[ ص: 80 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29026_19829والسماء رفعها ووضع الميزان )
ثم قال تعالى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7والسماء رفعها ووضع الميزان )
ورفع السماء معلوم معنى ، ونصبها معلوم لفظا ، فإنها منصوبة بفعل يفسره قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7رفعها ) كأنه تعالى قال : رفع السماء ، وقرئ " والسماء " بالرفع على الابتداء والعطف على الجملة الابتدائية التي هي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=5الشمس والقمر ) وأما (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7ووضع الميزان ) فإشارة إلى العدل ، وفيه لطيفة وهي أنه تعالى بدأ أولا بالعلم ثم ذكر ما فيه أشرف أنواع العلوم وهو القرآن ، ثم ذكر العدل وذكر أخص الأمور له وهو الميزان ، وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ) [ الحديد : 25 ] ليعمل الناس بالكتاب ويفعلوا بالميزان ما يأمرهم به الكتاب فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2علم القرآن ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7ووضع الميزان ) مثل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ) فإن قيل : العلم لا شك في كونه نعمة عظيمة ، وأما الميزان فما الذي فيه من النعم العظيمة التي بسببها يعد في الآلاء ؟ نقول : النفوس تأتي الغبن ولا يرضى أحد بأن يغلبه الآخر ولو في الشيء اليسير ، ويرى أن ذلك استهانة به فلا يتركه لخصمه لغلبة ، فلا أحد يذهب إلى أن خصمه يغلبه فلولا التبيين ثم التساوي لأوقع الشيطان بين الناس البغضاء كما وقع عند الجهل وزوال العقل والسكر ، فكما أن العقل والعلم صارا سببا لبقاء عمارة العالم ، فكذلك العدل في الحكمة سبب ، وأخص الأسباب الميزان فهو نعمة كاملة ولا ينظر إلى عدم ظهور نعمته لكثرته وسهولة الوصول إليه كالهواء والماء اللذين لا يتبين فضلهما إلا عند فقدهما .
[ ص: 80 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29026_19829وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ )
وَرَفْعُ السَّمَاءِ مَعْلُومٌ مَعْنًى ، وَنَصْبُهَا مَعْلُومٌ لَفْظًا ، فَإِنَّهَا مَنْصُوبَةٌ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7رَفَعَهَا ) كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : رَفَعَ السَّمَاءَ ، وَقُرِئَ " وَالسَّمَاءُ " بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْعَطْفِ عَلَى الْجُمْلَةِ الِابْتِدَائِيَّةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=5الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) وَأَمَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ) فَإِشَارَةٌ إِلَى الْعَدْلِ ، وَفِيهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ تَعَالَى بَدَأَ أَوَّلًا بِالْعِلْمِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِيهِ أَشْرَفُ أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَهُوَ الْقُرْآنُ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْعَدْلَ وَذَكَرَ أَخَصَّ الْأُمُورِ لَهُ وَهُوَ الْمِيزَانُ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ ) [ الْحَدِيدِ : 25 ] لِيَعْمَلَ النَّاسُ بِالْكِتَابِ وَيَفْعَلُوا بِالْمِيزَانِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ) مِثْلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ ) فَإِنْ قِيلَ : الْعِلْمُ لَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ نِعْمَةً عَظِيمَةً ، وَأَمَّا الْمِيزَانُ فَمَا الَّذِي فِيهِ مِنَ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي بِسَبَبِهَا يُعَدُّ فِي الْآلَاءِ ؟ نَقُولُ : النُّفُوسُ تَأْتِي الْغُبْنَ وَلَا يَرْضَى أَحَدٌ بِأَنْ يَغْلِبَهُ الْآخَرُ وَلَوْ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ ، وَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ اسْتِهَانَةٌ بِهِ فَلَا يَتْرُكُهُ لِخَصْمِهِ لِغَلَبَةٍ ، فَلَا أَحَدَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ خَصْمَهُ يَغْلِبُهُ فَلَوْلَا التَّبْيِينُ ثُمَّ التَّسَاوِي لَأَوْقَعَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ النَّاسِ الْبَغْضَاءَ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ الْجَهْلِ وَزَوَالِ الْعَقْلِ وَالسُّكْرِ ، فَكَمَا أَنَّ الْعَقْلَ وَالْعِلْمَ صَارَا سَبَبًا لِبَقَاءِ عِمَارَةِ الْعَالَمِ ، فَكَذَلِكَ الْعَدْلُ فِي الْحِكْمَةِ سَبَبٌ ، وَأَخَصُّ الْأَسْبَابِ الْمِيزَانُ فَهُوَ نِعْمَةٌ كَامِلَةٌ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى عَدَمِ ظُهُورِ نِعْمَتِهِ لِكَثْرَتِهِ وَسُهُولَةِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ كَالْهَوَاءِ وَالْمَاءِ اللَّذَيْنِ لَا يَتَبَيَّنُ فَضْلُهُمَا إِلَّا عِنْدَ فَقْدِهِمَا .