(
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=20حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=22وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=23وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=20حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=22وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=23وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين )
واعلم أنه تعالى لما بين كيفية عقوبة أولئك الكفار في الدنيا أردفه بكيفية عقوبتهم في الآخرة ، ليحصل منه تمام الاعتبار في الزجر والتحذير ، وقرأ
نافع " نحشر " بالنون " أعداء " بالنصب أضاف الحشر إلى نفسه ، والتقدير يحشر الله عز وجل أعداءه الكفار من الأولين والآخرين ، وحجته أنه معطوف على قوله : ( ونجينا ) [ فصلت : 18 ] فيحسن أن يكون على وفقه في اللفظ ، ويقويه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=85يوم نحشر المتقين ) ( وحشرناهم ) وأما الباقون
[ ص: 100 ] فقرءوا على فعل ما لم يسم فاعله ؛ لأن قصة
ثمود قد تمت ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19ويوم يحشر ) ابتداء كلام آخر ، وأيضا الحاشرون لهم هم المأمورون بقوله : ( احشروا ) [ الصافات : 22 ] وهم الملائكة ، وأيضا إن هذه القراءة موافقة لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19فهم يوزعون ) وأيضا فتقدير القراءة الأولى أن الله تعالى قال : " ويوم نحشر أعداء الله إلى النار " فكان الأولى على هذا التقدير أن يقال : ويوم نحشر أعداءنا إلى النار .
واعلم أنه تعالى لما ذكر أن
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30351أعداء الله يحشرون إلى النار قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19فهم يوزعون ) أي يحبس أولهم على آخرهم ، أي يوقف سوابقهم حتى يصل إليهم تواليهم ، والمقصود بيان أنهم إذا اجتمعوا سألوا عن أعمالهم .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=20حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : التقدير حتى إذا جاءونا شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم ، وعلى هذا التقدير فكلمة " ما " صلة ، وقيل فيها فائدة زائدة وهي تأكيد أن عند مجيئهم لا بد وأن تحصل هذه الشهادة كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=51أثم إذا ما وقع آمنتم به ) [ يونس : 51 ] أي لا بد لوقت وقوعه من أن يكون وقت إيمانهم به .
المسألة الثانية : روي أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013665العبد يقول يوم القيامة : يا رب العزة ألست قد وعدتني أن لا تظلمني ، فيقول الله تعالى : فإن لك ذلك ، فيقول العبد إني لا أقبل على نفسي شاهدا إلا من نفسي ، فيختم الله على فيه وينطق أعضاءه بالأعمال التي صدرت منه ، فذلك قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=20شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم ) .
واختلف الناس في كيفية الشهادة ، وفيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه تعالى يخلق الفهم والقدرة والنطق فيها فتشهد كما يشهد الرجل على ما يعرفه .
والثاني : أنه تعالى يخلق في تلك الأعضاء الأصوات والحروف الدالة على تلك المعاني كما خلق الكلام في الشجرة .
والثالث : أن يظهر تلك الأعضاء أحوالا تدل على صدور تلك الأعمال من ذلك الإنسان ، وتلك الأمارات تسمى شهادات ، كما يقال يشهد هذا العالم بتغيرات أحواله على حدوثه ، واعلم أن هذه المسألة صعبة على
المعتزلة .
أما القول الأول : فهو صعب على مذهبهم ؛ لأن البنية عندهم شرط لحصول العقل والقدرة ، فاللسان مع كونه لسانا يمتنع أن يكون محلا للعلم والعقل ، فإن غير الله تعالى تلك البنية والصورة خرج عن كونه لسانا وجلدا ، وظاهر الآية يدل على إضافة تلك الشهادة إلى السمع والبصر والجلود ، فإن قلنا : إن الله تعالى ما غير بنية هذه الأعضاء فحينئذ يمتنع عليها كونها ناطقة فاهمة ، وأما القول الثاني : وهو أن يقال : إن الله تعالى خلق هذه الأصوات والحروف في هذه الأعضاء ، وهذا أيضا باطل على أصول
المعتزلة ؛ لأن مذهبهم أن المتكلم هو الذي فعل الكلام ، لا ما كان موصوفا بالكلام ، فإنهم يقولون : إن الله تعالى خلق الكلام في الشجرة ، وكان المتكلم بذلك الكلام هو الله تعالى لا الشجرة ، فههنا لو قلنا : إن الله خلق الأصوات والحروف في تلك الأعضاء لزم أن يكون الشاهد هو الله تعالى لا تلك ، ولزم أن يكون المتكلم بذلك الكلام هو الله لا تلك الأعضاء ، وظاهر القرآن يدل على أن تلك الشهادة شهادة صدرت من تلك الأعضاء لا من الله تعالى ؛ لأنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=20شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم ) وأيضا أنهم قالوا لتلك الأعضاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21لم شهدتم علينا ) فقالت الأعضاء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ) وكل هذه الآيات دالة على أن المتكلم بتلك الكلمات هي تلك الأعضاء ، وأن تلك الكلمات ليست كلام الله تعالى ، فهذا توجيه الإشكال على هذين القولين .
وأما القول الثالث : وهو تفسير هذه الشهادة بظهور أمارات مخصوصة على هذه الأعضاء دالة على صدور تلك الأعمال منهم ، فهذا عدول عن الحقيقة إلى المجاز والأصل عدمه ، فهذا
[ ص: 101 ] منتهى الكلام في هذا البحث ، أما على مذهب أصحابنا فهذا الإشكال غير لازم ؛ لأن عندنا البنية ليست شرطا للحياة ولا للعلم ولا للقدرة ، فالله تعالى قادر على خلق العقل والقدرة والنطق في كل جزء من أجزاء هذه الأعضاء ، وعلى هذا التقدير فالإشكال زائل وهذه الآية يحسن التمسك بها في بيان أن البنية ليست شرطا للحياة ، ولا لشيء من الصفات المشروطة بالحياة ، والله أعلم .
المسألة الثالثة : ما رأيت للمفسرين في تخصيص هذه الأعضاء الثلاثة بالذكر سببا وفائدة ، وأقول لا شك أن الحواس خمسة السمع والبصر والشم والذوق واللمس ، ولا شك أن آلة اللمس هي الجلد ، فالله تعالى ذكر ههنا من الحواس وهي السمع والبصر واللمس ، وأهمل ذكر نوعين : وهما الذوق والشم ؛ لأن الذوق داخل في اللمس من بعض الوجوه ؛ لأن إدراك الذوق إنما يتأتى بأن تصير جلدة اللسان والحنك مماسة لجرم الطعام ، فكان هذا داخلا فيه فبقي حس الشم وهو حس ضعيف في الإنسان ، وليس لله فيه تكليف ولا أمر ولا نهي ، إذا عرفت هذا فنقول : نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : المراد من شهادة الجلود شهادة الفروج قال : وهذا من باب الكنايات كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235ولكن لا تواعدوهن سرا ) [ البقرة : 235 ] وأراد النكاح ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أو جاء أحد منكم من الغائط ) [ النساء : 43 ] والمراد قضاء الحاجة .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013666 " nindex.php?page=treesubj&link=30359أول ما يتكلم من الآدمي فخذه وكفه " وعلى هذا التقدير فتكون هذه الآية وعيدا شديدا في الإتيان بالزنا ؛ لأن مقدمة الزنا إنما تحصل بالكف ، ونهاية الأمر فيها إنما تحصل بالفخذ .
ثم حكى الله تعالى أنهم يقولون لتلك الأعضاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ) ومعناه أن القادر على خلقكم وإنطاقكم في المرة الأولى حالما كنتم في الدنيا ثم على خلقكم وإنطاقكم في المرة الثانية وهي حال القيامة والبعث يستبعد منه إنطاق الجوارح والأعضاء ؟
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=22وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ) والمعنى إثبات أنهم كانوا يستترون عند الإقدام على الأعمال القبيحة ، إلا أن استتارهم ما كان لأجل خوفهم من أن يشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم وذلك لأنهم كانوا منكرين للبعث والقيامة ، ولكن ذلك الاستتار لأجل أنهم كانوا يظنون أن الله لا يعلم الأعمال التي يقدمون عليها على سبيل الخفية والاستتار .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013667عن ابن مسعود قال : كنت مستترا بأستار الكعبة فدخل ثلاثة نفر علي ثقفيان وقرشي فقال أحدهم : أترون الله يسمع ما تقولون ؟ فقال الرجلان إذا سمعنا أصواتنا سمع وإلا لم يسمع . فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل ( nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=22وما كنتم تستترون ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=23وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ) وهذا نص صريح في أن
nindex.php?page=treesubj&link=18794_28781من ظن بالله تعالى أنه يخرج شيء من المعلومات عن علمه فإنه يكون من الهالكين الخاسرين ، قال أهل التحقيق : الظن قسمان ظن حسن بالله تعالى وظن فاسد ، أما الظن الحسن فهو أن يظن به الرحمة والفضل ، قال صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله عز وجل : " أنا
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013668عند ظن عبدي بي " وقال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013669nindex.php?page=treesubj&link=20002لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله " ، والظن القبيح فاسد وهو أن يظن بالله أنه يعزب عن علمه بعض هذه الأحوال ، وقال
قتادة : الظن نوعان ظن منج وظن مرد ، فالمنجي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=20إني ظننت أني ملاق حسابيه ) [ الحاقة : 20 ] وقوله :
[ ص: 102 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=46الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) [ البقرة : 46 ] ، وأما الظن المردي فهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=23وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ) قال صاحب " الكشاف " : " وذلكم " رفع بالابتداء " وظنكم " و " أرداكم " خبران ويجوز أن يكون ظنكم بدلا من ذالكم وأرداكم الخبر .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24فإن يصبروا فالنار مثوى لهم ) يعني إن أمسكوا عن الاستغاثة لفرج ينتظرونه لم يجدوا ذلك وتكون النار مثوى لهم أي مقاما لهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين ) أي لم يعطوا العتبى ، ولم يجابوا إليها ، ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ) [ إبراهيم : 21 ] وقرئ : وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين أي : إن يسألوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون أي لا سبيل لهم إلى ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=20حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=22وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=23وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=20حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=22وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=23وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ )
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ عُقُوبَةِ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا أَرْدَفَهُ بِكَيْفِيَّةِ عُقُوبَتِهِمْ فِي الْآخِرَةِ ، لِيَحْصُلَ مِنْهُ تَمَامُ الِاعْتِبَارِ فِي الزَّجْرِ وَالتَّحْذِيرِ ، وَقَرَأَ
نَافِعٌ " نَحْشُرُ " بِالنُّونِ " أَعْدَاءَ " بِالنَّصْبِ أَضَافَ الْحَشْرَ إِلَى نَفْسِهِ ، وَالتَّقْدِيرُ يَحْشُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْدَاءَهُ الْكُفَّارَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، وَحُجَّتُهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ : ( وَنَجَّيْنَا ) [ فُصِّلَتْ : 18 ] فَيَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَفْقِهِ فِي اللَّفْظِ ، وَيُقَوِّيهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=85يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ ) ( وَحَشَرْنَاهُمْ ) وَأَمَّا الْبَاقُونَ
[ ص: 100 ] فَقَرَءُوا عَلَى فِعْلِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ؛ لِأَنَّ قِصَّةَ
ثَمُودَ قَدْ تَمَّتْ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19وَيَوْمَ يُحْشَرُ ) ابْتِدَاءُ كَلَامٍ آخَرَ ، وَأَيْضًا الْحَاشِرُونَ لَهُمْ هُمُ الْمَأْمُورُونَ بِقَوْلِهِ : ( احْشُرُوا ) [ الصَّافَّاتِ : 22 ] وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَأَيْضًا إِنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ مُوَافِقَةٌ لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19فَهُمْ يُوزَعُونَ ) وَأَيْضًا فَتَقْدِيرُ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : " وَيَوْمَ نَحْشُرُ أَعْدَاءَ اللَّهِ إِلَى النَّارِ " فَكَانَ الْأَوْلَى عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَنْ يُقَالَ : وَيَوْمَ نَحْشُرُ أَعْدَاءَنَا إِلَى النَّارِ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30351أَعْدَاءَ اللَّهِ يُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19فَهُمْ يُوزَعُونَ ) أَيْ يُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ ، أَيْ يُوقَفُ سَوَابِقُهُمْ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهِمْ تَوَالِيهِمْ ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّهُمْ إِذَا اجْتَمَعُوا سَأَلُوا عَنْ أَعْمَالِهِمْ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=20حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : التَّقْدِيرُ حَتَّى إِذَا جَاءُونَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَكَلِمَةُ " مَا " صِلَةٌ ، وَقِيلَ فِيهَا فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ وَهِيَ تَأْكِيدُ أَنَّ عِنْدَ مَجِيئِهِمْ لَا بُدَّ وَأَنْ تَحْصُلَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=51أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ) [ يُونُسَ : 51 ] أَيْ لَا بُدَّ لِوَقْتِ وُقُوعِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَقْتَ إِيمَانِهِمْ بِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : رُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013665الْعَبْدَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يَا رَبَّ الْعِزَّةِ أَلَسْتَ قَدْ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تَظْلِمَنِي ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : فَإِنَّ لَكَ ذَلِكَ ، فَيَقُولُ الْعَبْدُ إِنِّي لَا أَقْبَلُ عَلَى نَفْسِي شَاهِدًا إِلَّا مِنْ نَفْسِي ، فَيَخْتِمُ اللَّهُ عَلَى فِيهِ وَيُنْطِقُ أَعْضَاءَهُ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي صَدَرَتْ مِنْهُ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=20شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ) .
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي كَيْفِيَّةِ الشَّهَادَةِ ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ الْفَهْمَ وَالْقُدْرَةَ وَالنُّطْقَ فِيهَا فَتَشْهَدُ كَمَا يَشْهَدُ الرَّجُلُ عَلَى مَا يَعْرِفُهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ فِي تِلْكَ الْأَعْضَاءِ الْأَصْوَاتَ وَالْحُرُوفَ الدَّالَّةَ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي كَمَا خَلَقَ الْكَلَامَ فِي الشَّجَرَةِ .
وَالثَّالِثُ : أَنْ يُظْهِرَ تِلْكَ الْأَعْضَاءُ أَحْوَالًا تَدُلُّ عَلَى صُدُورِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ مِنْ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ ، وَتِلْكَ الْأَمَارَاتُ تُسَمَّى شَهَادَاتٍ ، كَمَا يُقَالُ يَشْهَدُ هَذَا الْعَالَمُ بِتَغَيُّرَاتِ أَحْوَالِهِ عَلَى حُدُوثِهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ صَعْبَةٌ عَلَى
الْمُعْتَزِلَةِ .
أَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ : فَهُوَ صَعْبٌ عَلَى مَذْهَبِهِمْ ؛ لِأَنَّ الْبِنْيَةَ عِنْدَهُمْ شَرْطٌ لِحُصُولِ الْعَقْلِ وَالْقُدْرَةِ ، فَاللِّسَانُ مَعَ كَوْنِهِ لِسَانًا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْعِلْمِ وَالْعَقْلِ ، فَإِنْ غَيَّرَ اللَّهُ تَعَالَى تِلْكَ الْبِنْيَةَ وَالصُّورَةَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ لِسَانًا وَجِلْدًا ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى إِضَافَةِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ إِلَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْجُلُودِ ، فَإِنْ قُلْنَا : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا غَيَّرَ بِنْيَةَ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ فَحِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا كَوْنُهَا نَاطِقَةً فَاهِمَةً ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي : وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ هَذِهِ الْأَصْوَاتَ وَالْحُرُوفَ فِي هَذِهِ الْأَعْضَاءِ ، وَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ عَلَى أُصُولِ
الْمُعْتَزِلَةِ ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُمْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ الْكَلَامَ ، لَا مَا كَانَ مَوْصُوفًا بِالْكَلَامِ ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْكَلَامَ فِي الشَّجَرَةِ ، وَكَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ الْكَلَامِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لَا الشَّجَرَةُ ، فَهَهُنَا لَوْ قُلْنَا : إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَصْوَاتَ وَالْحُرُوفَ فِي تِلْكَ الْأَعْضَاءِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لَا تِلْكَ ، وَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ الْكَلَامِ هُوَ اللَّهُ لَا تِلْكَ الْأَعْضَاءُ ، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الشَّهَادَةَ شَهَادَةٌ صَدَرَتْ مِنْ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ لَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=20شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ) وَأَيْضًا أَنَّهُمْ قَالُوا لِتِلْكَ الْأَعْضَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا ) فَقَالَتِ الْأَعْضَاءُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) وَكُلُّ هَذِهِ الْآيَاتِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ هِيَ تِلْكَ الْأَعْضَاءُ ، وَأَنَّ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ لَيْسَتْ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَهَذَا تَوْجِيهُ الْإِشْكَالِ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ .
وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ : وَهُوَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ بِظُهُورِ أَمَارَاتٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ دَالَّةٍ عَلَى صُدُورِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ مِنْهُمْ ، فَهَذَا عُدُولٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ، فَهَذَا
[ ص: 101 ] مُنْتَهَى الْكَلَامِ فِي هَذَا الْبَحْثِ ، أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا فَهَذَا الْإِشْكَالُ غَيْرُ لَازِمٍ ؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا الْبِنْيَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلْحَيَاةِ وَلَا لِلْعِلْمِ وَلَا لِلْقُدْرَةِ ، فَاللَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ الْعَقْلِ وَالْقُدْرَةِ وَالنُّطْقِ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالْإِشْكَالُ زَائِلٌ وَهَذِهِ الْآيَةِ يَحْسُنُ التَّمَسُّكُ بِهَا فِي بَيَانِ أَنَّ الْبِنْيَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلْحَيَاةِ ، وَلَا لِشَيْءٍ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ بِالْحَيَاةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : مَا رَأَيْتُ لِلْمُفَسِّرِينَ فِي تَخْصِيصِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ بِالذِّكْرِ سَبَبًا وَفَائِدَةً ، وَأَقُولُ لَا شَكَّ أَنَّ الْحَوَاسَّ خَمْسَةٌ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَاللَّمْسُ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ آلَةَ اللَّمْسِ هِيَ الْجِلْدُ ، فَاللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَهُنَا مِنَ الْحَوَاسِّ وَهِيَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَاللَّمْسُ ، وَأَهْمَلَ ذِكْرَ نَوْعَيْنِ : وَهُمَا الذَّوْقُ وَالشَّمُّ ؛ لِأَنَّ الذَّوْقَ دَاخِلٌ فِي اللَّمْسِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ؛ لِأَنَّ إِدْرَاكَ الذَّوْقِ إِنَّمَا يَتَأَتَّى بِأَنْ تَصِيرَ جِلْدَةُ اللِّسَانِ وَالْحَنَكِ مُمَاسَّةً لِجِرْمِ الطَّعَامِ ، فَكَانَ هَذَا دَاخِلًا فِيهِ فَبَقِيَ حِسُّ الشَّمِّ وَهُوَ حِسٌّ ضَعِيفٌ فِي الْإِنْسَانِ ، وَلَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ تَكْلِيفٌ وَلَا أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ : نُقِلَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : الْمُرَادُ مِنْ شَهَادَةِ الْجُلُودِ شَهَادَةُ الْفُرُوجِ قَالَ : وَهَذَا مِنْ بَابِ الْكِنَايَاتِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا ) [ الْبَقَرَةِ : 235 ] وَأَرَادَ النِّكَاحَ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ) [ النِّسَاءِ : 43 ] وَالْمُرَادُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ .
وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013666 " nindex.php?page=treesubj&link=30359أَوَّلُ مَا يَتَكَلَّمُ مِنَ الْآدَمِيِّ فَخِذُهُ وَكَفُّهُ " وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ وَعِيدًا شَدِيدًا فِي الْإِتْيَانِ بِالزِّنَا ؛ لِأَنَّ مُقَدِّمَةَ الزِّنَا إِنَّمَا تَحْصُلُ بِالْكَفِّ ، وَنِهَايَةُ الْأَمْرِ فِيهَا إِنَّمَا تَحْصُلُ بِالْفَخِذِ .
ثُمَّ حَكَى اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِتِلْكَ الْأَعْضَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى خَلْقِكُمْ وَإِنْطَاقِكُمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى حَالَمَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ عَلَى خَلْقِكُمْ وَإِنْطَاقِكُمْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ حَالُ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ يُسْتَبْعَدُ مِنْهُ إِنْطَاقُ الْجَوَارِحِ وَالْأَعْضَاءِ ؟
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=22وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ ) وَالْمَعْنَى إِثْبَاتُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَتِرُونَ عِنْدَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْأَعْمَالِ الْقَبِيحَةِ ، إِلَّا أَنَّ اسْتِتَارَهُمْ مَا كَانَ لِأَجْلِ خَوْفِهِمْ مِنْ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ الِاسْتِتَارَ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ الْأَعْمَالَ الَّتِي يُقْدِمُونَ عَلَيْهَا عَلَى سَبِيلِ الْخُفْيَةِ وَالِاسْتِتَارِ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013667عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : كُنْتُ مُسْتَتِرًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَدَخَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ عَلَيَّ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ فَقَالَ أَحَدُهُمْ : أَتَرَوْنَ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا تَقُولُونَ ؟ فَقَالَ الرَّجُلَانِ إِذَا سَمِعْنَا أَصْوَاتَنَا سَمِعَ وَإِلَّا لَمْ يَسْمَعْ . فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَ ( nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=22وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=23وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18794_28781مَنْ ظَنَّ بِاللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ عَنْ عِلْمِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنَ الْهَالِكِينَ الْخَاسِرِينَ ، قَالَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ : الظَّنُّ قِسْمَانِ ظَنٌّ حَسَنٌ بِاللَّهِ تَعَالَى وَظَنٌّ فَاسِدٌ ، أَمَّا الظَّنُّ الْحَسَنُ فَهُوَ أَنْ يَظُنَّ بِهِ الرَّحْمَةَ وَالْفَضْلَ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : " أَنَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013668عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي " وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013669nindex.php?page=treesubj&link=20002لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ " ، وَالظَّنُّ الْقَبِيحُ فَاسِدٌ وَهُوَ أَنْ يَظُنَّ بِاللَّهِ أَنَّهُ يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ بَعْضُ هَذِهِ الْأَحْوَالِ ، وَقَالَ
قَتَادَةُ : الظَّنُّ نَوْعَانِ ظَنٌّ مُنْجٍ وَظَنٌّ مُرْدٍ ، فَالْمُنْجِي قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=20إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ) [ الْحَاقَّةِ : 20 ] وَقَوْلُهُ :
[ ص: 102 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=46الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 46 ] ، وَأَمَّا الظَّنُّ الْمُرْدِي فَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=23وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ ) قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : " وَذَلِكُمْ " رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ " وَظَنُّكُمْ " وَ " أَرْدَاكُمْ " خَبَرَانِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَنُّكُمْ بَدَلًا مِنْ ذَالِكُمْ وَأَرْدَاكُمُ الْخَبَرَ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ) يَعْنِي إِنْ أَمْسَكُوا عَنِ الِاسْتِغَاثَةِ لِفَرَجٍ يَنْتَظِرُونَهُ لَمْ يَجِدُوا ذَلِكَ وَتَكُونُ النَّارُ مَثْوًى لَهُمْ أَيْ مَقَامًا لَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ) أَيْ لَمْ يُعْطَوُا الْعُتْبَى ، وَلَمْ يُجَابُوا إِلَيْهَا ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ) [ إِبْرَاهِيمَ : 21 ] وَقُرِئَ : وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ أَيْ : إِنْ يَسْأَلُوا أَنْ يُرْضُوا رَبَّهُمْ فَمَا هُمْ فَاعِلُونَ أَيْ لَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ .