(
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=32ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=34أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=35ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=39والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=32ومن آياته الجواري في البحر كالأعلام nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=34أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير [ ص: 150 ] nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=35ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=39والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
نافع وأبو عمرو " الجواري " بياء في الوصل والوقف ، فإثبات الياء على الأصل ، وحذفها للتخفيف .
المسألة الثانية : الجواري ، يعني السفن الجواري ، فحذف الموصوف لعدم الالتباس .
المسألة الثالثة : اعلم أنه تعالى ذكر من آياته أيضا هذه السفن العظيمة التي تجري على وجه البحر عند هبوب الرياح ، واعلم أن المقصود من ذكره أمران :
أحدهما : أن يستدل به على وجود القادر الحكيم .
والثاني : أن يعرف ما فيه من
nindex.php?page=treesubj&link=29485النعم العظيمة لله تعالى على العباد .
أما الوجه الأول : فقد اتفقوا على أن المراد بالأعلام الجبال ، قالت
الخنساء في مرثية أخيها :
وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
ونقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استنشد قصيدتها هذه ، فلما وصل الراوي إلى هذا البيت ، قال : "قاتلها الله ، ما رضيت بتشبيهها له بالجبل حتى جعلت على رأسه نارا !" إذا عرفت هذا ، فنقول : هذه السفن العظيمة التي تكون كالجبال تجري على وجه البحر عند هبوب الرياح على أسرع الوجوه ، وعند سكون هذه الرياح تقف ، وقد بينا بالدليل في سورة النحل أن محرك الرياح ومسكنها هو الله تعالى ، إذ لا يقدر أحد على تحريكها من البشر ولا على تسكينها ، وذلك يدل على وجود الإله القادر ، وأيضا أن السفينة تكون في غاية الثقل ، ثم إنها مع ثقلها بقيت على وجه الماء ، وهو أيضا دلالة أخرى .
وأما الوجه الثاني : وهو معرفة ما فيها من المنافع ، فهو أنه تعالى خص كل جانب من جوانب الأرض بنوع آخر من الأمتعة ، وإذا نقل متاع هذا الجانب إلى ذلك الجانب في السفن ، وبالعكس - حصلت المنافع العظيمة في التجارة ، فلهذه الأسباب ذكر الله تعالى حال هذه السفينة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره ) قرأ
أبو عمرو والجمهور بهمزة (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إن يشأ ) لأن سكون الهمزة علامة للجزم ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش عن
نافع بلا همزة ، وقرأ
نافع وحده " يسكن الرياح " على الجمع ، والباقون (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33الريح ) على الواحد ، قال صاحب "الكشاف" : قرئ ( يظللن ) بفتح اللام وكسرها ؛ من ظل يظل ويظل ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33رواكد ) أي رواتب ، أي : لا تجري على ظهره ، أي على ظهر البحر (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إن في ذلك لآيات لكل صبار ) على بلاء الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33شكور ) لنعمائه ، والمقصود التنبيه على أن المؤمن يجب أن لا يكون غافلا عن دلائل معرفة الله البتة ؛ لأنه لا بد وأن يكون إما في البلاء ، وإما في الآلاء ، فإن كان في البلاء كان من الصابرين ، وإن كان في النعماء كان من الشاكرين ، وعلى هذا التقدير فإنه لا يكون البتة من الغافلين .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=34أو يوبقهن بما كسبوا ) يعني : أو يهلكهن ، يقال أوبقه ، أي أهلكه ، ويقال للمجرم أوبقته ذنوبه ، أي أهلكته ، والمعنى أنه تعالى إن شاء ابتلى المسافرين في البحر بإحدى بليتين : إما أن يسكن الريح
[ ص: 151 ] فتركد الجواري على متن البحر وتقف ، وإما أن يرسل الرياح عاصفة فيها فيهلكن بسبب الإغراق ، وعلى هذا التقدير فقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=34أو يوبقهن ) معطوف على قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33يسكن ) لأن التقدير : إن يشأ يسكن الريح فيركدن ، أو يعصفها فيغرقن بعصفها ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=34ويعف عن كثير ) معناه إن يشأ يهلك ناسا وينج ناسا عن طريق العفو عنهم ، فإن قيل : فما معنى إدخال العفو في حكم الإيباق حيث جعل مجزوما مثله ؟ قلنا : معناه إن يشأ يهلك ناسا وينج ناسا على طريق العفو عنهم ، وأما من قرأ "ويعفو" فقد استأنف الكلام .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=35ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص ) قرأ
نافع وابن عامر : " يعلم " بالرفع على الاستئناف ، وقرأ الباقون بالنصب ، فالقراءة بالرفع على الاستئناف ، وأما بالنصب فللعطف على تعليل محذوف تقديره لينتقم منهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=35ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ) والعطف على التعليل المحذوف غير عزيز في القرآن ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=21ولنجعله آية للناس ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=22وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت ) [الجاثية : 22] قال صاحب "الكشاف" : ومن قرأ على جزم " ويعلم " فكأنه قال : أو إن يشأ ، يجمع بين ثلاثة أمور : هلاك قوم ، ونجاة قوم ، وتحذير آخرين . إذا عرفت هذا فنقول : معنى الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=35ويعلم الذين يجادلون ) أي ينازعون على وجه التكذيب ، أن لا مخلص لهم إذا وقفت السفن ، وإذا عصفت الرياح ، فيصير ذلك سببا لاعترافهم بأن الإله النافع الضار ليس إلا الله .
واعلم أنه تعالى لما ذكر دلائل التوحيد أردفها بالتفسير عن
nindex.php?page=treesubj&link=29497الدنيا وتحقير شأنها ، لأن الذي يمنع من قبول الدليل إنما هو الرغبة في الدنيا بسبب الرياسة وطلب الجاه ، فإذا صغرت الدنيا في عين الرجل لم يلتفت إليها ، فحينئذ ينتفع بذكر الدلائل ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا ) وسماه متاعا تنبيها على قلته وحقارته ، ولأن الحس شاهد بأن كل ما يتعلق بالدنيا فإنه يكون سريع الانقراض والانقضاء .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36وما عند الله خير وأبقى ) والمعنى أن مطالب الدنيا خسيسة منقرضة ، ونبه على خساستها بتسميتها بالمتاع ، ونبه على انقراضها بأن جعلها من الدنيا ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=19962_30386الآخرة فإنها خير وأبقى ، وصريح العقل يقتضي ترجيح الخير الباقي على الخسيس الفاني ، ثم بين أن هذه الخيرية إنما تحصل لمن كان موصوفا بصفات :
الصفة الأولى : أن يكون من المؤمنين بدليل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36للذين آمنوا ) .
الصفة الثانية : أن يكون من المتوكلين على فضل الله ، بدليل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36وعلى ربهم يتوكلون ) فأما من زعم أن الطاعة توجب الثواب ، فهو متكل على عمل نفسه لا على الله ، فلا يدخل تحت الآية .
الصفة الثالثة : أن يكونوا مجتنبين لكبائر الإثم والفواحش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كبير الإثم هو الشرك ، نقله صاحب "الكشاف" : وهو عندي بعيد ، لأن شرط الإيمان مذكور أولا ، وهو يغني عن عدم الشرك ، وقيل :
nindex.php?page=treesubj&link=19089_20428المراد بكبائر الإثم ما يتعلق بالبدع واستخراج الشبهات ، وبالفواحش ما يتعلق بالقوة الشهوانية ، وبقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) ما يتعلق بالقوة الغضبية ، وإنما خص الغضب بلفظ الغفران ؛ لأن الغضب على طبع النار ، واستيلاؤه شديد ومقاومته صعبة فلهذا السبب خصه بهذا اللفظ ، والله أعلم .
الصفة الرابعة : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38والذين استجابوا لربهم ) والمراد منه تمام الانقياد ، فإن قالوا أليس أنه لما
[ ص: 152 ] جعل الإيمان شرطا فيه ، فقد دخل في الإيمان إجابة الله ؟ قلنا : الأقرب عندي أن يحمل هذا على
nindex.php?page=treesubj&link=28776_19627الرضاء بقضاء الله من صميم القلب ، وأن لا يكون في قلبه منازعة في أمر من الأمور .
ولما ذكر هذا الشرط قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وأقاموا الصلاة ) والمراد منه
nindex.php?page=treesubj&link=24589إقامة الصلوات الواجبة ، لأن هذا هو الشرط في حصول الثواب .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وأمرهم شورى بينهم ) فقيل : كان إذا وقعت بينهم واقعة اجتمعوا وتشاوروا ، فأثنى الله عليهم ، أي : لا ينفردون برأي ، بل ما لم يجتمعوا عليه لا يقدمون عليه ، وعن
الحسن :
nindex.php?page=treesubj&link=27129ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم ، والشورى مصدر كالفتيا ، بمعنى التشاور ، ومعنى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وأمرهم شورى بينهم ) أي ذو شورى .
الصفة الخامسة : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=39والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) والمعنى أن يقتصروا في الانتصار على ما يجعله الله لهم ولا يتعدونه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي أنه كان إذا قرأها قال : كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم ، فيجترئ عليهم السفهاء ، فإن قيل : هذه الآية مشكلة لوجهين :
الأول : أنه لما ذكر قبله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) فكيف يليق أن يذكر معه ما يجري مجرى الضد له ، وهو قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=39والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) ؟
الثاني : وهو أن جميع الآيات دالة على أن العفو أحسن ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وأن تعفوا أقرب للتقوى ) [البقرة : 237] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وإذا مروا باللغو مروا كراما ) [الفرقان : 72] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) [الأعراف : 199] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) [النحل : 126] فهذه الآيات تناقض مدلول هذه الآية . والجواب : أن
nindex.php?page=treesubj&link=20033العفو على قسمين :
أحدهما : أن يكون العفو سببا لتسكين الفتنة وجناية الجاني ورجوعه عن جنايته .
والثاني : أن يصير العفو سببا لمزيد جراءة الجاني ولقوة غيظه وغضبه .
الآيات في العفو محمولة على القسم الأول ، وهذه الآية محمولة على القسم الثاني ، وحينئذ يزول التناقض والله أعلم ، ألا ترى أن العفو عن المصر يكون كالإغراء له ولغيره ، فلو أن رجلا وجد عبده فجر بجاريته وهو مصر ، فلو عفا عنه كان مذموما ، وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013682أن زينب أقبلت على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فشتمتها ، فنهاها النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها فلم تنته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دونك فانتصري وأيضا : إنه تعالى لم يرغب في الانتصار ، بل بين أنه مشروع فقط ، ثم بين بعده أن شرعه مشروط برعاية المماثلة ، ثم بين أن العفو أولى بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) فزال السؤال ، والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=32وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=34أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=35وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=39وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ) قَوْلُهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=32وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=34أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ [ ص: 150 ] nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=35وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=39وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ) وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَرَأَ
نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو " الْجَوَارِي " بِيَاءٍ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ ، فَإِثْبَاتُ الْيَاءِ عَلَى الْأَصْلِ ، وَحَذْفُهَا لِلتَّخْفِيفِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْجَوَارِي ، يَعْنِي السُّفُنَ الْجَوَارِيَ ، فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ لِعَدَمِ الِالْتِبَاسِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مِنْ آيَاتِهِ أَيْضًا هَذِهِ السُّفُنَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي تَجْرِي عَلَى وَجْهِ الْبَحْرِ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذِكْرِهِ أَمْرَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى وُجُودِ الْقَادِرِ الْحَكِيمِ .
وَالثَّانِي : أَنْ يُعَرِّفَ مَا فِيهِ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=29485النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ .
أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْلَامِ الْجِبَالُ ، قَالَتِ
الْخَنْسَاءُ فِي مَرْثِيَّةِ أَخِيهَا :
وَإِنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الْهُدَاةُ بِهِ كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ
وَنُقِلَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَنْشَدَ قَصِيدَتَهَا هَذِهِ ، فَلَمَّا وَصَلَ الرَّاوِي إِلَى هَذَا الْبَيْتِ ، قَالَ : "قَاتَلَهَا اللَّهُ ، مَا رَضِيَتْ بِتَشْبِيهِهَا لَهُ بِالْجَبَلِ حَتَّى جَعَلَتْ عَلَى رَأْسِهِ نَارًا !" إِذَا عَرَفْتَ هَذَا ، فَنَقُولُ : هَذِهِ السُّفُنُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَكُونُ كَالْجِبَالِ تَجْرِي عَلَى وَجْهِ الْبَحْرِ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ عَلَى أَسْرَعِ الْوُجُوهِ ، وَعِنْدَ سُكُونِ هَذِهِ الرِّيَاحِ تَقِفُ ، وَقَدْ بَيَّنَّا بِالدَّلِيلِ فِي سُورَةِ النَّحْلِ أَنَّ مُحَرِّكَ الرِّيَاحِ وَمُسْكِنَهَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ، إِذْ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى تَحْرِيكِهَا مِنَ الْبَشَرِ وَلَا عَلَى تَسْكِينِهَا ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْإِلَهِ الْقَادِرِ ، وَأَيْضًا أَنَّ السَّفِينَةَ تَكُونُ فِي غَايَةِ الثِّقَلِ ، ثُمَّ إِنَّهَا مَعَ ثِقَلِهَا بَقِيَتْ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ ، وَهُوَ أَيْضًا دَلَالَةٌ أُخْرَى .
