(
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون )
لما بين الله تعالى الخلق بين الأمر كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54ألا له الخلق والأمر ) [ الأعراف : 54 ] والعظمة تتبين بهما ، فإن من يملك مماليك كثيرين عظماء تكون له عظمة ، ثم إذا كان أمره نافذا فيهم يزداد في أعين الخلق ، وإن لم يكن له نفاذ أمر ينقص من عظمته .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5ثم يعرج إليه ) معناه - والله أعلم -
nindex.php?page=treesubj&link=29685_29747أن أمره ينزل من السماء على عباده ، وتعرج إليه أعمالهم الصالحة الصادرة على موافقة ذلك الأمر ، فإن العمل أثر الأمر .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) فيه وجوه .
أحدها : أن نزول الأمر وعروج العمل في مسافة ألف سنة مما تعدون وهو في يوم ، فإن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة ، فينزل في مسيرة خمسمائة سنة ، ويعرج في مسيرة خمسمائة سنة ، فهو مقدار ألف سنة .
ثانيها : هو أن ذلك إشارة إلى امتداد نفاذ الأمر ، وذلك لأن من نفذ أمره غاية النفاذ في يوم أو يومين وانقطع لا يكون مثل من ينفذ أمره في سنين متطاولة ، فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5في يوم كان مقداره ألف سنة ) يعني (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يدبر الأمر ) في زمان يوم منه ألف سنة ، فكم يكون شهر منه ، وكم تكون سنة منه ، وكم يكون دهر منه ؟ وعلى هذا الوجه لا فرق بين هذا وبين قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=4مقداره خمسين ألف سنة ) لأن تلك إذا كانت إشارة إلى دوام نفاذ الأمر ، فسواء يعبر بالألف أو بالخمسين ألفا لا يتفاوت إلا أن المبالغة تكون في الخمسين أكثر ، ونبين فائدتها في موضعها إن شاء الله تعالى .
وفي هذه لطيفة ، وهو أن الله ذكر في الآية المتقدمة عالم الأجسام والخلق ، وأشار إلى عظمة الملك ، وذكر في هذه الآية عالم الأرواح والأمر بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يدبر الأمر ) والروح من عالم الأمر كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) [ الإسراء : 15 ] وأشار إلى دوامه بلفظ يوهم الزمان ، والمراد دوام البقاء كما يقال في العرف : طال زمان فلان . والزمان لا يطول ، وإنما الواقع في الزمان يمتد فيوجد في أزمنة كثيرة فيطول ذلك فيأخذ أزمنة كثيرة ، فأشار هناك إلى عظمة الملك بالمكان وأشار إلى دوامه ههنا بالزمان ، فالمكان من خلقه وملكه ، والزمان بحكمه وأمره .
واعلم أن ظاهر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يدبر الأمر ) في يوم يقتضي أن يكون أمره في يوم ، واليوم له ابتداء وانتهاء ، فيكون أمره في زمان حادث ، فيكون حادثا ، وبعض من يقول بأن الله على العرش استوى يقول :
[ ص: 151 ] بأن أمره قديم حتى الحروف ، وكلمة “ كن “ ، فكيف فهم من كلمة “ على “ كونه في مكان ؟ ولم يفهم من كلمة “ في “ كون أمره في زمان ؟ ثم بين أن هذا الملك العظيم النافذ الأمر غير غافل ، فإن الملك إذا كان آمرا ناهيا يطاع في أمره ونهيه ، ولكن يكون غافلا لا يكون مهيبا عظيما كما يكون مع ذلك خبيرا يقظا لا تخفى عليه أمور الممالك والمماليك ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6ذلك عالم الغيب والشهادة ) .
