(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إن المجرمين في ضلال وسعر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إن المجرمين في ضلال وسعر ) وفي الآية مسائل :
[ ص: 62 ] الأولى : فيمن نزلت الآية في حقهم ؟ أكثر المفسرين اتفقوا على أنها نازلة في القدرية ، روى
الواحدي في تفسيره قال : سمعت الشيخ
رضي الدين المؤيد الطوسي بنيسابور قال : سمعت
عبد الجبار قال : أخبرنا
الواحدي ، قال : أخبرنا
أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج ، قال : أخبرنا
أبو محمد عبد الله الكعبي ، قال : حدثنا
حمدان بن صالح الأشج حدثنا
عبد الله بن عبد العزيز بن أبي داود ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
زياد بن إسماعيل المخزومي عن
محمد بن عباد بن جعفر عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013753جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر ، فأنزل الله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إن المجرمين في ضلال وسعر ) إلى قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=49إنا كل شيء خلقناه بقدر ) [ القمر : 49 ] وكذلك نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الآية نزلت في
القدرية .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013754مجوس هذه الأمة القدرية " وهم المجرمون الذين سماهم الله تعالى في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إن المجرمين في ضلال وسعر ) وكثرت الأحاديث في
القدرية ، وفيها مباحث :
الأول : في
nindex.php?page=treesubj&link=30239_30451معنى القدرية الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم : نزلت الآية فيهم ، فنقول : كل فريق في خلق الأعمال يذهب إلى أن القدري خصمه ، فالجبري يقول : القدري من يقول : الطاعة والمعصية ليستا بخلق الله وقضائه وقدره ، فهم قدرية لأنهم ينكرون القدر . والمعتزلي يقول : القدري هو الجبري الذي يقول حين يزني ويسرق الله قدرني فهو قدري لإثباته القدر . وهما جميعا يقولان
لأهل السنة : الذي يعترف بخلق الله وليس من العبد إنه قدري ، والحق أن القدري الذي نزلت فيه الآية هو الذي ينكر القدر ، ويقول بأن الحوادث كلها حادثة بالكواكب واتصالاتها ، ويدل عليه قوله جاء مشركو
قريش يحاجون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر فإن مذهبهم ذلك ، وما كانوا يقولون مثل ما يقول
المعتزلة : إن الله خلق لي سلامة الأعضاء وقوة الإدراك ومكنني من الطاعة والمعصية ، والله قادر على أن يخلق في الطاعة إلجاء والمعصية إلجاء ، وقادر على أن يطعم الفقير الذي أطعمه أنا بفضل الله ، والمشركون كانوا يقولون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=47أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ) [ يس : 47 ] منكرين لقدرة الله تعالى على الإطعام ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013755nindex.php?page=treesubj&link=30239_30451_31022مجوس هذه الأمة هم القدرية " فنقول : المراد من هذه الأمة ، إما الأمة التي كان
محمد صلى الله عليه وسلم مرسلا إليهم سواء آمنوا به أو لم يؤمنوا كلفظ القوم ، وإما أمته الذين آمنوا به ، فإن كان المراد الأول
فالقدرية في زمانه هم المشركون الذين أنكروا قدرة الله على الحوادث فلا يدخل فيهم
المعتزلة ، وإن كان المراد هو الثاني فقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013756مجوس هذه الأمة " يكون معناه الذين نسبتهم إلى هذه الأمة كنسبة
المجوس إلى الأمة المتقدمة ، لكن الأمة المتقدمة أكثرهم كفرة ،
والمجوس نوع منهم أضعف شبهة وأشد مخالفة للعقل ، فكذلك
القدرية في هذه الأمة تكون نوعا منهم أضعف دليلا ، ولا يقتضي ذلك الجزم بكونهم في النار ، فالحق أن القدري هو الذي ينكر قدرة الله تعالى ، إن قلنا : إن النسبة للنفي أو الذي يثبت قدرة غير الله تعالى على الحوادث إن قلنا : إن النسبة للإثبات وحينئذ يقطع بكونه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47في ضلال وسعر ) وإنه ذائق مس سقر .
البحث الثاني : في بيان من يدخل في القدرية التي في النص ممن هو منتسب إلى أنه من أمة
محمد صلى الله عليه وسلم ، إن قلنا :
القدرية سموا بهذا الاسم لنفيهم قدرة الله تعالى ، فالذي يقول : لا قدرة لله على تحريك العبد بحركة هي الصلاة وحركة هي الزنا مع أن ذلك أمر ممكن لا يبعد دخوله فيهم ، وأما الذي يقول : بأن الله قادر غير أنه لم يجبره وتركه مع داعية العبد كالوالد الذي يجرب الصبي في حمل شيء ، تركه معه لا لعجز الوالد بل للابتلاء والامتحان ، لا كالمفلوج الذي لا قوة له إذا قال لغيره : احمل هذا ، فلا يدخل فيهم ظاهرا وإن كان مخطئا ، وإن قلنا : إن
القدرية سموا بهذا الاسم لإثباتهم القدرة على الحوادث لغير الله من الكواكب ،
[ ص: 63 ] والجبري الذي قال : هو الحائط الساقط الذي لا يجوز تكليفه بشيء لصدور الفعل من غيره ، وهم أهل الإباحة ، فلا شك في دخوله في
القدرية فإنه يكفر بنفيه التكليف . وأما الذي يقول : خلق الله تعالى فينا الأفعال وقدرها وكلفنا ، و(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=23لا يسأل عما يفعل ) [ الأنبياء : 23 ] فما هو منهم .
البحث الثالث : اختلف القائلون في التعصب أن الاسم
بالمعتزلة أحق أم
بالأشاعرة ؟ فقالت
المعتزلة الاسم بكم أحق ؛ لأن النسبة تكون للإثبات لا للنفي ، يقال للدهري : دهري لقوله بالدهر وإثباته ، وللمباحي إباحي لإثباته الإباحة وللثنوية ثنوية لإثباتهم الاثنين وهما النور والظلمة ، وكذلك أمثاله وأنتم تثبتون القدر . وقالت
الأشاعرة : النصوص تدل على أن القدري من ينفي قدرة الله تعالى ، ومشركو
قريش ما كانوا قدرية إلا لإثباتهم قدرة لغير الله ، قالت
المعتزلة : إنما سمي المشركون قدرية ؛ لأنهم قالوا : إن كان قادرا على الحوادث كما تقول يا
محمد فلو شاء الله لهدانا ولو شاء لأطعم الفقير ، فاعتقدوا أن من لوازم قدرة الله تعالى على الحوادث خلقه الهداية فيهم إن شاء ، وهذا مذهبكم أيها
الأشاعرة ، والحق الصراح أن كل واحد من المسلمين الذين ذهبوا إلى المذهبين خارج عن
القدرية ، ولا يصير واحد منهم قدريا إلا إذا صار النافي نافيا للقدرة والمثبت منكرا للتكليف .
المسألة الثانية : المجرمون هم المشركون هاهنا كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=12ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم ) [ السجدة : 12 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=11يود المجرم لو يفتدي ) [ المعارج : 11 ] وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يعرف المجرمون بسيماهم ) [ الرحمن : 41 ] فالآية عامة ، وإن نزلت في قوم خاص .
nindex.php?page=treesubj&link=28675_30549_28760وجرمهم تكذيب الرسل والنذر بالإشراك وإنكار الحشر وإنكار قدرة الله تعالى على الإحياء بعد الإماتة ، وعلى غيره من الحوادث .
المسألة الثالثة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47في ضلال وسعر ) يحتمل وجوها ثلاثة :
أحدها : الجمع بين الأمرين في الدنيا أي : هم في الدنيا في ضلال وجنون لا يعقلون ولا يهتدون ، وعلى هذا فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48يسحبون ) بيان حالهم في تلك الصورة وهو أقرب .
ثانيها : الجمع في الآخرة أي : هم في ضلال الآخرة وسعر أيضا . أما السعر فكونهم فيها ظاهر ، وأما الضلال فلا يجدون إلى مقصدهم أو إلى ما يصلح مقصدا وهم متحيرون سبيلا ، فإن قيل : الصحيح هو الوجه الأخير لا غير لأن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48يوم يسحبون ) ظرف القول أي : يوم يسحبون يقال لهم ذوقوا ، وسنبين ذلك فنقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48يوم يسحبون ) يحتمل أن يكون منصوبا بعامل مذكور أو مفهوم غير مذكور ، والاحتمال الأول له وجهان:
أحدهما : العامل سابق وهو معنى كائن ومستقر غير أن ذلك صار نسيا منسيا .
ثانيهما : العامل متأخر وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48ذوقوا ) تقديره : ذوقوا مس سقر يوم يسحب المجرمون ، والخطاب حينئذ مع من خوطب بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=43أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة ) [ القمر : 43 ] .
والاحتمال الثالث : أن المفهوم هو أن يقال لهم : يوم يسحبون ذوقوا ، وهذا هو المشهور ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48ذوقوا ) استعارة وفيه حكمة وهو أن الذوق من جملة الإدراكات فإن المذوق إذ لاقى اللسان يدرك أيضا حرارته وبرودته وخشونته وملاسته ، كما يدرك سائر أعضائه الحسية ، ويدرك أيضا طعمه ولا يدركه غير اللسان ، فإدراك اللسان أتم ، فإذا تأذى من نار تأذى بحرارته ومرارته إن كان الحار أو غيره لا يتأذى إلا بحرارته ، فإذن الذوق إدراك لمسي أتم من
[ ص: 64 ] غيره في الملموسات فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48ذوقوا ) إشارة إلى أن إدراكهم بالذوق أتم الإدراكات ، فيجتمع في العذاب شدته وإيلامه بطول مدته ودوامه ، ويكون المدرك له لا عذر له يشغله ، وإنما هو على أتم ما يكون من الإدراك فيحصل الألم العظيم . وقد ذكرنا أن على قول الأكثرين يقال لهم أو نقول مضمر . وقد ذكرنا أنه لا حاجة إلى الإضمار إذا كان الخطاب مع غير من قيل في حقهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إن المجرمين في ضلال ) فإنه يصير كأنه قال : ذوقوا أيها المكذبون
بمحمد صلى الله عليه وسلم مس سقر يوم يسحب المجرمون المتقدمون في النار .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ) وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
[ ص: 62 ] الْأُولَى : فِيمَنْ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي حَقِّهِمْ ؟ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا نَازِلَةٌ فِي الْقَدَرِيَّةِ ، رَوَى
الْوَاحِدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ : سَمِعْتُ الشَّيْخَ
رَضِيَّ الدِّينِ الْمُؤَيِّدَ الطُّوسِيَّ بِنَيْسَابُورَ قَالَ : سَمِعْتُ
عَبْدَ الْجَبَّارِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
الْوَاحِدِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرَّاجُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ الْكَعْبِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
حَمْدَانُ بْنُ صَالِحٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ
زِيَادِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013753جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَدَرِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=49إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) [ الْقَمَرِ : 49 ] وَكَذَلِكَ نُقِلَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
الْقَدَرِيَّةِ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013754مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْقَدَرِيَّةُ " وَهُمُ الْمُجْرِمُونَ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ) وَكَثُرَتِ الْأَحَادِيثُ فِي
الْقَدَرِيَّةِ ، وَفِيهَا مَبَاحِثُ :
الْأَوَّلُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30239_30451مَعْنَى الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَزَلَتِ الْآيَةُ فِيهِمْ ، فَنَقُولُ : كُلُّ فَرِيقٍ فِي خَلْقِ الْأَعْمَالِ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْقَدَرِيَّ خَصْمُهُ ، فَالْجَبْرِيُّ يَقُولُ : الْقَدَرِيُّ مَنْ يَقُولُ : الطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ لَيْسَتَا بِخَلْقِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ ، فَهُمْ قَدَرِيَّةٌ لِأَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الْقَدَرَ . وَالْمُعْتَزِلِيُّ يَقُولُ : الْقَدَرِيُّ هُوَ الْجَبْرِيُّ الَّذِي يَقُولُ حِينَ يَزْنِي وَيَسْرِقُ اللَّهُ قَدَّرَنِي فَهُوَ قَدَرِي لِإِثْبَاتِهِ الْقَدَرَ . وَهُمَا جَمِيعًا يَقُولَانِ
لِأَهْلِ السُّنَّةِ : الَّذِي يَعْتَرِفُ بِخَلْقِ اللَّهِ وَلَيْسَ مِنَ الْعَبْدِ إِنَّهُ قَدَرِيٌّ ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْقَدَرِيَّ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ هُوَ الَّذِي يُنْكِرُ الْقَدَرَ ، وَيَقُولُ بِأَنَّ الْحَوَادِثَ كُلَّهَا حَادِثَةٌ بِالْكَوَاكِبِ وَاتِّصَالَاتِهَا ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ جَاءَ مُشْرِكُو
قُرَيْشٍ يُحَاجُّونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَدَرِ فَإِنَّ مَذْهَبَهُمْ ذَلِكَ ، وَمَا كَانُوا يَقُولُونَ مِثْلَ مَا يَقُولُ
