(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ) وفيه قراءات خاشعا وخاشعة وخشعا ، فمن قرأ " خاشعا " على قول القائل : يخشع أبصارهم على ترك التأنيث لتقدم الفعل ، ومن قرأ " خاشعة " على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خاشعة أبصارهم ) [ القلم : 43 ] ومن قرأ خشعا فله وجوه .
أحدها : على قول من يقول : يخشعن أبصارهم على طريقة من يقول : أكلوني البراغيث .
ثانيها : في (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خشعا ) ضمير " أبصارهم " بدل عنه ، تقديره يخشعون أبصارهم على بدل الاشتمال كقول القائل : أعجبوني حسنهم .
ثالثها : فيه فعل مضمر يفسره يخرجون تقديره يخرجون خشعا أبصارهم على بدل الاشتمال والصحيح خاشعا ، روي أن
مجاهدا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه فقال له : يا نبي الله خشعا أبصارهم أو خاشعا أبصارهم ؟ فقال عليه السلام : ( خاشعا ) ، ولهذه القراءة وجه آخر أظهر مما قالوه وهو أن يكون " خشعا " منصوبا على أنه مفعول بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6يوم يدعو الداعي ) خشعا أي يدعو هؤلاء ، فإن قيل : هذا فاسد من وجوه :
أحدها : أن التخصيص لا فائدة فيه ؛ لأن الداعي يدعو كل أحد .
ثانيها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7يخرجون من الأجداث ) بعد الدعاء فيكونون خشعا قبل الخروج ، وإنه باطل .
ثالثها : قراءة " خاشعا " تبطل هذا .
نقول : أما الجواب عن الأول فهو أن يقال : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6إلى شيء نكر ) يدفع ذلك لأن كل
[ ص: 31 ] أحد لا يدعى إلى شيء نكر ، وعن الثاني المراد : " من شيء نكر " الحساب العسر يعني يوم يدعو الداعي إلى الحساب العسر خشعا ولا يكون العامل في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6يوم يدعو ) " يخرجون " بل اذكروا ، أو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5فما تغن النذر ) كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=48فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) [ المدثر : 48 ] ويكون يخرجون ابتداء كلام ، وعن الثالث أنه لا منافاة بين القراءتين ؛ و" خاشعا " نصب على الحال أو على أنه مفعول " يدعو " كأنه يقول : يدعو الداعي قوما خاشعا أبصارهم والخشوع السكون قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=108وخشعت الأصوات ) [ طه : 108 ]
nindex.php?page=treesubj&link=28766وخشوع الأبصار سكونها على كل حال لا تنفلت يمنة ولا يسرة كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43لا يرتد إليهم طرفهم ) [ إبراهيم : 43 ] .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ) مثلهم بالجراد المنتشر في الكثرة والتموج ، ويحتمل أن يقال : المنتشر مطاوع نشره إذا أحياه فكأنهم جراد يتحرك من الأرض ويدب إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=30337_30339كيفية خروجهم من الأجداث وضعفهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ) وَفِيهِ قِرَاءَاتٌ خَاشِعًا وَخَاشِعَةً وَخُشَّعًا ، فَمَنْ قَرَأَ " خَاشِعًا " عَلَى قَوْلِ الْقَائِلِ : يَخْشَعُ أَبْصَارُهُمْ عَلَى تَرْكِ التَّأْنِيثِ لِتَقَدُّمِ الْفِعْلِ ، وَمَنْ قَرَأَ " خَاشِعَةً " عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ ) [ الْقَلَمِ : 43 ] وَمَنْ قَرَأَ خُشَّعًا فَلَهُ وُجُوهٌ .
أَحَدُهَا : عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ : يَخْشَعْنَ أَبْصَارُهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يَقُولُ : أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ .
ثَانِيهَا : فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خُشَّعًا ) ضَمِيرُ " أَبْصَارُهُمْ " بَدَلٌ عَنْهُ ، تَقْدِيرُهُ يَخْشَعُونَ أَبْصَارُهُمْ عَلَى بَدَلِ الِاشْتِمَالِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ : أَعْجَبُونِي حُسْنُهُمْ .
ثَالِثُهَا : فِيهِ فِعْلٌ مُضْمَرٌ يُفَسِّرُهُ يَخْرُجُونَ تَقْدِيرُهُ يَخْرُجُونَ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ عَلَى بَدَلِ الِاشْتِمَالِ وَالصَّحِيحُ خَاشِعًا ، رُوِيَ أَنَّ
مُجَاهِدًا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ أَوْ خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ( خَاشِعًا ) ، وَلِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَجْهٌ آخَرُ أَظْهَرُ مِمَّا قَالُوهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ " خُشَّعًا " مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي ) خُشَّعًا أَيْ يَدْعُو هَؤُلَاءِ ، فَإِنْ قِيلَ : هَذَا فَاسِدٌ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ التَّخْصِيصَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ يَدْعُو كُلَّ أَحَدٍ .
ثَانِيهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ ) بَعْدَ الدُّعَاءِ فَيَكُونُونَ خُشَّعًا قَبْلَ الْخُرُوجِ ، وَإِنَّهُ بَاطِلٌ .
ثَالِثُهَا : قِرَاءَةُ " خَاشِعًا " تُبْطِلُ هَذَا .
نَقُولُ : أَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ أَنْ يُقَالَ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ ) يَدْفَعُ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ
[ ص: 31 ] أَحَدٍ لَا يُدْعَى إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ ، وَعَنِ الثَّانِي الْمُرَادُ : " مِنْ شَيْءٍ نُكُرٍ " الْحِسَابُ الْعَسِرُ يَعْنِي يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي إِلَى الْحِسَابِ الْعَسِرِ خُشَّعًا وَلَا يَكُونُ الْعَامِلُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6يَوْمَ يَدْعُو ) " يَخْرُجُونَ " بَلِ اذْكُرُوا ، أَوْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ) كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=48فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) [ الْمُدَّثِّرِ : 48 ] وَيَكُونُ يَخْرُجُونَ ابْتِدَاءَ كَلَامٍ ، وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ ؛ وَ" خَاشِعًا " نُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ " يَدْعُو " كَأَنَّهُ يَقُولُ : يَدْعُو الدَّاعِي قَوْمًا خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ وَالْخُشُوعُ السُّكُونُ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=108وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ ) [ طه : 108 ]
nindex.php?page=treesubj&link=28766وَخُشُوعُ الْأَبْصَارِ سُكُونُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا تَنْفَلِتُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ) [ إِبْرَاهِيمَ : 43 ] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ) مَثَّلَهُمْ بِالْجَرَادِ الْمُنْتَشِرِ فِي الْكَثْرَةِ وَالتَّمَوُّجِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : الْمُنْتَشِرُ مُطَاوِعُ نَشَرَهُ إِذَا أَحْيَاهُ فَكَأَنَّهُمْ جَرَادٌ يَتَحَرَّكُ مِنَ الْأَرْضِ وَيَدِبُّ إِشَارَةً إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30337_30339كَيْفِيَّةِ خُرُوجِهِمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ وَضَعْفِهِمْ .