[ ص: 90 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=23فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=23فبأي آلاء ربكما تكذبان ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في القراءات التي فيها قرئ يخرج من خرج ، ويخرج بفتح الراء من أخرج ، وعلى الوجهين فاللؤلؤ والمرجان مرفوعان ، ويخرج بكسر الراء بمعنى يخرج الله ونخرج بالنون المضمومة والراء المكسورة ، وعلى القراءتين ينصب اللؤلؤ والمرجان ، اللؤلؤ كبار الدر والمرجان صغاره ، وقيل : المرجان هو الحجر الأحمر .
المسألة الثانية : اللؤلؤ لا يخرج إلا من المالح فكيف قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22منهما ) ؟ نقول : الجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن ظاهر كلام الله تعالى أولى بالاعتبار من كلام بعض الناس الذي لا يوثق بقوله ، ومن علم أن اللؤلؤ لا يخرج من الماء العذب ؟ وهب أن الغواصين ما أخرجوه إلا من المالح وما وجدوه إلا فيه ، لكن لا يلزم من هذا أن لا يوجد في الغير سلمنا لم قلتم : أن الصدف يخرج بأمر الله من الماء العذب إلى الماء المالح ، وكيف يمكن الجزم والأمور الأرضية الظاهرة خفيت عن التجار الذين قطعوا المفاوز وداروا البلاد ، فكيف لا يخفى أمر ما في قعر البحر عليهم . ثانيهما : أن نقول : إن صح قولهم في اللؤلؤ أنه لا يخرج إلا من البحر المالح فنقول : فيه وجوه :
أحدها : أن الصدف لا يتولد فيه اللؤلؤ إلا من المطر وهو بحر السماء .
ثانيها : أنه يتولد في ملتقاهما ثم يدخل الصدف في المالح عند انعقاد الدر فيه طالبا للملوحة كالمتوحمة التي تشتهي الملوحة أوائل الحمل فيثقل هناك فلا يمكنه الدخول في العذب .
ثالثها : أن ما ذكرتم إنما كان يرد أن لو قال : يخرج من كل واحد منهما فأما على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يخرج منهما ) لا يرد إذ الخارج من أحدهما مع أن أحدهما مبهم خارج منهما كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وجعل القمر فيهن نورا ) [ نوح : 16 ] يقال : فلان خرج من بلاد كذا ودخل في بلاد كذا ولم يخرج إلا من موضع من بيت من محلة في بلدة . رابعها : أن " من " ليست لابتداء شيء كما يقال : خرجت من
الكوفة بل لابتداء عقلي كما يقال : خلق
آدم من تراب ، ووجدت الروح من أمر الله ، فكذلك اللؤلؤ يخرج من الماء أي منه يتولد .
المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=29485أي نعمة عظيمة في اللؤلؤ والمرجان حتى يذكرهما الله مع نعمة تعلم القرآن وخلق الإنسان ؟ وفي الجواب قولان :
الأول : أن نقول : النعم منها خلق الضروريات كالأرض التي هي مكاننا ولولا الأرض لما أمكن وجود التمكين ، وكذلك الرزق الذي به البقاء ومنها خلق المحتاج إليه وإن لم يكن ضروريا كأنواع الحبوب وإجراء الشمس والقمر ، ومنها النافع وإن لم يكن محتاجا إليه كأنواع الفواكه
nindex.php?page=treesubj&link=31757وخلق البحار من ذلك ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ) [ البقرة : 164 ] ومنها الزينة وإن لم يكن نافعا كاللؤلؤ والمرجان كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12وتستخرجون حلية تلبسونها ) [ فاطر : 12 ] فالله تعالى ذكر أنواع النعم الأربعة التي تتعلق بالقوى الجسمانية ، وصدرها بالقوة العظيمة التي هي الروح وهي العلم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2علم القرآن ) . والثاني : أن نقول : هذه بيان عجائب الله تعالى لا بيان النعم ، والنعم قد تقدم ذكرها هنا ، وذلك لأن
nindex.php?page=treesubj&link=32405خلق الإنسان من صلصال ، وخلق الجان من نار ، من باب العجائب لا من باب النعم ، ولو خلق الله الإنسان من أي شيء خلقه لكان إنعاما ، إذا عرفت هذا فنقول : الأركان أربعة ، التراب والماء والهواء والنار فالله تعالى
[ ص: 91 ] بين بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=14خلق الإنسان من صلصال ) أن الإنسان خلقه من تراب وطين ، وبين بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=15وخلق الجان من مارج من نار ) أن النار أيضا أصل لمخلوق عجيب ، وبين بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) أن الماء أصل لمخلوق آخر ، كالحيوان عجيب ، بقي الهواء لكنه غير محسوس ، فلم يذكر أنه أصل مخلوق بل بين كونه منشأ للجواري في البحر كالأعلام .
[ ص: 90 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=23فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=23فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي الْقِرَاءَاتِ الَّتِي فِيهَا قُرِئَ يَخْرُجُ مِنْ خَرَجَ ، وَيُخْرَجُ بِفَتْحِ الرَّاءِ مِنْ أَخْرَجَ ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَاللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانِ مَرْفُوعَانِ ، وَيُخْرِجُ بِكَسْرِ الرَّاءِ بِمَعْنَى يُخْرِجُ اللَّهُ وَنُخْرِجُ بِالنُّونِ الْمَضْمُومَةِ وَالرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ ، وَعَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ يُنْصَبُ اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ، اللُّؤْلُؤُ كِبَارُ الدُّرِّ وَالْمَرْجَانُ صِغَارُهُ ، وَقِيلَ : الْمَرْجَانُ هُوَ الْحَجَرُ الْأَحْمَرُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اللُّؤْلُؤُ لَا يَخْرُجُ إِلَّا مِنَ الْمَالِحِ فَكَيْفَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22مِنْهُمَا ) ؟ نَقُولُ : الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ النَّاسِ الَّذِي لَا يُوثَقُ بِقَوْلِهِ ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ اللُّؤْلُؤَ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ ؟ وَهَبْ أَنَّ الْغَوَّاصِينَ مَا أَخْرَجُوهُ إِلَّا مِنَ الْمَالِحِ وَمَا وَجَدُوهُ إِلَّا فِيهِ ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ لَا يُوجَدَ فِي الْغَيْرِ سَلَّمْنَا لِمَ قُلْتُمْ : أَنَّ الصَّدَفَ يَخْرُجُ بِأَمْرِ اللَّهِ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ إِلَى الْمَاءِ الْمَالِحِ ، وَكَيْفَ يُمْكِنُ الْجَزْمُ وَالْأُمُورُ الْأَرْضِيَّةُ الظَّاهِرَةُ خَفِيَتْ عَنِ التُّجَّارِ الَّذِينَ قَطَعُوا الْمَفَاوِزَ وَدَارُوا الْبِلَادَ ، فَكَيْفَ لَا يَخْفَى أَمْرُ مَا فِي قَعْرِ الْبَحْرِ عَلَيْهِمْ . ثَانِيهِمَا : أَنْ نَقُولَ : إِنْ صَحَّ قَوْلُهُمْ فِي اللُّؤْلُؤِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إِلَّا مِنَ الْبَحْرِ الْمَالِحِ فَنَقُولُ : فِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الصَّدَفَ لَا يَتَوَلَّدُ فِيهِ اللُّؤْلُؤُ إِلَّا مِنَ الْمَطَرِ وَهُوَ بَحْرُ السَّمَاءِ .
ثَانِيهَا : أَنَّهُ يَتَوَلَّدُ فِي مُلْتَقَاهُمَا ثُمَّ يَدْخُلُ الصَّدَفَ فِي الْمَالِحِ عِنْدَ انْعِقَادِ الدُّرِّ فِيهِ طَالِبًا لِلْمُلُوحَةِ كَالْمُتَوَحِّمَةِ الَّتِي تَشْتَهِي الْمُلُوحَةَ أَوَائِلَ الْحَمْلِ فَيَثْقُلُ هُنَاكَ فَلَا يُمْكِنُهُ الدُّخُولُ فِي الْعَذْبِ .
ثَالِثُهَا : أَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ إِنَّمَا كَانَ يَرِدُ أَنْ لَوْ قَالَ : يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يَخْرُجُ مِنْهُمَا ) لَا يَرِدُ إِذِ الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُبْهَمٌ خَارِجٌ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ) [ نُوحٍ : 16 ] يُقَالُ : فُلَانٌ خَرَجَ مِنْ بِلَادِ كَذَا وَدَخَلَ فِي بِلَادِ كَذَا وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَّا مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ بَيْتٍ مِنْ مَحَلَّةٍ فِي بَلْدَةٍ . رَابِعُهَا : أَنَّ " مِنْ " لَيْسَتْ لِابْتِدَاءِ شَيْءٍ كَمَا يُقَالُ : خَرَجْتُ مِنَ
الْكُوفَةِ بَلْ لِابْتِدَاءٍ عَقْلِيٍّ كَمَا يُقَالُ : خُلِقَ
آدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، وَوُجِدَتِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، فَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ يَخْرُجُ مِنَ الْمَاءِ أَيْ مِنْهُ يَتَوَلَّدُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29485أَيُّ نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ فِي اللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ حَتَّى يَذْكُرَهُمَا اللَّهُ مَعَ نِعْمَةِ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَخَلْقِ الْإِنْسَانِ ؟ وَفِي الْجَوَابِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنْ نَقُولَ : النِّعَمُ مِنْهَا خَلْقُ الضَّرُورِيَّاتِ كَالْأَرْضِ الَّتِي هِيَ مَكَانُنَا وَلَوْلَا الْأَرْضُ لَمَا أَمْكَنَ وُجُودُ التَّمْكِينِ ، وَكَذَلِكَ الرُّزْقُ الَّذِي بِهِ الْبَقَاءُ وَمِنْهَا خَلْقُ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرُورِيًّا كَأَنْوَاعِ الْحُبُوبِ وَإِجْرَاءِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَمِنْهَا النَّافِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ كَأَنْوَاعِ الْفَوَاكِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=31757وَخَلْقِ الْبِحَارِ مِنْ ذَلِكَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ ) [ الْبَقَرَةِ : 164 ] وَمِنْهَا الزِّينَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَافِعًا كَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ) [ فَاطِرٍ : 12 ] فَاللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَنْوَاعَ النِّعَمِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْقُوَى الْجُسْمَانِيَّةِ ، وَصَدَّرَهَا بِالْقُوَّةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي هِيَ الرُّوحُ وَهِيَ الْعِلْمُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) . وَالثَّانِي : أَنْ نَقُولَ : هَذِهِ بَيَانُ عَجَائِبِ اللَّهِ تَعَالَى لَا بَيَانُ النِّعَمِ ، وَالنِّعَمُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا هُنَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32405خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ صَلْصَالٍ ، وَخَلْقَ الْجَانِّ مِنْ نَارٍ ، مِنْ بَابِ الْعَجَائِبِ لَا مِنْ بَابِ النِّعَمِ ، وَلَوْ خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ لَكَانَ إِنْعَامًا ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ : الْأَرْكَانُ أَرْبَعَةٌ ، التُّرَابُ وَالْمَاءُ وَالْهَوَاءُ وَالنَّارُ فَاللَّهُ تَعَالَى
[ ص: 91 ] بَيَّنَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=14خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ ) أَنَّ الْإِنْسَانَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ وَطِينٍ ، وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=15وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ) أَنَّ النَّارَ أَيْضًا أَصْلٌ لِمَخْلُوقٍ عَجِيبٍ ، وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) أَنَّ الْمَاءَ أَصْلٌ لِمَخْلُوقٍ آخَرَ ، كَالْحَيَوَانِ عَجِيبٌ ، بَقِيَ الْهَوَاءُ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوسٍ ، فَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ أَصْلُ مَخْلُوقٍ بَلْ بَيَّنَ كَوْنَهُ مَنْشَأً لِلْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ .