(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ) .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ) .
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى وبخ على ترك الإيمان بشرطين أحدهما : أن يدعو الرسول ، والمراد أنه يتلو عليهم القرآن المشتمل على الدلائل الواضحة . الثاني : أنه أخذ الميثاق عليهم ، وذكروا في أخذ الميثاق وجهين :
الأول : ما نصب في العقول من الدلائل الموجبة لقبول دعوة الرسل ، واعلم أن تلك الدلائل كما اقتضت وجوب القبول فهي أوكد من الحلف واليمين ، فلذلك سماه ميثاقا ، وحاصل الأمر أنه تطابقت دلائل النقل والعقل ، أما النقل فبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8والرسول يدعوكم ) ، وأما العقل فبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وقد أخذ ميثاقكم ) ومتى اجتمع هذان النوعان ، فقد بلغ الأمر إلى حيث تمتنع الزيادة عليه ، واحتج بهذه الآية من زعم أن معرفة الله تعالى لا تجب إلا بالسمع ، قال : لأنه تعالى إنما ذمهم بناء على أن الرسول يدعوهم ، فعلمنا أن استحقاق الذم لا يحصل إلا عند دعوة الرسول .
الوجه الثاني في
nindex.php?page=treesubj&link=29642تفسير أخذ الميثاق : قال
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد والكلبي والمقاتلان : يريد حين أخرجهم من ظهر
آدم ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ألست بربكم قالوا بلى ) [ الأعراف : 172 ] وهذا ضعيف ، وذلك لأنه تعالى إنما ذكر أخذ الميثاق ليكون ذلك سببا في أنه لم يبق لهم عذر في ترك الإيمان بعد ذلك ، وأخذ الميثاق وقت إخراجهم من ظهر
آدم غير معلوم للقوم إلا بقول الرسول ، فقبل معرفة صدق الرسول لا يكون ذلك سببا في وجوب تصديق الرسول ، أما نصب الدلائل والبينات فمعلوم لكل أحد ، فذلك يكون سببا لوجوب الإيمان بالرسول ، فعلمنا أن تفسير الآية بهذا المعنى غير جائز .
المسألة الثانية : قال القاضي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم ) يدل على قدرتهم على الإيمان إذ لا يجوز أن يقال ذلك إلا لمن لا يتمكن من الفعل ، كما لا يقال : ما لك لا تطول ولا تبيض ، فيدل هذا على أن الاستطاعة قبل الفعل ، وعلى أن القدرة صالحة للضدين ، وعلى أن الإيمان حصل بالعبد لا بخلق الله .
المسألة الثالثة : قرئ : " وقد أخذ ميثاقكم " على البناء للفاعل ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8إن كنتم مؤمنين ) فالمعنى إن كنتم تؤمنون بشيء لأجل دليل ، فما لكم لا تؤمنون الآن ، فإنه قد تطابقت الدلائل النقلية والعقلية ، وبلغت مبلغا لا يمكن الزيادة عليها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) .
وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى وَبَخَّ عَلَى تَرْكِ الْإِيمَانِ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا : أَنْ يَدْعُوَ الرَّسُولُ ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتْلُو عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ . الثَّانِي : أَنَّهُ أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَيْهِمْ ، وَذَكَرُوا فِي أَخْذِ الْمِيثَاقِ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : مَا نُصِبَ فِي الْعُقُولِ مِنَ الدَّلَائِلِ الْمُوجِبَةِ لِقَبُولِ دَعْوَةِ الرُّسُلِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ تِلْكَ الدَّلَائِلَ كَمَا اقْتَضَتْ وُجُوبَ الْقَبُولِ فَهِيَ أَوْكَدُ مِنَ الْحَلْفِ وَالْيَمِينِ ، فَلِذَلِكَ سَمَّاهُ مِيثَاقًا ، وَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَطَابَقَتْ دَلَائِلُ النَّقْلِ وَالْعَقْلِ ، أَمَّا النَّقْلُ فَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ ) ، وَأَمَّا الْعَقْلُ فَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ ) وَمَتَّى اجْتَمَعَ هَذَانِ النَّوْعَانِ ، فَقَدْ بَلَغَ الْأَمْرُ إِلَى حَيْثُ تَمْتَنِعُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ ، وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَجِبُ إِلَّا بِالسَّمْعِ ، قَالَ : لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا ذَمَّهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ يَدْعُوهُمْ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الذَّمِّ لَا يَحْصُلُ إِلَّا عِنْدَ دَعْوَةِ الرَّسُولِ .
الْوَجْهُ الثَّانِي فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29642تَفْسِيرِ أَخْذِ الْمِيثَاقِ : قَالَ
عَطَاءٌ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ وَالْكَلْبِيُّ وَالْمُقَاتِلَانِ : يُرِيدُ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ ظَهْرِ
آدَمَ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) [ الْأَعْرَافِ : 172 ] وَهَذَا ضَعِيفٌ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا ذَكَرَ أَخْذَ الْمِيثَاقِ لِيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْإِيمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَأَخْذُ الْمِيثَاقِ وَقْتَ إِخْرَاجِهِمْ مِنْ ظَهْرِ
آدَمَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِلْقَوْمِ إِلَّا بِقَوْلِ الرَّسُولِ ، فَقَبْلَ مَعْرِفَةِ صِدْقِ الرَّسُولِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا فِي وُجُوبِ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ ، أَمَّا نَصْبُ الدَّلَائِلِ وَالْبَيِّنَاتِ فَمَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ ، فَذَلِكَ يَكُونُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْإِيمَانِ بِالرَّسُولِ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ تَفْسِيرَ الْآيَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ جَائِزٍ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ الْقَاضِي قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ ) يَدُلُّ عَلَى قُدْرَتِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ إِلَّا لِمَنْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْفِعْلِ ، كَمَا لَا يُقَالُ : مَا لَكَ لَا تَطُولُ وَلَا تَبِيضُ ، فَيَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ قَبْلَ الْفِعْلِ ، وَعَلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ صَالِحَةٌ لِلضِّدَّيْنِ ، وَعَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ حَصَلَ بِالْعَبْدِ لَا بِخَلْقِ اللَّهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قُرِئَ : " وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ " عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) فَالْمَعْنَى إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِشَيْءٍ لِأَجْلِ دَلِيلٍ ، فَمَا لَكَمَ لَا تُؤْمِنُونَ الْآنَ ، فَإِنَّهُ قَدْ تَطَابَقَتِ الدَّلَائِلُ النَّقْلِيَّةُ وَالْعَقْلِيَّةُ ، وَبَلَغَتْ مَبْلَغًا لَا يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا .