(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=48ذواتا أفنان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=49فبأي آلاء ربكما تكذبان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50فيهما عينان تجريان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=51فبأي آلاء ربكما تكذبان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فيهما من كل فاكهة زوجان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=53فبأي آلاء ربكما تكذبان )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=48ذواتا أفنان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=49فبأي آلاء ربكما تكذبان ) هي جمع فنن أي ذواتا أغصان ، أو جمع فن أي فيهما فنون من الأشجار وأنواع من الثمار . فإن قيل : أي الوجهين أقوى ؟ نقول : الأول لوجهين : أحدهما : أن الأفنان في جمع فنن هو المشهور والفنون في جمع الفن كذلك ، ولا يظن أن الأفنان والفنون جمع فن . بل كل واحد منهما جمع معرف بحرف التعريف والأفعال في فعل كثير ، والفعول في فعل أكثر . ثانيهما : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فيهما من كل فاكهة زوجان ) مستقل بما ذكر من الفائدة ، ولأن ذلك فيما يكون ثابتا لا تفاوت فيه ذهنا ووجودا أكثر ، فإن قيل : كيف تمدح بالأفنان والجنات في الدنيا ذوات أفنان كذلك ؟ نقول : فيه وجهان : أحدهما : أن الجنات في الأصل ذوات أشجار ، والأشجار ذوات أغصان ، والأغصان ذوات أزهار وأثمار ، وهي لتنزه الناظر إلا أن جنة الدنيا لضرورة الحاجة ، وجنة الآخرة ليست كالدنيا فلا يكون فيها إلا ما فيه اللذة ، وأما الحاجة فلا ، وأصول الأشجار وسوقها أمور محتاج إليها مانعة للإنسان عن التردد في البستان كيفما شاء ،
nindex.php?page=treesubj&link=30387فالجنة فيها أفنان عليها أوراق عجيبة ، وثمار طيبة من غير سوق غلاظ ، ويدل عليه أنه تعالى لم يصف الجنة إلا بما فيه اللذة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=48ذواتا أفنان ) أي الجنة هي ذات فنن غير كائن على أصل وعرق بل هي واقفة في الجو وأهلها من تحتها . والثاني : من الوجهين هو أن التنكير للأفنان للتكثير أو للتعجب .
ثم قال تعالى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50فيهما عينان تجريان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=51فبأي آلاء ربكما تكذبان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فيهما من كل فاكهة زوجان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=53فبأي آلاء ربكما تكذبان ) أي في كل واحدة منهما عين جارية ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=12فيها عين جارية ) وفي كل واحدة منهما من الفواكه نوعان ، وفيها مسائل بعضها يذكر عند تفسير قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=66فيهما عينان نضاختان )
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=68فيهما فاكهة ونخل ورمان ) [ الرحمن : 66 ، 68 ] وبعضها يذكر ههنا .
المسألة الأولى : هي أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=48ذواتا أفنان ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50فيهما عينان تجريان ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فيهما من كل فاكهة زوجان ) كلها أوصاف للجنتين المذكورتين فهو كالكلام الواحد تقديره : جنتان ذواتا أفنان ، ثابت فيهما عينان ، كائن فيهما من كل فاكهة زوجان ، فإن قيل : ما الفائدة في فصل بعضها عن بعض
[ ص: 110 ] بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=53فبأي آلاء ربكما تكذبان ) ثلاث مرات مع أنه في ذكر العذاب ما فصل بين كلامين بها حيث قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=35يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) [ الرحمن : 35 ] مع أن إرسال نحاس غير إرسال شواظ ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=44يطوفون بينها وبين حميم آن ) [ الرحمن : 44 ] مع أن الحميم غير الجحيم ، وكذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=43هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون ) وهو كلام تام ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=44يطوفون بينها وبين حميم آن ) كلام آخر ولم يفصل بينهما بالآية المذكورة ؟ نقول : فيه تغليب جانب الرحمة ، فإن آيات العذاب سردها سردا وذكرها جملة ليقصر ذكرها ، والثواب ذكره شيئا فشيئا ، لأن ذكره يطيب للسامع فقال بالفصل وتكرار عود الضمير إلى الجنس بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50فيهما عينان ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فيهما من كل فاكهة ) لأن إعادة ذكر المحبوب محبوب ، والتطويل بذكر اللذات مستحسن .
