المسألة الثالثة : ما
nindex.php?page=treesubj&link=30437_30549الإصرار على الحنث العظيم ؟ نقول : الشرك ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إن الشرك لظلم عظيم ) [ لقمان : 13 ] وفيها لطيفة وهي أنه أشار في الآيات الثلاث إلى الأصول الثلاثة فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=45إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ) من حيث الاستعمال يدل على ذمهم بإنكار الرسل ، إذ المترف متكبر بسبب الغنى فينكر الرسالة ، والمترفون كانوا يقولون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=24أبشرا منا واحدا نتبعه ) [ القمر : 24 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=46يصرون على الحنث العظيم ) إشارة إلى الشرك ومخالفة التوحيد ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=47وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا ) إشارة إلى إنكار الحشر والنشر ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=46وكانوا يصرون على الحنث العظيم ) فيه مبالغات من وجوه :
أحدها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=46وكانوا يصرون ) وهو آكد من قول القائل : إنهم قبل ذلك أصروا ؛ لأن اجتماع لفظي الماضي والمستقبل يدل على الاستمرار ؛ لأن قولنا : فلان كان يحسن إلى الناس ، يفيد كون ذلك عادة له .
ثانيها : لفظ الإصرار فإن الإصرار مداومة المعصية والغلول ، ولا يقال : في الخير أصر .
ثالثها : الحنث فإنه فوق الذنب فإن الحنث لا يكاد في اللغة يقع على الصغيرة والذنب يقع عليها ، وأما الحنث في اليمين فاستعملوه ؛ لأن نفس الكذب عند العقلاء قبيح ، فإن مصلحة العالم منوطة بالصدق وإلا لم يحصل لأحد بقول أحد ثقة فلا يبنى على كلامه مصالح ، ولا يجتنب عن مفاسد ، ثم إن الكذب لما وجد في كثير من الناس لأغراض فاسدة أرادوا توكيد الأمر بضم شيء إليه يدفع توهمه ، فضموا إليه الأيمان ولا شيء فوقها ، فإذا حنث لم يبق أمر يفيد الثقة فيلزم منه فساد فوق فساد الزنا والشرب ، غير أن اليمين إذا كانت على أمر مستقبل ورأى الحالف غيره جوز الشرع الحنث ولم يجوزه في الكبيرة كالزنا والقتل لكثرة وقوع الأيمان وقلة وقوع القتل ، والذي يدل على أن الحنث هو الكبيرة قولهم للبالغ : بلغ الحنث ، أي بلغ مبلغا بحيث يرتكب الكبيرة ، وقبله ما كان ينفى عنه الصغيرة ؛ لأن الولي مأمور بالمعاقبة على إساءة الأدب وترك الصلاة .
المسألة الرابعة : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=46العظيم ) هذا يفيد أن المراد الشرك ، فإن هذه الأمور لا تجتمع في غيره .
المسألة الخامسة : كيف اشتهر (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=47متنا ) بكسر الميم مع أن استعمال القرآن في المستقبل يموت قال تعالى عن
يحيى وعيسى عليهما السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=33ويوم أموت ) [ مريم : 33 ] ولم يقرأ أمات على وزن أخاف ، وقال
[ ص: 150 ] تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119قل موتوا ) [ آل عمران : 119 ] ولم يقل : ولا تماتوا كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30ألا تخافوا ) [ فصلت : 30 ] قلنا : فيه وجهان :
أحدهما : أن هذه الكلمة خالفت غيرها ، فقيل فيها : أموت ، والسماع مقدم على القياس .
والثاني : مات يمات لغة في مات يموت ، فاستعمل ما فيها الكسر لأن الكسر في الماضي يوجد أكثر الأمرين :
أحدهما : كثرة يفعل على يفعل .
وثانيهما : كونه على فعل يفعل ، مثل خاف يخاف ، وفي مستقبلها الضم ؛ لأنه يوجد لسببين :
أحدهما : كون الفعل على فعل يفعل ، مثل طال يطول ، فإن وصفه بالتطويل دون الطائل يدل على أنه من باب قصر يقصر .
وثانيهما : كونه على فعل يفعل ، تقول: فعلت في الماضي بالكسر وفي المستقبل بالضم .
المسألة السادسة : كيف أتى باللام المؤكدة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=47لمبعوثون ) مع أن المراد هو النفي وفي النفي لا يذكر في خبر إن اللام يقال : إن زيدا ليجيء وإن زيدا لا يجيء ، فلا تذكر اللام ، وما مرادهم بالاستفهام إلا الإنكار بمعنى إنا لا نبعث ؟ نقول : الجواب عنه من وجهين :
أحدهما : عند إرادة التصريح بالنفي يوجد التصريح بالنفي وصيغته .
ثانيهما : أنهم أرادوا تكذيب من يخبر عن
nindex.php?page=treesubj&link=28760_30549البعث فذكروا أن المخبر عنه يبالغ في الإخبار ونحن نستكثر مبالغته وتأكيده فحكوا كلامهم على طريقة الاستفهام بمعنى الإنكار ، ثم إنهم أشاروا في الإنكار إلى أمور اعتقدوها مقررة لصحة إنكارهم فقالوا أولا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=47أئذا متنا ) ولم يقتصروا عليه بل قالوا بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=47وكنا ترابا وعظاما ) أي فطال عهدنا بعد كوننا أمواتا حتى صارت اللحوم ترابا والعظام رفاتا ، ثم زادوا وقالوا : مع هذا يقال لنا : إنكم لمبعوثون بطريق التأكيد من ثلاثة أوجه :
أحدها : استعمال كلمة إن .
ثانيها : إثبات اللام في خبرها .
ثالثها : ترك صيغة الاستقبال ، والإتيان بالمفعول كأنه كائن ، فقالوا لنا : إنكم لمبعوثون ثم زادوا وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=48أوآباؤنا الأولون ) يعني هذا أبعد فإنا إذا كنا ترابا بعد موتنا والآباء حالهم فوق حال العظام الرفات فكيف يمكن البعث ؟ وقد بينا في سورة والصافات هذا كله وقلنا : إن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=48أوآباؤنا الأولون ) معناه : أو يقولوا : آباؤنا الأولون ، إشارة إلى أنهم في الإشكال أعظم ، ثم إن الله تعالى أجابهم ورد عليهم في الجواب في كل مبالغة بمبالغة أخرى فقال :
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : مَا
nindex.php?page=treesubj&link=30437_30549الْإِصْرَارُ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ؟ نَقُولُ : الشِّرْكُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) [ لُقْمَانَ : 13 ] وَفِيهَا لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ أَشَارَ فِي الْآيَاتِ الثَّلَاثِ إِلَى الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=45إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ) مِنْ حَيْثُ الِاسْتِعْمَالُ يَدُلُّ عَلَى ذَمِّهِمْ بِإِنْكَارِ الرُّسُلِ ، إِذِ الْمُتْرَفُ مُتَكَبِّرٌ بِسَبَبِ الْغِنَى فَيُنْكِرُ الرِّسَالَةَ ، وَالْمُتْرَفُونَ كَانُوا يَقُولُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=24أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ ) [ الْقَمَرِ : 24 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=46يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ) إِشَارَةٌ إِلَى الشِّرْكِ وَمُخَالَفَةِ التَّوْحِيدِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=47وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ) إِشَارَةٌ إِلَى إِنْكَارِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=46وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ) فِيهِ مُبَالَغَاتٌ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=46وَكَانُوا يُصِرُّونَ ) وَهُوَ آكَدُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : إِنَّهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ أَصَرُّوا ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ لَفْظَيِ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَنَا : فُلَانٌ كَانَ يُحْسِنُ إِلَى النَّاسِ ، يُفِيدُ كَوْنَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ .
ثَانِيهَا : لَفْظُ الْإِصْرَارِ فَإِنَّ الْإِصْرَارَ مُدَاوَمَةُ الْمَعْصِيَةِ وَالْغُلُولِ ، وَلَا يُقَالُ : فِي الْخَيْرِ أَصَرَّ .
ثَالِثُهَا : الْحِنْثُ فَإِنَّهُ فَوْقَ الذَّنْبِ فَإِنَّ الْحِنْثَ لَا يَكَادُ فِي اللُّغَةِ يَقَعُ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَالذَّنْبُ يَقَعُ عَلَيْهَا ، وَأَمَّا الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ فَاسْتَعْمَلُوهُ ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْكَذِبِ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ قَبِيحٌ ، فَإِنَّ مَصْلَحَةَ الْعَالَمِ مَنُوطَةٌ بِالصِّدْقِ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ لِأَحَدٍ بِقَوْلِ أَحَدٍ ثِقَةٌ فَلَا يُبْنَى عَلَى كَلَامِهِ مَصَالِحُ ، وَلَا يُجْتَنَبُ عَنْ مَفَاسِدَ ، ثُمَّ إِنَّ الْكَذِبَ لَمَّا وُجِدَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ لِأَغْرَاضٍ فَاسِدَةٍ أَرَادُوا تَوْكِيدَ الْأَمْرِ بِضَمِّ شَيْءٍ إِلَيْهِ يَدْفَعُ تَوَهُّمَهُ ، فَضَمُّوا إِلَيْهِ الْأَيْمَانَ وَلَا شَيْءَ فَوْقَهَا ، فَإِذَا حَنِثَ لَمْ يَبْقَ أَمْرٌ يُفِيدُ الثِّقَةَ فَيَلْزَمُ مِنْهُ فَسَادٌ فَوْقَ فَسَادِ الزِّنَا وَالشُّرْبِ ، غَيْرَ أَنَّ الْيَمِينَ إِذَا كَانَتْ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَرَأَى الْحَالِفُ غَيْرَهُ جَوَّزَ الشَّرْعُ الْحِنْثَ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ فِي الْكَبِيرَةِ كَالزِّنَا وَالْقَتْلِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْأَيْمَانِ وَقِلَّةِ وُقُوعِ الْقَتْلِ ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحِنْثَ هُوَ الْكَبِيرَةُ قَوْلُهُمْ لِلْبَالِغِ : بَلَغَ الْحِنْثَ ، أَيْ بَلَغَ مَبْلَغًا بِحَيْثُ يَرْتَكِبُ الْكَبِيرَةَ ، وَقَبْلَهُ مَا كَانَ يُنْفَى عَنْهُ الصَّغِيرَةُ ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ مَأْمُورٌ بِالْمُعَاقَبَةِ عَلَى إِسَاءَةِ الْأَدَبِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=46الْعَظِيمِ ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الشِّرْكُ ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تَجْتَمِعُ فِي غَيْرِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : كَيْفَ اشْتُهِرَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=47مِتْنَا ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَعَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْقُرْآنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَمُوتُ قَالَ تَعَالَى عَنْ
يَحْيَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=33وَيَوْمَ أَمُوتُ ) [ مَرْيَمَ : 33 ] وَلَمْ يُقْرَأْ أَمَاتُ عَلَى وَزْنِ أَخَافُ ، وَقَالَ
[ ص: 150 ] تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119قُلْ مُوتُوا ) [ آلِ عِمْرَانَ : 119 ] وَلَمْ يَقُلْ : وَلَا تَمَاتُوا كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30أَلَّا تَخَافُوا ) [ فُصِّلَتْ : 30 ] قُلْنَا : فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ خَالَفَتْ غَيْرَهَا ، فَقِيلَ فِيهَا : أَمُوتُ ، وَالسَّمَاعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ .
وَالثَّانِي : مَاتَ يَمَاتُ لُغَةٌ فِي مَاتَ يَمُوتُ ، فَاسْتُعْمِلَ مَا فِيهَا الْكَسْرُ لِأَنَّ الْكَسْرَ فِي الْمَاضِي يُوجَدُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : كَثْرَةُ يَفْعَلُ عَلَى يَفْعُلُ .
وَثَانِيهِمَا : كَوْنُهُ عَلَى فَعَلَ يَفْعَلُ ، مِثْلُ خَافَ يَخَافُ ، وَفِي مُسْتَقْبَلِهَا الضَّمُّ ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ لِسَبَبَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : كَوْنُ الْفِعْلِ عَلَى فَعَلَ يَفْعُلُ ، مِثْلُ طَالَ يَطُولُ ، فَإِنَّ وَصْفَهُ بِالتَّطْوِيلِ دُونَ الطَّائِلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ قَصَرَ يَقْصُرُ .
وَثَانِيهِمَا : كَوْنُهُ عَلَى فَعِلَ يَفْعُلُ ، تَقُولُ: فَعِلْتُ فِي الْمَاضِي بِالْكَسْرِ وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ بِالضَّمِّ .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : كَيْفَ أَتَى بِاللَّامِ الْمُؤَكِّدَةِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=47لَمَبْعُوثُونَ ) مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ النَّفْيُ وَفِي النَّفْيِ لَا يُذْكَرُ فِي خَبَرِ إِنَّ اللَّامُ يُقَالُ : إِنَّ زَيْدًا لَيَجِيءُ وَإِنَّ زَيْدًا لَا يَجِيءُ ، فَلَا تُذْكَرُ اللَّامُ ، وَمَا مُرَادُهُمْ بِالِاسْتِفْهَامِ إِلَّا الْإِنْكَارَ بِمَعْنَى إِنَّا لَا نُبْعَثُ ؟ نَقُولُ : الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : عِنْدَ إِرَادَةِ التَّصْرِيحِ بِالنَّفْيِ يُوجَدُ التَّصْرِيحُ بِالنَّفْيِ وَصِيغَتُهُ .
ثَانِيهِمَا : أَنَّهُمْ أَرَادُوا تَكْذِيبَ مَنْ يُخْبِرُ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=28760_30549الْبَعْثِ فَذَكَرُوا أَنَّ الْمُخْبِرَ عَنْهُ يُبَالِغُ فِي الْإِخْبَارِ وَنَحْنُ نَسْتَكْثِرُ مُبَالَغَتَهُ وَتَأْكِيدَهُ فَحَكَوْا كَلَامَهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِفْهَامِ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَشَارُوا فِي الْإِنْكَارِ إِلَى أُمُورٍ اعْتَقَدُوهَا مُقَرَّرَةً لِصِحَّةِ إِنْكَارِهِمْ فَقَالُوا أَوَّلًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=47أَئِذَا مِتْنَا ) وَلَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَيْهِ بَلْ قَالُوا بَعْدَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=47وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا ) أَيْ فَطَالَ عَهْدُنَا بَعْدَ كَوْنِنَا أَمْوَاتًا حَتَّى صَارَتِ اللُّحُومُ تُرَابًا وَالْعِظَامُ رُفَاتًا ، ثُمَّ زَادُوا وَقَالُوا : مَعَ هَذَا يُقَالُ لَنَا : إِنَّكُمْ لَمَبْعُوثُونَ بِطَرِيقِ التَّأْكِيدِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : اسْتِعْمَالُ كَلِمَةٍ إِنَّ .
ثَانِيهَا : إِثْبَاتُ اللَّامِ فِي خَبَرِهَا .
ثَالِثُهَا : تَرْكُ صِيغَةِ الِاسْتِقْبَالِ ، وَالْإِتْيَانُ بِالْمَفْعُولِ كَأَنَّهُ كَائِنٌ ، فَقَالُوا لَنَا : إِنَّكُمْ لَمَبْعُوثُونَ ثُمَّ زَادُوا وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=48أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ) يَعْنِي هَذَا أَبْعَدُ فَإِنَّا إِذَا كُنَّا تُرَابًا بَعْدَ مَوْتِنَا وَالْآبَاءُ حَالُهُمْ فَوْقَ حَالِ الْعِظَامِ الرُّفَاتِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ الْبَعْثُ ؟ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي سُورَةِ وَالصَّافَّاتِ هَذَا كُلَّهُ وَقُلْنَا : إِنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=48أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ) مَعْنَاهُ : أَوْ يَقُولُوا : آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمْ فِي الْإِشْكَالِ أَعْظَمُ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَابَهُمْ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ فِي الْجَوَابِ فِي كُلِّ مُبَالَغَةٍ بِمُبَالَغَةٍ أُخْرَى فَقَالَ :