازَ لَهُ أَوِ احْتَاجَ إِلَيْهِ لَكِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29626اللَّهَ تَعَالَى حَاصِلٌ لَهُ كُلَّ مَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَنُعُوتِ الْجَلَالِ ، فَهُوَ تَامٌّ ، وَحَصَلَ لِغَيْرِهِ كُلُّ مَا جَازَ لَهُ أَوِ احْتَاجَ إِلَيْهِ فَهُوَ فَوْقُ التَّمَامِ .
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30هُوَ الْحَقُّ ) إِشَارَةٌ إِلَى التَّمَامِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) أَيْ فَوْقَ التَّمَامِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30هُوَ الْعَلِيُّ ) أَيْ فِي صِفَاتِهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30الْكَبِيرُ ) أَيْ فِي ذَاتِهِ ، وَذَلِكَ يُنَافِي أَنْ يَكُونَ جِسْمًا فِي مَكَانٍ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ جَسَدًا مُقَدَّرًا بِمِقْدَارٍ ، فَيُمْكِنُ فَرْضُ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ ، فَيَكُونُ صَغِيرًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَفْرُوضِ ، لَكِنَّهُ كَبِيرٌ مُطْلَقًا أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ مَا يُتَصَوَّرُ .