(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا )
فيه ترتيب على ما كان ، فإن المؤمنين أولا تملكوا أرضهم بالنزول فيها والاستيلاء عليها ثم تملكوا ديارهم بالدخول عليهم وأخذ قلاعهم ثم أموالهم التي كانت في بيوتهم . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأرضا لم تطئوها ) قيل
[ ص: 178 ] المراد القلاع ، وقيل المراد :
الروم وأرض
فارس وقيل كل ما يؤخذ إلى يوم القيامة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وكان الله على كل شيء قديرا ) هذا يؤكد قول من قال : إن المراد من قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأرضا لم تطئوها ) هو ما سيؤخذ بعد
بني قريظة ، ووجهه هو أن الله تعالى لما ملكهم تلك البلاد ووعدهم بغيرها دفع استبعاد من لا يكون قوي الاتكال على الله تعالى ، وقال : أليس الله ملككم هذه فهو على كل شيء قدير يملككم غيرها .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28ياأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما )
وجه التعلق هو أن مكارم الأخلاق منحصرة في شيئين : التعظيم لأمر الله ، والشفقة على خلق الله . وإلى هذا أشار عليه السلام بقوله : “
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012381الصلاة وما ملكت أيمانكم “ ثم إن الله تعالى لما أرشد نبيه إلى ما يتعلق بجانب التعظيم لله بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=1ياأيها النبي اتق الله ) ذكر ما يتعلق بجانب الشفقة وبدأ بالزوجات فإنهن أولى الناس بالشفقة ، ولهذا قدمهن في النفقة . وفي الآية مسائل فقهية منها : أن
nindex.php?page=treesubj&link=31072_23662التخيير هل كان واجبا على النبي عليه السلام أم لا ؟ فنقول : التخيير قولا كان واجبا من غير شك لأنه إبلاغ الرسالة ; لأن الله تعالى لما قال له قل لهم صار من الرسالة ، وأما التخيير معنى فمبني على أن الأمر للوجوب أم لا ؟ والظاهر أنه للوجوب ، ومنها أن واحدة منهن لو اختارت الفراق هل كان يصير اختيارها فراقا ، والظاهر أنه لا يصير فراقا وإنما تبين المختارة نفسها بإبانة من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ) ومنها أن واحدة منهن إن اختارت نفسها وقلنا بأنها لا تبين إلا بإنابة من جهة النبي عليه السلام ، فهل كان يجب على النبي عليه السلام الطلاق أم لا ؟ الظاهر نظرا إلى منصب النبي عليه السلام أنه كان يجب ، لأن
nindex.php?page=treesubj&link=30987الخلف في الوعد من النبي غير جائز بخلاف واحد منا ، فإنه لا يلزمه شرعا الوفاء بما يعد .
ومنها أن
nindex.php?page=treesubj&link=11474المختارة بعد البينونة هل كانت تحرم على غيره أم لا ؟ والظاهر أنها لا تحرم ، وإلا لا يكون التخيير ممكنا لها من التمتع بزينة الدنيا ، ومنها أن
nindex.php?page=treesubj&link=23662_31072من اختارت الله ورسوله كان يحرم على النبي عليه الصلاة والسلام طلاقها أم لا ؟ الظاهر الحرمة نظرا إلى منصب الرسول عليه الصلاة والسلام على معنى أن النبي عليه السلام لا يباشره أصلا ، بمعنى أنه لو أتى به لعوقب أو عوتب ، وفيها لطائف لفظية منها : تقديم اختيار الدنيا ، إشارة إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام غير ملتفت إلى جانبهن غاية الالتفات وكيف وهو مشغول بعبادة ربه . ومنها قوله عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28وأسرحكن سراحا جميلا ) إشارة إلى ما ذكرنا ، فإن السراح الجميل مع التأذي القوي لا يجتمع في العادة ، فعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام ما كان يتأثر من اختيارهن فراقه بدليل أن التسريح الجميل منه .
ومنها قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29وإن كنتن تردن الله ) إعلاما لهن بأن في اختيار النبي عليه السلام اختيار الله ورسوله والدار الآخرة وهذه الثلاثة هي الدين ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29أعد للمحسنات منكن ) أي لمن عمل صالحا منكن ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29تردن الله ورسوله والدار الآخرة ) فيه معنى الإيمان ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29للمحسنات ) لبيان الإحسان حتى تكون الآية في المعنى ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=22ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن ) [ لقمان : 22 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=88من آمن وعمل صالحا ) [ الكهف : 88 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=82والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) [ البقرة : 82 ] والأجر العظيم الكبير في الذات الحسن في الصفات الباقي في الأوقات ، وذلك لأن العظيم في الأجسام لا يطلق إلا على الزائد في الطول وفي العرض وفي العمق حتى لو كان زائدا في الطول يقال له : طويل ، ولو كان زائدا في العرض يقال له : عريض ، وكذلك العميق ، فإذا وجدت
[ ص: 179 ] الأمور الثلاثة قيل : عظيم ، فيقال : جبل عظيم إذا كان عاليا ممتدا في الجهات ، وإن كان مرتفعا فحسب يقال : جبل عال . إذا عرفت هذا فأجر الدنيا في ذاته قليل وفي صفاته غير خال عن جهة قبح ، لما في مأكوله من الضرر والثقل ، وكذلك في مشروبه وغيره من اللذات ، وغير دائم ، وأجر الآخرة كثير خال عن جهات القبح دائم فهو عظيم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا )
فِيهِ تَرْتِيبٌ عَلَى مَا كَانَ ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ أَوَّلًا تَمَلَّكُوا أَرْضَهُمْ بِالنُّزُولِ فِيهَا وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا ثُمَّ تَمَلَّكُوا دِيَارَهُمْ بِالدُّخُولِ عَلَيْهِمْ وَأَخْذِ قِلَاعِهِمْ ثُمَّ أَمْوَالِهِمُ الَّتِي كَانَتْ فِي بُيُوتِهِمْ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ) قِيلَ
[ ص: 178 ] الْمُرَادُ الْقِلَاعُ ، وَقِيلَ الْمُرَادُ :
الرُّومُ وَأَرْضُ
فَارِسَ وَقِيلَ كُلُّ مَا يُؤْخَذُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ) هَذَا يُؤَكِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ : إِنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ) هُوَ مَا سَيُؤْخَذُ بَعْدَ
بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَوَجْهُهُ هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا مَلَّكَهُمْ تِلْكَ الْبِلَادَ وَوَعَدَهُمْ بِغَيْرِهَا دَفَعَ اسْتِبْعَادَ مَنْ لَا يَكُونُ قَوِيَّ الِاتِّكَالِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَالَ : أَلَيْسَ اللَّهُ مَلَّكَكُمْ هَذِهِ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يُمَلِّكُكُمْ غَيْرَهَا .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا )
وَجْهُ التَّعَلُّقِ هُوَ أَنَّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ مُنْحَصِرَةٌ فِي شَيْئَيْنِ : التَّعْظِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ ، وَالشَّفَقَةُ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ . وَإِلَى هَذَا أَشَارَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ : “
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012381الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ “ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَرْشَدَ نَبِيَّهُ إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِجَانِبِ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=1يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ) ذَكَرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِجَانِبِ الشَّفَقَةِ وَبَدَأَ بِالزَّوْجَاتِ فَإِنَّهُنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالشَّفَقَةِ ، وَلِهَذَا قَدَّمَهُنَّ فِي النَّفَقَةِ . وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ فِقْهِيَّةٌ مِنْهَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31072_23662التَّخْيِيرَ هَلْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمْ لَا ؟ فَنَقُولُ : التَّخْيِيرُ قَوْلًا كَانَ وَاجِبًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ لِأَنَّهُ إِبْلَاغُ الرِّسَالَةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَالَ لَهُ قُلْ لَهُمْ صَارَ مِنَ الرِّسَالَةِ ، وَأَمَّا التَّخْيِيرُ مَعْنًى فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ أَمْ لَا ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ ، وَمِنْهَا أَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ لَوِ اخْتَارَتِ الْفِرَاقَ هَلْ كَانَ يَصِيرُ اخْتِيَارُهَا فِرَاقًا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ فِرَاقًا وَإِنَّمَا تُبِينُ الْمُخْتَارَةُ نَفْسَهَا بِإِبَانَةٍ مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ) وَمِنْهَا أَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ إِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقُلْنَا بِأَنَّهَا لَا تَبِينُ إِلَّا بِإِنَابَةٍ مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَهَلْ كَانَ يَجِبُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا ؟ الظَّاهِرُ نَظَرًا إِلَى مَنْصِبِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ ، لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30987الْخُلْفَ فِي الْوَعْدِ مِنَ النَّبِيِّ غَيْرُ جَائِزٍ بِخِلَافٍ وَاحِدٍ مِنَّا ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَرْعًا الْوَفَاءُ بِمَا يَعِدُ .
وَمِنْهَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11474الْمُخْتَارَةَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ هَلْ كَانَتْ تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ أَمْ لَا ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ ، وَإِلَّا لَا يَكُونُ التَّخْيِيرُ مُمْكِنًا لَهَا مِنَ التَّمَتُّعِ بِزِينَةِ الدُّنْيَا ، وَمِنْهَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23662_31072مَنِ اخْتَارَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كَانَ يَحْرُمُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ طَلَاقُهَا أَمْ لَا ؟ الظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ نَظَرًا إِلَى مَنْصِبِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُبَاشِرُهُ أَصْلًا ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ لَعُوقِبَ أَوْ عُوتِبَ ، وَفِيهَا لَطَائِفُ لَفْظِيَّةٌ مِنْهَا : تَقْدِيمُ اخْتِيَارِ الدُّنْيَا ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ غَيْرُ مُلْتَفِتٍ إِلَى جَانِبِهِنَّ غَايَةَ الِالْتِفَاتِ وَكَيْفَ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ . وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا ذَكَرْنَا ، فَإِنَّ السَّرَاحَ الْجَمِيلَ مَعَ التَّأَذِّي الْقَوِيِّ لَا يَجْتَمِعُ فِي الْعَادَةِ ، فَعُلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا كَانَ يَتَأَثَّرُ مِنَ اخْتِيَارِهِنَّ فِرَاقَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ التَّسْرِيحَ الْجَمِيلَ مِنْهُ .
وَمِنْهَا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ ) إِعْلَامًا لَهُنَّ بِأَنَّ فِي اخْتِيَارِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ اخْتِيَارَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ الدِّينُ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ ) أَيْ لِمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْكُنَّ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ) فِيهِ مَعْنَى الْإِيمَانِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=29لِلْمُحْسِنَاتِ ) لِبَيَانِ الْإِحْسَانِ حَتَّى تَكُونَ الْآيَةُ فِي الْمَعْنَى ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=22وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ) [ لُقْمَانَ : 22 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=88مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ) [ الْكَهْفِ : 88 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=82وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) [ الْبَقَرَةِ : 82 ] وَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ الْكَبِيرُ فِي الذَّاتِ الْحَسَنِ فِي الصِّفَاتِ الْبَاقِي فِي الْأَوْقَاتِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَظِيمَ فِي الْأَجْسَامِ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى الزَّائِدِ فِي الطُّولِ وَفِي الْعَرْضِ وَفِي الْعُمْقِ حَتَّى لَوْ كَانَ زَائِدًا فِي الطُّولِ يُقَالُ لَهُ : طَوِيلٌ ، وَلَوْ كَانَ زَائِدًا فِي الْعَرْضِ يُقَالُ لَهُ : عَرِيضٌ ، وَكَذَلِكَ الْعَمِيقُ ، فَإِذَا وُجِدَتِ
[ ص: 179 ] الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ قِيلَ : عَظِيمٌ ، فَيُقَالُ : جَبَلٌ عَظِيمٌ إِذَا كَانَ عَالِيًا مُمْتَدًّا فِي الْجِهَاتِ ، وَإِنْ كَانَ مُرْتَفِعًا فَحَسْبُ يُقَالُ : جَبَلٌ عَالٍ . إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَأَجْرُ الدُّنْيَا فِي ذَاتِهِ قَلِيلٌ وَفِي صِفَاتِهِ غَيْرُ خَالٍ عَنْ جِهَةِ قُبْحٍ ، لِمَا فِي مَأْكُولِهِ مِنَ الضَّرَرِ وَالثِّقَلِ ، وَكَذَلِكَ فِي مَشْرُوبِهِ وَغَيْرِهِ مِنَ اللَّذَّاتِ ، وَغَيْرُ دَائِمٍ ، وَأَجْرُ الْآخِرَةِ كَثِيرٌ خَالٍ عَنْ جِهَاتِ الْقُبْحِ دَائِمٌ فَهُوَ عَظِيمٌ .