ولما ذكر من قبل عالم الأشباح بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=4خلق السماوات ) وعالم الأرواح بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ) قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6عالم الغيب ) يعلم ما في الأرواح : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6والشهادة ) يعلم ما في الأجسام ، أو نقول قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6عالم الغيب ) إشارة إلى ما لم يكن بعد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6والشهادة ) إشارة إلى ما وجد وكان ، وقدم العلم بالغيب لأنه أقوى وأشد إنباء عن كمال العلم ، ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6العزيز الرحيم ) لما بين أنه عالم ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29693_29698_29697_28721أنه عزيز قادر على الانتقام من الكفرة رحيم واسع الرحمة على البررة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=7الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ) لما بين الدليل الدال على الوحدانية من الآفاق بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=4خلق السماوات والأرض وما بينهما ) وأتمه بتوابعه ومكملاته ذكر الدليل الدال عليها من الأنفس بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=7الذي أحسن كل شيء ) يعني أحسن كل شيء مما ذكره ، وبين أن الذي بين السماوات والأرض خلقه وهو كذلك ; لأنك إذا نظرت إلى الأشياء رأيتها على ما ينبغي ، صلابة الأرض للنبات ، وسلاسة الهواء للاستنشاق ، وقبول الانشقاق لسهولة الاستطراق ، وسيلان الماء لنقدر عليه في كل موضع ، وحركة النار إلى فوق لأنها لو كانت مثل الماء تتحرك يمنة ويسرة لاحترق العالم ، فخلقت طالبة لجهة فوق ؛ حيث لا شيء هناك يقبل الاحتراق .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=7وبدأ خلق الإنسان من طين ) قيل المراد
nindex.php?page=treesubj&link=32405_31810آدم عليه السلام فإنه خلق من طين ، ويمكن أن يقال بأن الطين ماء وتراب مجتمعان ، والآدمي أصله مني ، والمني أصله غذاء ، والأغذية إما حيوانية ، وإما نباتية ، والحيوانية بالآخرة ترجع إلى النباتية ، والنبات وجوده بالماء والتراب الذي هو طين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ )
لَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ بَيَّنَ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) [ الْأَعْرَافِ : 54 ] وَالْعَظَمَةُ تَتَبَيَّنُ بِهِمَا ، فَإِنَّ مَنْ يَمْلِكُ مَمَالِيكَ كَثِيرِينَ عُظَمَاءَ تَكُونُ لَهُ عَظَمَةٌ ، ثُمَّ إِذَا كَانَ أَمْرُهُ نَافِذًا فِيهِمْ يَزْدَادُ فِي أَعْيُنِ الْخَلْقِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفَاذُ أَمْرٍ يَنْقُصُ مِنْ عَظَمَتِهِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ) مَعْنَاهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -
nindex.php?page=treesubj&link=29685_29747أَنَّ أَمْرَهُ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى عِبَادِهِ ، وَتَعْرُجُ إِلَيْهِ أَعْمَالُهُمُ الصَّالِحَةُ الصَّادِرَةُ عَلَى مُوَافَقَةِ ذَلِكَ الْأَمْرِ ، فَإِنَّ الْعَمَلَ أَثَرُ الْأَمْرِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) فِيهِ وُجُوهٌ .
أَحَدُهَا : أَنَّ نُزُولَ الْأَمْرِ وَعُرُوجَ الْعَمَلِ فِي مَسَافَةِ أَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وَهُوَ فِي يَوْمٍ ، فَإِنَّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، فَيَنْزِلُ فِي مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَيَعْرُجُ فِي مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، فَهُوَ مِقْدَارُ أَلْفِ سَنَةٍ .
ثَانِيهَا : هُوَ أَنَّ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى امْتِدَادِ نَفَاذِ الْأَمْرِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ نَفَذَ أَمْرُهُ غَايَةَ النَّفَاذِ فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَانْقَطَعَ لَا يَكُونُ مِثْلَ مَنْ يَنْفُذُ أَمْرُهُ فِي سِنِينَ مُتَطَاوِلَةٍ ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ) يَعْنِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) فِي زَمَانٍ يَوْمٌ مِنْهُ أَلْفُ سَنَةٍ ، فَكَمْ يَكُونُ شَهْرٌ مِنْهُ ، وَكَمْ تَكُونُ سَنَةٌ مِنْهُ ، وَكَمْ يَكُونُ دَهْرٌ مِنْهُ ؟ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=4مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) لِأَنَّ تِلْكَ إِذَا كَانَتْ إِشَارَةً إِلَى دَوَامِ نَفَاذِ الْأَمْرِ ، فَسَوَاءٌ يُعَبَّرُ بِالْأَلْفِ أَوْ بِالْخَمْسِينَ أَلْفًا لَا يَتَفَاوَتُ إِلَّا أَنَّ الْمُبَالَغَةَ تَكُونُ فِي الْخَمْسِينَ أَكْثَرُ ، وَنُبَيِّنُ فَائِدَتَهَا فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَفِي هَذِهِ لَطِيفَةٌ ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَالَمَ الْأَجْسَامِ وَالْخَلْقِ ، وَأَشَارَ إِلَى عَظَمَةِ الْمَلِكِ ، وَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَالَمَ الْأَرْوَاحِ وَالْأَمْرِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) وَالرُّوحُ مِنْ عَالَمِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) [ الْإِسْرَاءِ : 15 ] وَأَشَارَ إِلَى دَوَامِهِ بِلَفْظٍ يُوهِمُ الزَّمَانَ ، وَالْمُرَادُ دَوَامُ الْبَقَاءِ كَمَا يُقَالُ فِي الْعُرْفِ : طَالَ زَمَانُ فُلَانٍ . وَالزَّمَانُ لَا يَطُولُ ، وَإِنَّمَا الْوَاقِعُ فِي الزَّمَانِ يَمْتَدُّ فَيُوجَدُ فِي أَزْمِنَةٍ كَثِيرَةٍ فَيَطُولُ ذَلِكَ فَيَأْخُذُ أَزْمِنَةً كَثِيرَةً ، فَأَشَارَ هُنَاكَ إِلَى عَظَمَةِ الْمُلْكِ بِالْمَكَانِ وَأَشَارَ إِلَى دَوَامِهِ هَهُنَا بِالزَّمَانِ ، فَالْمَكَانُ مِنْ خَلْقِهِ وَمُلْكِهِ ، وَالزَّمَانُ بِحُكْمِهِ وَأَمْرِهِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) فِي يَوْمٍ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ فِي يَوْمٍ ، وَالْيَوْمُ لَهُ ابْتِدَاءٌ وَانْتِهَاءٌ ، فَيَكُونُ أَمْرُهُ فِي زَمَانٍ حَادِثٍ ، فَيَكُونُ حَادِثًا ، وَبَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ اللَّهَ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى يَقُولُ :
[ ص: 151 ] بِأَنَّ أَمْرَهُ قَدِيمٌ حَتَّى الْحُرُوفِ ، وَكَلِمَةِ “ كُنْ “ ، فَكَيْفَ فُهِمَ مِنْ كَلِمَةِ “ عَلَى “ كَوْنُهُ فِي مَكَانٍ ؟ وَلَمْ يُفْهَمُ مِنْ كَلِمَةٍ “ فِي “ كَوْنُ أَمْرِهِ فِي زَمَانٍ ؟ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْمَلِكَ الْعَظِيمَ النَّافِذَ الْأَمْرِ غَيْرُ غَافِلٍ ، فَإِنَّ الْمَلِكَ إِذَا كَانَ آمِرًا نَاهِيًا يُطَاعُ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، وَلَكِنْ يَكُونُ غَافِلًا لَا يَكُونُ مَهِيبًا عَظِيمًا كَمَا يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ خَبِيرًا يَقِظًا لَا تَخْفَى عَلَيْهِ أُمُورُ الْمَمَالِكِ وَالْمَمَالِيكِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) .
وَلَمَّا ذَكَرَ مِنْ قَبْلُ عَالَمَ الْأَشْبَاحِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=4خَلَقَ السَّمَاوَاتِ ) وَعَالَمَ الْأَرْوَاحِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ) قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6عَالِمُ الْغَيْبِ ) يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْوَاحِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6وَالشَّهَادَةِ ) يَعْلَمُ مَا فِي الْأَجْسَامِ ، أَوْ نَقُولُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6عَالِمُ الْغَيْبِ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا لَمْ يَكُنْ بَعْدُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6وَالشَّهَادَةِ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا وُجِدَ وَكَانَ ، وَقَدَّمَ الْعِلْمَ بِالْغَيْبِ لِأَنَّهُ أَقْوَى وَأَشَدُّ إِنْبَاءٍ عَنْ كَمَالِ الْعِلْمِ ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=6الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُ عَالِمٌ ذَكَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=29693_29698_29697_28721أَنَّهُ عَزِيزٌ قَادِرٌ عَلَى الِانْتِقَامِ مِنَ الْكَفَرَةِ رَحِيمٌ وَاسِعُ الرَّحْمَةُ عَلَى الْبَرَرَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=7الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ) لَمَّا بَيَّنَ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ مِنَ الْآفَاقِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=4خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ) وَأَتَمَّهُ بِتَوَابِعِهِ وَمُكَمِّلَاتِهِ ذَكَرَ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَيْهَا مِنَ الْأَنْفُسِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=7الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) يَعْنِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَهُ ، وَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ خَلَقَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى الْأَشْيَاءِ رَأَيْتَهَا عَلَى مَا يَنْبَغِي ، صَلَابَةُ الْأَرْضِ لِلنَّبَاتِ ، وَسَلَاسَةُ الْهَوَاءِ لِلِاسْتِنْشَاقِ ، وَقَبُولُ الِانْشِقَاقِ لِسُهُولَةِ الِاسْتِطْرَاقِ ، وَسَيَلَانُ الْمَاءِ لِنَقْدِرَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ ، وَحَرَكَةُ النَّارِ إِلَى فَوْقُ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِثْلَ الْمَاءِ تَتَحَرَّكُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً لَاحْتَرَقَ الْعَالَمُ ، فَخُلِقَتْ طَالِبَةً لِجِهَةِ فَوْقٍ ؛ حَيْثُ لَا شَيْءَ هُنَاكَ يَقْبَلُ الِاحْتِرَاقَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=7وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ) قِيلَ الْمُرَادُ
nindex.php?page=treesubj&link=32405_31810آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ خُلِقَ مَنْ طِينٍ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الطِّينَ مَاءٌ وَتُرَابٌ مُجْتَمِعَانِ ، وَالْآدَمِيُّ أَصْلُهُ مَنِيٌّ ، وَالْمَنِيُّ أَصْلُهُ غِذَاءٌ ، وَالْأَغْذِيَةُ إِمَّا حَيَوَانِيَّةٌ ، وَإِمَّا نَبَاتِيَّةٌ ، وَالْحَيَوَانِيَّةُ بِالْآخِرَةِ تَرْجِعُ إِلَى النَّبَاتِيَّةِ ، وَالنَّبَاتُ وُجُودُهُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ الَّذِي هُوَ طِينٌ .