الْمُعْتَزِلَةُ : إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِي سَلَامَةَ الْأَعْضَاءِ وَقُوَّةَ الْإِدْرَاكِ وَمَكَّنَنِي مِنَ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ ، وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ فِي الطَّاعَةِ إِلْجَاءً وَالْمَعْصِيَةِ إِلْجَاءً ، وَقَادِرٌ عَلَى أَنْ يُطْعِمَ الْفَقِيرَ الَّذِي أُطْعِمُهُ أَنَا بِفَضْلِ اللَّهِ ، وَالْمُشْرِكُونَ كَانُوا يَقُولُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=47أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ ) [ يس : 47 ] مُنْكِرِينَ لِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْإِطْعَامِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013755nindex.php?page=treesubj&link=30239_30451_31022مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ هُمُ الْقَدَرِيَّةُ " فَنَقُولُ : الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، إِمَّا الْأُمَّةُ الَّتِي كَانَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا إِلَيْهِمْ سَوَاءٌ آمَنُوا بِهِ أَوْ لَمْ يُؤْمِنُوا كَلَفْظِ الْقَوْمِ ، وَإِمَّا أُمَّتُهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ
فَالْقَدَرِيَّةُ فِي زَمَانِهِ هُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ أَنْكَرُوا قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى الْحَوَادِثِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِمُ
الْمُعْتَزِلَةُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الثَّانِيَ فَقَوْلُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013756مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ " يَكُونُ مَعْنَاهُ الَّذِينَ نِسْبَتُهُمْ إِلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ كَنِسْبَةِ
الْمَجُوسِ إِلَى الْأُمَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، لَكِنَّ الْأُمَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ أَكْثَرُهُمْ كَفَرَةٌ ،
وَالْمَجُوسُ نَوْعٌ مِنْهُمْ أَضْعَفُ شُبْهَةً وَأَشَدُّ مُخَالَفَةً لِلْعَقْلِ ، فَكَذَلِكَ
الْقَدَرِيَّةُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ تَكُونُ نَوْعًا مِنْهُمْ أَضْعَفُ دَلِيلًا ، وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ الْجَزْمَ بِكَوْنِهِمْ فِي النَّارِ ، فَالْحَقُّ أَنَّ الْقَدَرِيَّ هُوَ الَّذِي يُنْكِرُ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى ، إِنْ قُلْنَا : إِنَّ النِّسْبَةَ لِلنَّفْيِ أَوِ الَّذِي يُثْبِتُ قُدْرَةَ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَوَادِثِ إِنْ قُلْنَا : إِنَّ النِّسْبَةَ لِلْإِثْبَاتِ وَحِينَئِذٍ يُقْطَعُ بِكَوْنِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ) وَإِنَّهُ ذَائِقٌ مَسَّ سَقَرَ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : فِي بَيَانِ مَنْ يَدْخُلُ فِي الْقَدَرِيَّةِ الَّتِي فِي النَّصِّ مِمَّنْ هُوَ مُنْتَسِبٌ إِلَى أَنَّهُ مِنْ أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِنْ قُلْنَا :
الْقَدَرِيَّةُ سُمُّوا بِهَذَا الِاسْمِ لِنَفْيِهِمْ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَالَّذِي يَقُولُ : لَا قُدْرَةَ لِلَّهِ عَلَى تَحْرِيكِ الْعَبْدِ بِحَرَكَةٍ هِيَ الصَّلَاةُ وَحَرَكَةٍ هِيَ الزِّنَا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ لَا يَبْعُدُ دُخُولُهُ فِيهِمْ ، وَأَمَّا الَّذِي يَقُولُ : بِأَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُجْبِرْهُ وَتَرَكَهُ مَعَ دَاعِيَةِ الْعَبْدِ كَالْوَالِدِ الَّذِي يُجَرِّبُ الصَّبِيَّ فِي حَمْلِ شَيْءٍ ، تَرَكَهُ مَعَهُ لَا لِعَجْزِ الْوَالِدِ بَلْ لِلِابْتِلَاءِ وَالِامْتِحَانِ ، لَا كَالْمَفْلُوجِ الَّذِي لَا قُوَّةَ لَهُ إِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ : احْمِلْ هَذَا ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا ، وَإِنْ قُلْنَا : إِنَّ
الْقَدَرِيَّةَ سُمُّوا بِهَذَا الِاسْمِ لِإِثْبَاتِهِمُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْحَوَادِثِ لِغَيْرِ اللَّهِ مِنَ الْكَوَاكِبِ ،
[ ص: 63 ] وَالْجَبْرِيُّ الَّذِي قَالَ : هُوَ الْحَائِطُ السَّاقِطُ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَكْلِيفُهُ بِشَيْءٍ لِصُدُورِ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَهُمْ أَهْلُ الْإِبَاحَةِ ، فَلَا شَكَّ فِي دُخُولِهِ فِي
الْقَدَرِيَّةِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِنَفْيِهِ التَّكْلِيفَ . وَأَمَّا الَّذِي يَقُولُ : خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِينَا الْأَفْعَالَ وَقَدَّرَهَا وَكَلَّفَنَا ، وَ(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=23لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 23 ] فَمَا هُوَ مِنْهُمْ .
الْبَحْثُ الثَّالِثُ : اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ فِي التَّعَصُّبِ أَنَّ الِاسْمَ
بِالْمُعْتَزِلَةِ أَحَقُّ أَمْ
بِالْأَشَاعِرَةِ ؟ فَقَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ الِاسْمُ بِكُمْ أَحَقُّ ؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ تَكُونُ لِلْإِثْبَاتِ لَا لِلنَّفْيِ ، يُقَالُ لِلدَّهْرِيِّ : دَهْرِيٌّ لِقَوْلِهِ بِالدَّهْرِ وَإِثْبَاتِهِ ، وَلِلْمُبَاحِيِّ إِبَاحِيٌّ لِإِثْبَاتِهِ الْإِبَاحَةَ وَلِلثَّنَوِيَّةِ ثَنَوِيَّةٌ لِإِثْبَاتِهِمُ الِاثْنَيْنِ وَهُمَا النُّورُ وَالظُّلْمَةُ ، وَكَذَلِكَ أَمْثَالُهُ وَأَنْتُمْ تُثْبِتُونَ الْقَدَرَ . وَقَالَتِ
الْأَشَاعِرَةُ : النُّصُوصُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَدَرِيَّ مَنْ يَنْفِي قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمُشْرِكُو
قُرَيْشٍ مَا كَانُوا قَدَرِيَّةً إِلَّا لِإِثْبَاتِهِمْ قُدْرَةً لِغَيْرِ اللَّهِ ، قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : إِنَّمَا سُمِّيَ الْمُشْرِكُونَ قَدَرِيَّةً ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْحَوَادِثِ كَمَا تَقُولُ يَا
مُحَمَّدُ فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَهَدَانَا وَلَوْ شَاءَ لَأَطْعَمَ الْفَقِيرَ ، فَاعْتَقَدُوا أَنَّ مِنْ لَوَازِمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَوَادِثِ خَلْقَهُ الْهِدَايَةَ فِيهِمْ إِنْ شَاءَ ، وَهَذَا مَذْهَبُكُمْ أَيُّهَا
الْأَشَاعِرَةُ ، وَالْحَقُّ الصُّرَاحُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى الْمَذْهَبَيْنِ خَارِجٌ عَنِ
الْقَدَرِيَّةِ ، وَلَا يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَدَرِيًّا إِلَّا إِذَا صَارَ النَّافِي نَافِيًا لِلْقُدْرَةِ وَالْمُثَبِتُ مُنْكِرًا لِلتَّكْلِيفِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْمُجْرِمُونَ هُمُ الْمُشْرِكُونَ هَاهُنَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=12وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ ) [ السَّجْدَةِ : 12 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=11يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي ) [ الْمَعَارِجِ : 11 ] وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ ) [ الرَّحْمَنِ : 41 ] فَالْآيَةُ عَامَّةٌ ، وَإِنْ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ خَاصٍّ .
nindex.php?page=treesubj&link=28675_30549_28760وَجُرْمُهُمْ تَكْذِيبُ الرُّسُلِ وَالنُّذُرِ بِالْإِشْرَاكِ وَإِنْكَارِ الْحَشْرِ وَإِنْكَارِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْإِحْيَاءِ بَعْدَ الْإِمَاتَةِ ، وَعَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْحَوَادِثِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ) يَحْتَمِلُ وُجُوهًا ثَلَاثَةً :
أَحَدُهَا : الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فِي الدُّنْيَا أَيْ : هُمْ فِي الدُّنْيَا فِي ضَلَالٍ وَجُنُونٍ لَا يَعْقِلُونَ وَلَا يَهْتَدُونَ ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48يُسْحَبُونَ ) بَيَانُ حَالِهِمْ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ وَهُوَ أَقْرَبُ .
