(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم )
ثم بين أن هذه النعمة التي يستحق الله بها الحمد وهي نعمة الآخرة أنكرها قوم فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم ) .
أخبر بإتيانها وأكده باليمين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري رحمه الله : لو قال قائل : كيف يصح التأكيد باليمين مع أنهم يقولون : لا رب وإن كانوا يقولون به ، لكن المسألة الأصولية لا تثبت باليمين ؟ وأجاب عنه بأنه لم يقتصر على اليمين بل ذكر الدليل وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) وبيان كونه دليلا هو أن المسيء قد يبقى في الدنيا مدة مديدة في اللذات العاجلة ويموت عليها ، والمحسن قد يدوم في دار الدنيا في الآلام الشديدة مدة ويموت فيها ، فلولا دار تكون الأجزية فيها لكان الأمر على خلاف الحكمة ، والذي أقوله أنا هو أن الدليل المذكور في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة ) أظهر ، وذلك لأنه إذا كان عالما بجميع الأشياء يعلم أجزاء الأحياء ويقدر على جمعها فالساعة ممكنة القيام ، وقد أخبر عنها الصادق فتكون واقعة ، وعلى هذا فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3في السماوات ولا في الأرض ) فيه لطيفة وهي أن الإنسان له جسم وروح ، والأجسام أجزاؤها في الأرض ، والأرواح في السماء فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ) إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=28781علمه بالأرواح وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3ولا في الأرض ) إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=28781علمه بالأجسام ، وإذا علم الأرواح والأشباح وقدر على جمعها لا يبقى استبعاد في المعاد . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3ولا أصغر من ذلك ) إشارة إلى أن ذكر مثقال الذرة ليس للتحديد بل الأصغر منه لا يعزب ، وعلى هذا فلو قال قائل فأي حاجة إلى ذكر الأكبر ، فإن من علم الأصغر من الذرة لا بد من أن يعلم الأكبر ؟ فنقول : لما كان الله تعالى أراد بيان
nindex.php?page=treesubj&link=28782إثبات الأمور في الكتاب ، فلو اقتصر على الأصغر لتوهم متوهم أنه يثبت الصغائر ، لكونها محل النسيان ، أما الأكبر فلا ينسى فلا حاجة إلى إثباته ، فقال : الإثبات
[ ص: 209 ] في الكتاب ليس كذلك فإن الأكبر أيضا مكتوب فيه ، ثم لما بين
nindex.php?page=treesubj&link=28781علمه بالصغائر والكبائر ذكر أن جمع ذلك وإثباته للجزاء فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم ) ذكر فيهم أمرين : الإيمان والعمل الصالح ، وذكر لهم أمرين : المغفرة والرزق الكريم ،
nindex.php?page=treesubj&link=29680_29674فالمغفرة جزاء الإيمان فكل مؤمن مغفور له ويدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ النساء : 48 ] وقوله عليه السلام فيما أخبرنا به
تاج الدين عيسى بن أحمد ابن الحاكم البندهي قال : أخبرني والدي عن جدي عن محيي السنة عن
عبد الواحد المليجي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15420أحمد بن عبد الله النعيمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14898محمد بن يوسف الفربري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل البخاري "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013586يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من إيمان " والرزق الكريم من العمل الصالح وهو مناسب فإن من عمل لسيد كريم عملا ، فعند فراغه من العمل لا بد من أن ينعم عليه إنعاما ويطعمه طعاما ، ووصف الرزق بالكريم قد ذكرنا أنه بمعنى ذي كرم أو مكرم ، أو لأنه يأتي من غير طلب بخلاف رزق الدنيا ، فإنه ما لم يطلب ويتسبب فيه لا يأتي ، وفي التفسير مسائل :
المسألة الأولى : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29005_29680أولئك لهم مغفرة ورزق كريم ) يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون لهم ذلك جزاء فيوصله إليهم لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4ليجزي الذين آمنوا ) .
وثانيهما : أن يكون ذلك لهم والله يجزيهم بشيء آخر لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4أولئك لهم ) جملة تامة اسمية ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4ليجزي الذين آمنوا ) جملة فعلية مستقلة ، وهذا أبلغ في البشارة من قول القائل : ليجزي الذين آمنوا رزقا .
المسألة الثانية : اللام في ليجزي للتعليل ، معناه الآخرة للجزاء ، فإن قال قائل : فما وجه المناسبة ؟ فنقول : الله تعالى أراد أن لا ينقطع ثوابه فجعل للمكلف دارا باقية ليكون ثوابه واصلا إليه دائما أبدا ، وجعل قبلها دارا فيها الآلام والأسقام وفيها الموت ليعلم المكلف مقدار ما يكون فيه في الآخرة إذا نسبه إلى ما قبلها وإذا نظر إليه في نفسه .
المسألة الثالثة : ميز الرزق بالوصف بقوله : "كريم" ولم يصف المغفرة واحدة هي للمؤمنين والرزق منه شجرة الزقوم والحميم ، ومنه الفواكه والشراب الطهور ، فميز الرزق لحصول الانقسام فيه ، ولم يميز المغفرة لعدم الانقسام فيها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ )
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ النِّعْمَةَ الَّتِي يَسْتَحِقُّ اللَّهُ بِهَا الْحَمْدَ وَهِيَ نِعْمَةُ الْآخِرَةِ أَنْكَرَهَا قَوْمٌ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) .
أَخْبَرَ بِإِتْيَانِهَا وَأَكَّدَهُ بِالْيَمِينِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَوْ قَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ يَصِحُّ التَّأْكِيدُ بِالْيَمِينِ مَعَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : لَا رَبَّ وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ بِهِ ، لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُصُولِيَّةَ لَا تَثْبُتُ بِالْيَمِينِ ؟ وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْيَمِينِ بَلْ ذَكَرَ الدَّلِيلَ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) وَبَيَانُ كَوْنِهِ دَلِيلًا هُوَ أَنَّ الْمُسِيءَ قَدْ يَبْقَى فِي الدُّنْيَا مُدَّةً مَدِيدَةً فِي اللَّذَّاتِ الْعَاجِلَةِ وَيَمُوتُ عَلَيْهَا ، وَالْمُحْسِنُ قَدْ يَدُومُ فِي دَارِ الدُّنْيَا فِي الْآلَامِ الشَّدِيدَةِ مُدَّةً وَيَمُوتُ فِيهَا ، فَلَوْلَا دَارٌ تَكُونُ الْأَجْزِيَةُ فِيهَا لَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ الْحِكْمَةِ ، وَالَّذِي أَقُولُهُ أَنَا هُوَ أَنَّ الدَّلِيلَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ ) أَظْهَرُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ يَعْلَمُ أَجْزَاءَ الْأَحْيَاءِ وَيَقْدِرُ عَلَى جَمْعِهَا فَالسَّاعَةُ مُمْكِنَةُ الْقِيَامِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْهَا الصَّادِقُ فَتَكُونُ وَاقِعَةً ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ) فِيهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَهُ جِسْمٌ وَرُوحٌ ، وَالْأَجْسَامُ أَجْزَاؤُهَا فِي الْأَرْضِ ، وَالْأَرْوَاحُ فِي السَّمَاءِ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ ) إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28781عِلْمِهِ بِالْأَرْوَاحِ وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وَلَا فِي الْأَرْضِ ) إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28781عِلْمِهِ بِالْأَجْسَامِ ، وَإِذَا عَلِمَ الْأَرْوَاحَ وَالْأَشْبَاحَ وَقَدَرَ عَلَى جَمْعِهَا لَا يَبْقَى اسْتِبْعَادٌ فِي الْمَعَادِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ ذِكْرَ مِثْقَالِ الذَّرَّةِ لَيْسَ لِلتَّحْدِيدِ بَلِ الْأَصْغَرُ مِنْهُ لَا يَعْزُبُ ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ فَأَيُّ حَاجَةٍ إِلَى ذِكْرِ الْأَكْبَرِ ، فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ الْأَصْغَرَ مِنَ الذَّرَّةِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْلَمَ الْأَكْبَرَ ؟ فَنَقُولُ : لَمَّا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى أَرَادَ بَيَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=28782إِثْبَاتِ الْأُمُورِ فِي الْكِتَابِ ، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَصْغَرِ لَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ يُثْبِتُ الصَّغَائِرَ ، لِكَوْنِهَا مَحَلَّ النِّسْيَانِ ، أَمَّا الْأَكْبَرُ فَلَا يُنْسَى فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِثْبَاتِهِ ، فَقَالَ : الْإِثْبَاتُ
[ ص: 209 ] فِي الْكِتَابِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْأَكْبَرَ أَيْضًا مَكْتُوبٌ فِيهِ ، ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28781عِلْمَهُ بِالصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ ذَكَرَ أَنَّ جَمْعَ ذَلِكَ وَإِثْبَاتَهُ لِلْجَزَاءِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) ذَكَرَ فِيهِمْ أَمْرَيْنِ : الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ ، وَذَكَرَ لَهُمْ أَمْرَيْنِ : الْمَغْفِرَةَ وَالرِّزْقَ الْكَرِيمَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29680_29674فَالْمَغْفِرَةُ جَزَاءُ الْإِيمَانِ فَكُلُّ مُؤْمِنٍ مَغْفُورٌ لَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) [ النِّسَاءِ : 48 ] وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا أَخْبَرَنَا بِهِ
تَاجُ الدِّينِ عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ ابْنِ الْحَاكِمِ الْبَنْدَهِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي وَالِدِي عَنْ جَدِّي عَنْ مُحْيِي السُّنَّةِ عَنْ
عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَلِيجِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15420أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14898مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرَبْرِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12070مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013586يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ " وَالرِّزْقُ الْكَرِيمُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ فَإِنَّ مَنْ عَمِلَ لِسَيِّدٍ كَرِيمٍ عَمَلًا ، فَعِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْعَمَلِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُنْعِمَ عَلَيْهِ إِنْعَامًا وَيُطْعِمَهُ طَعَامًا ، وَوَصْفُ الرِّزْقِ بِالْكَرِيمِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ بِمَعْنَى ذِي كَرَمٍ أَوْ مُكْرِمٍ ، أَوْ لِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ بِخِلَافِ رِزْقِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّهُ مَا لَمْ يَطْلُبْ وَيَتَسَبَّبْ فِيهِ لَا يَأْتِي ، وَفِي التَّفْسِيرِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29005_29680أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ لَهُمْ ذَلِكَ جَزَاءً فَيُوصِلُهُ إِلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا ) .
وَثَانِيهِمَا : أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُمْ وَاللَّهُ يَجْزِيهِمْ بِشَيْءٍ آخَرَ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4أُولَئِكَ لَهُمْ ) جُمْلَةٌ تَامَّةٌ اسْمِيَّةٌ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=4لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا ) جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ ، وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْبِشَارَةِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا رِزْقًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اللَّامُ فِي لِيَجْزِيَ لِلتَّعْلِيلِ ، مَعْنَاهُ الْآخِرَةُ لِلْجَزَاءِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ ؟ فَنَقُولُ : اللَّهُ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ ثَوَابُهُ فَجَعَلَ لِلْمُكَلَّفِ دَارًا بَاقِيَةً لِيَكُونَ ثَوَابُهُ وَاصِلًا إِلَيْهِ دَائِمًا أَبَدًا ، وَجَعَلَ قَبْلَهَا دَارًا فِيهَا الْآلَامُ وَالْأَسْقَامُ وَفِيهَا الْمَوْتُ لِيَعْلَمَ الْمُكَلَّفُ مِقْدَارَ مَا يَكُونُ فِيهِ فِي الْآخِرَةِ إِذَا نَسَبَهُ إِلَى مَا قَبْلَهَا وَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ فِي نَفْسِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : مَيَّزَ الرِّزْقَ بِالْوَصْفِ بِقَوْلِهِ : "كَرِيمٌ" وَلَمْ يَصِفِ الْمَغْفِرَةَ وَاحِدَةً هِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالرِّزْقُ مِنْهُ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ وَالْحَمِيمُ ، وَمِنْهُ الْفَوَاكِهُ وَالشَّرَابُ الطَّهُورُ ، فَمَيَّزَ الرِّزْقَ لِحُصُولِ الِانْقِسَامِ فِيهِ ، وَلَمْ يُمَيَّزِ الْمَغْفِرَةَ لِعَدَمِ الِانْقِسَامِ فِيهَا .