(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=39الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا )
وهو
زيد أنعم الله عليه بالإسلام (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وأنعمت عليه ) بالتحرير والإعتاق . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37أمسك عليك زوجك ) هم
زيد بطلاق
زينب فقال له النبي : أمسك أي لا تطلقها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37واتق الله ) قيل في الطلاق ، وقيل في الشكوى من
زينب ، فإن
زيدا قال فيها إنها تتكبر علي بسبب النسب وعدم الكفاءة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وتخفي في نفسك ما الله مبديه ) من أنك تريد
nindex.php?page=treesubj&link=31078التزوج بزينب (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وتخشى الناس ) من أن يقولوا أخذ زوجة الغير أو الابن (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37والله أحق أن تخشاه ) ليس إشارة إلى أن النبي خشي الناس ولم يخش الله بل المعنى : الله أحق أن تخشاه وحده ولا تخش أحدا معه وأنت تخشاه وتخشى الناس أيضا ، فاجعل الخشية له وحده ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=39الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها ) أي لما طلقها
زيد وانقضت عدتها ; وذلك لأن الزوجة ما دامت في نكاح الزوج فهي تدفع حاجته وهو محتاج إليها ، فلم يقض منها الوطر بالكلية ولم يستغن ، وكذلك إذا كان في العدة له بها تعلق لإمكان شغل الرحم فلم يقض منها بعد وطره ، وأما إذا طلق وانقضت عدتها استغنى عنها ولم يبق له معها تعلق فيقضي منها الوطر ، وهذا موافق لما في الشرع لأن
nindex.php?page=treesubj&link=10999_10998التزوج بزوجة الغير أو بمعتدته لا يجوز ; فلهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37فلما قضى ) وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا )
[ ص: 184 ] أي إذا طلقوهن وانقضت عدتهن ، وفيه إشارة إلى أن التزويج من النبي عليه السلام لم يكن لقضاء شهوة النبي عليه السلام بل لبيان الشريعة بفعله فإن
nindex.php?page=treesubj&link=21370_21373الشرع يستفاد من فعل النبي ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وكان أمر الله مفعولا ) أي مقضيا ، ما قضاه كائن .
ثم بين أن تزوجه عليه السلام بها مع أنه كان مبينا لشرع مشتمل على فائدة كان خاليا من المفاسد فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا ) يعني كان شرع من تقدمه كذلك ، كان يتزوج الأنبياء بنسوة كثيرة أبكار ومطلقات الغير . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38وكان أمر الله قدرا مقدورا ) أي
nindex.php?page=treesubj&link=30455كل شيء بقضاء وقدر ، والقدر التقدير وبين المفعول والمقدور فرق مقول بين القضاء والقدر ،
nindex.php?page=treesubj&link=28775فالقضاء ما كان مقصودا في الأصل والقدر ما يكون تابعا له ، مثاله من كان يقصد مدينة فنزل بطريق تلك المدينة بخان أو قرية يصح منه في العرف أن يقول في جواب من يقول : لم جئت إلى هذه القرية ؟ إني ما جئت إلى هذه وإنما قصدت المدينة الفلانية ، وهذه وقعت في طريقي ، وإن كان قد جاءها ودخلها . وإذا عرفت هذا فإن الخير كله بقضاء وما في العالم من الضرر بقدر ، فالله تعالى خلق المكلف بحيث يشتهي ويغضب ، ليكون اجتهاده في تغليب العقل والدين عليهما مثابا عليه بأبلغ وجه ، فأفضى ذلك في البعض إلى أن زنى وقتل ، فالله لم يخلقهما فيه مقصودا منه القتل والزنا وإن كان ذلك بقدر الله .
إذا علمت هذا ففي قوله تعالى أولا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وكان أمر الله مفعولا ) وقوله ثانيا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38وكان أمر الله قدرا مقدورا ) لطيفة وهي أنه تعالى لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37زوجناكها ) قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وكان أمر الله مفعولا ) أي تزويجنا
زينب إياك كان مقصودا متبوعا مقضيا مراعى ، ولما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38سنة الله في الذين خلوا ) إشارة إلى قصة
داود عليه السلام حيث افتتن
بامرأة أوريا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38وكان أمر الله قدرا مقدورا ) أي كان ذلك حكما تبعيا ، فلو قال قائل : هذا قول
المعتزلة بالتوليد والفلاسفة بوجوب كون الأشياء على وجوه مثل كون النار تحرق حيث قالوا الله تعالى أراد أن يخلق ما ينضج الأشياء وهو لا يكون إلا محرقا بالطبع ، فخلق النار للنفع فوقع اتفاق أسباب أوجبت احتراق دار زيد أو دار عمرو . فنقول : معاذ الله أن نقول بأن الله غير مختار في أفعاله أو يقع شيء لا باختياره ، ولكن أهل السنة يقولون : أجرى الله عادته بكذا أي وله أن يخلق النار بحيث عند حاجة إنضاج اللحم تنضج ، وعند مساس ثوب العجوز لا تحرق ، ألا ترى أنها لم تحرق
إبراهيم عليه السلام مع قوتها وكثرتها لكن خلقها على غير ذلك الوجه بمحض إرادته أو لحكمة خفية ، ولا يسأل عما يفعل .
فنقول : ما كان في مجرى عادته تعالى على وجه تدركه العقول البشرية . نقول : بقضاء ، وما يكون على وجه يقع لعقل قاصر أن يقول لم كان ولماذا لم يكن على خلافه . نقول : بقدر . ثم بين الذين خلوا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=39الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا ) يعني كانوا هم أيضا مثلك رسلا ، ثم ذكره بحالهم أنهم جردوا الخشية ووحدوها بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=39ولا يخشون أحدا إلا الله ) فصار كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=90فبهداهم اقتده ) [ الأنعام : 90 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=39وكفى بالله حسيبا ) أي محاسبا فلا تخش غيره أو محسوبا فلا تلتفت إلى غيره ولا تجعله في حسابك
[ ص: 185 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=39الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا )
وَهُوَ
زَيْدٌ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) بِالتَّحْرِيرِ وَالْإِعْتَاقِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ) هَمَّ
زَيْدٌ بِطَلَاقِ
زَيْنَبَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ : أَمْسِكْ أَيْ لَا تُطَلِّقْهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَاتَّقِ اللَّهَ ) قِيلَ فِي الطَّلَاقِ ، وَقِيلَ فِي الشَّكْوَى مِنْ
زَيْنَبَ ، فَإِنَّ
زَيْدًا قَالَ فِيهَا إِنَّهَا تَتَكَبَّرُ عَلَيَّ بِسَبَبِ النَّسَبِ وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) مِنْ أَنَّكَ تُرِيدُ
nindex.php?page=treesubj&link=31078التَّزَوُّجَ بِزَيْنَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَتَخْشَى النَّاسَ ) مِنْ أَنْ يَقُولُوا أَخَذَ زَوْجَةَ الْغَيْرِ أَوِ الِابْنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) لَيْسَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ خَشِيَ النَّاسَ وَلَمْ يَخْشَ اللَّهَ بَلِ الْمَعْنَى : اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ وَحْدَهُ وَلَا تَخْشَ أَحَدًا مَعَهُ وَأَنْتَ تَخْشَاهُ وَتَخْشَى النَّاسَ أَيْضًا ، فَاجْعَلِ الْخَشْيَةَ لَهُ وَحْدَهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=39الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ) أَيْ لَمَّا طَلَّقَهَا
زَيْدٌ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَا دَامَتْ فِي نِكَاحِ الزَّوْجِ فَهِيَ تَدْفَعُ حَاجَتَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا ، فَلَمْ يَقْضِ مِنْهَا الْوَطَرَ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَسْتَغْنِ ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي الْعِدَّةِ لَهُ بِهَا تَعَلُّقٌ لِإِمْكَانِ شَغْلِ الرَّحِمِ فَلَمْ يَقْضِ مِنْهَا بَعْدُ وَطَرَهُ ، وَأَمَّا إِذَا طَلَّقَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا اسْتَغْنَى عَنْهَا وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَعَهَا تَعَلُّقٌ فَيَقْضِي مِنْهَا الْوَطَرَ ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الشَّرْعِ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10999_10998التَّزَوُّجَ بِزَوْجَةِ الْغَيْرِ أَوْ بِمُعْتَدَّتِهِ لَا يَجُوزُ ; فَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37فَلَمَّا قَضَى ) وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا )
[ ص: 184 ] أَيْ إِذَا طَلَّقُوهُنَّ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّزْوِيجَ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ لِقَضَاءِ شَهْوَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَلْ لِبَيَانِ الشَّرِيعَةِ بِفِعْلِهِ فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21370_21373الشَّرْعَ يُسْتَفَادُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) أَيْ مَقْضِيًّا ، مَا قَضَاهُ كَائِنٌ .
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ تَزَوُّجَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَا مَعَ أَنَّهُ كَانَ مُبَيِّنًا لِشَرْعٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى فَائِدَةٍ كَانَ خَالِيًا مِنَ الْمَفَاسِدِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ) يَعْنِي كَانَ شَرْعُ مَنْ تَقَدَّمَهُ كَذَلِكَ ، كَانَ يَتَزَوَّجُ الْأَنْبِيَاءُ بِنِسْوَةٍ كَثِيرَةٍ أَبْكَارٍ وَمُطَلَّقَاتِ الْغَيْرِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ) أَيِ
nindex.php?page=treesubj&link=30455كُلُّ شَيْءٍ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ ، وَالْقَدَرُ التَّقْدِيرُ وَبَيْنَ الْمَفْعُولِ وَالْمَقْدُورِ فَرْقٌ مَقُولٌ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28775فَالْقَضَاءُ مَا كَانَ مَقْصُودًا فِي الْأَصْلِ وَالْقَدَرُ مَا يَكُونُ تَابِعًا لَهُ ، مِثَالُهُ مَنْ كَانَ يَقْصِدُ مَدِينَةً فَنَزَلَ بِطَرِيقِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ بِخَانٍ أَوْ قَرْيَةٍ يَصِحُّ مِنْهُ فِي الْعُرْفِ أَنْ يَقُولَ فِي جَوَابِ مَنْ يَقُولُ : لِمَ جِئْتَ إِلَى هَذِهِ الْقَرْيَةِ ؟ إِنِّي مَا جِئْتُ إِلَى هَذِهِ وَإِنَّمَا قَصَدْتُ الْمَدِينَةَ الْفُلَانِيَّةَ ، وَهَذِهِ وَقَعَتْ فِي طَرِيقِي ، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَهَا وَدَخَلَهَا . وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَإِنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ بِقَضَاءٍ وَمَا فِي الْعَالَمِ مِنَ الضَّرَرِ بِقَدَرٍ ، فَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْمُكَلَّفَ بِحَيْثُ يَشْتَهِي وَيَغْضَبُ ، لِيَكُونَ اجْتِهَادُهُ فِي تَغْلِيبِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ عَلَيْهِمَا مُثَابًا عَلَيْهِ بِأَبْلَغِ وَجْهٍ ، فَأَفْضَى ذَلِكَ فِي الْبَعْضِ إِلَى أَنْ زَنَى وَقَتَلَ ، فَاللَّهُ لَمْ يَخْلُقْهُمَا فِيهِ مَقْصُودًا مِنْهُ الْقَتْلُ وَالزِّنَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِقَدَرِ اللَّهِ .
إِذَا عَلِمْتَ هَذَا فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَوَّلًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) وَقَوْلِهِ ثَانِيًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ) لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37زَوَّجْنَاكَهَا ) قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) أَيْ تَزْوِيجَنَا
زَيْنَبَ إِيَّاكَ كَانَ مَقْصُودًا مَتْبُوعًا مَقْضِيًّا مُرَاعًى ، وَلَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا ) إِشَارَةً إِلَى قِصَّةِ
دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ افْتَتَنَ
بِامْرَأَةٍ أُورِيَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا تَبَعِيًّا ، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ : هَذَا قَوْلُ
الْمُعْتَزِلَةِ بِالتَّوْلِيدِ وَالْفَلَاسِفَةِ بِوُجُوبِ كَوْنِ الْأَشْيَاءِ عَلَى وُجُوهٍ مِثْلُ كَوْنِ النَّارِ تَحْرِقُ حَيْثُ قَالُوا اللَّهُ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ مَا يُنْضِجُ الْأَشْيَاءَ وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا مُحْرِقًا بِالطَّبْعِ ، فَخَلَقَ النَّارَ لِلنَّفْعِ فَوَقَعَ اتِّفَاقُ أَسْبَابٍ أَوْجَبَتِ احْتِرَاقَ دَارِ زَيْدٍ أَوْ دَارِ عَمْرٍو . فَنَقُولُ : مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَقُولَ بِأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُخْتَارٍ فِي أَفْعَالِهِ أَوْ يَقَعُ شَيْءٌ لَا بِاخْتِيَارِهِ ، وَلَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَقُولُونَ : أَجْرَى اللَّهُ عَادَتَهُ بِكَذَا أَيْ وَلَهُ أَنْ يَخْلُقَ النَّارَ بِحَيْثُ عِنْدَ حَاجَةِ إِنْضَاجِ اللَّحْمِ تَنْضَجُ ، وَعِنْدَ مِسَاسِ ثَوْبِ الْعَجُوزِ لَا تُحْرَقُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَمْ تَحْرِقْ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ قُوَّتِهَا وَكَثْرَتِهَا لَكِنْ خَلَقَهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ بِمَحْضِ إِرَادَتِهِ أَوْ لِحِكْمَةٍ خَفِيَّةٍ ، وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ .
فَنَقُولُ : مَا كَانَ فِي مَجْرَى عَادَتِهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ تُدْرِكُهُ الْعُقُولُ الْبَشَرِيَّةُ . نَقُولُ : بِقَضَاءٍ ، وَمَا يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ لِعَقْلٍ قَاصِرٍ أَنْ يَقُولَ لِمَ كَانَ وَلِمَاذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى خِلَافِهِ . نَقُولُ : بِقَدَرٍ . ثُمَّ بَيَّنَ الَّذِينَ خَلَوْا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=39الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) يَعْنِي كَانُوا هُمْ أَيْضًا مِثْلَكَ رُسُلًا ، ثُمَّ ذَكَّرَهُ بِحَالِهِمْ أَنَّهُمْ جَرَّدُوا الْخَشْيَةَ وَوَحَّدُوهَا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=39وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ) فَصَارَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=90فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ) [ الْأَنْعَامِ : 90 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=39وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) أَيْ مُحَاسِبًا فَلَا تَخْشَ غَيْرَهُ أَوْ مَحْسُوبًا فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا تَجْعَلْهُ فِي حِسَابِكَ
[ ص: 185 ]