(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم ) .
[ ص: 190 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم ) .
قال القاضي : بين بذلك أن مراده بإنزال الآيات البينات التي هي القرآن ، وغيره من المعجزات أن يخرجهم من الظلمات إلى النور ، وأكد ذلك بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9وإن الله بكم لرءوف رحيم ) ولو كان تعالى يريد من بعضهم الثبات على ظلمات الكفر ، ويخلق ذلك فيهم ، ويقدره لهم تقديرا لا يقبل الزوال لم يصح هذا القول ، فإن قيل : أليس أن ظاهره يدل على أنه تعالى يخرج من الظلمات إلى النور ، فيجب أن يكون الإيمان من فعله ؟ قلنا : لو أراد بهذا الإخراج
nindex.php?page=treesubj&link=28785خلق الإيمان فيه لم يكن لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم ) معنى ؛ لأنه سواء تقدم ذلك أو لم يتقدم ، فخلقه لما خلقه لا يتغير ، فالمراد إذن بذلك أنه يلطف بهم في إخراجهم من الظلمات إلى النور ، ولولا ذلك لم يكن بأن يصف نفسه بأنه يخرجهم من الظلمات إلى النور أولى من أن يصف نفسه بأنه يخرجهم من النور إلى الظلمات .
واعلم أن هذا الكلام على خسته وروغته معارض بالعلم ، وذلك لأنه تعالى كان عالما بأن علمه سبحانه بعدم إيمانهم قائم ، وعالما بأن هذا العلم ينافي وجود الإيمان ، فإذا كلفهم بتكوين أحد الضدين مع علمه بقيام الضد الآخر في الوجود بحيث لا يمكن إزالته وإبطاله ، فهل يعقل مع ذلك أن يريد بهم ذلك الخير والإحسان ، لا شك أنه مما لا يقوله عاقل ، وإذا توجهت المعارضة زالت تلك القوة ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9وإن الله بكم لرءوف رحيم ) فقد حمله بعضهم على بعثة
محمد صلى الله عليه وسلم فقط ، وهذا التخصيص لا وجه له ، بل يدخل فيه ذلك مع سائر ما يتمكن به المرء من أداء التكاليف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض ) .
لما أمر أولا بالإيمان وبالإنفاق ، ثم أكد في الآية المتقدمة إيجاب الإيمان أتبعه في هذه الآية بتأكيد
nindex.php?page=treesubj&link=23467إيجاب الإنفاق ، والمعنى أنكم ستموتون فتورثون ، فهلا قدمتموه في الإنفاق في طاعة الله ، وتحقيقه أن المال لا بد وأن يخرج عن اليد ، إما بالموت وإما بالإنفاق في سبيل الله ، فإن وقع على الوجه الأول ، كان أثره اللعن والمقت والعقاب ، وإن وقع على الوجه الثاني ، كان أثره المدح والثواب ، وإذا كان لا بد من خروجه عن اليد ، فكل عاقل يعلم أن خروجه عن اليد بحيث يستعقب المدح والثواب أولى منه بحيث يستعقب اللعن والعقاب .
ثم لما بين تعالى أن الإنفاق فضيلة بين أن
nindex.php?page=treesubj&link=30494_23468المسابقة في الإنفاق تمام الفضيلة فقال :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : تقدير الآية : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح ، ومن أنفق من بعد الفتح ، كما
[ ص: 191 ] قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=20لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة ) [ الحشر : 20 ] إلا أنه حذف لوضوح الحال .
المسألة الثانية : المراد بهذا الفتح فتح
مكة ؛ لأن إطلاق لفظ الفتح في المتعارف ينصرف إليه ، قال عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012761لا هجرة بعد الفتح وقال
أبو مسلم : ويدل القرآن على فتح آخر بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ) [ الفتح : 27 ] وأيهما كان ، فقد بين الله عظم موقع الإنفاق قبل الفتح .
المسألة الثالثة : قال
الكلبي : نزلت هذه الآية في
nindex.php?page=treesubj&link=31138_31136فضل nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق ؛ لأنه كان أول من أنفق المال على رسول الله في سبيل الله ، قال
عمر :
كنت قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خللها في صدره بخلال ، فنزل جبريل عليه الصلاة والسلام ، فقال : ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة خللها في صدره ؟ فقال : أنفق ماله علي قبل الفتح .
واعلم أن الآية دلت على أن من صدر عنه الإنفاق في سبيل الله ، والقتال مع أعداء الله قبل الفتح يكون أعظم حالا ممن صدر عنه هذان الأمران بعد الفتح ، ومعلوم أن صاحب الإنفاق هو
أبو بكر ، وصاحب القتال هو
علي ، ثم إنه تعالى قدم صاحب الإنفاق في الذكر على صاحب القتال ، وفيه إيماء إلى تقديم
أبي بكر ، ولأن الإنفاق من باب الرحمة ، والقتال من باب الغضب ، وقال تعالى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011316سبقت رحمتي غضبي " فكان السبق لصاحب الإنفاق ، فإن قيل : بل صاحب الإنفاق هو
علي ، لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8ويطعمون الطعام ) [ الإنسان : 8 ] قلنا : إطلاق القول بأنه أنفق لا يتحقق إلا إذا أنفق في الوقائع العظيمة أموالا عظيمة ، وذكر
الواحدي في البسيط أن
أبا بكر كان أول من قاتل على الإسلام ، ولأن
عليا في أول ظهور الإسلام كان صبيا صغيرا ، ولم يكن صاحب القتال وأما
أبو بكر فإنه كان شيخا مقدما ، وكان يذب عن الإسلام حتى ضرب بسببه ضربا أشرف به على الموت .
المسألة الرابعة : جعل علماء التوحيد هذه الآية دالة على
nindex.php?page=treesubj&link=28812فضل من سبق إلى الإسلام ، وأنفق وجاهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الفتح ، وبينوا الوجه في ذلك وهو عظم موقع نصرة الرسول عليه الصلاة والسلام بالنفس ، وإنفاق المال في تلك الحال ، وفي عدد المسلمين قلة ، وفي الكافرين شوكة وكثرة عدد ، فكانت الحاجة إلى النصرة والمعاونة أشد بخلاف ما بعد الفتح ، فإن الإسلام صار في ذلك الوقت قويا ، والكفر ضعيفا ، ويدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) [ التوبة : 100 ] وقوله عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013780لا تسبوا أصحابي ، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) .
[ ص: 190 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) .
قَالَ الْقَاضِي : بَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ مُرَادَهُ بِإِنْزَالِ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ الَّتِي هِيَ الْقُرْآنُ ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) وَلَوْ كَانَ تَعَالَى يُرِيدُ مِنْ بَعْضِهِمُ الثَّبَاتَ عَلَى ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ ، وَيَخْلُقُ ذَلِكَ فِيهِمْ ، وَيُقَدِّرُهُ لَهُمْ تَقْدِيرًا لَا يَقْبَلُ الزَّوَالَ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْقَوْلُ ، فَإِنْ قِيلَ : أَلَيْسَ أَنَّ ظَاهِرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يُخْرِجُ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِيمَانُ مِنْ فِعْلِهِ ؟ قُلْنَا : لَوْ أَرَادَ بِهَذَا الْإِخْرَاجِ
nindex.php?page=treesubj&link=28785خَلْقَ الْإِيمَانِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ ) مَعْنًى ؛ لِأَنَّهُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ، فَخَلَقَهُ لِمَا خَلَقَهُ لَا يَتَغَيَّرُ ، فَالْمُرَادُ إِذَنْ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَلْطُفُ بِهِمْ فِي إِخْرَاجِهِمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ يُخْرِجُهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ عَلَى خِسَّتِهِ وَرَوْغَتِهِ مَعَارَضٌ بِالْعِلْمِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ عِلْمَهُ سُبْحَانَهُ بِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ قَائِمٌ ، وَعَالِمًا بِأَنَّ هَذَا الْعِلْمَ يُنَافِي وُجُودَ الْإِيمَانِ ، فَإِذَا كَلَّفَهُمْ بِتَكْوِينِ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ مَعَ عِلْمِهِ بِقِيَامِ الضِّدِّ الْآخَرِ فِي الْوُجُودِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إِزَالَتُهُ وَإِبْطَالُهُ ، فَهَلْ يُعْقَلُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُرِيدَ بِهِمْ ذَلِكَ الْخَيْرَ وَالْإِحْسَانَ ، لَا شَكَّ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ ، وَإِذَا تَوَجَّهَتِ الْمُعَارَضَةُ زَالَتْ تِلْكَ الْقُوَّةُ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) فَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بِعْثَةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطْ ، وَهَذَا التَّخْصِيصُ لَا وَجْهَ لَهُ ، بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ ذَلِكَ مَعَ سَائِرِ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْمَرْءُ مِنْ أَدَاءِ التَّكَالِيفِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) .
لَمَّا أَمَرَ أَوَّلًا بِالْإِيمَانِ وَبِالْإِنْفَاقِ ، ثُمَّ أَكَّدَ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِيجَابَ الْإِيمَانِ أَتْبَعَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِتَأْكِيدِ
nindex.php?page=treesubj&link=23467إِيجَابِ الْإِنْفَاقِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّكُمْ سَتَمُوتُونَ فَتُورَثُونَ ، فَهَلَّا قَدَّمْتُمُوهُ فِي الْإِنْفَاقِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْمَالَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْيَدِ ، إِمَّا بِالْمَوْتِ وَإِمَّا بِالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ، كَانَ أَثَرُهُ اللَّعْنَ وَالْمَقْتَ وَالْعِقَابَ ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي ، كَانَ أَثَرُهُ الْمَدْحَ وَالثَّوَابَ ، وَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ عَنِ الْيَدِ ، فَكُلُّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ أَنَّ خُرُوجَهُ عَنِ الْيَدِ بِحَيْثُ يَسْتَعْقِبُ الْمَدْحَ وَالثَّوَابَ أَوْلَى مِنْهُ بِحَيْثُ يَسْتَعْقِبُ اللَّعْنَ وَالْعِقَابَ .
ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ فَضِيلَةٌ بَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30494_23468الْمُسَابَقَةَ فِي الْإِنْفَاقِ تَمَامُ الْفَضِيلَةِ فَقَالَ :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : تَقْدِيرُ الْآيَةِ : لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ ، وَمَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدِ الْفَتْحِ ، كَمَا
[ ص: 191 ] قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=20لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ) [ الْحَشْرِ : 20 ] إِلَّا أَنَّهُ حُذِفَ لِوُضُوحِ الْحَالِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْمُرَادُ بِهَذَا الْفَتْحِ فَتْحُ
مَكَّةَ ؛ لِأَنَّ إِطْلَاقَ لَفْظِ الْفَتْحِ فِي الْمُتَعَارَفِ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012761لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : وَيَدُلُّ الْقُرْآنُ عَلَى فَتْحٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ) [ الْفَتْحِ : 27 ] وَأَيُّهُمَا كَانَ ، فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ عِظَمَ مَوْقِعِ الْإِنْفَاقِ قَبْلَ الْفَتْحِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ
الْكَلْبِيُّ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31138_31136فَضْلِ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَنْفَقَ الْمَالَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَالَ
عُمَرُ :
كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ قَدْ خَلَّلَهَا فِي صَدْرِهِ بِخِلَالٍ ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَقَالَ : مَا لِي أَرَى أَبَا بَكْرٍ عَلَيْهِ عَبَاءَةٌ خَلَلَّهَا فِي صَدْرِهِ ؟ فَقَالَ : أَنْفَقَ مَالَهُ عَلَيَّ قَبْلَ الْفَتْحِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَنْ صَدَرَ عَنْهُ الْإِنْفَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالْقِتَالُ مَعَ أَعْدَاءِ اللَّهِ قَبْلَ الْفَتْحِ يَكُونُ أَعْظَمَ حَالًا مِمَّنْ صَدَرَ عَنْهُ هَذَانِ الْأَمْرَانِ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَاحِبَ الْإِنْفَاقِ هُوَ
أَبُو بَكْرٍ ، وَصَاحِبُ الْقِتَالِ هُوَ
عَلِيٌّ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَدَّمَ صَاحِبَ الْإِنْفَاقِ فِي الذِّكْرِ عَلَى صَاحِبِ الْقِتَالِ ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى تَقْدِيمِ
أَبِي بَكْرٍ ، وَلِأَنَّ الْإِنْفَاقَ مِنْ بَابِ الرَّحْمَةِ ، وَالْقِتَالَ مِنْ بَابِ الْغَضَبِ ، وَقَالَ تَعَالَى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011316سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي " فَكَانَ السَّبْقُ لِصَاحِبِ الْإِنْفَاقِ ، فَإِنْ قِيلَ : بَلْ صَاحِبُ الْإِنْفَاقِ هُوَ
عَلِيٌّ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ ) [ الْإِنْسَانِ : 8 ] قُلْنَا : إِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَنْفَقَ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا إِذَا أَنْفَقَ فِي الْوَقَائِعِ الْعَظِيمَةِ أَمْوَالًا عَظِيمَةً ، وَذَكَرَ
الْوَاحِدِيُّ فِي الْبَسِيطِ أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَاتَلَ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَلِأَنَّ
عَلِيًّا فِي أَوَّلِ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ كَانَ صَبِيًّا صَغِيرًا ، وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبَ الْقِتَالِ وَأَمَّا
أَبُو بَكْرٍ فَإِنَّهُ كَانَ شَيْخًا مُقَدَّمًا ، وَكَانَ يَذُبُّ عَنِ الْإِسْلَامِ حَتَّى ضُرِبَ بِسَبَبِهِ ضَرْبًا أَشْرَفَ بِهِ عَلَى الْمَوْتِ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : جَعَلَ عُلَمَاءُ التَّوْحِيدِ هَذِهِ الْآيَةَ دَالَّةً عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28812فَضْلِ مَنْ سَبَقَ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَأَنْفَقَ وَجَاهَدَ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْفَتْحِ ، وَبَيَّنُوا الْوَجْهَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ عِظَمُ مَوْقِعِ نُصْرَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالنَّفْسِ ، وَإِنْفَاقِ الْمَالِ فِي تِلْكَ الْحَالِ ، وَفِي عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ قِلَّةٌ ، وَفِي الْكَافِرِينَ شَوْكَةٌ وَكَثْرَةُ عَدَدٍ ، فَكَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَى النُّصْرَةِ وَالْمُعَاوَنَةِ أَشَدَّ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْفَتْحِ ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ صَارَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَوِيًّا ، وَالْكُفْرَ ضَعِيفًا ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ) [ التَّوْبَةِ : 100 ] وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013780لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي ، فَلَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ .