ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=85وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون ) ، واعلم أن قوله :
nindex.php?page=treesubj&link=30457_29703_32412_32413 ( تبارك ) إما أن يكون مشتقا من الثبات والبقاء ، وإما أن يكون مشتقا من كثرة الخير ، وعلى التقديرين فكل واحد من هذين الوجهين ينافي كون
عيسى عليه السلام ولدا لله تعالى ، لأنه إن كان المراد منه الثبات والبقاء فعيسى عليه السلام لم يكن واجب البقاء والدوام ، لأنه حدث بعد أن لم يكن ، ثم عند
النصارى أنه قتل ومات ومن كان كذلك لم يكن بينه وبين الباقي الدائم الأزلي مجانسة ومشابهة ، فامتنع كونه ولدا له ، وإن كان المراد بالبركة كثرة الخيرات مثل كونه خالقا للسماوات والأرض وما بينهما
فعيسى لم يكن كذلك ، بل كان محتاجا إلى الطعام وعند
النصارى أنه كان خائفا من
اليهود وبالآخرة أخذوه وقتلوه ، فالذي هذا صفته كيف يكون ولدا لمن كان خالقا للسماوات والأرض وما بينهما ؟ !
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=85وعنده علم الساعة ) فالمقصود منه أنه لما شرح كمال قدرته فكذلك شرح كمال علمه ، والمقصود التنبيه على أن من كان كاملا في الذات والعلم والقدرة على الحد الذي شرحناه امتنع أن يكون ولده في العجز وعدم الوقوف على أحوال العالم بالحد الذي وصفه
النصارى .
ولما أطنب الله تعالى في نفي الولد أردفه ببيان نفي الشركاء فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=86ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) ، ذكر المفسرون في هذه الآية قولين :
أحدهما : أن الذين يدعون من دونه الملائكة
وعيسى وعزيرا ، والمعنى أن
nindex.php?page=treesubj&link=30377_29690الملائكة وعيسى وعزيرا لا يشفعون إلا لمن شهد بالحق ، روي أن
النضر بن الحارث ونفرا معه قالوا : إن كان ما يقول
محمد حقا فنحن نتولى الملائكة فهم أحق بالشفاعة من
محمد ، فأنزل الله هذه الآية يقول : لا يقدر هؤلاء أن يشفعوا لأحد ، ثم استثنى فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=86إلا من شهد بالحق ) والمعنى على هذا القول هؤلاء لا يشفعون إلا لمن شهد بالحق ، فأضمر اللام ، أو يقال : التقدير : إلا شفاعة من شهد بالحق فحذف المضاف ، وهذا على لغة من يعدي الشفاعة بغير لام ، فيقول : شفعت فلانا بمعنى شفعت له كما تقول : كلمته وكلمت له ، ونصحته ونصحت له .
والقول الثاني : أن الذين يدعون من دونه كل معبود من دون الله ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=86إلا من شهد بالحق ) الملائكة
وعيسى وعزير ، والمعنى أن
nindex.php?page=treesubj&link=29690_30379_30377الأشياء التي عبدها الكفار لا يملكون الشفاعة إلا من شهد بالحق ، وهم الملائكة
وعيسى وعزير ، فإن لهم شفاعة عند الله ومنزلة ، ومعنى من شهد بالحق : من شهد أنه لا إله إلا الله .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=86وهم يعلمون ) وهذا القيد يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28647الشهادة باللسان فقط لا تفيد البتة ، واحتج القائلون بأن إيمان المقلد لا ينفع البتة بهذه الآية ، فقالوا : بين الله تعالى أن الشهادة لا تنفع إلا إذا حصل معها العلم ، والعلم عبارة عن اليقين الذي لو شكك صاحبه فيه لم يتشكك ، وهذا لم يحصل إلا عند الدليل ، فثبت أن إيمان المقلد لا ينفع البتة .
