(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10والأرض وضعها للأنام nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29026_31756_29485والأرض وضعها للأنام ) فيه مباحث :
الأول : هو أنه قد مر أن تقديم الاسم على الفعل كان في مواضع عدم الاختصاص وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10للأنام ) يدل على الاختصاص ، فإن اللام لعود النفع . نقول : الجواب عنه من وجهين : أحدهما : ما قيل : إن الأنام يجمع الإنسان وغيره من الحيوان ، فقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10للأنام ) لا يوجب الاختصاص بالإنسان . ثانيهما : أن الأرض موضوعة لكل ما عليها ، وإنما خص الإنسان بالذكر لأن انتفاعه بها أكثر فإنه ينتفع بها وبما فيها وبما عليها ، فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10للأنام ) لكثرة انتفاع الأنام بها ، إذا قلنا إن الأنام هو الإنسان ، وإن قلنا إنه الخلق فالخلق يذكر ويراد به الإنسان في كثير من المواضع .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام ) إشارة إلى الأشجار ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12والحب ذو العصف ) [ الرحمن : 12 ] إشارة إلى النبات الذي ليس بشجر . والفاكهة ما تطيب به النفس ، وهي فاعلة إما على طريقة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=7عيشة راضية ) [ القارعة : 7 ] أي ذات رضى يرضى بها كل أحد ، وإما على تسمية الآلة بالفاعل يقال : راوية للقربة التي يروى بها العطشان ، وفيه معنى المبالغة كالراحلة لما يرحل عليه ، ثم صار اسما لبعض الثمار وضعت أولا من غير اشتقاق ، والتنكير للتكثير ، أي كثيرة كما يقال لفلان مال أي عظيم ، وقد ذكرنا وجه دلالة التنكير على التعظيم . وهو أن القائل كأنه يشير إلى أنه عظيم لا يحيط به معرفة كل أحد فتنكيره إشارة إلى أنه خارج عن أن يعرف كنهه .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11والنخل ذات الأكمام ) إشارة إلى النوع الآخر من الأشجار ، لأن الأشجار المثمرة أفضل الأشجار وهي منقسمة إلى أشجار ثمار هي فواكه لا يقتات بها وإلى أشجار ثمار هي قوت وقد يتفكه بها ، كما أن الفاكهة قد يقتات بها ، فإن الجائع إذا لم يجد غير الفواكه يتقوت بها ويأكل غير متفكه بها ، وفيه مباحث :
[ ص: 83 ] الأول : ما الحكمة في تقديم الفاكهة على القوت ؟ نقول : هو باب الابتداء بالأدنى والارتقاء إلى الأعلى ، والفاكهة في النفع دون النخل الذي منه القوت ، والتفكه وهو دون الحب الذي عليه المدار في سائر المواضع ، وبه يتغذى الأنام في جميع البلاد ، فبدأ بالفاكهة ثم ذكر النخل ثم ذكر الحب الذي هو أتم نعمة لموافقته مزاج الإنسان ، ولهذا خلقه الله في سائر البلاد وخصص النخل بالبلاد الحارة .
البحث الثاني : ما الحكمة في تنكير الفاكهة وتعريف النخل ؟ وجوابه من وجوه :
أحدها : أن القوت محتاج إليه في كل زمان متداول في كل حين وأوان ، فهو أعرف والفاكهة تكون في بعض الأزمان وعند بعض الأشخاص .
وثانيها : هو أن الفاكهة على ما بينا ما يتفكه به وتطيب به النفس ، وذلك عند كل أحد بحسب كل وقت شيء ، فمن غلب عليه حرارة وعطش ، يريد التفكه بالحامض وأمثاله ، ومن الناس من يريد التفكه بالحلو وأمثاله ، فالفاكهة غير متعينة فنكرها والنخل والحب معتادان معلومان فعرفهما .
وثالثها : النخل وحدها نعمة عظيمة تعلقت بها منافع كثيرة ، وأما الفاكهة فنوع منها كالخوخ والإجاص مثلا ليس فيه عظيم النعمة كما في النخل ، فقال : ( فاكهة ) بالتنكير ليدل على الكثرة وقد صرح بالكثرة في مواضع أخر ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51يدعون فيها بفاكهة كثيرة ) [ ص : 51 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=32وفاكهة كثيرة nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=33لا مقطوعة ولا ممنوعة ) [ الواقعة : 32 ، 33 ] ، فالفاكهة ذكرها الله تعالى ووصفها بالكثرة صريحا وذكرها منكرة ، لتحمل على أنها موصوفة بالكثرة اللائقة بالنعمة في النوع الواحد منها بخلاف النخل .
