(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا )
أي الذين
nindex.php?page=treesubj&link=28781_30569_30563يثبطون المسلمين ويقولون تعالوا إلينا ولا تقاتلوا مع محمد صلى الله عليه وسلم ، وفيه وجهان .
أحدهما : أنهم المنافقون الذين كانوا يقولون
للأنصار لا تقاتلوا وأسلموا
محمدا إلى
قريش .
وثانيهما :
اليهود الذين كانوا يقولون
لأهل المدينة تعالوا إلينا وكونوا معنا و
nindex.php?page=treesubj&link=34080 ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18هلم ) بمعنى تعال أو احضر ، ولا تجمع في لغة
الحجاز وتجمع في غيرها فيقال للجماعة : هلموا وللنساء هلمن ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18ولا يأتون البأس إلا قليلا ) يؤيد الوجه الأول وهو أن المراد منهم المنافقون وهو يحتمل وجهين :
أحدهما : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18ولا يأتون البأس ) بمعنى يتخلفون عنكم ولا يخرجون معكم وحينئذ قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أشحة عليكم ) أي بخلاء حيث لا ينفقون في سبيل الله شيئا .
وثانيهما : لا يأتون البأس بمعنى لا يقاتلون معكم ويتعللون عن الاشتغال بالقتال وقت الحضور معكم ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أشحة عليكم ) أي بأنفسهم وأبدانهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا )
[ ص: 175 ] إشارة إلى غاية جبنهم ونهاية روعهم ، واعلم أن البخل شبيه الجبن ، فلما ذكر البخل بين سببه وهو الجبن ، والذي يدل عليه هو أن
nindex.php?page=treesubj&link=32517_30563الجبان يبخل بماله ولا ينفقه في سبيل الله لأنه لا يتوقع الظفر فلا يرجو الغنيمة فيقول : هذا إنفاق لا بدل له فيتوقف فيه ، وأما الشجاع فيتيقن الظفر والاغتنام فيهون عليه إخراج المال في القتال طمعا فيما هو أضعاف ذلك ، وأما بالنفس والبدن فكذلك فإن الجبان يخاف قرنه ويتصور الفشل فيجبن ويترك الإقدام ، وأما الشجاع فيحكم بالغلبة والنصر فيقدم.
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19فإذا ذهب الخوف سلقوكم ) أي غلبوكم بالألسنة وآذوكم بكلامهم يقولون : نحن الذين قاتلنا وبنا انتصرتم وكسرتم العدو وقهرتم ، ويطالبونكم بالقسم الأوفر من الغنيمة ، وكانوا من قبل راضين من الغنيمة بالإياب ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أشحة على الخير ) قيل الخير المال ، ويمكن أن يقال معناه أنهم قليلو الخير في الحالتين كثيرو الشر في الوقتين ، في الأول يبخلون ، وفي الآخر كذلك .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا ) يعني لم يؤمنوا حقيقة وإن
nindex.php?page=treesubj&link=19231أظهروا الإيمان لفظا فأحبط الله أعمالهم التي كانوا يأتون بها مع المسلمين ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19وكان ذلك على الله يسيرا ) إشارة إلى ما يكون في نظر الناظر كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] ; وذلك لأن الإحباط إعدام وإهدار ، وإعدام الأجسام إذا نظر الناظر يقول الجسم بتفريق أجزائه ، فإن من أحرق شيئا يبقى منه رماد ، وذلك لأن الرماد إن فرقته الريح يبقى منه ذرات ، وهذا مذهب بعض الناس ، والحق هو أن الله يعدم الأجسام ويعيد ما يشاء منها ، وأما العمل فهو في العين معدوم وإن كان يبقى [ فإنه ] يبقى بحكمه وآثاره ، فإذا لم يكن له فائدة واعتبار فهو معدوم حقيقة وحكما ، فالعمل إذا لم يعتبر فهو معدوم في الحقيقة بخلاف الجسم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا )
أَيِ الَّذِينَ
nindex.php?page=treesubj&link=28781_30569_30563يُثَبِّطُونَ الْمُسْلِمِينَ وَيَقُولُونَ تَعَالَوْا إِلَيْنَا وَلَا تُقَاتِلُوا مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ .
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمُ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ
لِلْأَنْصَارِ لَا تُقَاتِلُوا وَأَسْلِمُوا
مُحَمَّدًا إِلَى
قُرَيْشٍ .
وَثَانِيهِمَا :
الْيَهُودُ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ
لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ تَعَالَوْا إِلَيْنَا وَكُونُوا مَعَنَا وَ
nindex.php?page=treesubj&link=34080 ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18هَلُمَّ ) بِمَعْنَى تَعَالَ أَوِ احْضُرْ ، وَلَا تُجْمَعُ فِي لُغَةِ
الْحِجَازِ وَتُجْمَعُ فِي غَيْرِهَا فَيُقَالُ لِلْجَمَاعَةِ : هَلُمُّوا وَلِلنِّسَاءِ هَلُمُّنَّ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا ) يُؤَيِّدُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمُ الْمُنَافِقُونَ وَهُوَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=18وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ ) بِمَعْنَى يَتَخَلَّفُونَ عَنْكُمْ وَلَا يَخْرُجُونَ مَعَكُمْ وَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ) أَيْ بُخَلَاءَ حَيْثُ لَا يُنْفِقُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَيْئًا .
وَثَانِيهِمَا : لَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ بِمَعْنَى لَا يُقَاتِلُونَ مَعَكُمْ وَيَتَعَلَّلُونَ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِالْقِتَالِ وَقْتَ الْحُضُورِ مَعَكُمْ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ) أَيْ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا )
[ ص: 175 ] إِشَارَةٌ إِلَى غَايَةِ جُبْنِهِمْ وَنِهَايَةِ رَوْعِهِمْ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْبُخْلَ شَبِيهُ الْجُبْنِ ، فَلَمَّا ذَكَرَ الْبُخْلَ بَيَّنَ سَبَبَهُ وَهُوَ الْجُبْنُ ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32517_30563الْجَبَانَ يَبْخَلُ بِمَالِهِ وَلَا يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّعُ الظَّفَرَ فَلَا يَرْجُو الْغَنِيمَةَ فَيَقُولُ : هَذَا إِنْفَاقٌ لَا بَدَلَ لَهُ فَيَتَوَقَّفُ فِيهِ ، وَأَمَّا الشُّجَاعُ فَيَتَيَقَّنُ الظَّفَرَ وَالِاغْتِنَامَ فَيَهُونُ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ الْمَالِ فِي الْقِتَالِ طَمَعًا فِيمَا هُوَ أَضْعَافُ ذَلِكَ ، وَأَمَّا بِالنَّفْسِ وَالْبَدَنِ فَكَذَلِكَ فَإِنَّ الْجَبَانَ يَخَافُ قَرْنَهُ وَيَتَصَوَّرُ الْفَشَلَ فَيَجْبُنُ وَيَتْرُكُ الْإِقْدَامَ ، وَأَمَّا الشُّجَاعُ فَيَحْكُمُ بِالْغَلَبَةِ وَالنَّصْرِ فَيُقْدِمُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ ) أَيْ غَلَبُوكُمْ بِالْأَلْسِنَةِ وَآذَوْكُمْ بِكَلَامِهِمْ يَقُولُونَ : نَحْنُ الَّذِينَ قَاتَلْنَا وَبِنَا انْتَصَرْتُمْ وَكَسَرْتُمُ الْعَدُوَّ وَقَهَرْتُمْ ، وَيُطَالِبُونَكُمْ بِالْقِسْمِ الْأَوْفَرِ مِنَ الْغَنِيمَةِ ، وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ رَاضِينَ مِنَ الْغَنِيمَةِ بِالْإِيَابِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ) قِيلَ الْخَيْرُ الْمَالُ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ قَلِيلُو الْخَيْرِ فِي الْحَالَتَيْنِ كَثِيرُو الشَّرِّ فِي الْوَقْتَيْنِ ، فِي الْأَوَّلِ يَبْخَلُونَ ، وَفِي الْآخِرِ كَذَلِكَ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) يَعْنِي لَمْ يُؤْمِنُوا حَقِيقَةً وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19231أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ لَفْظًا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَأْتُونَ بِهَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=19وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَكُونُ فِي نَظَرِ النَّاظِرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) [ الرُّومِ : 27 ] ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِحْبَاطَ إِعْدَامٌ وَإِهْدَارٌ ، وَإِعْدَامُ الْأَجْسَامِ إِذَا نَظَرَ النَّاظِرُ يَقُولُ الْجِسْمُ بِتَفْرِيقِ أَجْزَائِهِ ، فَإِنَّ مَنْ أَحْرَقَ شَيْئًا يَبْقَى مِنْهُ رَمَادٌ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّمَادَ إِنْ فَرَّقَتْهُ الرِّيحُ يَبْقَى مِنْهُ ذَرَّاتٌ ، وَهَذَا مَذْهَبُ بَعْضِ النَّاسِ ، وَالْحَقُّ هُوَ أَنَّ اللَّهَ يُعْدِمُ الْأَجْسَامَ وَيُعِيدُ مَا يَشَاءُ مِنْهَا ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَهُوَ فِي الْعَيْنِ مَعْدُومٌ وَإِنْ كَانَ يَبْقَى [ فَإِنَّهُ ] يَبْقَى بِحُكْمِهِ وَآثَارِهِ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ وَاعْتِبَارٌ فَهُوَ مَعْدُومٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا ، فَالْعَمَلُ إِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ فَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ الْجِسْمِ .