[ ص: 200 ] ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون ) ، وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : ظن قوم أن هذه الآية وأمثالها في القرآن تدل على أن القوم مضطرون إلى الاعتراف بوجود الإله للعالم ، قال
الجبائي : وهذا لا يصح لأن قوم فرعون قالوا : لا إله لهم غيره ، وقوم
إبراهيم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=9وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه ) [ إبراهيم : 9 ] ، فيقال لهم : لا نسلم أن قوم فرعون كانوا منكرين لوجود الإله ، والدليل على قولنا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما ) [ النمل : 14 ] ، وقال
موسى لفرعون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=102لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر ) [ الإسراء : 102 ] ، فالقراءة بفتح التاء في ( علمت ) تدل على أن فرعون كان عارفا بالله ، وأما قوم
إبراهيم حيث قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=9وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه ) فهو مصروف إلى إثبات القيامة وإثبات التكاليف وإثبات النبوة .
المسألة الثالثة : اعلم أنه تعالى ذكر هذا الكلام في أول هذه السورة وفي آخرها ، والمقصود التنبيه على أنهم اعتقدوا أن
nindex.php?page=treesubj&link=31747_31756خالق العالم وخالق الحيوانات هو الله تعالى ، فكيف أقدموا مع هذا الاعتقاد على عبادة أجسام خسيسة وأصنام خبيثة لا تضر ولا تنفع بل هي جمادات محضة ؟ !
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87فأنى يؤفكون ) معناه : لم تكذبون على الله فتقولون : إن الله أمرنا بعبادة الأصنام ، وقد احتج بعض أصحابنا به على أن إفكهم ليس منهم بل من غيرهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87فأنى يؤفكون ) ، وأجاب القاضي بأن من يضل في فهم الكلام أو في الطريق يقال له : أين يذهب بك ؟ والمراد : أين تذهب ؟ وأجاب الأصحاب بأن قول القائل : أين يذهب بك ؟ ظاهره يدل على أن ذاهبا آخر ذهب به ، فصرف الكلام عن حقيقته خلاف الأصل الظاهر ، وأيضا فإن الذي ذهب به هو الذي خلق تلك الداعية في قلبه ، وقد ثبت بالبرهان الباهر أن خالق تلك الداعية هو الله تعالى .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=88وقيله يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) ، وفيه مباحث :
الأول : قرأ الأكثرون ( وقيله ) بفتح اللام ، وقرأ
عاصم وحمزة بكسر اللام ، قال
الواحدي : وقرأ أناس من غير السبعة بالرفع ، أما الذين قرءوا بالنصب فذكر
الأخفش والفراء فيه قولين : أحدهما : أنه نصب على المصدر بتقدير : وقال قيله وشكا شكواه إلى ربه يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - فانتصب قيله بإضمار قال ، والثاني : أنه عطف على ما تقدم من قوله : ( أنا لا نسمع سرهم ونجواهم . . . وقيله ) ، وذكر
الزجاج فيه وجها ثالثا فقال : إنه نصب على موضع الساعة لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=85وعنده علم الساعة ) معناه أنه
nindex.php?page=treesubj&link=28781_30175_29692علم الساعة ، والتقدير : علم الساعة وقيله ، ونظيره قولك : عجبت من ضرب زيد وعمرا ، وأما القراءة بالجر فقال
الأخفش والفراء والزجاج : إنه معطوف على الساعة ، أي عنده علم الساعة ، وعلم قيله : يا رب ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : العطف على المنصوب حسن وإن تباعد المعطوف من المعطوف عليه لأنه يجوز أن يفصل بين المنصوب وعامله ، والمجرور يجوز ذلك فيه على قبح ، وأما القراءة بالرفع ففيها وجهان :
الأول : أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=88وقيله ) مبتدأ وخبره ما بعده .
والثاني : أن يكون معطوفا على علم الساعة على تقدير حذف المضاف ، معناه : وعنده علم الساعة وعلم قيله ، قال صاحب “ الكشاف “ : هذه الوجوه ليست قوية في المعنى لا سيما وقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعتراضا ، ثم ذكر وجها آخر وزعم أنه أقوى مما سبق ، وهو أن يكون النصب والجر على إضمار حرف القسم وحذفه ، والرفع على قولهم : أيمن الله ، وأمانة الله ، ويمين الله ، يكون قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=88إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) جواب القسم كأنه قيل
[ ص: 201 ] وأقسم بقيله : يا رب ، أو وقيله : يا رب قسمي ، وأقول : هذا الذي ذكره صاحب “ الكشاف “ متكلف أيضا ، وههنا إضمار امتلأ القرآن منه وهو إضمار اذكر ، والتقدير : واذكر قيله : يا رب ، وأما القراءة بالجر فالتقدير : واذكر وقت قيله : يا رب ، وإذا وجب التزام الإضمار فلأن يضمر شيئا جرت العادة في القرآن بالتزام إضماره أولى من غيره ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال في تفسير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=88وقيله يارب ) والمراد : وقيل يا رب ، والهاء زيادة .
البحث الثاني : القيل مصدر كالقول ، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013694نهى عن قيل وقال ، قال
الليث : تقول العرب : كثير فيه القيل والقال ، وروى
شمر عن
أبي زيد يقال : ما أحسن قيلك وقولك وقالك وقالتك ومقالتك ، خمسة أوجه .
البحث الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=34077الضمير في قيله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
البحث الرابع : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ضجر منهم وعرف إصرارهم أخبر عنهم أنهم قوم لا يؤمنون ، وهو قريب مما حكى الله عن
نوح أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=21رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ) [ نوح : 21 ] .
ثم إنه تعالى قال له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=89فاصفح عنهم ) ، فأمره بأن يصفح عنهم ، وفي ضمنه منعه من أن يدعو عليهم بالعذاب ،
nindex.php?page=treesubj&link=28910_32489والصفح هو الإعراض .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=89وقل سلام ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه إنما معناه المتاركة ، ونظيره قول
إبراهيم لأبيه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سلام عليك سأستغفر لك ربي ) [ مريم : 47 ] ، وكقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) [ القصص : 55 ] .
قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=89فسوف يعلمون ) والمقصود منه التهديد ، وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
نافع وابن عامر تعلمون بالتاء على الخطاب ، والباقون بالياء كناية عن قوم لا يؤمنون .
المسألة الثانية : احتج قوم بهذه الآية على أنه يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=18118_32643_32644_18143السلام على الكافر ، وأقول : إن صح هذا الاستدلال فهذا يوجب الاقتصار على مجرد قوله : ( سلام ) ، وأن يقال للمؤمن : سلام عليكم ، والمقصود التنبيه على التحية التي تذكر للمسلم والكافر .
المسألة الثالثة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=89nindex.php?page=treesubj&link=32489فاصفح عنهم وقل سلام ) منسوخ بآية السيف ، وعندي أن التزام النسخ في أمثال هذه المواضع مشكل ، لأن الأمر لا يفيد الفعل إلا مرة واحدة ، فإذا أتى به مرة واحدة فقد سقطت دلالة اللفظ ، فأي حاجة فيه إلى التزام النسخ ؟ وأيضا فمثله يمين الفور مشهورة عند الفقهاء ، وهي دالة على أن اللفظ قد يتقيد بحسب قرينة العرف ، وإذا كان الأمر كذلك فلا حاجة فيه إلى التزام النسخ ، والله أعلم بالصواب .
