( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم    ) 
ثم قال تعالى : ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم    ) وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : ( يوم ترى    ) ظرف لقوله : ( وله أجر كريم    ) أو منصوب بـ"اذكر" تعظيما لذلك اليوم . 
المسألة الثانية : المراد من هذا اليوم هو يوم المحاسبة ، واختلفوا في هذا النور على وجوه : 
أحدها : قال قوم : المراد نفس النور على ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن كل مثاب فإنه يحصل له النور على قدر عمله وثوابه في العظم والصغر    " فعلى هذا مراتب الأنوار مختلفة ، فمنهم من يضيء له نور كما بين عدن  إلى صنعاء  ، ومنهم من نوره مثل الجبل ، ومنهم من لا يضيء له نور إلا موضع قدميه ، وأدناهم نورا من يكون نوره على إبهامه ينطفئ مرة ويتقد أخرى ، وهذا القول منقول عن ابن مسعود  وقتادة  وغيرهما ، وقال  مجاهد    : ما من عبد إلا وينادى يوم القيامة : يا فلان ها نورك  ، ويا فلان لا نور لك ، نعوذ بالله منه ، واعلم أنا بينا في سورة النور أن النور الحقيقي هو الله تعالى ، وأن نور العلم الذي هو نور البصيرة أولى بكونه نورا من نور البصر ، وإذا كان كذلك ظهر أن معرفة الله هي النور في القيامة ، فمقادير الأنوار يوم القيامة على حسب مقادير المعارف في الدنيا . 
القول الثاني : أن المراد من النور ما يكون سببا للنجاة ، وإنما قال : ( بين أيديهم وبأيمانهم    ) لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين ، كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ووراء ظهورهم . 
القول الثالث : المراد بهذا النور الهداية إلى الجنة ، كما يقال : ليس لهذا الأمر نور ، إذا لم يكن المقصود حاصلا ، ويقال : هذا الأمر له نور ورونق ، إذا كان المقصود حاصلا . 
المسألة الثالثة : قرأ سهل بن شعيب    " وبإيمانهم " بكسر الهمزة ، والمعنى : يسعى نورهم بين أيديهم وبإيمانهم حصل ذلك السعي ، ونظيره قوله تعالى : ( ذلك بما قدمت يداك    ) [ الحج : 10 ] أي ذلك كائن بذلك . 
				
						
						
