(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=57أزفت الآزفة nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=58ليس لها من دون الله كاشفة )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=57أزفت الآزفة ) وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1وقعت الواقعة ) [ الواقعة : 1 ] .
ويقال : كانت الكائنة . وهذا الاستعمال يقع على وجوه منها ما إذا كان الفاعل صار فاعلا لمثل ذلك الفعل من قبل ، ثم صدر منه مرة أخرى مثل الفعل ، فيقال : فعل الفاعل أي : الذي كان فاعلا صار فاعلا مرة أخرى ، يقال : حاكه الحائك أي : من شغله ذلك من قبل فعله ، ومنها ما يصير الفاعل فاعلا بذلك الفعل ، ومنه يقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013748إذا مات الميت انقطع عمله " وإذا غصب العين غاصب ضمنه ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=57أزفت الآزفة ) يحتمل أن يكون من القبيل الأول أي
nindex.php?page=treesubj&link=30292قربت الساعة التي كل يوم يزداد قربها ، فهي كائنة قريبة وازدادت في القرب ، ويحتمل أن يكون كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1وقعت الواقعة ) أي : قرب وقوعها و" أزفت " فاعلها في الحقيقة القيامة أو الساعة ، فكأنه قال : أزفت القيامة الآزفة أو الساعة أو مثلها .
وقوله تعالى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=58ليس لها من دون الله كاشفة ) فيه وجوه :
أحدها :
nindex.php?page=treesubj&link=30292_29692لا مظهر لها إلا الله ، فمن يعلمها لا يعلم إلا بإعلام الله تعالى إياه وإظهاره إياها له ، فهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إن الله عنده علم الساعة ) [ لقمان : 34 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187لا يجليها لوقتها إلا هو ) [ الأعراف : 187 ] .
ثانيها : لا يأتي بها إلا الله ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=17وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو ) [ الأنعام : 17 ] وفيه مسائل :
الأولى : " من " زائدة تقديره ليس لها غير الله كاشفة ، وهي تدخل على النفي فتؤكد معناه ، تقول : ما جاءني أحد وما جاءني من أحد ، وعلى هذا يحتمل أن يكون فيه تقديم وتأخير ، تقديره ليس لها من كاشفة دون الله ، فيكون نفيا عاما بالنسبة إلى الكواشف ، ويحتمل أن يقال : ليست بزائدة بل معنى الكلام أنه ليس في الوجود نفس تكتشفها أي تخبر عنها كما هي ، ومتى وقتها من غير الله تعالى يعني من يكشفها فإنما يكشفها من الله لا من غير الله يقال : كشف الأمر من زيد ، و" دون " يكون بمعنى " غير " كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=86أئفكا آلهة دون الله تريدون ) [ الصافات : 86 ] أي : غير الله .
المسألة الثانية : " كاشفة " صفة لمؤنث أي : نفس كاشفة ، وقيل : هي للمبالغة كما في العلامة وعلى هذا لا يقال بأنه نفي أن يكون لها كاشفة بصيغة المبالغة ، ولا يلزم من الكاشف الفائق نفي نفس الكاشف ؛ لأنا نقول : لو كشفها أحد لكان كاشفا بالوجه الكامل ، فلا كاشف لها ولا يكشفها أحد ، وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=29وما أنا بظلام للعبيد ) [ ق : 29 ] من حيث نفي كونه ظالما مبالغا ، ولا يلزم منه نفي كونه ظالما ، وقلنا هناك : إنه لو ظلم عبيده الضعفاء بغير حق لكان في غاية الظلم وليس في غاية الظلم فلا يظلمهم أصلا .
المسألة الثالثة : إذا قلت : إن معناه ليس لها نفس كاشفة ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=58من دون الله ) استثناء على الأشهر من الأقوال ، فيكون الله تعالى نفسا لها كاشفة ؟ نقول : الجواب عنه من وجوه :
الأول : لا فساد في ذلك قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ولا أعلم ما في نفسك ) [ المائدة : 116 ] حكاية عن
عيسى عليه السلام والمعنى الحقيقة .
الثاني : ليس هو صريح الاستثناء فيجوز فيه أن لا يكون نفسا .
الثالث : الاستثناء الكاشف المبالغ .
[ ص: 25 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=57أَزِفَتِ الْآزِفَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=58لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=57أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ) وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) [ الْوَاقِعَةِ : 1 ] .
وَيُقَالُ : كَانَتِ الْكَائِنَةُ . وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ يَقَعُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا مَا إِذَا كَانَ الْفَاعِلُ صَارَ فَاعِلًا لِمِثْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ قَبْلُ ، ثُمَّ صَدَرَ مِنْهُ مَرَّةً أُخْرَى مِثْلَ الْفِعْلِ ، فَيُقَالُ : فَعَلَ الْفَاعِلُ أَيِ : الَّذِي كَانَ فَاعِلًا صَارَ فَاعِلًا مَرَّةً أُخْرَى ، يُقَالُ : حَاكَهُ الْحَائِكُ أَيْ : مَنْ شَغَلَهُ ذَلِكَ مِنْ قَبْلُ فَعَلَهُ ، وَمِنْهَا مَا يَصِيرُ الْفَاعِلُ فَاعِلًا بِذَلِكَ الْفِعْلِ ، وَمِنْهُ يُقَالُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013748إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ " وَإِذَا غَصَبَ الْعَيْنَ غَاصِبٌ ضَمِنَهُ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=57أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقَبِيلِ الْأَوَّلِ أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=30292قَرُبَتِ السَّاعَةُ الَّتِي كَلَّ يَوْمٍ يَزْدَادُ قُرْبُهَا ، فَهِيَ كَائِنَةٌ قَرِيبَةٌ وَازْدَادَتْ فِي الْقُرْبِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) أَيْ : قَرُبَ وُقُوعُهَا وَ" أَزِفَتْ " فَاعِلُهَا فِي الْحَقِيقَةِ الْقِيَامَةُ أَوِ السَّاعَةُ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَزِفَتِ الْقِيَامَةُ الْآزِفَةُ أَوِ السَّاعَةُ أَوْ مِثْلُهَا .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=58لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ) فِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=30292_29692لَا مُظْهِرَ لَهَا إِلَّا اللَّهُ ، فَمَنْ يَعْلَمُهَا لَا يَعْلَمُ إِلَّا بِإِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ وَإِظْهَارِهِ إِيَّاهَا لَهُ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) [ لُقْمَانَ : 34 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ) [ الْأَعْرَافِ : 187 ] .
ثَانِيهَا : لَا يَأْتِي بِهَا إِلَّا اللَّهُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=17وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ) [ الْأَنْعَامِ : 17 ] وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْأُولَى : " مِنْ " زَائِدَةٌ تَقْدِيرُهُ لَيْسَ لَهَا غَيْرُ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ، وَهِيَ تَدْخُلُ عَلَى النَّفْيِ فَتُؤَكِّدُ مَعْنَاهُ ، تَقُولُ : مَا جَاءَنِي أَحَدٌ وَمَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ ، وَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، تَقْدِيرُهُ لَيْسَ لَهَا مِنْ كَاشِفَةٍ دُونَ اللَّهِ ، فَيَكُونُ نَفْيًا عَامًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَوَاشِفِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ بَلْ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ نَفْسٌ تَكْتَشِفُهَا أَيْ تُخْبِرُ عَنْهَا كَمَا هِيَ ، وَمَتَى وَقْتُهَا مِنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى يَعْنِي مَنْ يَكْشِفُهَا فَإِنَّمَا يَكْشِفُهَا مِنَ اللَّهِ لَا مِنْ غَيْرِ اللَّهِ يُقَالُ : كَشْفُ الْأَمْرِ مِنْ زَيْدٍ ، وَ" دُونَ " يَكُونُ بِمَعْنَى " غَيْرِ " كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=86أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ ) [ الصَّافَّاتِ : 86 ] أَيْ : غَيْرَ اللَّهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : " كَاشِفَةٌ " صِفَةٌ لِمُؤَنَّثٍ أَيْ : نَفْسٌ كَاشِفَةٌ ، وَقِيلَ : هِيَ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا فِي الْعَلَّامَةِ وَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ بِأَنَّهُ نَفْيٌ أَنْ يَكُونَ لَهَا كَاشِفَةٌ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْكَاشِفِ الْفَائِقِ نَفْيُ نَفْسِ الْكَاشِفِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : لَوْ كَشَفَهَا أَحَدٌ لَكَانَ كَاشِفًا بِالْوَجْهِ الْكَامِلِ ، فَلَا كَاشِفَ لَهَا وَلَا يَكْشِفُهَا أَحَدٌ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=29وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) [ ق : 29 ] مِنْ حَيْثُ نَفْيُ كَوْنِهِ ظَالِمًا مُبَالِغًا ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ كَوْنِهِ ظَالِمًا ، وَقُلْنَا هُنَاكَ : إِنَّهُ لَوْ ظَلَمَ عَبِيدَهُ الضُّعَفَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ لَكَانَ فِي غَايَةِ الظُّلْمِ وَلَيْسَ فِي غَايَةِ الظُّلْمِ فَلَا يَظْلِمُهُمْ أَصْلًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : إِذَا قُلْتَ : إِنْ مَعْنَاهُ لَيْسَ لَهَا نَفْسٌ كَاشِفَةٌ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=58مِنْ دُونِ اللَّهِ ) اسْتِثْنَاءٌ عَلَى الْأَشْهَرِ مِنَ الْأَقْوَالِ ، فَيَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسًا لَهَا كَاشِفَةٌ ؟ نَقُولُ : الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ :
الْأَوَّلُ : لَا فَسَادَ فِي ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ) [ الْمَائِدَةِ : 116 ] حِكَايَةً عَنْ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْمَعْنَى الْحَقِيقَةُ .
الثَّانِي : لَيْسَ هُوَ صَرِيحُ الِاسْتِثْنَاءِ فَيَجُوزُ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ نَفْسًا .
الثَّالِثُ : الِاسْتِثْنَاءُ الْكَاشِفُ الْمَبَالِغُ .
[ ص: 25 ]