المسألة الأولى : اختلفوا
nindex.php?page=treesubj&link=12114فيما يحرمه الظهار ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790فللشافعي قولان :
أحدهما : أنه يحرم الجماع فقط .
القول الثاني : وهو الأظهر أنه يحرم جميع جهات الاستمتاعات . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة -رحمه الله -ودليله وجوه :
الأول : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) فكان ذلك عاما في جميع ضروب المسيس ، من لمس بيد أو غيرها .
والثاني : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3والذين يظاهرون من نسائهم ) ألزمه حكم التحريم بسبب أنه شبهها بظهر الأم ، فكما أن مباشرة ظهر الأم ومسه يحرم عليه ، فوجب أن يكون الحال في المرأة كذلك .
الثالث : روى
عكرمة nindex.php?page=hadith&LINKID=16013796 " أن رجلا ظاهر من امرأته ، ثم واقعها قبل أن يكفر ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال : اعتزلها حتى تكفر " .
المسألة الثانية : اختلفوا فيمن ظاهر مرارا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : لكل ظهار كفارة إلا أن يكون في مجلس واحد ، وأراد بالتكرار التأكيد ، فإنه يكون عليه كفارة واحدة ، وقال
مالك : من
nindex.php?page=treesubj&link=12180ظاهر من امرأته في مجالس متفرقة مائة فليس عليه إلا كفارة واحدة ، دليلنا أن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3والذين يظاهرون من نسائهم ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فتحرير رقبة ) يقتضي كون الظهار علة لإيجاب الكفارة ، فإذا وجد الظهار الثاني فقد وجدت علة وجوب الكفارة ، والظهار الثاني إما أن يكون علة للكفارة الأولى ، أو لكفارة ثانية ، والأول باطل ؛ لأن الكفارة وجبت بالظهار الأول ، وتكوين الكائن محال ، ولأن تأخر العلة عن الحكم محال ، فعلمنا أن الظهار الثاني يوجب كفارة ثانية ، واحتج
مالك بأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3والذين يظاهرون ) يتناول من ظاهر مرة واحدة ومن ظاهر مرارا كثيرة ، ثم إنه تعالى أوجب عليه تحرير رقبة ، فعلمنا أن التكفير الواحد كاف في الظهار ، سواء كان مرة واحدة أو مرارا كثيرة .
والجواب : أنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين ) [ المائدة : 89 ] فهذا يقتضي أن لا يجب في الأيمان الكثيرة إلا كفارة واحدة ، ولما كان باطلا ، فكذا ما قلتموه .
المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=12182رجل تحته أربعة نسوة ، فظاهر منهن بكلمة واحدة وقال : أنتن علي كظهر أمي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي قولان : أظهرهما أنه يلزمه أربع كفارات ؛ نظرا إلى عدد اللواتي ظاهر منهن ، ودليله ما ذكرنا أنه ظاهر عن هذه ، فلزمه كفارة بسبب هذا الظهار ، وظاهر أيضا عن تلك ، فالظهار الثاني لا بد وأن يوجب كفارة أخرى .
المسألة الرابعة : الآية تدل على إيجاب الكفارة قبل المماسة ، فإن جامع قبل أن يكفر لم يجب عليه إلا كفارة واحدة ، وهو قول أكثر أهل العلم ،
كمالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وسفيان وأحمد وإسحاق رحمهم الله . وقال بعضهم : إذا واقعها قبل أن يكفر فعليه كفارتان ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي ، دليلنا أن الآية دلت على أنه يجب على المظاهر كفارة قبل العود ، فههنا فاتت صفة القبلية ، فيبقى أصل وجوب الكفارة ، وليس في
[ ص: 226 ] الآية دلالة على أن ترك التقديم يوجب كفارة أخرى .
المسألة الخامسة : الأظهر أنه لا ينبغي للمرأة أن تدعه يقربها حتى يكفر ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=12129_12125تهاون بالتكفير حال الإمام بينه وبينها ، ويجبره على التكفير ، وإن كان بالضرب حتى يوفيها حقها من الجماع . قال الفقهاء : ولا شيء من الكفارات يجبر عليه ويحبس إلا كفارة الظهار وحدها ؛ لأن ترك التكفير إضرار بالمرأة وامتناع من إيفاء حقها .
المسألة السادسة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله : هذه
nindex.php?page=treesubj&link=23891_12134الرقبة تجزئ سواء كانت مؤمنة أو كافرة ؛ لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فتحرير رقبة ) فهذا اللفظ يفيد العموم في جميع الرقاب ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا بد وأن تكون مؤمنة ، ودليله وجهان :
الأول : أن المشرك نجس ؛ لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إنما المشركون نجس ) [ التوبة : 28 ] وكل نجس خبيث بإجماع الأمة ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولا تيمموا الخبيث ) [ البقرة : 267 ] .
الثاني : أجمعنا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=23618_7419الرقبة في كفارة القتل مقيدة بالإيمان ، فكذا ههنا ، والجامع أن الإعتاق إنعام ، فتقييده بالإيمان يقتضي صرف هذا الإنعام إلى أولياء الله وحرمان أعداء الله ، وعدم التقييد بالإيمان قد يفضي إلى حرمان أولياء الله ، فوجب أن يتقيد بالإيمان تحصيلا لهذه المصلحة .
المسألة السابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=23892_23891_12135إعتاق المكاتب لا يجزئ عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله : إن أعتقه قبل أن يؤدي شيئا جاز عن الكفارة ، وإذا أعتقه بعد أن يؤدي شيئا فظاهر الرواية أنه لا يجزئ ، وروى
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه يجزئ ، حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أن المكاتب رقبة ؛ لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وفي الرقاب ) والرقبة مجزئة ؛ لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فتحرير رقبة ) حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن المقتضي لبقاء التكاليف بإعتاق الرقبة قائم ، بعد إعتاق المكاتب ، وما لأجله ترك العمل به في محل الرقاب غير موجود ههنا ، فوجب أن يبقى على الأصل ، بيان المقتضي أن الأصل في الثابت البقاء على ما كان ، بيان الفارق أن المكاتب كالزائل عن ملك المولى وإن لم يزل عن ملكه ، لكنه يمكن نقصان في رقه ، بدليل أنه صار أحق بمكاسبه ، ويمتنع على المولى التصرفات فيه ، ولو أتلفه المولى يضمن قيمته ، ولو وطئ مكاتبته يغرم المهر ، ومن المعلوم أن إزالة الملك الخالص عن شوائب الضعف أشق على المالك من إزالة الملك الضعيف ، ولا يلزم من خروج الرجل عن العهدة بإعتاق العبد القن خروجه عن العهدة بإعتاق المكاتب .
والوجه الثاني : أجمعنا على أنه لو أعتقه الوارث بعد موته لا يجزئ عن الكفارة ، فكذا إذا أعتقه المورث ، والجامع كون الملك ضعيفا .
المسألة الثامنة : لو اشترى قريبه الذي يعتق عليه بنية الكفارة عتق عليه ، لكنه لا يقع عن الكفارة عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يقع ، حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة التمسك بظاهر الآية ، وحجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ما تقدم .
المسألة التاسعة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة :
nindex.php?page=treesubj&link=12139_16551_16550_23329الإطعام في الكفارات يتأدى بالتمكين من الطعام ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا يتأدى إلا بالتمليك من الفقير . حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ظاهر القرآن وهو أن الواجب هو الإطعام ، وحقيقة الإطعام هو التمكين ؛ بدليل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89من أوسط ما تطعمون أهليكم ) [ المائدة : 89 ] وذلك يتأدى بالتمكين والتمليك ، فكذا ههنا ، وحجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي القياس عن الزكاة وصدقة الفطر .
المسألة العاشرة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لكل مسكين مد من طعام بلده الذي يقتات منه ، حنطة أو شعيرا أو أرزا أو تمرا أو أقطا ، وذلك بمد النبي -صلى الله عليه وسلم -ولا يعتبر مد حدث بعده ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يعطى كل مسكين نصف
[ ص: 227 ] صاع من بر أو دقيق أو سويق ، أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، ولا يجزئه دون ذلك ، حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن ظاهر الآية يقتضي الإطعام ، ومراتب الإطعام مختلفة بالكمية والكيفية ، فليس حمل اللفظ على البعض أولى من حمله على الباقي ، فلا بد من حمله على أقل ما لا بد منه ظاهرا ، وذلك هو المد ، حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ما روي في حديث
أوس بن الصامت : (
لكل مسكين نصف صاع من بر ) وعن
علي nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة قالا : لكل مسكين مدان من بر ؛ ولأن المعتبر حاجة اليوم لكل مسكين ، فيكون نظير صدقة الفطر ، ولا يتأدى ذلك بالمد ، بل بما قلنا ، فكذلك هنا .
المسألة الحادية عشرة : لو
nindex.php?page=treesubj&link=25924أطعم مسكينا واحدا ستين مرة لا يجزئ عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يجزئ ، حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ظاهر الآية ، وهو أنه أوجب إطعام ستين مسكينا ، فوجب رعاية ظاهر الآية ، وحجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أن المقصود دفع الحاجة وهو حاصل ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي أن يقول : التحكمات غالبة على هذه التقديرات ، فوجب الامتناع فيها من القياس ، وأيضا فلعل إدخال السرور في قلب ستين إنسانا أقرب إلى رضا الله تعالى من إدخال السرور في قلب الإنسان الواحد .
المسألة الثانية عشرة : قال أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إنه تعالى قال في الرقبة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يجد فصيام شهرين ) وقال في الصوم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ) فذكر في الأول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يجد ) وفي الثاني : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يستطع ) فقالوا : من ماله غائب لم
nindex.php?page=treesubj&link=12138_12162ينتقل إلى الصوم بسبب عجزه عن الإعتاق في الحال ، أما من كان مريضا في الحال ، فإنه ينتقل إلى الإطعام ، وإن كان مرضه بحيث يرجى زواله ; قالوا : والفرق أنه قال في الانتقال إلى الإطعام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يستطع ) وهو بسبب المرض الناجز والعجز العاجل غير مستطيع ، وقال في الرقبة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يجد ) والمراد فمن لم يجد رقبة أو مالا يشتري به رقبة ، ومن ماله غائب لا يسمى فاقدا للمال ، وأيضا يمكن أن يقال في الفرق : إحضار المال يتعلق باختياره ، وأما إزالة المرض فليس باختياره .
المسألة الثالثة عشرة : قال بعض أصحابنا : الشبق المفرط والغلمة الهائجة عذر في الانتقال إلى الإطعام ، والدليل عليه أنه عليه السلام " لما أمر الأعرابي بالصوم قال له : وهل أتيت إلا من قبل الصوم ؟ فقال -عليه السلام - : أطعم " دل الحديث على أن الشبق الشديد عذر في الانتقال من الصوم إلى الإطعام ، وأيضا الاستطاعة فوق الوسع ، والوسع فوق الطاقة ، فالاستطاعة هو أن يتمكن الإنسان من الفعل على سبيل السهولة ، ومعلوم أن هذا المعنى لا يتم مع شدة الشبق ، فهذه جملة مختصرة مما يتعلق بفقه القرآن في هذه الآية ، والله أعلم .
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اخْتَلَفُوا
nindex.php?page=treesubj&link=12114فِيمَا يُحَرِّمُهُ الظِّهَارُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790فَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ يُحَرِّمُ الْجِمَاعَ فَقَطْ .
الْقَوْلُ الثَّانِي : وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُحَرِّمُ جَمِيعَ جِهَاتِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ . وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ -وَدَلِيلُهُ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) فَكَانَ ذَلِكَ عَامًّا فِي جَمِيعِ ضُرُوبِ الْمَسِيسِ ، مِنْ لَمْسٍ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا .
وَالثَّانِي : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ) أَلْزَمَهُ حُكْمَ التَّحْرِيمِ بِسَبَبِ أَنَّهُ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ الْأُمِّ ، فَكَمَا أَنَّ مُبَاشَرَةَ ظَهْرِ الْأُمِّ وَمَسَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحَالُ فِي الْمَرْأَةِ كَذَلِكَ .
الثَّالِثُ : رَوَى
عِكْرِمَةُ nindex.php?page=hadith&LINKID=16013796 " أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ ، ثُمَّ وَاقَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ : اعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ " .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اخْتَلَفُوا فِيمَنْ ظَاهَرَ مِرَارًا ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ : لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ، وَأَرَادَ بِالتَّكْرَارِ التَّأْكِيدَ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ ، وَقَالَ
مَالِكٌ : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=12180ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ فِي مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ مِائَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، دَلِيلُنَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) يَقْتَضِي كَوْنَ الظِّهَارِ عِلَّةً لِإِيجَابِ الْكَفَّارَةِ ، فَإِذَا وُجِدَ الظِّهَارُ الثَّانِي فَقَدْ وُجِدَتْ عِلَّةُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ ، وَالظِّهَارُ الثَّانِي إِمَّا أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِلْكَفَّارَةِ الْأُولَى ، أَوْ لِكَفَّارَةٍ ثَانِيَةٍ ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ بِالظِّهَارِ الْأَوَّلِ ، وَتَكْوِينُ الْكَائِنِ مُحَالٌ ، وَلِأَنَّ تَأَخُّرَ الْعِلَّةِ عَنِ الْحُكْمِ مُحَالٌ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الظِّهَارَ الثَّانِيَ يُوجِبُ كَفَّارَةً ثَانِيَةً ، وَاحْتَجَّ
مَالِكٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ ) يَتَنَاوَلُ مَنْ ظَاهَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَمَنْ ظَاهَرَ مِرَارًا كَثِيرَةً ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَيْهِ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ التَّكْفِيرَ الْوَاحِدَ كَافٍ فِي الظِّهَارِ ، سَوَاءٌ كَانَ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ مِرَارًا كَثِيرَةً .
وَالْجَوَابُ : أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ) [ الْمَائِدَةِ : 89 ] فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجِبَ فِي الْأَيْمَانِ الْكَثِيرَةِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَلَمَّا كَانَ بَاطِلًا ، فَكَذَا مَا قُلْتُمُوهُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=12182رَجُلٌ تَحْتَهُ أَرْبَعَةُ نِسْوَةٍ ، فَظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ : أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ : أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ ؛ نَظَرًا إِلَى عَدَدِ اللَّوَاتِي ظَاهَرَ مِنْهُنَّ ، وَدَلِيلُهُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ ظَاهَرَ عَنْ هَذِهِ ، فَلَزِمَهُ كَفَّارَةٌ بِسَبَبِ هَذَا الظِّهَارِ ، وَظَاهَرَ أَيْضًا عَنْ تِلْكَ ، فَالظِّهَارُ الثَّانِي لَا بُدَّ وَأَنْ يُوجِبَ كَفَّارَةً أُخْرَى .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْمُمَاسَّةِ ، فَإِنْ جَامَعَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ،
كَمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ وَسُفْيَانَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِذَا وَاقَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16349عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، دَلِيلُنَا أَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَةٌ قَبْلَ الْعَوْدِ ، فَهَهُنَا فَاتَتْ صِفَةُ الْقَبْلِيَّةِ ، فَيَبْقَى أَصْلُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ ، وَلَيْسَ فِي
[ ص: 226 ] الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ تَرْكَ التَّقْدِيمِ يُوجِبُ كَفَّارَةً أُخْرَى .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَدَعَهُ يَقْرَبَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=12129_12125تَهَاوَنَ بِالتَّكْفِيرِ حَالَ الْإِمَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ، وَيُجْبِرُهُ عَلَى التَّكْفِيرِ ، وَإِنْ كَانَ بِالضَّرْبِ حَتَّى يُوَفِّيَهَا حَقَّهَا مِنَ الْجِمَاعِ . قَالَ الْفُقَهَاءُ : وَلَا شَيْءَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيُحْبَسُ إِلَّا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَحْدَهَا ؛ لِأَنَّ تَرْكَ التَّكْفِيرِ إِضْرَارٌ بِالْمَرْأَةِ وَامْتِنَاعٌ مِنْ إِيفَاءِ حَقِّهَا .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=23891_12134الرَّقَبَةُ تُجْزِئُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُؤْمِنَةً أَوْ كَافِرَةً ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) فَهَذَا اللَّفْظُ يُفِيدُ الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ الرِّقَابِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً ، وَدَلِيلُهُ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمُشْرِكَ نَجِسٌ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) [ التَّوْبَةِ : 28 ] وَكُلُّ نَجِسٍ خَبِيثٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ ) [ الْبَقَرَةِ : 267 ] .