البحث الثالث : ما الحكمة في ذكر الفاكهة باسمها لا باسم أشجارها ، وذكر النخل باسمها لا باسم ثمرها ؟ نقول : قد تقدم بيانه في سورة : ( يس ) حيث قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=34من نخيل وأعناب ) [ يس : 34 ] وهو أن شجرة العنب ، وهي الكرم بالنسبة إلى ثمرتها وهي العنب حقيرة ، وشجرة النخل بالنسبة إلى ثمرتها عظيمة ، وفيها من الفوائد الكثيرة على ما عرف من اتخاذ الظروف منها والانتفاع بجمارها وبالطلع والبسر والرطب وغير ذلك ، فثمرتها في أوقات مختلفة كأنها ثمرات مختلفة ، فهي أتم نعمة بالنسبة إلى الغير من الأشجار ، فذكر النخل باسمه وذكر الفاكهة دون أشجارها ، فإن فوائد أشجارها في عين ثمارها .
البحث الرابع : ما معنى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11ذات الأكمام ) ؟ نقول : فيه وجهان :
أحدهما : الأكمام كل ما يغطي ، جمع كم بضم الكاف ، ويدخل فيه لحاؤها وليفها ونواها والكل منتفع به ، كما أن النخل منتفع بها وأغصانها وقلبها الذي هو الجمار .
ثانيهما : الأكمام جمع كم بكسر الكاف وهو وعاء الطلع فإنه يكون أولا في وعاء فينشق ويخرج منه الطلع ، فإن قيل على الوجه الأول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11ذات الأكمام ) في ذكرها فائدة لأنها إشارة إلى أنواع النعم ، وأما على الوجه الثاني فما فائدة ذكرها ؟ نقول : الإشارة إلى سهولة جمعها والانتفاع بها فإن النخلة شجرة عظيمة لا يمكن هزها لتسقط منها الثمرة فلا بد من قطف الشجرة فلو كان مثل الجميز الذي يقال : إنه يخرج من الشجرة متفرقا واحدة واحدة لصعب قطافها ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11ذات الأكمام ) أي يكون في كم شيء كثير إذا أخذ عنقود واحد منه كفى رجلا واثنين كعناقيد العنب ، فانظر إليها فلو كان العنب حباتها في الأشجار متفرقة كالجميز والزعرور لم يمكن جمعه بالهز متى أريد جمعه ، فخلقه الله تعالى عناقيد مجتمعة ، كذلك الرطب فكونها (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11ذات الأكمام ) من جملة إتمام الإنعام .
[ ص: 84 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29026_31756_29485وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ) فِيهِ مَبَاحِثُ :
الْأَوَّلُ : هُوَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ تَقْدِيمَ الِاسْمِ عَلَى الْفِعْلِ كَانَ فِي مَوَاضِعِ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10لِلْأَنَامِ ) يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ ، فَإِنَّ اللَّامَ لِعَوْدِ النَّفْعِ . نَقُولُ : الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : مَا قِيلَ : إِنَّ الْأَنَامَ يَجْمَعُ الْإِنْسَانَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْحَيَوَانِ ، فَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10لِلْأَنَامِ ) لَا يُوجِبُ الِاخْتِصَاصَ بِالْإِنْسَانِ . ثَانِيهِمَا : أَنَّ الْأَرْضَ مَوْضُوعَةٌ لِكُلِّ مَا عَلَيْهَا ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْإِنْسَانَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ انْتِفَاعَهُ بِهَا أَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا وَبِمَا فِيهَا وَبِمَا عَلَيْهَا ، فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10لِلْأَنَامِ ) لِكَثْرَةِ انْتِفَاعِ الْأَنَامِ بِهَا ، إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْأَنَامَ هُوَ الْإِنْسَانُ ، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ الْخَلْقُ فَالْخَلْقُ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْإِنْسَانَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ) إِشَارَةٌ إِلَى الْأَشْجَارِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ ) [ الرَّحْمَنِ : 12 ] إِشَارَةٌ إِلَى النَّبَاتِ الَّذِي لَيْسَ بِشَجَرٍ . وَالْفَاكِهَةُ مَا تَطِيبُ بِهِ النَّفْسُ ، وَهِيَ فَاعِلَةٌ إِمَّا عَلَى طَرِيقَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=7عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ) [ الْقَارِعَةِ : 7 ] أَيْ ذَاتُ رِضًى يَرْضَى بِهَا كُلُّ أَحَدٍ ، وَإِمَّا عَلَى تَسْمِيَةِ الْآلَةِ بِالْفَاعِلِ يُقَالُ : رَاوِيَةٌ لِلْقِرْبَةِ الَّتِي يُرْوَى بِهَا الْعَطْشَانُ ، وَفِيهِ مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ كَالرَّاحِلَةِ لِمَا يُرْحَلُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ صَارَ اسْمًا لِبَعْضِ الثِّمَارِ وُضِعَتْ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ اشْتِقَاقِ ، وَالتَّنْكِيرُ لِلْتَكْثِيرِ ، أَيْ كَثِيرَةٌ كَمَا يُقَالُ لِفُلَانٍ مَالٌ أَيْ عَظِيمٌ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ دَلَالَةِ التَّنْكِيرِ عَلَى التَّعْظِيمِ . وَهُوَ أَنَّ الْقَائِلَ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عَظِيمٌ لَا يُحِيطُ بِهِ مَعْرِفَةُ كُلِّ أَحَدٍ فَتَنْكِيرُهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ أَنْ يُعْرَفَ كُنْهُهُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ) إِشَارَةٌ إِلَى النَّوْعِ الْآخَرِ مِنَ الْأَشْجَارِ ، لِأَنَّ الْأَشْجَارَ الْمُثْمِرَةَ أَفْضَلُ الْأَشْجَارِ وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى أَشْجَارِ ثِمَارٍ هِيَ فَوَاكِهُ لَا يُقْتَاتُ بِهَا وَإِلَى أَشْجَارِ ثِمَارٍ هِيَ قُوتٌ وَقَدْ يُتَفَكَّهُ بِهَا ، كَمَا أَنَّ الْفَاكِهَةَ قَدْ يُقْتَاتُ بِهَا ، فَإِنَّ الْجَائِعَ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْفَوَاكِهِ يَتَقَوَّتُ بِهَا وَيَأْكُلُ غَيْرَ مُتَفَكِّهٍ بِهَا ، وَفِيهِ مَبَاحِثُ :
[ ص: 83 ] الْأَوَّلُ : مَا الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ الْفَاكِهَةِ عَلَى الْقُوتِ ؟ نَقُولُ : هُوَ بَابُ الِابْتِدَاءِ بِالْأَدْنَى وَالِارْتِقَاءِ إِلَى الْأَعْلَى ، وَالْفَاكِهَةُ فِي النَّفْعِ دُونَ النَّخْلِ الَّذِي مِنْهُ الْقُوتُ ، وَالتَّفَكُّهُ وَهُوَ دُونَ الْحَبِّ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَدَارُ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ ، وَبِهِ يَتَغَذَّى الْأَنَامُ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ ، فَبَدَأَ بِالْفَاكِهَةِ ثُمَّ ذَكَرَ النَّخْلَ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَبَّ الَّذِي هُوَ أَتَمُّ نِعْمَةٍ لِمُوَافَقَتِهِ مِزَاجَ الْإِنْسَانِ ، وَلِهَذَا خَلَقَهُ اللَّهُ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَخَصَّصَ النَّخْلَ بِالْبِلَادِ الْحَارَّةِ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : مَا الْحِكْمَةُ فِي تَنْكِيرِ الْفَاكِهَةِ وَتَعْرِيفِ النَّخْلِ ؟ وَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْقُوتَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ مُتَدَاوَلٌ فِي كُلِّ حِينٍ وَأَوَانٍ ، فَهُوَ أَعْرَفُ وَالْفَاكِهَةُ تَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ .
وَثَانِيهَا : هُوَ أَنَّ الْفَاكِهَةَ عَلَى مَا بَيَّنَّا مَا يُتَفَكَّهُ بِهِ وَتَطِيبُ بِهِ النَّفْسُ ، وَذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِ كُلِّ وَقْتٍ شَيْءٌ ، فَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حَرَارَةٌ وَعَطَشٌ ، يُرِيدُ التَّفَكُّهَ بِالْحَامِضِ وَأَمْثَالِهِ ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُرِيدُ التَّفَكُّهَ بِالْحُلْوِ وَأَمْثَالِهِ ، فَالْفَاكِهَةُ غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ فَنَكَّرَهَا وَالنَّخْلُ وَالْحَبُّ مُعْتَادَانِ مَعْلُومَانِ فَعَرَّفَهُمَا .
وَثَالِثُهَا : النَّخْلُ وَحْدَهَا نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ تَعَلَّقَتْ بِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ ، وَأَمَّا الْفَاكِهَةُ فَنَوْعٌ مِنْهَا كَالْخَوْخِ وَالْإِجَّاصِ مَثَلًا لَيْسَ فِيهِ عَظِيمُ النِّعْمَةِ كَمَا فِي النَّخْلِ ، فَقَالَ : ( فَاكِهَةٌ ) بِالتَّنْكِيرِ لَيَدُلُّ عَلَى الْكَثْرَةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِالْكَثْرَةِ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ) [ ص : 51 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=32وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=33لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ) [ الْوَاقِعَةِ : 32 ، 33 ] ، فَالْفَاكِهَةُ ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَوَصَفَهَا بِالْكَثْرَةِ صَرِيحًا وَذَكَرَهَا مُنَكَّرَةً ، لِتُحْمَلَ عَلَى أَنَّهَا مَوْصُوفَةٌ بِالْكَثْرَةِ اللَّائِقَةِ بِالنِّعْمَةِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْهَا بِخِلَافِ النَّخْلِ .
الْبَحْثُ الثَّالِثُ : مَا الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ الْفَاكِهَةِ بِاسْمِهَا لَا بِاسْمِ أَشْجَارِهَا ، وَذِكْرِ النَّخْلِ بِاسْمِهَا لَا بِاسْمِ ثَمَرِهَا ؟ نَقُولُ : قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ : ( يس ) حَيْثُ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=34مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ) [ يس : 34 ] وَهُوَ أَنَّ شَجَرَةَ الْعِنَبِ ، وَهِيَ الْكَرْمُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ثَمَرَتِهَا وَهِيَ الْعِنَبُ حَقِيرَةٌ ، وَشَجَرَةُ النَّخْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ثَمَرَتِهَا عَظِيمَةٌ ، وَفِيهَا مِنَ الْفَوَائِدِ الْكَثِيرَةِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنَ اتِّخَاذِ الظُّرُوفِ مِنْهَا وَالِانْتِفَاعِ بِجُمَّارِهَا وَبِالطَّلْعِ وَالْبُسْرِ وَالرُّطَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَثَمَرَتُهَا فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ كَأَنَّهَا ثَمَرَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ ، فَهِيَ أَتَمُّ نِعْمَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْغَيْرِ مِنَ الْأَشْجَارِ ، فَذَكَرَ النَّخْلَ بِاسْمِهِ وَذَكَرَ الْفَاكِهَةَ دُونَ أَشْجَارِهَا ، فَإِنَّ فَوَائِدَ أَشْجَارِهَا فِي عَيْنِ ثِمَارِهَا .
الْبَحْثُ الرَّابِعُ : مَا مَعْنَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11ذَاتُ الْأَكْمَامِ ) ؟ نَقُولُ : فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : الْأَكْمَامُ كُلُّ مَا يُغَطِّي ، جَمْعُ كُمٍّ بِضَمِّ الْكَافِ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ لِحَاؤُهَا وَلِيفُهَا وَنَوَاهَا وَالْكُلُّ مُنْتَفَعٌ بِهِ ، كَمَا أَنَّ النَّخْلَ مُنْتَفَعٌ بِهَا وَأَغْصَانِهَا وَقَلْبِهَا الَّذِي هُوَ الْجُمَّارُ .
ثَانِيهِمَا : الْأَكْمَامُ جَمْعُ كِمٍّ بِكَسْرِ الْكَافِ وَهُوَ وِعَاءُ الطَّلْعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَوَّلًا فِي وِعَاءٍ فَيَنْشَقُّ وَيَخْرُجُ مِنْهُ الطَّلْعُ ، فَإِنْ قِيلَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11ذَاتُ الْأَكْمَامِ ) فِي ذِكْرِهَا فَائِدَةٌ لِأَنَّهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنْوَاعِ النِّعَمِ ، وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِهَا ؟ نَقُولُ : الْإِشَارَةُ إِلَى سُهُولَةِ جَمْعِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا فَإِنَّ النَّخْلَةَ شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يُمْكِنُ هَزُّهَا لِتَسْقُطَ مِنْهَا الثَّمَرَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْفِ الشَّجَرَةِ فَلَوْ كَانَ مِثْلَ الْجُمَّيْزِ الَّذِي يُقَالُ : إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الشَّجَرَةِ مُتَفَرِّقًا وَاحِدَةً وَاحِدَةً لَصَعُبَ قِطَافُهَا ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11ذَاتُ الْأَكْمَامِ ) أَيْ يَكُونُ فِي كِمٍّ شَيْءٌ كَثِيرٌ إِذَا أُخِذَ عُنْقُودٌ وَاحِدٌ مِنْهُ كَفَى رَجُلًا وَاثْنَيْنِ كَعَنَاقِيدِ الْعِنَبِ ، فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَلَوْ كَانَ الْعِنَبُ حَبَّاتُهَا فِي الْأَشْجَارِ مُتَفَرِّقَةٌ كَالْجُمَّيْزِ وَالزُّعْرُورِ لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُهُ بِالْهَزِّ مَتَى أُرِيدَ جَمْعُهُ ، فَخَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنَاقِيدَ مُجْتَمِعَةً ، كَذَلِكَ الرُّطَبُ فَكَوْنُهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11ذَاتُ الْأَكْمَامِ ) مِنْ جُمْلَةِ إِتْمَامِ الْإِنْعَامِ .
[ ص: 84 ]