قال مولانا المؤلف عليه سحائب الرحمة والرضوان : تم تفسير هذه السورة يوم الأحد الحادي عشر من ذي الحجة سنة ثلاث وستمائة ، والحمد لله أولا وآخرا ، وباطنا وظاهرا ، والصلاة على ملائكته المقربين والأنبياء والمرسلين خصوصا على
محمد - صلى الله عليه وسلم - وآله وصحبه أجمعين أبد الآبدين ودهر الداهرين .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=85وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=30457_29703_32412_32413 ( تَبَارَكَ ) إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنَ الثَّبَاتِ وَالْبَقَاءِ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنْ كَثْرَةِ الْخَيْرِ ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ يُنَافِي كَوْنَ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَدًا لِلَّهِ تَعَالَى ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الثَّبَاتَ وَالْبَقَاءَ فَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبَ الْبَقَاءِ وَالدَّوَامِ ، لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ، ثُمَّ عِنْدَ
النَّصَارَى أَنَّهُ قُتِلَ وَمَاتَ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَاقِي الدَّائِمِ الْأَزَلِيِّ مُجَانَسَةٌ وَمُشَابَهَةٌ ، فَامْتَنَعَ كَوْنُهُ وَلَدًا لَهُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْبَرَكَةِ كَثْرَةَ الْخَيْرَاتِ مِثْلَ كَوْنِهِ خَالِقًا لِلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا
فَعِيسَى لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ، بَلْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى الطَّعَامِ وَعِنْدَ
النَّصَارَى أَنَّهُ كَانَ خَائِفًا مِنَ
الْيَهُودِ وَبِالْآخِرَةِ أَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ ، فَالَّذِي هَذَا صِفَتُهُ كَيْفَ يَكُونُ وَلَدًا لِمَنْ كَانَ خَالِقًا لِلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ؟ !
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=85وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمَّا شَرَحَ كَمَالَ قُدْرَتِهِ فَكَذَلِكَ شَرَحَ كَمَالَ عِلْمِهِ ، وَالْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ كَامِلًا فِي الذَّاتِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي شَرَحْنَاهُ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ فِي الْعَجْزِ وَعَدَمِ الْوُقُوفِ عَلَى أَحْوَالِ الْعَالَمِ بِالْحَدِّ الَّذِي وَصَفَهُ
النَّصَارَى .
وَلَمَّا أَطْنَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِي نَفْيِ الْوَلَدِ أَرْدَفَهُ بِبَيَانِ نَفْيِ الشُّرَكَاءِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=86وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ، ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْمَلَائِكَةَ
وَعِيسَى وَعُزَيْرًا ، وَالْمَعْنَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30377_29690الْمَلَائِكَةَ وَعِيسَى وَعُزَيْرًا لَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ، رُوِيَ أَنَّ
النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَنَفَرًا مَعَهُ قَالُوا : إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ
مُحَمَّدٌ حَقًّا فَنَحْنُ نَتَوَلَّى الْمَلَائِكَةَ فَهُمْ أَحَقُّ بِالشَّفَاعَةِ مِنْ
مُحَمَّدٍ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ يَقُولُ : لَا يَقْدِرُ هَؤُلَاءِ أَنْ يَشْفَعُوا لِأَحَدٍ ، ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=86إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ) وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هَؤُلَاءِ لَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ، فَأَضْمَرَ اللَّامَ ، أَوْ يُقَالُ : التَّقْدِيرُ : إِلَّا شَفَاعَةَ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ فَحَذَفَ الْمُضَافَ ، وَهَذَا عَلَى لُغَةِ مَنْ يُعَدِّي الشَّفَاعَةَ بِغَيْرِ لَامٍ ، فَيَقُولُ : شَفَعْتُ فُلَانًا بِمَعْنَى شَفَعْتُ لَهُ كَمَا تَقُولُ : كَلَّمْتُهُ وَكَلَّمْتُ لَهُ ، وَنَصَحْتُهُ وَنَصَحْتُ لَهُ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ كُلَّ مَعْبُودٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=86إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ) الْمَلَائِكَةُ
وَعِيسَى وَعُزَيْرٌ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29690_30379_30377الْأَشْيَاءَ الَّتِي عَبَدَهَا الْكُفَّارُ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مِنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ
وَعِيسَى وَعُزَيْرٌ ، فَإِنَّ لَهُمْ شَفَاعَةً عِنْدَ اللَّهِ وَمَنْزِلَةً ، وَمَعْنَى مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ : مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=86وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) وَهَذَا الْقَيْدُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28647الشَّهَادَةَ بِاللِّسَانِ فَقَطْ لَا تُفِيدُ الْبَتَّةَ ، وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ إِيمَانَ الْمُقَلِّدِ لَا يَنْفَعُ الْبَتَّةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَالُوا : بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَنْفَعُ إِلَّا إِذَا حَصَلَ مَعَهَا الْعِلْمُ ، وَالْعِلْمُ عِبَارَةٌ عَنِ الْيَقِينِ الَّذِي لَوْ شُكِّكَ صَاحِبُهُ فِيهِ لَمْ يَتَشَكَّكْ ، وَهَذَا لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا عِنْدَ الدَّلِيلِ ، فَثَبَتَ أَنَّ إِيمَانَ الْمُقَلِّدِ لَا يَنْفَعُ الْبَتَّةَ .
[ ص: 200 ] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) ، وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَأَمْثَالَهَا فِي الْقُرْآنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ مُضْطَرُّونَ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِوُجُودِ الْإِلَهِ لِلْعَالَمِ ، قَالَ
الْجُبَّائِيُّ : وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ قَالُوا : لَا إِلَهَ لَهُمْ غَيْرُهُ ، وَقَوْمَ
إِبْرَاهِيمَ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=9وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ ) [ إِبْرَاهِيمَ : 9 ] ، فَيُقَالُ لَهُمْ : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ كَانُوا مُنْكِرِينَ لِوُجُودِ الْإِلَهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى قَوْلِنَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا ) [ النَّمْلِ : 14 ] ، وَقَالَ
مُوسَى لِفِرْعَوْنَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=102لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ ) [ الْإِسْرَاءِ : 102 ] ، فَالْقِرَاءَةُ بِفَتْحِ التَّاءِ فِي ( عَلِمْتَ ) تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ عَارِفًا بِاللَّهِ ، وَأَمَّا قَوْمُ
إِبْرَاهِيمَ حَيْثُ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=9وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ ) فَهُوَ مَصْرُوفٌ إِلَى إِثْبَاتِ الْقِيَامَةِ وَإِثْبَاتِ التَّكَالِيفِ وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ وَفِي آخِرِهَا ، وَالْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُمُ اعْتَقَدُوا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31747_31756خَالِقَ الْعَالَمِ وَخَالِقَ الْحَيَوَانَاتِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَكَيْفَ أَقْدَمُوا مَعَ هَذَا الِاعْتِقَادِ عَلَى عِبَادَةِ أَجْسَامٍ خَسِيسَةٍ وَأَصْنَامٍ خَبِيثَةٍ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ بَلْ هِيَ جَمَادَاتٌ مَحْضَةٌ ؟ !
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) مَعْنَاهُ : لِمَ تَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ فَتَقُولُونَ : إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ ، وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِهِ عَلَى أَنَّ إِفْكَهُمْ لَيْسَ مِنْهُمْ بَلْ مِنْ غَيْرِهِمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) ، وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ مَنْ يَضِلُّ فِي فَهْمِ الْكَلَامِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ يُقَالُ لَهُ : أَيْنَ يَذْهَبُ بِكَ ؟ وَالْمُرَادُ : أَيْنَ تَذْهَبُ ؟ وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : أَيْنَ يَذْهَبُ بِكَ ؟ ظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَاهِبًا آخَرَ ذَهَبَ بِهِ ، فَصَرْفُ الْكَلَامِ عَنْ حَقِيقَتِهِ خِلَافُ الْأَصْلِ الظَّاهِرِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ هُوَ الَّذِي خَلَقَ تِلْكَ الدَّاعِيَةَ فِي قَلْبِهِ ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالْبُرْهَانِ الْبَاهِرِ أَنَّ خَالِقَ تِلْكَ الدَّاعِيَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=88وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ ) ، وَفِيهِ مَبَاحِثُ :
الْأَوَّلُ : قَرَأَ الْأَكْثَرُونَ ( وَقِيلَهُ ) بِفَتْحِ اللَّامِ ، وَقَرَأَ
عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ ، قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : وَقَرَأَ أُنَاسٌ مِنْ غَيْرِ السَّبْعَةِ بِالرَّفْعِ ، أَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا بِالنَّصْبِ فَذَكَرَ
الْأَخْفَشُ وَالْفَرَّاءُ فِيهِ قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ بِتَقْدِيرِ : وَقَالَ قِيلَهُ وَشَكَا شَكْوَاهُ إِلَى رَبِّهِ يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْتَصَبَ قِيلَهُ بِإِضْمَارِ قَالَ ، وَالثَّانِي : أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : ( أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ . . . وَقِيلَهُ ) ، وَذَكَرَ
الزَّجَّاجُ فِيهِ وَجْهًا ثَالِثًا فَقَالَ : إِنَّهُ نُصِبَ عَلَى مَوْضِعِ السَّاعَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=85وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28781_30175_29692عَلِمَ السَّاعَةَ ، وَالتَّقْدِيرُ : عَلِمَ السَّاعَةَ وَقِيلَهُ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُكَ : عَجِبْتُ مِنْ ضَرْبِ زَيْدٍ وَعَمْرًا ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْجَرِّ فَقَالَ
الْأَخْفَشُ وَالْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ : إِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى السَّاعَةِ ، أَيْ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَعِلْمُ قِيلِهِ : يَا رَبِّ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : الْعَطْفُ عَلَى الْمَنْصُوبِ حَسَنٌ وَإِنْ تَبَاعَدَ الْمَعْطُوفُ مِنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ الْمَنْصُوبِ وَعَامِلِهِ ، وَالْمَجْرُورُ يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِ عَلَى قُبْحٍ ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالرَّفْعِ فَفِيهَا وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=88وَقِيلِهِ ) مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى عِلْمِ السَّاعَةِ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْمُضَافِ ، مَعْنَاهُ : وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَعِلْمُ قِيلِهِ ، قَالَ صَاحِبُ “ الْكَشَّافِ “ : هَذِهِ الْوُجُوهُ لَيْسَتْ قَوِيَّةً فِي الْمَعْنَى لَا سِيَّمَا وُقُوعُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَحْسُنُ اعْتِرَاضًا ، ثُمَّ ذَكَرَ وَجْهًا آخَرَ وَزَعَمَ أَنَّهُ أَقْوَى مِمَّا سَبَقَ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ النَّصْبُ وَالْجَرُّ عَلَى إِضْمَارِ حَرْفِ الْقَسَمِ وَحَذْفِهِ ، وَالرَّفْعُ عَلَى قَوْلِهِمْ : أَيْمُنُ اللَّهِ ، وَأَمَانَةُ اللَّهِ ، وَيَمِينُ اللَّهِ ، يَكُونُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=88إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ ) جَوَابَ الْقَسَمِ كَأَنَّهُ قِيلَ
[ ص: 201 ] وَأَقْسَمَ بِقِيلِهِ : يَا رَبِّ ، أَوْ وَقِيلِهِ : يَا رَبِّ قَسَمِي ، وَأَقُولُ : هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ “ الْكَشَّافِ “ مُتَكَلَّفٌ أَيْضًا ، وَهَهُنَا إِضْمَارٌ امْتَلَأَ الْقُرْآنُ مِنْهُ وَهُوَ إِضْمَارُ اذْكُرْ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَاذْكُرْ قِيلَهُ : يَا رَبِّ ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْجَرِّ فَالتَّقْدِيرُ : وَاذْكُرْ وَقْتَ قِيلِهِ : يَا رَبِّ ، وَإِذَا وَجَبَ الْتِزَامُ الْإِضْمَارِ فَلَأَنْ يُضْمِرَ شَيْئًا جَرَتِ الْعَادَةُ فِي الْقُرْآنِ بِالْتِزَامِ إِضْمَارِهِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=88وَقِيلِهِ يَارَبِّ ) وَالْمُرَادُ : وَقِيلَ يَا رَبِّ ، وَالْهَاءُ زِيَادَةٌ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : الْقِيلُ مَصْدَرٌ كَالْقَوْلِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013694نَهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ ، قَالَ
اللَّيْثُ : تَقُولُ الْعَرَبُ : كَثِيرٌ فِيهِ الْقِيلُ وَالْقَالُ ، وَرَوَى
شِمْرٌ عَنْ
أَبِي زَيْدٍ يُقَالُ : مَا أَحْسَنَ قَيْلَكَ وَقَوْلَكَ وَقَالَكَ وَقَالَتَكَ وَمَقَالَتَكَ ، خَمْسَةُ أَوْجُهٍ .
الْبَحْثُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=34077الضَّمِيرُ فِي قِيلِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
الْبَحْثُ الرَّابِعُ : أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ضَجِرَ مِنْهُمْ وَعَرَفَ إِصْرَارَهُمْ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا حَكَى اللَّهُ عَنْ
نُوحٍ أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=21رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا ) [ نُوحٍ : 21 ] .
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=89فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ) ، فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَصْفَحَ عَنْهُمْ ، وَفِي ضِمْنِهِ مَنَعَهُ مِنْ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِمْ بِالْعَذَابِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28910_32489وَالصَّفْحُ هُوَ الْإِعْرَاضُ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=89وَقُلْ سَلَامٌ ) ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ إِنَّمَا مَعْنَاهُ الْمُتَارَكَةُ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ
إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ) [ مَرْيَمَ : 47 ] ، وَكَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) [ الْقَصَصِ : 55 ] .
قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=89فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّهْدِيدُ ، وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ تَعْلَمُونَ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ ، وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ كِنَايَةً عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : احْتَجَّ قَوْمٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=18118_32643_32644_18143السَّلَامُ عَلَى الْكَافِرِ ، وَأَقُولُ : إِنْ صَحَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ فَهَذَا يُوجِبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى مُجَرَّدِ قَوْلِهِ : ( سَلَامٌ ) ، وَأَنْ يُقَالَ لِلْمُؤْمِنِ : سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ، وَالْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى التَّحِيَّةِ الَّتِي تُذْكَرُ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=89nindex.php?page=treesubj&link=32489فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ) مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ ، وَعِنْدِي أَنَّ الْتِزَامَ النَّسْخِ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مُشْكِلٌ ، لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يُفِيدُ الْفِعْلَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَإِذَا أَتَى بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَدْ سَقَطَتْ دَلَالَةُ اللَّفْظِ ، فَأَيُّ حَاجَةٍ فِيهِ إِلَى الْتِزَامِ النَّسْخِ ؟ وَأَيْضًا فَمِثْلُهُ يَمِينُ الْفَوْرِ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يَتَقَيَّدُ بِحَسَبِ قَرِينَةِ الْعُرْفِ ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ فِيهِ إِلَى الْتِزَامِ النَّسْخِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .
قَالَ مَوْلَانَا الْمُؤَلِّفُ عَلَيْهِ سَحَائِبُ الرَّحْمَةِ وَالرُّضْوَانِ : تَمَّ تَفْسِيرُ هَذِهِ السُّورَةِ يَوْمَ الْأَحَدِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّمِائَةٍ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا ، وَبَاطِنًا وَظَاهِرًا ، وَالصَّلَاةُ عَلَى مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ خُصُوصًا عَلَى
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ أَبَدَ الْآبِدِينَ وَدَهْرَ الدَّاهِرِينَ .