(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون ) .
اعلم أنه تعالى ذكر الاستدلال بكيفية
nindex.php?page=treesubj&link=29485_29703_32415جريان الفلك على وجه البحر ، وذلك لا يحصل إلا بسبب تسخير ثلاثة أشياء :
أحدها : الرياح التي تجري على وفق المراد .
ثانيها : خلق وجه الماء على الملاسة التي تجري عليها الفلك .
ثالثها : خلق الخشبة على وجه تبقى طافية على وجه الماء ولا تغوص فيه .
وهذه الأحوال الثلاثة لا يقدر عليها واحد من البشر ، فلا بد من موجد قادر عليها وهو الله سبحانه وتعالى ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12ولتبتغوا من فضله ) معناه : إما بسبب التجارة ، أو بالغوص على اللؤلؤ والمرجان ، أو لأجل استخراج اللحم الطري .
[ ص: 226 ] ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ) ، والمعنى لولا أن
nindex.php?page=treesubj&link=32415_29703_29485الله تعالى أوقف أجرام السماوات والأرض في مقارها وأحيازها لما حصل الانتفاع ، لأن بتقدير كون الأرض هابطة أو صاعدة لم يحصل الانتفاع بها ، وبتقدير كون الأرض من الذهب والفضة أو الحديد لم يحصل الانتفاع ، وكل ذلك قد بيناه ، فإن قيل : ما معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13منه ) في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13جميعا منه ) ؟ قلنا : معناه : أنها واقعة موقع الحال ، والمعنى أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة من عنده يعني أنه تعالى مكونها وموجدها بقدرته وحكمته ثم مسخرها لخلقه ، قال صاحب “ الكشاف “ : قرأ
سلمة بن محارب ( منه ) على أن يكون منه فاعل سخر على الإسناد المجازي أو على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : ذلك منه ، أو هو منه .
واعلم أنه تعالى لما علم عباده دلائل التوحيد والقدرة والحكمة ، أتبع ذلك بتعليم الأخلاق الفاضلة والأفعال الحميدة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=28862قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) والمراد بالذين لا يرجون أيام الله الكفار ، واختلفوا في سبب نزول الآية ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قل للذين آمنوا ) يعني
عمر ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) يعني
عبد الله بن أبي ، وذلك أنهم نزلوا في غزوة
بني المصطلق على بئر يقال لها :
المريسيع ، فأرسل
عبد الله غلامه ليستقي الماء فأبطأ عليه ، فلما أتاه قال له : ما حبسك ؟ قال : غلام
عمر قعد على طرف البئر فما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قرب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقرب
أبي بكر ، وملأ لمولاه ، فقال
عبد الله : ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل : سمن كلبك يأكلك ، فبلغ قوله
عمر ، فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه ، فأنزل الله هذه الآية . وقال
مقاتل : شتم رجل من كفار
قريش عمر بمكة ، فهم أن يبطش به فأمر الله بالعفو والتجاوز ، وأنزل هذه الآية .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران أن فنحاص اليهودي لما أنزل الله قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) [ البقرة : 245 ] ، قال : احتاج رب محمد ، فسمع بذلك عمر فاشتمل على سيفه ، وخرج في طلبه ، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلبه حتى رده .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14للذين لا يرجون أيام الله ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا يرجون ثواب الله ، ولا يخافون عقابه ، ولا يخشون مثل عقاب الأمم الخالية ، وذكرنا تفسير أيام الله عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=5وذكرهم بأيام الله ) وأكثر المفسرين يقولون : إنه منسوخ ، وإنما قالوا ذلك لأنه يدخل تحت الغفران أن لا يقتلوا ، فلما أمر الله بهذه المقاتلة كان نسخا ، والأقرب أن يقال : إنه محمول على
nindex.php?page=treesubj&link=20034ترك المنازعة في المحقرات ، وعلى التجاوز عما يصدر عنهم من الكلمات المؤذية والأفعال الموحشة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14ليجزي قوما بما كانوا يكسبون ) أي لكي يجازي بالمغفرة قوما يعملون الخير ، فإن قيل : ما الفائدة في التنكير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14ليجزي قوما ) مع أن المراد بهم هم المؤمنون المذكورون في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قل للذين آمنوا ) ؟ .
قلنا : التنكير يدل على تعظيم شأنهم كأنه قيل : ليجزي قوما وأي قوم من شأنهم
nindex.php?page=treesubj&link=20034الصفح عن السيئات والتجاوز عن المؤذيات وتحمل الوحشة وتجرع المكروه ، وقال آخرون : معنى الآية : قل للمؤمنين يتجاوزوا عن الكفار ، ليجزي الله الكفار بما كانوا يكسبون من الإثم ، كأنه قيل لهم : لا تكافئوهم أنتم حتى نكافئهم نحن ، ثم ذكر الحكم العام فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15من عمل صالحا فلنفسه ) وهو مثل ضربه الله للذين يغفرون ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15ومن أساء فعليها ) مثل ضربه للكفار الذين كانوا يقدمون على إيذاء الرسول والمؤمنين وعلى ما لا يحل ، فبين تعالى أن
nindex.php?page=treesubj&link=30495_30503العمل الصالح يعود بالنفع العظيم على فاعله ، والعمل الرديء يعود بالضرر على فاعله ، وأنه تعالى أمر بهذا ونهى عن ذلك لحظ العبد لا لنفع يرجع إليه ، وهذا
nindex.php?page=treesubj&link=30491_30514ترغيب منه في العمل الصالح وزجر عن العمل الباطل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الِاسْتِدْلَالَ بِكَيْفِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=29485_29703_32415جَرَيَانِ الْفُلْكِ عَلَى وَجْهِ الْبَحْرِ ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِسَبَبِ تَسْخِيرِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ :
أَحَدُهَا : الرِّيَاحُ الَّتِي تَجْرِي عَلَى وَفْقِ الْمُرَادِ .
ثَانِيهَا : خَلْقُ وَجْهِ الْمَاءِ عَلَى الْمَلَاسَةِ الَّتِي تَجْرِي عَلَيْهَا الْفُلْكُ .
ثَالِثُهَا : خَلْقُ الْخَشَبَةِ عَلَى وَجْهٍ تَبْقَى طَافِيَةً عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ وَلَا تَغُوصُ فِيهِ .
وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا وَاحِدٌ مِنَ الْبَشَرِ ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُوجِدٍ قَادِرٍ عَلَيْهَا وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ) مَعْنَاهُ : إِمَّا بِسَبَبِ التِّجَارَةِ ، أَوْ بِالْغَوْصِ عَلَى اللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ ، أَوْ لِأَجْلِ اسْتِخْرَاجِ اللَّحْمِ الطَّرِيِّ .
[ ص: 226 ] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ) ، وَالْمَعْنَى لَوْلَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32415_29703_29485اللَّهَ تَعَالَى أَوْقَفَ أَجْرَامَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فِي مَقَارِّهَا وَأَحْيَازِهَا لَمَا حَصَلَ الِانْتِفَاعُ ، لِأَنَّ بِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْأَرْضِ هَابِطَةً أَوْ صَاعِدَةً لَمْ يَحْصُلِ الِانْتِفَاعُ بِهَا ، وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْأَرْضِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَوِ الْحَدِيدِ لَمْ يَحْصُلِ الِانْتِفَاعُ ، وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ بَيَّنَّاهُ ، فَإِنْ قِيلَ : مَا مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13مِنْهُ ) فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13جَمِيعًا مِنْهُ ) ؟ قُلْنَا : مَعْنَاهُ : أَنَّهَا وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ الْحَالِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ سَخَّرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَائِنَةً مِنْهُ وَحَاصِلَةً مِنْ عِنْدِهِ يَعْنِي أَنَّهُ تَعَالَى مُكَوِّنُهَا وَمُوجِدُهَا بِقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ ثُمَّ مُسَخِّرُهَا لِخَلْقِهِ ، قَالَ صَاحِبُ “ الْكَشَّافِ “ : قَرَأَ
سَلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ ( مِنْهُ ) عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَاعِلَ سَخَّرَ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ : ذَلِكَ مِنْهُ ، أَوْ هُوَ مِنْهُ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا عَلَّمَ عِبَادَهُ دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ ، أَتْبَعَ ذَلِكَ بِتَعْلِيمِ الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ وَالْأَفْعَالِ الْحَمِيدَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=28862قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ) وَالْمُرَادُ بِالَّذِينِ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ الْكُفَّارُ ، وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) يَعْنِي
عُمَرَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ) يَعْنِي
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ نَزَلُوا فِي غَزْوَةِ
بَنِي الْمُصْطَلِقِ عَلَى بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا :
الْمُرَيْسِيعُ ، فَأَرْسَلَ
عَبْدُ اللَّهِ غُلَامَهُ لِيَسْتَقِيَ الْمَاءَ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ : مَا حَبَسَكَ ؟ قَالَ : غُلَامُ
عُمَرَ قَعَدَ عَلَى طَرَفِ الْبِئْرِ فَمَا تَرَكَ أَحَدًا يَسْتَقِي حَتَّى مَلَأَ قِرَبَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِرَبَ
أَبِي بَكْرٍ ، وَمَلَأَ لِمَوْلَاهُ ، فَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : مَا مِثْلُنَا وَمِثْلُ هَؤُلَاءِ إِلَّا كَمَا قِيلَ : سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ ، فَبَلَغَ قَوْلُهُ
عُمَرَ ، فَاشْتَمَلَ بِسَيْفِهِ يُرِيدُ التَّوَجُّهَ إِلَيْهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : شَتَمَ رَجُلٌ مِنْ كُفَّارِ
قُرَيْشٍ عُمَرَ بِمَكَّةَ ، فَهَمَّ أَنْ يَبْطِشَ بِهِ فَأَمَرَ اللَّهُ بِالْعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ ، وَأَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17188مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ أَنَّ فِنْحَاصَ الْيَهُودِيَّ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) [ الْبَقَرَةِ : 245 ] ، قَالَ : احْتَاجَ رَبُّ مُحَمَّدٍ ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ عُمَرُ فَاشْتَمَلَ عَلَى سَيْفِهِ ، وَخَرَجَ فِي طَلَبِهِ ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي طَلَبِهِ حَتَّى رَدَّهُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : لَا يَرْجُونَ ثَوَابَ اللَّهِ ، وَلَا يَخَافُونَ عِقَابَهُ ، وَلَا يَخْشَوْنَ مِثْلَ عِقَابِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ ، وَذَكَرْنَا تَفْسِيرَ أَيَّامِ اللَّهِ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=5وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ) وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ يَقُولُونَ : إِنَّهُ مَنْسُوخٌ ، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْغُفْرَانِ أَنْ لَا يَقْتُلُوا ، فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْمُقَاتَلَةِ كَانَ نَسْخًا ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=20034تَرْكِ الْمُنَازَعَةِ فِي الْمُحَقَّرَاتِ ، وَعَلَى التَّجَاوُزِ عَمَّا يَصْدُرُ عَنْهُمْ مِنَ الْكَلِمَاتِ الْمُؤْذِيَةِ وَالْأَفْعَالِ الْمُوحِشَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) أَيْ لِكَيْ يُجَازِيَ بِالْمَغْفِرَةِ قَوْمًا يَعْمَلُونَ الْخَيْرَ ، فَإِنْ قِيلَ : مَا الْفَائِدَةُ فِي التَّنْكِيرِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14لِيَجْزِيَ قَوْمًا ) مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=14قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) ؟ .
قُلْنَا : التَّنْكِيرُ يَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ شَأْنِهِمْ كَأَنَّهُ قِيلَ : لِيُجْزِيَ قَوْمًا وَأَيَّ قَوْمٍ مِنْ شَأْنِهِمُ
nindex.php?page=treesubj&link=20034الصَّفْحُ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَالتَّجَاوُزُ عَنِ الْمُؤْذِيَاتِ وَتَحَمُّلُ الْوَحْشَةِ وَتَجَرُّعُ الْمَكْرُوهِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى الْآيَةِ : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَتَجَاوَزُوا عَنِ الْكُفَّارِ ، لِيَجْزِيَ اللَّهُ الْكُفَّارَ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ مِنَ الْإِثْمِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ : لَا تُكَافِئُوهُمْ أَنْتُمْ حَتَّى نُكَافِئَهُمْ نَحْنُ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحُكْمَ الْعَامَّ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ) وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلَّذِينِ يَغْفِرُونَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=15وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ) مَثَلٌ ضَرَبَهُ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانُوا يُقْدِمُونَ عَلَى إِيذَاءِ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَعَلَى مَا لَا يَحِلُّ ، فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30495_30503الْعَمَلَ الصَّالِحَ يَعُودُ بِالنَّفْعِ الْعَظِيمِ عَلَى فَاعِلِهِ ، وَالْعَمَلَ الرَّدِيءَ يَعُودُ بِالضَّرَرِ عَلَى فَاعِلِهِ ، وَأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِهَذَا وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ لِحَظِّ الْعَبْدِ لَا لِنَفْعٍ يَرْجِعُ إِلَيْهِ ، وَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=30491_30514تَرْغِيبٌ مِنْهُ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَزَجْرٌ عَنِ الْعَمَلِ الْبَاطِلِ .