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي : وَهُوَ مَعْرِفَةُ مَا فِيهَا مِنَ الْمَنَافِعِ ، فَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى خَصَّ كُلَّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ الْأَرْضِ بِنَوْعٍ آخَرَ مِنَ الْأَمْتِعَةِ ، وَإِذَا نُقِلَ مَتَاعُ هَذَا الْجَانِبِ إِلَى ذَلِكَ الْجَانِبِ فِي السُّفُنِ ، وَبِالْعَكْسِ - حَصَلَتِ الْمَنَافِعُ الْعَظِيمَةُ فِي التِّجَارَةِ ، فَلِهَذِهِ الْأَسْبَابِ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى حَالَ هَذِهِ السَّفِينَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ ) قَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو وَالْجُمْهُورُ بِهَمْزَةٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إِنْ يَشَأْ ) لِأَنَّ سُكُونَ الْهَمْزَةِ عَلَامَةٌ لِلْجَزْمِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17274وِرَشٍ عَنْ
نَافِعٍ بِلَا هَمْزَةٍ ، وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَحْدَهُ " يُسْكِنِ الرِّيَاحَ " عَلَى الْجَمْعِ ، وَالْبَاقُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33الرِّيحَ ) عَلَى الْوَاحِدِ ، قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" : قُرِئَ ( يَظْلَلْنَ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا ؛ مِنْ ظَلَّ يَظَلُّ وَيَظِلُّ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33رَوَاكِدَ ) أَيْ رَوَاتِبَ ، أَيْ : لَا تَجْرِي عَلَى ظَهْرِهِ ، أَيْ عَلَى ظَهْرِ الْبَحْرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ ) عَلَى بَلَاءِ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33شَكُورٍ ) لِنَعْمَائِهِ ، وَالْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ غَافِلًا عَنْ دَلَائِلِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ الْبَتَّةَ ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ إِمَّا فِي الْبَلَاءِ ، وَإِمَّا فِي الْآلَاءِ ، فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَاءِ كَانَ مِنَ الصَّابِرِينَ ، وَإِنْ كَانَ فِي النَّعْمَاءِ كَانَ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ الْبَتَّةَ مِنَ الْغَافِلِينَ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=34أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا ) يَعْنِي : أَوْ يُهْلِكْهُنَّ ، يُقَالُ أَوْبَقَهُ ، أَيْ أَهْلَكَهُ ، وَيُقَالُ لِلْمُجْرِمِ أَوْبَقَتْهُ ذُنُوبُهُ ، أَيْ أَهْلَكَتْهُ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى إِنْ شَاءَ ابْتَلَى الْمُسَافِرِينَ فِي الْبَحْرِ بِإِحْدَى بَلِيَّتَيْنِ : إِمَّا أَنْ يُسْكِنَ الرِّيحَ
[ ص: 151 ] فَتَرْكُدَ الْجَوَارِي عَلَى مَتْنِ الْبَحْرِ وَتَقِفُ ، وَإِمَّا أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ عَاصِفَةً فِيهَا فَيَهْلِكْنَ بِسَبَبِ الْإِغْرَاقِ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=34أَوْ يُوبِقْهُنَّ ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33يُسْكِنِ ) لِأَنَّ التَّقْدِيرَ : إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَرْكُدْنَ ، أَوْ يَعْصِفْهَا فَيَغْرَقْنَ بِعَصْفِهَا ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=34وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ ) مَعْنَاهُ إِنْ يَشَأْ يُهْلِكْ نَاسًا وَيُنْجِ نَاسًا عَنْ طَرِيقِ الْعَفْوِ عَنْهُمْ ، فَإِنْ قِيلَ : فَمَا مَعْنَى إِدْخَالِ الْعَفْوِ فِي حُكْمِ الْإِيبَاقِ حَيْثُ جُعِلَ مَجْزُومًا مِثْلَهُ ؟ قُلْنَا : مَعْنَاهُ إِنْ يَشَأْ يُهْلِكْ نَاسًا وَيُنْجِ نَاسًا عَلَى طَرِيقِ الْعَفْوِ عَنْهُمْ ، وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ "وَيَعْفُو" فَقَدِ اسْتَأْنَفَ الْكَلَامَ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=35وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ) قَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ : " يَعْلَمُ " بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالنَّصْبِ ، فَالْقِرَاءَةُ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ، وَأَمَّا بِالنَّصْبِ فَلِلْعَطْفِ عَلَى تَعْلِيلِ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ لِيَنْتَقِمَ مِنْهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=35وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا ) وَالْعَطْفُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْمَحْذُوفِ غَيْرُ عَزِيزٍ فِي الْقُرْآنِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=21وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=22وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) [الْجَاثِيَةِ : 22] قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" : وَمَنْ قَرَأَ عَلَى جَزْمِ " وَيَعْلَمْ " فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَوْ إِنْ يَشَأْ ، يَجْمَعُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ : هَلَاكِ قَوْمٍ ، وَنَجَاةِ قَوْمٍ ، وَتَحْذِيرِ آخَرِينَ . إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ : مَعْنَى الْآيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=35وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ ) أَيْ يُنَازِعُونَ عَلَى وَجْهِ التَّكْذِيبِ ، أَنْ لَا مَخْلَصَ لَهُمْ إِذَا وَقَفَتِ السُّفُنُ ، وَإِذَا عَصَفَتِ الرِّيَاحُ ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ سَبَبًا لِاعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّ الْإِلَهَ النَّافِعَ الضَّارَّ لَيْسَ إِلَّا اللَّهَ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ أَرْدَفَهَا بِالتَّفْسِيرِ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=29497الدُّنْيَا وَتَحْقِيرِ شَأْنِهَا ، لِأَنَّ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الدَّلِيلِ إِنَّمَا هُوَ الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا بِسَبَبِ الرِّيَاسَةِ وَطَلَبِ الْجَاهِ ، فَإِذَا صَغُرَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِ الرَّجُلِ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا ، فَحِينَئِذٍ يَنْتَفِعُ بِذِكْرِ الدَّلَائِلِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) وَسَمَّاهُ مَتَاعًا تَنْبِيهًا عَلَى قِلَّتِهِ وَحَقَارَتِهِ ، وَلِأَنَّ الْحِسَّ شَاهِدٌ بِأَنَّ كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَكُونُ سَرِيعَ الِانْقِرَاضِ وَالِانْقِضَاءِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) وَالْمَعْنَى أَنَّ مَطَالِبَ الدُّنْيَا خَسِيسَةٌ مُنْقَرِضَةٌ ، وَنَبَّهَ عَلَى خَسَاسَتِهَا بِتَسْمِيَتِهَا بِالْمَتَاعِ ، وَنَبَّهَ عَلَى انْقِرَاضِهَا بِأَنْ جَعَلَهَا مِنَ الدُّنْيَا ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=19962_30386الْآخِرَةُ فَإِنَّهَا خَيْرٌ وَأَبْقَى ، وَصَرِيحُ الْعَقْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْخَيْرِ الْبَاقِي عَلَى الْخَسِيسِ الْفَانِي ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الْخَيْرِيَّةَ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِصِفَاتٍ :
الصِّفَةُ الْأُولَى : أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36لِلَّذِينَ آمَنُوا ) .
الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) فَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الطَّاعَةَ تُوجِبُ الثَّوَابَ ، فَهُوَ مُتَّكِلٌ عَلَى عَمَلِ نَفْسِهِ لَا عَلَى اللَّهِ ، فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْآيَةِ .
الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ : أَنْ يَكُونُوا مُجْتَنِبِينَ لِكَبَائِرِ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : كَبِيرُ الْإِثْمِ هُوَ الشِّرْكُ ، نَقَلَهُ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" : وَهُوَ عِنْدِي بَعِيدٌ ، لِأَنَّ شَرْطَ الْإِيمَانِ مَذْكُورٌ أَوَّلًا ، وَهُوَ يُغْنِي عَنْ عَدَمِ الشِّرْكِ ، وَقِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=19089_20428الْمُرَادُ بِكَبَائِرِ الْإِثْمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبِدَعِ وَاسْتِخْرَاجِ الشُّبُهَاتِ ، وَبِالْفَوَاحِشِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُوَّةِ الشَّهْوَانِيَّةِ ، وَبِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْغَضَبَ بِلَفْظِ الْغُفْرَانِ ؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ عَلَى طَبْعِ النَّارِ ، وَاسْتِيلَاؤُهُ شَدِيدٌ وَمُقَاوَمَتُهُ صَعْبَةٌ فَلِهَذَا السَّبَبِ خَصَّهُ بِهَذَا اللَّفْظِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الصِّفَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ تَمَامُ الِانْقِيَادِ ، فَإِنْ قَالُوا أَلَيْسَ أَنَّهُ لَمَّا
[ ص: 152 ] جَعَلَ الْإِيمَانَ شَرْطًا فِيهِ ، فَقَدْ دَخَلَ فِي الْإِيمَانِ إِجَابَةُ اللَّهِ ؟ قُلْنَا : الْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28776_19627الرِّضَاءِ بِقَضَاءِ اللَّهِ مِنْ صَمِيمِ الْقَلْبِ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي قَلْبِهِ مُنَازَعَةٌ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ .
وَلَمَّا ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=24589إِقَامَةُ الصَّلَوَاتِ الْوَاجِبَةِ ، لِأَنَّ هَذَا هُوَ الشَّرْطُ فِي حُصُولِ الثَّوَابِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) فَقِيلَ : كَانَ إِذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ وَاقِعَةٌ اجْتَمَعُوا وَتَشَاوَرُوا ، فَأَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، أَيْ : لَا يَنْفَرِدُونَ بِرَأْيٍ ، بَلْ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَيْهِ لَا يُقْدِمُونَ عَلَيْهِ ، وَعَنِ
الْحَسَنِ :
nindex.php?page=treesubj&link=27129مَا تَشَاوَرَ قَوْمٌ إِلَّا هُدُوا لِأَرْشَدِ أَمْرِهِمْ ، وَالشُّورَى مَصْدَرٌ كَالْفُتْيَا ، بِمَعْنَى التَّشَاوُرِ ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) أَيْ ذُو شُورَى .
الصِّفَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=39وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ) وَالْمَعْنَى أَنْ يَقْتَصِرُوا فِي الِانْتِصَارِ عَلَى مَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ لَهُمْ وَلَا يَتَعَدَّوْنَهُ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَهَا قَالَ : كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُذِلُّوا أَنْفُسَهُمْ ، فَيَجْتَرِئَ عَلَيْهِمُ السُّفَهَاءُ ، فَإِنْ قِيلَ : هَذِهِ الْآيَةُ مُشْكِلَةٌ لِوَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ قَبْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) فَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يُذْكَرَ مَعَهُ مَا يَجْرِي مَجْرَى الضِّدِّ لَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=39وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ) ؟
الثَّانِي : وَهُوَ أَنَّ جَمِيعَ الْآيَاتِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْعَفْوَ أَحْسَنُ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) [الْبَقَرَةِ : 237] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ) [الْفُرْقَانِ : 72] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) [الْأَعْرَافِ : 199] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) [النَّحْلِ : 126] فَهَذِهِ الْآيَاتُ تُنَاقِضُ مَدْلُولَ هَذِهِ الْآيَةِ . وَالْجَوَابُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20033الْعَفْوَ عَلَى قِسْمَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ الْعَفْوُ سَبَبًا لِتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ وَجِنَايَةِ الْجَانِي وَرُجُوعِهِ عَنْ جِنَايَتِهِ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَصِيرَ الْعَفْوُ سَبَبًا لِمَزِيدِ جَرَاءَةِ الْجَانِي وَلِقُوَّةِ غَيْظِهِ وَغَضَبِهِ .
الْآيَاتُ فِي الْعَفْوِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي ، وَحِينَئِذٍ يَزُولُ التَّنَاقُضُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الْمُصِرِّ يَكُونُ كَالْإِغْرَاءِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ عَبْدَهَ فَجَرَ بِجَارِيَتِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ ، فَلَوْ عَفَا عَنْهُ كَانَ مَذْمُومًا ، وَرُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013682أَنَّ زَيْنَبَ أَقْبَلَتْ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ فَشَتَمَتْهَا ، فَنَهَاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا فَلَمْ تَنْتَهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دُونَكِ فَانْتَصِرِي وَأَيْضًا : إِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُرَغِّبْ فِي الِانْتِصَارِ ، بَلْ بَيَّنَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فَقَطْ ، ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَهُ أَنَّ شَرْعَهُ مَشْرُوطٌ بِرِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْعَفْوَ أَوْلَى بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) فَزَالَ السُّؤَالُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .