(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
[ ص: 69 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=59إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=59إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون )
اعلم أنا بينا أن الكلام في أول هذه السورة إنما ابتدئ ردا على الذين يجادلون في آيات الله ، واتصل البعض بالبعض وامتد على الترتيب الذي لخصناه ، والنسق الذي كشفنا عنه إلى هذا الموضع ، ثم إنه تعالى نبه في هذه الآية على الداعية التي تحمل أولئك الكفار على تلك المجادلة ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان ) إنما يحملهم على هذا الجدال الباطل كبر في صدرهم فذلك الكبر هو الذي يحملهم على هذا الجدال الباطل ، وذلك الكبر هو أنهم لو سلموا نبوتك لزمهم أن يكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك ؛ لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة وفي صدورهم كبر لا يرضون أن يكونوا في خدمتك ، فهذا هو الذي يحملهم على هذه المجادلات الباطلة والمخاصمات الفاسدة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56ما هم ببالغيه ) يعني أنهم يريدون أن يكونوا تحت يدك ولا يصلون إلى هذا المراد ، بل لا بد وأن يصيروا تحت أمرك ونهيك ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56فاستعذ بالله ) أي فالتجئ إليه من كيد من يجادلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إنه هو السميع ) بما يقولون ، أو تقول (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56البصير ) بما تعمل ويعملون ، فهو يجعلك نافذ الحكم عليهم ويصونك عن مكرهم وكيدهم .
واعلم أنه تعالى لما وصف جدالهم في آيات الله بأنه بغير سلطان ولا حجة ذكر لهذا مثالا ، فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ) والقادر على الأكبر قادر على الأصغر لا محالة ، وتقرير هذا الكلام أن الاستدلال بالشيء على غيره على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يقال لما قدر على الأضعف وجب أن يقدر على الأقوى وهذا فاسد . وثانيها : أن يقال لما قدر على الشيء قدر على مثله ، فهذا استدلال حق لما ثبت في العقول أن حكم الشيء حكم مثله ، وثالثها : أن يقال : لما قدر على الأقوى الأكمل فبأن يقدر على الأقل الأرذل كان أولى ، وهذا الاستدلال في غاية الصحة والقوة ولا يرتاب فيه عاقل البتة ، ثم إن هؤلاء القوم يسلمون أن خالق السماوات والأرض هو الله سبحانه وتعالى ، ويعلمون بالضرورة أن : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ) وكان من حقهم أن يقروا بأن القادر على خلق السماوات والأرض يكون قادرا على إعادة الإنسان الذي خلقه أولا ، فهذا برهان جلي في إفادة هذا المطلوب ، ثم إن هذا البرهان على قوته صار بحيث لا يعرفه أكثر الناس ، والمراد منهم الذين ينكرون الحشر والنشر ، فظهر بهذا المثال أن هؤلاء الكفار يجادلون في آيات الله بغير سلطان ولا حجة ، بل بمجرد الحسد والجهل والكبر والتعصب ، ولما بين
[ ص: 70 ] الله تعالى أن
nindex.php?page=treesubj&link=19153_19154الجدال المقرون بالكبر والحسد والجهل كيف يكون ؟ وأن
nindex.php?page=treesubj&link=19154الجدال المقرون بالحجة والبرهان كيف يكون ، نبه تعالى على الفرق بين البابين بذكر المثال فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وما يستوي الأعمى والبصير ) يعني وما يستوي المستدل والجاهل المقلد ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء ) فالمراد بالأول التفاوت بين العالم والجاهل ، والمراد بالثاني التفاوت بين الآتي بالأعمال الصالحة وبين الآتي بالأعمال الفاسدة الباطلة ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58قليلا ما تتذكرون ) يعني أنهم وإن كانوا يعلمون أن العلم خير من الجهل ، وأن العمل الصالح خير من العمل الفاسد ، إلا أنه قليلا ما تتذكرون في النوع المعين من الاعتقاد أنه علم أو جهل ، والنوع المعين من العمل أنه عمل صالح أو فاسد ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=18739_18732الحسد يعمي قلوبهم ، فيعتقدون في الجهل والتقليد أنه محض المعرفة ، وفي الحسد والحقد والكبر أنه محض الطاعة ، فهذا هو المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58قليلا ما تتذكرون ) قرأ
عاصم وحمزة والكسائي " تتذكرون " بالتاء على الخطاب ، أي قل لهم قليلا ما تتذكرون ، والباقون بالياء على الغيبة .
ولما قرر الدليل الدال على إمكان وجود يوم القيامة ، أردفه بأن أخبر عن وقوعها ودخولها في الوجود ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=59إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) والمراد بأكثر الناس الكفار الذين ينكرون البعث والقيامة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )
[ ص: 69 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=59إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=59إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ )
اعْلَمْ أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْكَلَامَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ إِنَّمَا ابْتُدِئَ رَدًّا عَلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ ، وَاتَّصَلَ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ وَامْتَدَّ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي لَخَّصْنَاهُ ، وَالنَّسَقِ الَّذِي كَشَفْنَا عَنْهُ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى نَبَّهَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الدَّاعِيَةِ الَّتِي تَحْمِلُ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ عَلَى تِلْكَ الْمُجَادَلَةِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ ) إِنَّمَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى هَذَا الْجِدَالِ الْبَاطِلِ كِبْرٌ فِي صَدْرِهِمْ فَذَلِكَ الْكِبْرُ هُوَ الَّذِي يَحْمِلُهُمْ عَلَى هَذَا الْجِدَالِ الْبَاطِلِ ، وَذَلِكَ الْكِبْرُ هُوَ أَنَّهُمْ لَوْ سَلَّمُوا نَبُوَّتَكَ لَزِمَهُمْ أَنْ يَكُونُوا تَحْتَ يَدِكَ وَأَمْرِكَ وَنَهْيِكَ ؛ لِأَنَّ النُّبُوَّةَ تَحْتَهَا كُلُّ مُلْكٍ وَرِيَاسَةٍ وَفِي صُدُورِهِمْ كِبْرٌ لَا يَرْضَوْنَ أَنْ يَكُونُوا فِي خِدْمَتِكَ ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَحْمِلُهُمْ عَلَى هَذِهِ الْمُجَادَلَاتِ الْبَاطِلَةِ وَالْمُخَاصِمَاتِ الْفَاسِدَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ) يَعْنِي أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا تَحْتَ يَدِكَ وَلَا يَصِلُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَادِ ، بَلْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَصِيرُوا تَحْتَ أَمْرِكَ وَنَهْيِكَ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ) أَيْ فَالْتَجِئْ إِلَيْهِ مِنْ كَيْدِ مَنْ يُجَادِلُكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ ) بِمَا يَقُولُونَ ، أَوْ تَقُولُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56الْبَصِيرُ ) بِمَا تَعْمَلُ وَيَعْمَلُونَ ، فَهُوَ يَجْعَلُكَ نَافِذَ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ وَيَصُونُكَ عَنْ مَكْرِهِمْ وَكَيْدِهِمْ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَصَفَ جِدَالَهُمْ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِأَنَّهُ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ وَلَا حُجَّةٍ ذَكَرَ لِهَذَا مِثَالًا ، فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ) وَالْقَادِرُ عَلَى الْأَكْبَرِ قَادِرٌ عَلَى الْأَصْغَرِ لَا مَحَالَةَ ، وَتَقْرِيرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالشَّيْءِ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ يُقَالَ لَمَّا قَدَرَ عَلَى الْأَضْعَفِ وَجَبَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْأَقْوَى وَهَذَا فَاسِدٌ . وَثَانِيهَا : أَنْ يُقَالَ لَمَّا قَدَرَ عَلَى الشَّيْءِ قَدَرَ عَلَى مِثْلِهِ ، فَهَذَا اسْتِدْلَالٌ حَقٌّ لِمَا ثَبَتَ فِي الْعُقُولِ أَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ حُكْمُ مِثْلِهِ ، وَثَالِثُهَا : أَنْ يُقَالَ : لَمَّا قَدَرَ عَلَى الْأَقْوَى الْأَكْمَلِ فَبِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْأَقَلِّ الْأَرْذَلِ كَانَ أَوْلَى ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَالْقُوَّةِ وَلَا يَرْتَابُ فِيهِ عَاقِلٌ الْبَتَّةَ ، ثُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ يُسَلِّمُونَ أَنَّ خَالِقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَيَعْلَمُونَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ) وَكَانَ مِنْ حَقِّهِمْ أَنْ يُقِرُّوا بِأَنَّ الْقَادِرَ عَلَى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَكُونُ قَادِرًا عَلَى إِعَادَةِ الْإِنْسَانِ الَّذِي خَلَقَهُ أَوَّلًا ، فَهَذَا بُرْهَانٌ جَلِيٌّ فِي إِفَادَةِ هَذَا الْمَطْلُوبِ ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْبُرْهَانَ عَلَى قُوَّتِهِ صَارَ بِحَيْثُ لَا يَعْرِفُهُ أَكْثَرُ النَّاسِ ، وَالْمُرَادُ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْحَشْرَ وَالنَّشْرَ ، فَظَهَرَ بِهَذَا الْمِثَالِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ وَلَا حُجَّةٍ ، بَلْ بِمُجَرَّدِ الْحَسَدِ وَالْجَهْلِ وَالْكِبْرِ وَالتَّعَصُّبِ ، وَلَمَّا بَيَّنَ
[ ص: 70 ] اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19153_19154الْجِدَالَ الْمَقْرُونَ بِالْكِبْرِ وَالْحَسَدِ وَالْجَهْلِ كَيْفَ يَكُونُ ؟ وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19154الْجِدَالَ الْمَقْرُونَ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ كَيْفَ يَكُونُ ، نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِذِكْرِ الْمِثَالِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ) يَعْنِي وَمَا يَسْتَوِي الْمُسْتَدِلُّ وَالْجَاهِلُ الْمُقَلِّدُ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ) فَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ ، وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْآتِي بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَبَيْنَ الْآتِي بِالْأَعْمَالِ الْفَاسِدَةِ الْبَاطِلَةِ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ ) يَعْنِي أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْعِلْمَ خَيْرٌ مِنَ الْجَهْلِ ، وَأَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ الْفَاسِدِ ، إِلَّا أَنَّهُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ فِي النَّوْعِ الْمُعَيَّنِ مِنَ الِاعْتِقَادِ أَنَّهُ عِلْمٌ أَوْ جَهْلٌ ، وَالنَّوْعُ الْمُعَيَّنُ مِنَ الْعَمَلِ أَنَّهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أَوْ فَاسِدٌ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18739_18732الْحَسَدَ يُعْمِي قُلُوبَهُمْ ، فَيَعْتَقِدُونَ فِي الْجَهْلِ وَالتَّقْلِيدِ أَنَّهُ مَحْضُ الْمَعْرِفَةِ ، وَفِي الْحَسَدِ وَالْحِقْدِ وَالْكِبْرِ أَنَّهُ مَحْضُ الطَّاعَةِ ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ ) قَرَأَ
عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ " تَتَذَكَّرُونَ " بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ ، أَيْ قُلْ لَهُمْ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ ، وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ عَلَى الْغَيْبَةِ .
وَلَمَّا قَرَّرَ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى إِمْكَانِ وُجُودِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، أَرْدَفَهُ بِأَنْ أَخْبَرَ عَنْ وُقُوعِهَا وَدُخُولِهَا فِي الْوُجُودِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=59إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ) وَالْمُرَادُ بِأَكْثَرِ النَّاسِ الْكُفَّارُ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ وَالْقِيَامَةَ .