المسألة الثانية : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=30402_29026فيهما عينان تجريان ) أي في كل واحدة عين واحدة كما مر ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فيهما من كل فاكهة زوجان ) معناه كل واحدة منهما زوج ، أو معناه في كل واحدة منهما من الفواكه زوجان ، ويحتمل أن يكون المراد مثل ذلك أي في كل واحدة من الجنتين زوج من كل فاكهة ففيهما جميعا زوجان من كل فاكهة ، وهذا إذا جعلنا الكنايتين فيهما للزوجين ، أو نقول : من كل فاكهة لبيان حال الزوجين ، ومثاله إذا دخلت ( من ) على ما لا يمكن أن يكون كائنا في شيء كقولك : في الدار من الشرق رجل ، أي فيها رجل من الشرق ، ويحتمل أن يكون المراد في كل واحدة منها زوجان ، وعلى هذا يكون كالصفة بما يدل عليه من كل فاكهة كأنه قال : فيهما من كل فاكهة ، أي كائن فيهما شيء من كل فاكهة ، وذلك الكائن زوجان ، وهذا بين فيما تكون من داخله على ما لا يمكن أن يكون هناك كائن في الشيء غيره ، كقولك : في الدار من كل ساكن ، فإذا قلنا : فيهما من كل فاكهة زوجان . الثالث : عند ذكر الأفنان لو قال : فيهما من كل فاكهة زوجان كان متناسبا لأن الأغصان عليها الفواكه ، فما الفائدة في ذكر العينين بين الأمرين المتصل أحدهما بالآخر ؟ نقول : جرى ذكر الجنة على عادة المتنعمين ، فإنهم إذا دخلوا البستان لا يبادرون إلى أكل الثمار بل يقدمون التفرج على الأكل ، مع أن الإنسان في بستان الدنيا لا يأكل حتى يجوع ويشتهي شهوة مؤلمة فكيف في الجنة ، فذكر ما يتم به النزهة وهو خضرة الأشجار ، وجريان الأنهار ، ثم ذكر ما يكون بعد النزهة وهو أكل الثمار ، فسبحان من يأتي بالآي بأحسن المعاني في أبين المباني .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=48ذَوَاتَا أَفْنَانٍ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=49فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=51فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=53فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=48ذَوَاتَا أَفْنَانٍ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=49فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) هِيَ جَمْعُ فَنَنٍ أَيْ ذَوَاتَا أَغْصَانٍ ، أَوْ جَمْعُ فَنٍّ أَيْ فِيهِمَا فُنُونٌ مِنَ الْأَشْجَارِ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الثِّمَارِ . فَإِنْ قِيلَ : أَيُّ الْوَجْهَيْنِ أَقْوَى ؟ نَقُولُ : الْأَوَّلُ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْأَفْنَانَ فِي جَمْعِ فَنَنٍ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْفُنُونُ فِي جَمْعِ الْفَنِّ كَذَلِكَ ، وَلَا يُظَنُّ أَنَّ الْأَفْنَانَ وَالْفُنُونَ جَمْعُ فَنٍّ . بَلْ كَلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمْعٌ مُعَرَّفٌ بِحَرْفِ التَّعْرِيفِ وَالْأَفْعَالُ فِي فَعَلَ كَثِيرٌ ، وَالْفُعُولُ فِي فَعَلَ أَكْثَرُ . ثَانِيهِمَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ) مُسْتَقِلٌّ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْفَائِدَةِ ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا يَكُونُ ثَابِتًا لَا تَفَاوُتَ فِيهِ ذِهْنًا وَوُجُودًا أَكْثَرُ ، فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ تُمْدَحُ بِالْأَفْنَانِ وَالْجَنَّاتُ فِي الدُّنْيَا ذَوَاتُ أَفْنَانٍ كَذَلِكَ ؟ نَقُولُ : فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْجَنَّاتِ فِي الْأَصْلِ ذَوَاتُ أَشْجَارٍ ، وَالْأَشْجَارُ ذَوَاتُ أَغْصَانٍ ، وَالْأَغْصَانُ ذَوَاتُ أَزْهَارٍ وَأَثْمَارٍ ، وَهِيَ لِتَنَزُّهِ النَّاظِرِ إِلَّا أَنَّ جَنَّةَ الدُّنْيَا لِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ ، وَجَنَّةَ الْآخِرَةِ لَيْسَتْ كَالدُّنْيَا فَلَا يَكُونُ فِيهَا إِلَّا مَا فِيهِ اللَّذَّةُ ، وَأَمَّا الْحَاجَةُ فَلَا ، وَأُصُولُ الْأَشْجَارِ وَسُوقُهَا أُمُورٌ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا مَانِعَةٌ لِلْإِنْسَانِ عَنِ التَّرَدُّدِ فِي الْبُسْتَانِ كَيْفَمَا شَاءَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30387فَالْجَنَّةُ فِيهَا أَفْنَانٌ عَلَيْهَا أَوْرَاقٌ عَجِيبَةٌ ، وَثِمَارٌ طَيِّبَةٌ مِنْ غَيْرِ سُوقٍ غِلَاظٍ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَصِفِ الْجَنَّةَ إِلَّا بِمَا فِيهِ اللَّذَّةُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=48ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) أَيِ الْجَنَّةُ هِيَ ذَاتُ فَنَنٍ غَيْرِ كَائِنٍ عَلَى أَصْلٍ وَعِرْقٍ بَلْ هِيَ وَاقِفَةٌ فِي الْجَوِّ وَأَهْلُهَا مِنْ تَحْتِهَا . وَالثَّانِي : مِنَ الْوَجْهَيْنِ هُوَ أَنَّ التَّنْكِيرَ لِلْأَفْنَانِ لِلتَّكْثِيرِ أَوْ لِلتَّعَجُّبِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=51فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=53فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) أَيْ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=12فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ) وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنَ الْفَوَاكِهِ نَوْعَانِ ، وَفِيهَا مَسَائِلُ بَعْضُهَا يُذْكَرُ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=66فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ )
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=68فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) [ الرَّحْمَنِ : 66 ، 68 ] وَبَعْضُهَا يُذْكَرُ هَهُنَا .
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : هِيَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=48ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ) كُلُّهَا أَوْصَافٌ لِلْجَنَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فَهُوَ كَالْكَلَامِ الْوَاحِدِ تَقْدِيرُهُ : جَنَّتَانِ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ، ثَابِتٌ فِيهِمَا عَيْنَانِ ، كَائِنٌ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ، فَإِنْ قِيلَ : مَا الْفَائِدَةُ فِي فَصْلِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ
[ ص: 110 ] بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=53فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَعَ أَنَّهُ فِي ذِكْرِ الْعَذَابِ مَا فَصَلَ بَيْنَ كَلَامَيْنِ بِهَا حَيْثُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=35يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ ) [ الرَّحْمَنِ : 35 ] مَعَ أَنَّ إِرْسَالَ نُحَاسٍ غَيْرُ إِرْسَالِ شُوَاظٍ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=44يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ) [ الرَّحْمَنِ : 44 ] مَعَ أَنَّ الْحَمِيمَ غَيْرُ الْجَحِيمِ ، وَكَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=43هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ) وَهُوَ كَلَامٌ تَامٌّ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=44يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ) كَلَامٌ آخَرُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ ؟ نَقُولُ : فِيهِ تَغْلِيبُ جَانَبِ الرَّحْمَةِ ، فَإِنَّ آيَاتِ الْعَذَابِ سَرَدَهَا سَرْدًا وَذَكَرَهَا جُمْلَةً لِيُقْصِرَ ذِكْرَهَا ، وَالثَّوَابُ ذَكَرَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا ، لِأَنَّ ذِكْرَهُ يَطِيبُ لِلسَّامِعِ فَقَالَ بِالْفَصْلِ وَتَكْرَارِ عَوْدِ الضَّمِيرِ إِلَى الْجِنْسِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50فِيهِمَا عَيْنَانِ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ ) لِأَنَّ إِعَادَةَ ذِكْرِ الْمَحْبُوبِ مَحْبُوبٌ ، وَالتَّطْوِيلُ بِذِكْرِ اللَّذَّاتِ مُسْتَحْسَنٌ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=30402_29026فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ) أَيْ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ كَمَا مَرَّ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ) مَعْنَاهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ ، أَوْ مَعْنَاهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنَ الْفَوَاكِهِ زَوْجَانِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجَنَّتَيْنِ زَوْجٌ مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ فَفِيهِمَا جَمِيعًا زَوْجَانِ مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ ، وَهَذَا إِذَا جَعَلْنَا الْكِنَايَتَيْنِ فِيهِمَا لِلزَّوْجَيْنِ ، أَوْ نَقُولُ : مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ لِبَيَانِ حَالِ الزَّوْجَيْنِ ، وَمِثَالُهُ إِذَا دَخَلَتْ ( مِنْ ) عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَائِنًا فِي شَيْءٍ كَقَوْلِكَ : فِي الدَّارِ مِنَ الشَّرْقِ رَجُلٌ ، أَيْ فِيهَا رَجَلٌ مِنَ الشَّرْقِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا زَوْجَانِ ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَالصِّفَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ : فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ ، أَيْ كَائِنٌ فِيهِمَا شَيْءٌ مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ ، وَذَلِكَ الْكَائِنُ زَوْجَانِ ، وَهَذَا بَيِّنٌ فِيمَا تَكُونُ مِنْ دَاخِلِهِ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ كَائِنٌ فِي الشَّيْءِ غَيْرُهُ ، كَقَوْلِكَ : فِي الدَّارِ مِنْ كُلِّ سَاكِنٍ ، فَإِذَا قُلْنَا : فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ . الثَّالِثُ : عِنْدَ ذِكْرِ الْأَفْنَانِ لَوْ قَالَ : فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ كَانَ مُتَنَاسِبًا لِأَنَّ الْأَغْصَانَ عَلَيْهَا الْفَوَاكِهُ ، فَمَا الْفَائِدَةُ فِي ذِكْرِ الْعَيْنَيْنِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَّصِلِ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ ؟ نَقُولُ : جَرَى ذِكْرُ الْجَنَّةِ عَلَى عَادَةِ الْمُتْنَعِّمِينَ ، فَإِنَّهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْبُسْتَانَ لَا يُبَادِرُونَ إِلَى أَكْلِ الثِّمَارِ بَلْ يُقَدِّمُونَ التَّفَرُّجَ عَلَى الْأَكْلِ ، مَعَ أَنَّ الْإِنْسَانَ فِي بُسْتَانِ الدُّنْيَا لَا يَأْكُلُ حَتَّى يَجُوعَ وَيَشْتَهِيَ شَهْوَةً مُؤْلِمَةً فَكَيْفَ فِي الْجَنَّةِ ، فَذَكَرَ مَا يَتِمُّ بِهِ النُّزْهَةُ وَهُوَ خُضْرَةُ الْأَشْجَارِ ، وَجَرَيَانُ الْأَنْهَارِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَكُونُ بَعْدَ النُّزْهَةِ وَهُوَ أَكْلُ الثِّمَارِ ، فَسُبْحَانَ مَنْ يَأْتِي بِالْآيِ بِأَحْسَنِ الْمَعَانِي فِي أَبْيَنِ الْمَبَانِي .