(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14وغركم بالله الغرور nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14وغركم بالله الغرور ) فيه مسألتان :
المسألة الأولى : قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب : "الغرور "بضم الغين ، والمعنى وغركم بالله الاغترار ، وتقديره على حذف المضاف أي غركم بالله سلامتكم منه مع الاغترار .
المسألة الثانية : الغرور بفتح الغين هو الشيطان ؛ لإلقائه إليكم أن لا خوف عليكم من محاسبة ومجازاة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=30311_30564_30539_29028فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا )
الفدية ما يفتدى به ، وهو قولان :
الأول : لا يؤخذ منكم إيمان ولا توبة فقد زال التكليف وحصل الإلجاء .
الثاني : بل المراد لا يقبل منكم فدية تدفعون بها العذاب عن أنفسكم ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=123ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ) [ البقرة : 123 ] ، واعلم أن الفدية ما يفتدى به ، فهو يتناول الإيمان والتوبة والمال ، وهذا يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19729قبول التوبة غير واجب عقلا على ما تقوله
المعتزلة ؛ لأنه تعالى بين أنه لا يقبل الفدية أصلا ، والتوبة فدية ، فتكون الآية دالة على أن التوبة غير مقبولة أصلا ، وإذا كان كذلك لم تكن التوبة واجبة القبول عقلا . أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15ولا من الذين كفروا ) ففيه ( بحث ) وهو عطف الكافر على المنافق يقتضي أن لا يكون المنافق كافرا ؛ لوجوب حصول المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه . ( والجواب ) : المراد : الذين أظهروا الكفر ، وإلا فالمنافق كافر .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير ) .
وفي لفظ "المولى" ههنا أقوال :
أحدها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " مولاكم " أي مصيركم ، وتحقيقه أن المولى موضع الولي ، وهو القرب ، فالمعنى أن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه .
والثاني : قال
الكلبي : يعني أولى بكم ، وهو قول
الزجاج والفراء وأبي عبيدة ، واعلم أن هذا الذي قالوه معنى وليس بتفسير للفظ ؛ لأنه لو كان مولى وأولى بمعنى واحد في اللغة لصح استعمال كل واحد منهما في مكان الآخر ، فكان يجب أن يصح أن يقال : هذا مولى من فلان كما يقال : هذا أولى من فلان ، ويصح أن يقال : هذا أولى فلان كما
[ ص: 199 ] يقال : هذا مولى فلان ، ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه معنى وليس بتفسير ، وإنما نبهنا على هذه الدقيقة ؛ لأن
الشريف المرتضى لما تمسك بإمامة
علي ، بقوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013786من كنت مولاه فعلي مولاه " قال : أحد معاني مولى أنه أولى ، واحتج في ذلك بأقوال أئمة اللغة في تفسير هذه الآية بأن مولى معناه أولى ، وإذا ثبت أن اللفظ محتمل له وجب حمله عليه ؛ لأن ما عداه إما بين الثبوت ككونه ابن العم والناصر ، أو بين الانتفاء كالمعتق والمعتق ، فيكون على التقدير الأول عبثا ، وعلى التقدير الثاني كذبا ، وأما نحن فقد بينا بالدليل أن قول هؤلاء في هذا الموضع معنى لا تفسير ، وحينئذ يسقط الاستدلال به ، وفي الآية وجه آخر : وهو أن معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15هي مولاكم ) أي لا مولى لكم ، وذلك لأن من كانت النار مولاه فلا مولى له ، كما يقال : ناصره الخذلان ومعينه البكاء ، أي لا ناصر له ولا معين ، وهذا الوجه متأكد بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=11وأن الكافرين لا مولى لهم ) [ محمد : 11 ] ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=29يغاثوا بماء كالمهل ) [ الكهف : 29 ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) فِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16052سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ : "الْغُرُورُ "بِضَمِّ الْغَيْنِ ، وَالْمَعْنَى وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الِاغْتِرَارُ ، وَتَقْدِيرُهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ سَلَامَتُكُمْ مِنْهُ مَعَ الِاغْتِرَارِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْغَرُورُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ هُوَ الشَّيْطَانُ ؛ لِإِلْقَائِهِ إِلَيْكُمْ أَنْ لَا خَوْفَ عَلَيْكُمْ مِنْ مُحَاسَبَةٍ وَمُجَازَاةٍ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=30311_30564_30539_29028فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا )
الْفِدْيَةُ مَا يُفْتَدَى بِهِ ، وَهُوَ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ إِيمَانٌ وَلَا تَوْبَةٌ فَقَدْ زَالَ التَّكْلِيفُ وَحَصَلَ الْإِلْجَاءُ .
الثَّانِي : بَلِ الْمُرَادُ لَا يُقْبَلُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ تَدْفَعُونَ بِهَا الْعَذَابَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=123وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ ) [ الْبَقَرَةِ : 123 ] ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِدْيَةَ مَا يُفْتَدَى بِهِ ، فَهُوَ يَتَنَاوَلُ الْإِيمَانَ وَالتَّوْبَةَ وَالْمَالَ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19729قَبُولَ التَّوْبَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَقْلًا عَلَى مَا تَقُولُهُ
الْمُعْتَزِلَةُ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْفِدْيَةَ أَصْلًا ، وَالتَّوْبَةُ فِدْيَةٌ ، فَتَكُونُ الْآيَةُ دَالَّةً عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ أَصْلًا ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنِ التَّوْبَةُ وَاجِبَةَ الْقَبُولِ عَقْلًا . أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) فَفِيهِ ( بَحْثٌ ) وَهُوَ عَطْفُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُنَافِقِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ الْمُنَافِقُ كَافِرًا ؛ لِوُجُوبِ حُصُولِ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ . ( وَالْجَوَابُ ) : الْمُرَادُ : الَّذِينَ أَظْهَرُوا الْكُفْرَ ، وَإِلَّا فَالْمُنَافِقُ كَافِرٌ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) .
وَفِي لَفْظِ "الْمَوْلَى" هَهُنَا أَقْوَالٌ :
أَحَدُهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : " مَوْلَاكُمْ " أَيْ مَصِيرُكُمْ ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْمَوْلَى مَوْضِعُ الْوَلْيِ ، وَهُوَ الْقُرْبُ ، فَالْمَعْنَى أَنَّ النَّارَ هِيَ مَوْضِعُكُمُ الَّذِي تَقْرُبُونَ مِنْهُ وَتَصِلُونَ إِلَيْهِ .
وَالثَّانِي : قَالَ
الْكَلْبِيُّ : يَعْنِي أَوْلَى بِكُمْ ، وَهُوَ قَوْلُ
الزَّجَّاجِ وَالْفِرَّاءِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالُوهُ مَعْنًى وَلَيْسَ بِتَفْسِيرٍ لِلَّفْظِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْلًى وَأَوْلَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي اللُّغَةِ لَصَحَّ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَكَانِ الْآخَرِ ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ : هَذَا مَوْلَى مِنْ فُلَانٍ كَمَا يُقَالُ : هَذَا أَوْلَى مِنْ فُلَانٍ ، وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : هَذَا أَوْلَى فُلَانٍ كَمَا
[ ص: 199 ] يُقَالُ : هَذَا مَوْلَى فُلَانٍ ، وَلَمَّا بَطَلَ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ الَّذِي قَالُوهُ مَعْنًى وَلَيْسَ بِتَفْسِيرٍ ، وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَى هَذِهِ الدَّقِيقَةِ ؛ لِأَنَّ
الشَّرِيفَ الْمُرْتَضَى لَمَّا تَمَسَّكَ بِإِمَامَةِ
عَلِيٍّ ، بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013786مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ " قَالَ : أَحَدُ مَعَانِي مَوْلَى أَنَّهُ أَوْلَى ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِأَقْوَالِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ بِأَنَّ مَوْلَى مَعْنَاهُ أَوْلَى ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لَهُ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ إِمَّا بَيْنَ الثُّبُوتِ كَكَوْنِهِ ابْنَ الْعَمِّ وَالنَّاصِرَ ، أَوْ بَيْنَ الِانْتِفَاءِ كَالْمُعْتِقِ وَالْمُعْتَقِ ، فَيَكُونُ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ عَبَثًا ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي كَذِبًا ، وَأَمَّا نَحْنُ فَقَدَ بَيَّنَّا بِالدَّلِيلِ أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَعْنًى لَا تَفْسِيرٌ ، وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ ، وَفِي الْآيَةِ وَجْهٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15هِيَ مَوْلَاكُمْ ) أَيْ لَا مَوْلَى لَكُمْ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ كَانَتِ النَّارُ مَوْلَاهُ فَلَا مَوْلَى لَهُ ، كَمَا يُقَالُ : نَاصِرُهُ الْخِذْلَانُ وَمُعِينُهُ الْبُكَاءُ ، أَيْ لَا نَاصِرَ لَهُ وَلَا مُعِينَ ، وَهَذَا الْوَجْهُ مُتَأَكِّدٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=11وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ) [ مُحَمَّدٍ : 11 ] وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=29يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ ) [ الْكَهْفِ : 29 ] .