ثَانِيهَا : الْجَمْعُ فِي الْآخِرَةِ أَيْ : هُمْ فِي ضَلَالِ الْآخِرَةِ وَسُعُرٍ أَيْضًا . أَمَّا السُّعُرُ فَكَوْنُهُمْ فِيهَا ظَاهِرٌ ، وَأَمَّا الضَّلَالُ فَلَا يَجِدُونَ إِلَى مَقْصِدِهِمْ أَوْ إِلَى مَا يَصْلُحُ مَقْصِدًا وَهُمْ مُتَحَيِّرُونَ سَبِيلًا ، فَإِنْ قِيلَ : الصَّحِيحُ هُوَ الْوَجْهُ الْأَخِيرُ لَا غَيْرَ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48يَوْمَ يُسْحَبُونَ ) ظَرْفُ الْقَوْلِ أَيْ : يَوْمَ يُسْحَبُونَ يُقَالُ لَهُمْ ذُوقُوا ، وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فَنَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48يَوْمَ يُسْحَبُونَ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِعَامِلٍ مَذْكُورٍ أَوْ مَفْهُومٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ ، وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ لَهُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا : الْعَامِلُ سَابِقٌ وَهُوَ مَعْنًى كَائِنٌ وَمُسْتَقِرٌّ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ صَارَ نَسْيًا مَنْسِيًّا .
ثَانِيهِمَا : الْعَامِلُ مُتَأَخِّرٌ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48ذُوقُوا ) تَقْدِيرُهُ : ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ يَوْمَ يُسْحَبُ الْمُجْرِمُونَ ، وَالْخِطَابُ حِينَئِذٍ مَعَ مَنْ خُوطِبَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=43أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ ) [ الْقَمَرِ : 43 ] .
وَالِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ : أَنَّ الْمَفْهُومَ هُوَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ : يَوْمَ يُسْحَبُونَ ذُوقُوا ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48ذُوقُوا ) اسْتِعَارَةٌ وَفِيهِ حِكْمَةٌ وَهُوَ أَنَّ الذَّوْقَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِدْرَاكَاتِ فَإِنَّ الْمَذُوقَ إِذْ لَاقَى اللِّسَانَ يُدْرِكُ أَيْضًا حَرَارَتَهُ وَبُرُودَتَهُ وَخُشُونَتَهُ وَمَلَاسَتَهُ ، كَمَا يُدْرِكُ سَائِرُ أَعْضَائِهِ الْحِسِّيَّةِ ، وَيُدْرِكُ أَيْضًا طَعْمَهُ وَلَا يُدْرِكُهُ غَيْرُ اللِّسَانِ ، فَإِدْرَاكُ اللِّسَانِ أَتَمُّ ، فَإِذَا تَأَذَّى مِنْ نَارٍ تَأَذَّى بِحَرَارَتِهِ وَمَرَارَتِهِ إِنْ كَانَ الْحَارُّ أَوْ غَيْرُهُ لَا يُتَأَذَّى إِلَّا بِحَرَارَتِهِ ، فَإِذَنِ الذَّوْقُ إِدْرَاكٌ لَمْسِيٌّ أَتَمُّ مِنْ
[ ص: 64 ] غَيْرِهِ فِي الْمَلْمُوسَاتِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=48ذُوقُوا ) إِشَارَةً إِلَى أَنَّ إِدْرَاكَهُمْ بِالذَّوْقِ أَتَمُّ الْإِدْرَاكَاتِ ، فَيَجْتَمِعُ فِي الْعَذَابِ شِدَّتُهُ وَإِيلَامُهُ بِطُولِ مُدَّتِهِ وَدَوَامِهِ ، وَيَكُونُ الْمُدْرِكُ لَهُ لَا عُذْرَ لَهُ يَشْغَلُهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى أَتَمِّ مَا يَكُونُ مِنَ الْإِدْرَاكِ فَيَحْصُلُ الْأَلَمُ الْعَظِيمُ . وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ يُقَالُ لَهُمْ أَوْ نَقُولُ مُضْمَرٌ . وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى الْإِضْمَارِ إِذَا كَانَ الْخِطَابُ مَعَ غَيْرِ مَنْ قِيلَ فِي حَقِّهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ ) فَإِنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ : ذُوقُوا أَيُّهَا الْمُكَذِّبُونَ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَّ سَقَرَ يَوْمَ يُسْحَبُ الْمُجْرِمُونَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي النَّارِ .