(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=42وسبحوه بكرة وأصيلا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا )
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=42وسبحوه بكرة وأصيلا ) أي إذا ذكرتموه فينبغي أن يكون ذكركم إياه على وجه
nindex.php?page=treesubj&link=33143التعظيم والتنزيه عن كل سوء ، وهو المراد بالتسبيح وقيل المراد منه الصلاة وقيل للصلاة تسبيحه بكرة وأصيلا إشارة إلى المداومة ; وذلك لأن مريد العموم قد يذكر الطرفين ويفهم منهما الوسط كقوله عليه السلام “
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013580لو أن أولكم وآخركم “ ولم يذكر وسطكم ففهم منه المبالغة في العموم .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما ) يعني هو يصلي عليكم ويرحمكم وأنتم لا تذكرونه فذكر صلاته تحريضا للمؤمنين على الذكر والتسبيح . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43ليخرجكم من الظلمات إلى النور ) يعني يهديكم برحمته ،
nindex.php?page=treesubj&link=34077_24458والصلاة من الله رحمة ، ومن الملائكة استغفار ، فقيل : بأن اللفظ المشترك يجوز استعماله في معنييه معا ، وكذلك الجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ جائز وينسب هذا القول إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه ، وهو غير بعيد فإن أريد تقريبه بحيث يصير في غاية القرب نقول : الرحمة والاستغفار يشتركان في العناية بحال المرحوم والمستغفر له ، والمراد هو القدر المشترك فتكون الدلالة تضمنية لكون العناية جزءا منهما . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43وكان بالمؤمنين رحيما ) بشارة لجميع المؤمنين وإشارة إلى أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43يصلي عليكم ) غير مختص بالسامعين وقت الوحي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=30405تحيتهم يوم يلقونه سلام ) لما بين الله عنايته في الأولى بين عنايته في الآخرة وذكر السلام لأنه هو الدليل على الخيرات ، فإن من لقي غيره وسلم عليه دل على المصافاة بينهما وإن لم يسلم دل على المنافاة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44يوم يلقونه ) أي يوم القيامة ; وذلك لأن الإنسان في دنياه غير مقبل بكليته على الله ، وكيف وهو حالة نومه غافل عنه وفي أكثر أوقاته مشغول بتحصيل رزقه ، وأما في الآخرة فلا شغل لأحد يلهيه عن ذكر الله فهو حقيقة اللقاء .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44وأعد لهم أجرا كريما ) لو قال قائل : الإعداد إنما يكون ممن لا يقدر عند الحاجة إلى الشيء عليه ، وأما الله تعالى فلا حاجة ولا عجز فحيث يلقاه الله يؤتيه ما يرضى به وزيادة ، فما معنى الإعداد من قبل ؟ فنقول : الإعداد للإكرام لا للحاجة وهذا كما أن الملك إذا قيل له فلان واصل ، فإذا أراد إكرامه يهيئ له بيتا وأنواعا من الإكرام ولا يقول : بأنه إذا وصل نفتح باب الخزانة ونؤتيه ما يرضيه ، فكذلك الله لكمال الإكرام أعد للذاكر أجرا كريما والكريم قد ذكرناه في الرزق أي أعد له أجرا يأتيه من غير طلبه بخلاف الدنيا فإنه يطلب الرزق ألف مرة ولا يأتيه إلا بقدر .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44تحيتهم يوم يلقونه سلام ) مناسب لحالهم لأنهم لما ذكروا الله في دنياهم حصل لهم معرفة ، ولما سبحوه تأكدت المعرفة حيث عرفوه كما ينبغي بصفات الجلال ونعوت الكمال والله يعلم حالهم في الدنيا فأحسن إليهم بالرحمة ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43هو الذي يصلي عليكم ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43وكان بالمؤمنين رحيما )
[ ص: 187 ] والمتعارفان إذا التقيا وكان أحدهما شفيقا بالآخر والآخر معظما له غاية التعظيم لا يتحقق بينهما إلا السلام وأنواع الإكرام .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) قد ذكرنا أن السورة فيها تأديب للنبي عليه السلام من ربه فقوله في ابتدائها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=1ياأيها النبي اتق الله ) إشارة إلى ما ينبغي أن يكون عليه مع ربه ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28ياأيها النبي قل لأزواجك ) إشارة إلى ما ينبغي أن يكون عليه مع أهله ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45ياأيها النبي إنا أرسلناك ) إشارة إلى ما ينبغي أن يكون عليه مع عامة الخلق ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45شاهدا ) يحتمل وجوها :
أحدها : أنه شاهد على الخلق يوم القيامة كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [ البقرة : 143 ] وعلى هذا
nindex.php?page=treesubj&link=31037فالنبي بعث شاهدا أي متحملا للشهادة ويكون في الآخرة شهيدا أي مؤديا لما تحمله .
ثانيها : أنه شاهد أن لا إله إلا الله ، وعلى هذا لطيفة وهو أن
nindex.php?page=treesubj&link=31037الله جعل النبي شاهدا على الوحدانية ، والشاهد لا يكون مدعيا ، فالله تعالى لم يجعل النبي في مسألة الوحدانية مدعيا لها لأن المدعي من يقول شيئا على خلاف الظاهر ، والوحدانية أظهر من الشمس ، والنبي عليه السلام كان ادعى النبوة فجعل الله نفسه شاهدا له في مجازاة كونه شاهدا لله فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1والله يعلم إنك لرسوله ) .
وثالثها : أنه شاهد في الدنيا بأحوال الآخرة من الجنة والنار والميزان والصراط ، وشاهد في الآخرة بأحوال الدنيا بالطاعة والمعصية والصلاح والفساد .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45ومبشرا ونذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وداعيا ) فيه ترتيب حسن وذلك من حيث إن النبي عليه السلام أرسل شاهدا بقوله لا إله إلا الله ويرغب في ذلك بالبشارة ، فإن لم يكف ذلك يرهب بالإنذار ثم لا يكتفي بقولهم لا إله إلا الله بل يدعوهم إلى سبيل الله كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=125ادع إلى سبيل ربك ) [ النحل : 125 ] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وسراجا منيرا ) أي مبرهنا على ما يقول مظهرا له بأوضح الحجج وهو المراد بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=125بالحكمة والموعظة الحسنة ) [ النحل : 125 ] .
وفيه لطائف .
إحداها :
nindex.php?page=treesubj&link=34077قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وداعيا إلى الله بإذنه ) حيث لم يقل وشاهدا بإذنه ومبشرا ، وعند الدعاء قال : وداعيا بإذنه ، وذلك لأن من يقول عن ملك إنه ملك الدنيا لا غيره لا يحتاج فيه إلى إذن منه فإنه وصفه بما فيه ، وكذلك إذا قال من يطيعه يسعد ، ومن يعصيه يشقى يكون مبشرا ونذيرا ولا يحتاج إلى إذن من الملك في ذلك ، وأما إذا قال : تعالوا إلى سماطه ، واحضروا على خوانه يحتاج فيه إلى إذنه فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وداعيا إلى الله بإذنه ) .
ووجه آخر وهو أن النبي يقول : إني أدعو إلى الله والولي يدعو إلى الله ، والأول لا إذن له فيه من أحد ، والثاني مأذون من جهة النبي عليه السلام كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=108قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) [ يوسف : 108 ] وقال عليه الصلاة والسلام : “
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013581رحم الله عبدا سمع مقالتي فأداها كما سمعها “ والنبي عليه السلام هو المأذون من الله في الدعاء إليه من غير واسطة .
اللطيفة الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=34077قال في حق النبي عليه السلام ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وسراجا ) ولم يقل إنه شمس مع أنه أشد إضاءة من السراج لفوائد منها : أن الشمس نورها لا يؤخذ منه شيء والسراج يؤخذ منه أنوار كثيرة ، فإذا انطفأ الأول يبقى الذي أخذ منه ، وكذلك إن غاب والنبي عليه السلام كان كذلك ، إذ كل صحابي أخذ منه نور الهداية كما قال عليه السلام : “
أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم “ وفي الخبر لطيفة وإن كانت ليست من التفسير ، ولكن الكلام يجر الكلام وهي أن النبي عليه السلام لم يجعل أصحابه كالسرج وجعلهم كالنجوم ; لأن النجم لا يؤخذ منه نور بل له في نفسه نور إذا غرب هو لا يبقى نور مستفاد منه ، وكذلك الصحابي إذا مات فالتابعي يستنير بنور النبي
[ ص: 188 ] عليه السلام ولا يؤخذ منه إلا قول النبي عليه السلام وفعله ، فأنوار المجتهدين كلهم من النبي عليه السلام ، ولو جعلهم كالسرج والنبي عليه السلام أيضا سراج كان للمجتهد أن يستنير بمن أراد منهم ويأخذ النور ممن اختار ، وليس كذلك فإن مع نص النبي عليه السلام لا يعمل بقول الصحابي فيؤخذ من النبي النور ولا يؤخذ من الصحابي فلم يجعله سراجا ، وهذا يوجب ضعفا في حديث سراج الأمة والمحدثون ذكروه ، وفي تفسير السراج وجه آخر وهو أن المراد منه القرآن وتقديره : إنا أرسلناك ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وسراجا منيرا ) عطفا على محل الكاف أي وأرسلنا سراجا منيرا ، وعلى قولنا إنه عطف على مبشرا ونذيرا يكون معناه : وذا سراج ; لأن الحال لا يكون إلا وصفا للفاعل أو المفعول ، والسراج ليس وصفا لأن النبي عليه السلام لم يكن سراجا حقيقة ، أو يكون كقول القائل : رأيته أسدا أي شجاعا فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وسراجا ) أي هاديا مبينا كالسراج يري الطريق ويبين الأمر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=42وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا )
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=42وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) أَيْ إِذَا ذَكَرْتُمُوهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذِكْرُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى وَجْهِ
nindex.php?page=treesubj&link=33143التَّعْظِيمِ وَالتَّنْزِيهِ عَنْ كُلِّ سُوءٍ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّسْبِيحِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ وَقِيلَ لِلصَّلَاةِ تَسْبِيحُهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا إِشَارَةً إِلَى الْمُدَاوَمَةِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ مُرِيدَ الْعُمُومِ قَدْ يَذْكُرُ الطَّرَفَيْنِ وَيَفْهَمُ مِنْهُمَا الْوَسَطَ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ “
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013580لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ “ وَلَمْ يَذْكُرْ وَسَطَكُمْ فَفُهِمَ مِنْهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْعُمُومِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) يَعْنِي هُوَ يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَيَرْحَمُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَذْكُرُونَهُ فَذَكَرَ صَلَاتَهُ تَحْرِيضًا لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) يَعْنِي يَهْدِيَكُمْ بِرَحْمَتِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=34077_24458وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ رَحْمَةٌ ، وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ ، فَقِيلَ : بِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنَيَيْهِ مَعًا ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي لَفْظٍ جَائِزٍ وَيُنْسَبُ هَذَا الْقَوْلُ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ فَإِنْ أُرِيدَ تَقْرِيبُهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ فِي غَايَةِ الْقُرْبِ نَقُولُ : الرَّحْمَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ يَشْتَرِكَانِ فِي الْعِنَايَةِ بِحَالِ الْمَرْحُومِ وَالْمُسْتَغْفَرِ لَهُ ، وَالْمُرَادُ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ فَتَكُونُ الدَّلَالَةُ تَضَمُّنِيَّةً لِكَوْنِ الْعِنَايَةِ جُزْءًا مِنْهُمَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) بِشَارَةٌ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ) غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالسَّامِعِينَ وَقْتَ الْوَحْيِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=30405تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ) لَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ عِنَايَتَهُ فِي الْأُولَى بَيَّنَ عِنَايَتَهُ فِي الْآخِرَةِ وَذَكَرَ السَّلَامَ لِأَنَّهُ هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى الْخَيْرَاتِ ، فَإِنَّ مَنْ لَقِيَ غَيْرَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى الْمُصَافَاةِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ دَلَّ عَلَى الْمُنَافَاةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي دُنْيَاهُ غَيْرُ مُقْبِلٍ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى اللَّهِ ، وَكَيْفَ وَهُوَ حَالَةَ نَوْمِهِ غَافِلٌ عَنْهُ وَفِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ مَشْغُولٌ بِتَحْصِيلِ رِزْقِهِ ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَلَا شُغْلَ لِأَحَدٍ يُلْهِيهِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ حَقِيقَةُ اللِّقَاءِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ) لَوْ قَالَ قَائِلٌ : الْإِعْدَادُ إِنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى الشَّيْءِ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَلَا حَاجَةَ وَلَا عَجْزَ فَحَيْثُ يَلْقَاهُ اللَّهُ يُؤْتِيهِ مَا يَرْضَى بِهِ وَزِيَادَةً ، فَمَا مَعْنَى الْإِعْدَادِ مِنْ قَبْلُ ؟ فَنَقُولُ : الْإِعْدَادُ لِلْإِكْرَامِ لَا لِلْحَاجَةِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا قِيلَ لَهُ فُلَانٌ وَاصِلٌ ، فَإِذَا أَرَادَ إِكْرَامَهُ يُهَيِّئُ لَهُ بَيْتًا وَأَنْوَاعًا مِنَ الْإِكْرَامِ وَلَا يَقُولُ : بِأَنَّهُ إِذَا وَصَلَ نَفْتَحُ بَابَ الْخِزَانَةِ وَنُؤْتِيهِ مَا يُرْضِيهِ ، فَكَذَلِكَ اللَّهُ لِكَمَالِ الْإِكْرَامِ أَعَدَّ لِلذَّاكِرِ أَجْرًا كَرِيمًا وَالْكِرِيمُ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الرِّزْقِ أَيْ أَعَدَّ لَهُ أَجْرًا يَأْتِيهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبِهِ بِخِلَافِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَطْلُبُ الرِّزْقَ أَلْفَ مَرَّةٍ وَلَا يَأْتِيهِ إِلَّا بِقَدَرٍ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ) مُنَاسِبٌ لِحَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمَّا ذَكَرُوا اللَّهَ فِي دُنْيَاهُمْ حَصَلَ لَهُمْ مَعْرِفَةٌ ، وَلَمَّا سَبَّحُوهُ تَأَكَّدَتِ الْمَعْرِفَةُ حَيْثُ عَرَفُوهُ كَمَا يَنْبَغِي بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَنُعُوتِ الْكَمَالِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ حَالَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ بِالرَّحْمَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا )
[ ص: 187 ] وَالْمُتَعَارِفَانِ إِذَا الْتَقَيَا وَكَانَ أَحَدُهُمَا شَفِيقًا بِالْآخَرِ وَالْآخَرُ مُعَظِّمًا لَهُ غَايَةَ التَّعْظِيمِ لَا يَتَحَقَّقُ بَيْنَهُمَا إِلَّا السَّلَامُ وَأَنْوَاعُ الْإِكْرَامِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ السُّورَةَ فِيهَا تَأْدِيبٌ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ رَبِّهِ فَقَوْلُهُ فِي ابْتِدَائِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=1يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَعَ رَبِّهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=28يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَعَ أَهْلِهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَعَ عَامَّةِ الْخَلْقِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45شَاهِدًا ) يَحْتَمِلُ وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) [ الْبَقَرَةِ : 143 ] وَعَلَى هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=31037فَالنَّبِيُّ بُعِثَ شَاهِدًا أَيْ مُتَحَمِّلًا لِلشَّهَادَةِ وَيَكُونُ فِي الْآخِرَةِ شَهِيدًا أَيْ مُؤَدِّيًا لِمَا تَحَمَّلَهُ .
ثَانِيهَا : أَنَّهُ شَاهِدٌ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَعَلَى هَذَا لَطِيفَةٌ وَهُوَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31037اللَّهَ جَعَلَ النَّبِيَّ شَاهِدًا عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ ، وَالشَّاهِدُ لَا يَكُونُ مُدَّعِيًا ، فَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلِ النَّبِيَّ فِي مَسْأَلَةِ الْوَحْدَانِيَّةِ مُدَّعِيًا لَهَا لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ يَقُولُ شَيْئًا عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ ، وَالْوَحْدَانِيَّةُ أَظْهَرُ مِنَ الشَّمْسِ ، وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ ادَّعَى النُّبُوَّةَ فَجَعَلَ اللَّهُ نَفْسَهُ شَاهِدًا لَهُ فِي مُجَازَاةِ كَوْنِهِ شَاهِدًا لِلَّهِ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ) .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ شَاهِدٌ فِي الدُّنْيَا بِأَحْوَالِ الْآخِرَةِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ ، وَشَاهِدٌ فِي الْآخِرَةِ بِأَحْوَالِ الدُّنْيَا بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَدَاعِيًا ) فِيهِ تَرْتِيبٌ حَسَنٌ وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُرْسِلَ شَاهِدًا بِقَوْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُرَغِّبُ فِي ذَلِكَ بِالْبِشَارَةِ ، فَإِنْ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ يُرْهِبْ بِالْإِنْذَارِ ثُمَّ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بَلْ يَدْعُوهُمْ إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=125ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ ) [ النَّحْلِ : 125 ] ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَسِرَاجًا مُنِيرًا ) أَيْ مُبَرْهِنًا عَلَى مَا يَقُولُ مُظْهِرًا لَهُ بِأَوْضَحِ الْحُجَجِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=125بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) [ النَّحْلِ : 125 ] .
وَفِيهِ لَطَائِفُ .
إِحْدَاهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=34077قَوْلُهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ ) حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَشَاهِدًا بِإِذْنِهِ وَمُبَشِّرًا ، وَعِنْدَ الدُّعَاءِ قَالَ : وَدَاعِيًا بِإِذْنِهِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ عَنْ مَلِكٍ إِنَّهُ مَلِكُ الدُّنْيَا لَا غَيْرُهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى إِذْنٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ وَصَفَهُ بِمَا فِيهِ ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ مَنْ يُطِيعُهُ يَسْعَدُ ، وَمَنْ يَعْصِيهِ يَشْقَى يَكُونُ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ مِنَ الْمَلِكِ فِي ذَلِكَ ، وَأَمَّا إِذَا قَالَ : تَعَالَوْا إِلَى سِمَاطِهِ ، وَاحْضُرُوا عَلَى خِوَانِهِ يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى إِذْنِهِ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ ) .
وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ يَقُولُ : إِنِّي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَالْوَلِيُّ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ ، وَالْأَوَّلُ لَا إِذْنَ لَهُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ ، وَالثَّانِي مَأْذُونٌ مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=108قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) [ يُوسُفَ : 108 ] وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : “
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013581رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا “ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الْمَأْذُونُ مِنَ اللَّهِ فِي الدُّعَاءِ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ .
اللَّطِيفَةُ الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=34077قَالَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَسِرَاجًا ) وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ شَمْسٌ مَعَ أَنَّهُ أَشَدُّ إِضَاءَةً مِنَ السِّرَاجِ لِفَوَائِدَ مِنْهَا : أَنَّ الشَّمْسَ نُورُهَا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ وَالسِّرَاجُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْوَارٌ كَثِيرَةٌ ، فَإِذَا انْطَفَأَ الْأَوَّلُ يَبْقَى الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ إِنْ غَابَ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ كَذَلِكَ ، إِذْ كَلُّ صَحَابِيٍّ أَخَذَ مِنْهُ نُورَ الْهِدَايَةِ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : “
أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ “ وَفِي الْخَبَرِ لَطِيفَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ مِنَ التَّفْسِيرِ ، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ يَجُرُّ الْكَلَامَ وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَجْعَلْ أَصْحَابَهُ كَالسُّرُجِ وَجَعَلَهُمْ كَالنُّجُومِ ; لِأَنَّ النَّجْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نُورٌ بَلْ لَهُ فِي نَفْسِهِ نُورٌ إِذَا غَرَبَ هُوَ لَا يَبْقَى نُورٌ مُسْتَفَادٌ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ الصَّحَابِيُّ إِذَا مَاتَ فَالتَّابِعِيُّ يَسْتَنِيرُ بِنُورِ النَّبِيِّ
[ ص: 188 ] عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلَّا قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِعْلُهُ ، فَأَنْوَارُ الْمُجْتَهِدِينَ كُلِّهِمْ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَوْ جَعَلَهُمْ كَالسُّرُجِ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيْضًا سِرَاجٌ كَانَ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَسْتَنِيرَ بِمَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ وَيَأْخُذَ النُّورَ مِمَّنِ اخْتَارَ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مَعَ نَصِّ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَعْمَلُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ فَيُؤْخَذُ مِنَ النَّبِيِّ النُّورُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنَ الصَّحَابِيِّ فَلَمْ يَجْعَلْهُ سِرَاجًا ، وَهَذَا يُوجِبُ ضَعْفًا فِي حَدِيثِ سِرَاجِ الْأُمَّةِ وَالْمُحَدِّثُونَ ذَكَرُوهُ ، وَفِي تَفْسِيرِ السِّرَاجِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْقُرْآنُ وَتَقْدِيرُهُ : إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَسِرَاجًا مُنِيرًا ) عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ الْكَافِ أَيْ وَأَرْسَلْنَا سِرَاجًا مُنِيرًا ، وَعَلَى قَوْلِنَا إِنَّهُ عُطِفَ عَلَى مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا يَكُونُ مَعْنَاهُ : وَذَا سِرَاجٍ ; لِأَنَّ الْحَالَ لَا يَكُونُ إِلَّا وَصْفًا لِلْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ ، وَالسِّرَاجُ لَيْسَ وَصْفًا لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ سِرَاجًا حَقِيقَةً ، أَوْ يَكُونُ كَقَوْلِ الْقَائِلِ : رَأَيْتُهُ أَسَدًا أَيْ شُجَاعًا فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَسِرَاجًا ) أَيْ هَادِيًا مُبَيِّنًا كَالسِّرَاجِ يُرِي الطَّرِيقَ وَيُبَيِّنُ الْأَمْرَ .