(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=58كأنهن الياقوت والمرجان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=49فبأي آلاء ربكما تكذبان )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=58كأنهن الياقوت والمرجان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=59فبأي آلاء ربكما تكذبان ) وهذا التشبيه فيه وجهان :
أحدهما : تشبيه بصفائهما .
وثانيهما : بحسن بياض اللؤلؤ وحمرة الياقوت ، والمرجان صغار اللؤلؤ وهي أشد بياضا وضياء من الكبار بكثير ، فإن قلنا : إن التشبيه لبيان صفائهن ، فنقول : فيه لطيفة هي أن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=56قاصرات الطرف ) إشارة إلى خلوصهن عن القبائح ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=58كأنهن الياقوت والمرجان ) إشارة إلى صفائهن في الجنة ، فأول ما بدأ بالعقليات وختم بالحسيات ، كما قلنا : إن التشبيه لبيان مشابهة جسمهن بالياقوت والمرجان في الحمرة والبياض ، فكذلك القول فيه حيث قدم بيان العفة على بيان الحسن ولا يبعد أن يقال : هو مؤكد لما مضى لأنهن لما كن قاصرات الطرف ممتنعات عن الاجتماع بالإنس والجن لم يطمثن فهن
nindex.php?page=treesubj&link=30397كالياقوت الذي يكون في معدنه والمرجان المصون في صدفه لا يكون قد مسه يد لامس ، وقد بينا مرة أخرى في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=49كأنهن بيض مكنون ) [ الصافات : 49 ] أن " كأن " الداخلة على المشبه به لا تفيد من التأكيد ما تفيده الداخلة على المشبه ، فإذا قلت : زيد كالأسد ، كان معناه زيد يشبه الأسد ، وإذا قلت كأن زيدا الأسد فمعناه يشبه أن زيدا هو الأسد حقيقة ، لكن قولنا : زيد يشبه الأسد ليس فيه مبالغة عظيمة ، فإنه يشبهه في أنهما حيوانان وجسمان وغير ذلك ، وقولنا : زيد يشبه لا يمكن حمله على الحقيقة ، أما من حيث اللفظ فنقول : إذا دخلت الكاف على المشبه به ، وقيل : إن زيدا كالأسد عملت الكاف في الأسد عملا لفظيا والعمل اللفظي مع العمل المعنوي ، فكأن الأسد عمل به عمل حتى صار زيدا ، وإذا قلت : كأن زيدا الأسد تركت الأسد على
[ ص: 115 ] إعرابه فإذن هو متروك على حاله وحقيقته ، وزيد يشبه به في تلك الحال . ولا شك في أن زيدا إذا شبه بأسد هو على حاله باق يكون أقوى مما إذا شبه بأسد لم يبق على حاله ، وكأن من قال : زيد كالأسد نزل الأسد عن درجته فساواه زيد ، ومن قال : كأن زيدا الأسد رفع زيدا عن درجته حتى ساوى الأسد ، وهذا تدقيق لطيف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=58كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=49فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=58كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=59فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) وَهَذَا التَّشْبِيهُ فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : تَشْبِيهٌ بِصَفَائِهِمَا .
وَثَانِيهِمَا : بِحُسْنِ بَيَاضِ اللُّؤْلُؤِ وَحُمْرَةِ الْيَاقُوتِ ، وَالْمَرْجَانُ صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ وَهِيَ أَشَدُّ بَيَاضًا وَضِيَاءً مِنَ الْكِبَارِ بِكَثِيرٍ ، فَإِنْ قُلْنَا : إِنَّ التَّشْبِيهَ لِبَيَانِ صَفَائِهِنَّ ، فَنَقُولُ : فِيهِ لَطِيفَةٌ هِيَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=56قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ) إِشَارَةٌ إِلَى خُلُوصِهِنَّ عَنِ الْقَبَائِحِ ، وَقَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=58كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ) إِشَارَةٌ إِلَى صَفَائِهِنَّ فِي الْجَنَّةِ ، فَأَوَّلُ مَا بَدَأَ بِالْعَقْلِيَّاتِ وَخَتَمَ بِالْحِسِّيَّاتِ ، كَمَا قُلْنَا : إِنَّ التَّشْبِيهَ لِبَيَانِ مُشَابَهَةِ جِسْمِهِنَّ بِالْيَاقُوتِ وَالْمَرْجَانِ فِي الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ ، فَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِيهِ حَيْثُ قَدَّمَ بَيَانَ الْعِفَّةِ عَلَى بَيَانِ الْحُسْنِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ : هُوَ مُؤَكِّدٌ لِمَا مَضَى لِأَنَّهُنَّ لَمَّا كُنَّ قَاصِرَاتِ الطَّرْفِ مُمْتَنِعَاتٍ عَنِ الِاجْتِمَاعِ بِالْإِنْسِ وَالْجِنِّ لَمْ يُطْمَثْنَ فَهُنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30397كَالْيَاقُوتِ الَّذِي يَكُونُ فِي مَعْدِنِهِ وَالْمَرْجَانِ الْمَصُونِ فِي صَدَفِهِ لَا يَكُونُ قَدْ مَسَّهُ يَدُ لَامِسٍ ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَرَّةً أُخْرَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=49كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ) [ الصَّافَّاتِ : 49 ] أَنَّ " كَأَنَّ " الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ لَا تُفِيدُ مِنَ التَّأْكِيدِ مَا تُفِيدُهُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمُشَبَّهِ ، فَإِذَا قُلْتَ : زَيْدٌ كَالْأَسَدِ ، كَانَ مَعْنَاهُ زَيْدٌ يُشْبِهُ الْأَسَدَ ، وَإِذَا قُلْتَ كَأَنَّ زَيْدًا الْأَسَدُ فَمَعْنَاهُ يُشْبِهُ أَنَّ زَيْدًا هُوَ الْأَسَدُ حَقِيقَةً ، لَكِنَّ قَوْلَنَا : زَيْدٌ يُشْبِهُ الْأَسَدَ لَيْسَ فِيهِ مُبَالَغَةٌ عَظِيمَةٌ ، فَإِنَّهُ يُشْبِهُهُ فِي أَنَّهُمَا حَيَوَانَانِ وَجِسْمَانِ وَغَيْرُ ذَلِكَ ، وَقَوْلُنَا : زَيْدٌ يُشْبِهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ فَنَقُولُ : إِذَا دَخَلَتِ الْكَافُ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ ، وَقِيلَ : إِنَّ زَيْدًا كَالْأَسَدِ عَمِلَتِ الْكَافُ فِي الْأَسَدِ عَمَلًا لَفْظِيًّا وَالْعَمَلُ اللَّفْظِيُّ مَعَ الْعَمَلِ الْمَعْنَوِيِّ ، فَكَأَنَّ الْأَسَدَ عُمِلَ بِهِ عَمَلٌ حَتَّى صَارَ زَيْدًا ، وَإِذَا قُلْتَ : كَأَنَّ زَيْدًا الْأَسَدُ تَرَكْتَ الْأَسَدَ عَلَى
[ ص: 115 ] إِعْرَابِهِ فَإِذَنْ هُوَ مَتْرُوكٌ عَلَى حَالِهِ وَحَقِيقَتِهِ ، وَزَيْدٌ يُشَبَّهُ بِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ . وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ زَيْدًا إِذَا شُبِّهَ بِأَسَدٍ هُوَ عَلَى حَالِهِ بَاقٍ يَكُونُ أَقْوَى مِمَّا إِذَا شُبِّهَ بِأَسَدٍ لَمْ يَبْقَ عَلَى حَالِهِ ، وَكَأَنَّ مَنْ قَالَ : زَيْدٌ كَالْأَسَدِ نَزَّلَ الْأَسَدَ عَنْ دَرَجَتِهِ فَسَاوَاهُ زَيْدٌ ، وَمَنْ قَالَ : كَأَنَّ زَيْدًا الْأَسَدُ رَفَعَ زَيْدًا عَنْ دَرَجَتِهِ حَتَّى سَاوَى الْأَسَدَ ، وَهَذَا تَدْقِيقٌ لَطِيفٌ .