[ ص: 142 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور )
لما ذكر الله أن في ذلك لآيات ، ذكر أن الكل معترفون به ، غير أن البصير يدركه أولا ومن في بصره ضعف لا يدركه أولا ،
nindex.php?page=treesubj&link=28681_28685فإذا غشيه موج ووقع في شدة اعترف بأن الكل من الله ، ودعاه مخلصا أي يترك كل من عداه وينسى جميع من سواه ، فإذا نجاه من تلك الشدة قد بقي على تلك الحالة ، وهو المراد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32فمنهم مقتصد ) وقد يعود إلى الشرك وهو المراد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ) وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=34077قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32موج كالظلل ) وحد الموج ، وجمع الظلل ، وقيل في معناه كالجبال ، وقيل كالسحاب إشارة إلى عظم الموج ، ويمكن أن يقال الموج الواحد العظيم يرى فيه طلوع ونزول ، وإذا نظرت في الجرية الواحدة من النهر العظيم تبين لك ذلك ، فيكون ذلك كالجبال المتلاصقة .
المسألة الثانية : قال في العنكبوت (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=65فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله ) [ العنكبوت : 65 ] ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=65فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) وقال ههنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد ) فنقول : لما ذكر ههنا أمرا عظيما وهو الموج الذي كالجبال بقي أثر ذلك في قلوبهم ، فخرج منهم مقتصد ، أي في الكفر وهو الذي انزجر بعض الانزجار ، أو مقتصد في الإخلاص فبقي معه شيء منه ولم يبق على ما كان عليه من الإخلاص ، وهناك لم يذكر مع ركوب البحر معاينة مثل ذلك الأمر ، فذكر إشراكهم حيث لم يبق عنده أثر .
المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=32409_29002قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وما يجحد بآياتنا ) في مقابلة قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=31إن في ذلك لآيات ) يعني يعترف بها الصبار الشكور ، ويجحدها الختار الكفور ، والصبار في موازنة الختار لفظا ومعنى ، والكفور في موازنة الشكور ، أما لفظا فظاهر ، وأما معنى فلأن الختار هو الغدار الكثير الغدر أو الشديد الغدر ، والغدر لا يكون إلا من قلة الصبر ; لأن الصبور إن لم يكن يعهد مع أحد لا يعهد منه الإضرار ، فإنه يصبر ويفوض الأمر إلى الله ، وأما الغدار فيعهد ولا يصبر على العهد فينقضه ، وأما أن الكفور في مقابلة الشكور معنى فظاهر .
[ ص: 142 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ )
لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّ فِي ذَلِكَ لِآيَاتٍ ، ذَكَرَ أَنَّ الْكُلَّ مُعْتَرِفُونَ بِهِ ، غَيْرَ أَنَّ الْبَصِيرَ يُدْرِكُهُ أَوَّلًا وَمَنْ فِي بَصَرِهِ ضَعْفٌ لَا يُدْرِكُهُ أَوَّلًا ،
nindex.php?page=treesubj&link=28681_28685فَإِذَا غَشِيَهُ مَوْجٌ وَوَقَعَ فِي شِدَّةٍ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الْكُلَّ مِنَ اللَّهِ ، وَدَعَاهُ مُخْلِصًا أَيْ يَتْرُكُ كُلَّ مَنْ عَدَاهُ وَيَنْسَى جَمِيعَ مَنْ سِوَاهُ ، فَإِذَا نَجَّاهُ مِنْ تِلْكَ الشِّدَّةِ قَدْ بَقِيَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ) وَقَدْ يَعُودُ إِلَى الشِّرْكِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ) وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=34077قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32مَوْجٌ كَالظُّلَلِ ) وَحَدَّ الْمَوْجَ ، وَجَمَعَ الظُّلَلَ ، وَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ كَالْجِبَالِ ، وَقِيلَ كَالسَّحَابِ إِشَارَةٌ إِلَى عِظَمِ الْمَوْجِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمَوْجُ الْوَاحِدُ الْعَظِيمُ يَرَى فِيهِ طُلُوعٌ وَنُزُولٌ ، وَإِذَا نَظَرْتَ فِي الْجَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ تَبَيَّنَ لَكَ ذَلِكَ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْجِبَالِ الْمُتَلَاصِقَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ فِي الْعَنْكَبُوتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=65فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ ) [ الْعَنْكَبُوتِ : 65 ] ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=65فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ) وَقَالَ هَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ) فَنَقُولُ : لَمَّا ذَكَرَ هَهُنَا أَمْرًا عَظِيمًا وَهُوَ الْمَوْجُ الَّذِي كَالْجِبَالِ بَقِيَ أَثَرُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ، أَيْ فِي الْكُفْرِ وَهُوَ الَّذِي انْزَجَرَ بَعْضَ الِانْزِجَارِ ، أَوْ مُقْتَصِدٌ فِي الْإِخْلَاصِ فَبَقِيَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ ، وَهُنَاكَ لَمْ يَذْكُرْ مَعَ رُكُوبِ الْبَحْرِ مُعَايَنَةً مِثْلَ ذَلِكَ الْأَمْرِ ، فَذَكَرَ إِشْرَاكَهُمْ حَيْثُ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ أَثَرٌ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=32409_29002قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا ) فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=31إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ ) يَعْنِي يَعْتَرِفُ بِهَا الصَّبَّارُ الشَّكُورُ ، وَيَجْحَدُهَا الْخَتَّارُ الْكَفُورُ ، وَالصَّبَّارُ فِي مُوَازَنَةِ الْخَتَّارِ لَفْظًا وَمَعْنًى ، وَالْكَفُورُ فِي مُوَازَنَةِ الشَّكُورِ ، أَمَّا لَفْظًا فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا مَعْنًى فَلِأَنَّ الْخَتَّارَ هُوَ الْغَدَّارُ الْكَثِيرُ الْغَدْرِ أَوِ الشَّدِيدُ الْغَدْرِ ، وَالْغَدْرُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ قِلَّةِ الصَّبْرِ ; لِأَنَّ الصَّبُورَ إِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْهَدُ مَعَ أَحَدٍ لَا يُعْهَدُ مِنْهُ الْإِضْرَارُ ، فَإِنَّهُ يَصْبِرُ وَيُفَوِّضُ الْأَمْرَ إِلَى اللَّهِ ، وَأَمَّا الْغَدَّارُ فَيَعْهَدُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى الْعَهْدِ فَيَنْقُضُهُ ، وَأَمَّا أَنَّ الْكَفُورَ فِي مُقَابَلَةِ الشَّكُورِ مَعْنًى فَظَاهِرٌ .