الثَّانِي : أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23618_7419الرَّقَبَةَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مُقَيَّدَةٌ بِالْإِيمَانِ ، فَكَذَا هَهُنَا ، وَالْجَامِعُ أَنَّ الْإِعْتَاقَ إِنْعَامٌ ، فَتَقْيِيدُهُ بِالْإِيمَانِ يَقْتَضِي صَرْفَ هَذَا الْإِنْعَامِ إِلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَحِرْمَانَ أَعْدَاءِ اللَّهِ ، وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ بِالْإِيمَانِ قَدْ يُفْضِي إِلَى حِرْمَانِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِالْإِيمَانِ تَحْصِيلًا لِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=23892_23891_12135إِعْتَاقُ الْمُكَاتَبِ لَا يُجْزِئُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا جَازَ عَنِ الْكَفَّارَةِ ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ ، وَرَوَى
الْحَسَنُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُجْزِئُ ، حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ رَقَبَةٌ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَفِي الرِّقَابِ ) وَالرَّقَبَةُ مُجْزِئَةٌ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِبَقَاءِ التَّكَالِيفِ بِإِعْتَاقِ الرَّقَبَةِ قَائِمٌ ، بَعْدَ إِعْتَاقِ الْمُكَاتَبِ ، وَمَا لِأَجْلِهِ تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ فِي مَحَلِّ الرِّقَابِ غَيْرُ مَوْجُودٍ هَهُنَا ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ ، بَيَانُ الْمُقْتَضِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّابِتِ الْبَقَاءُ عَلَى مَا كَانَ ، بَيَانُ الْفَارِقِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَالزَّائِلِ عَنْ مِلْكِ الْمَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ ، لَكِنَّهُ يُمْكِنُ نُقْصَانٌ فِي رِقِّهِ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْمَوْلَى التَّصَرُّفَاتُ فِيهِ ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمَوْلَى يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ، وَلَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ يُغَرَّمُ الْمَهْرَ ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ إِزَالَةَ الْمِلْكِ الْخَالِصِ عَنْ شَوَائِبِ الضَّعْفِ أَشَقُّ عَلَى الْمَالِكِ مِنْ إِزَالَةِ الْمِلْكِ الضَّعِيفِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ خُرُوجِ الرَّجُلِ عَنِ الْعُهْدَةِ بِإِعْتَاقِ الْعَبْدِ الْقِنِّ خُرُوجُهُ عَنِ الْعُهْدَةِ بِإِعْتَاقِ الْمُكَاتَبِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْكَفَّارَةِ ، فَكَذَا إِذَا أَعْتَقَهُ الْمُوَرِّثُ ، وَالْجَامِعُ كَوْنُ الْمِلْكِ ضَعِيفًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : لَوِ اشْتَرَى قَرِيبَهُ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ عَتَقَ عَلَيْهِ ، لَكِنَّهُ لَا يَقَعُ عَنِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ يَقَعُ ، حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ التَّمَسُّكُ بِظَاهِرِ الْآيَةِ ، وَحُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ مَا تَقَدَّمَ .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ :
nindex.php?page=treesubj&link=12139_16551_16550_23329الْإِطْعَامُ فِي الْكَفَّارَاتِ يَتَأَدَّى بِالتَّمْكِينِ مِنَ الطَّعَامِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ لَا يَتَأَدَّى إِلَّا بِالتَّمْلِيكِ مِنَ الْفَقِيرِ . حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْإِطْعَامُ ، وَحَقِيقَةُ الْإِطْعَامِ هُوَ التَّمْكِينُ ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ) [ الْمَائِدَةِ : 89 ] وَذَلِكَ يَتَأَدَّى بِالتَّمْكِينِ وَالتَّمْلِيكِ ، فَكَذَا هَهُنَا ، وَحُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ الْقِيَاسُ عَنِ الزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ .
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامِ بَلَدِهِ الَّذِي يَقْتَاتُ مِنْهُ ، حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ أُرْزًا أَوْ تَمْرًا أَوْ أَقِطًا ، وَذَلِكَ بِمُدِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَلَا يُعْتَبَرُ مُدٌّ حَدَثَ بَعْدَهُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : يُعْطَى كُلُّ مِسْكِينٍ نِصْفَ
[ ص: 227 ] صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ، وَلَا يُجْزِئُهُ دُونَ ذَلِكَ ، حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَقْتَضِي الْإِطْعَامَ ، وَمَرَاتِبُ الْإِطْعَامِ مُخْتَلِفَةٌ بِالْكَمِّيَّةِ وَالْكَيْفِيَّةِ ، فَلَيْسَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْبَاقِي ، فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى أَقَلِّ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ ظَاهِرًا ، وَذَلِكَ هُوَ الْمُدُّ ، حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ
أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ : (
لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ ) وَعَنْ
عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ قَالَا : لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ مِنْ بُرٍّ ؛ وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَاجَةُ الْيَوْمِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ ، فَيَكُونُ نَظِيرَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ ، وَلَا يَتَأَدَّى ذَلِكَ بِالْمُدِّ ، بَلْ بِمَا قُلْنَا ، فَكَذَلِكَ هُنَا .
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=25924أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا سِتِّينَ مَرَّةً لَا يُجْزِئُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ يُجْزِئُ ، حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ظَاهِرُ الْآيَةِ ، وَهُوَ أَنَّهُ أَوْجَبَ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، فَوَجَبَ رِعَايَةُ ظَاهِرِ الْآيَةِ ، وَحُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَلِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَقُولَ : التَّحَكُّمَاتُ غَالِبَةٌ عَلَى هَذِهِ التَّقْدِيرَاتِ ، فَوَجَبَ الِامْتِنَاعُ فِيهَا مِنَ الْقِيَاسِ ، وَأَيْضًا فَلَعَلَّ إِدْخَالَ السُّرُورِ فِي قَلْبِ سِتِّينَ إِنْسَانًا أَقْرَبُ إِلَى رِضَا اللَّهِ تَعَالَى مِنْ إِدْخَالِ السُّرُورِ فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ الْوَاحِدِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : قَالَ أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ : إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي الرَّقَبَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ ) وَقَالَ فِي الصَّوْمِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) فَذَكَرَ فِي الْأَوَّلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ) وَفِي الثَّانِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ) فَقَالُوا : مَنْ مَالُهُ غَائِبٌ لَمْ
nindex.php?page=treesubj&link=12138_12162يَنْتَقِلْ إِلَى الصَّوْمِ بِسَبَبِ عَجْزِهِ عَنِ الْإِعْتَاقِ فِي الْحَالِ ، أَمَّا مَنْ كَانَ مَرِيضًا فِي الْحَالِ ، فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إِلَى الْإِطْعَامِ ، وَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ بِحَيْثُ يُرْجَى زَوَالُهُ ; قَالُوا : وَالْفَرْقُ أَنَّهُ قَالَ فِي الِانْتِقَالِ إِلَى الْإِطْعَامِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ) وَهُوَ بِسَبَبِ الْمَرَضِ النَّاجِزِ وَالْعَجْزِ الْعَاجِلِ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ ، وَقَالَ فِي الرَّقَبَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ) وَالْمُرَادُ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً أَوْ مَالًا يَشْتَرِي بِهِ رَقَبَةً ، وَمَنْ مَالُهُ غَائِبٌ لَا يُسَمَّى فَاقِدًا لِلْمَالِ ، وَأَيْضًا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْفَرْقِ : إِحْضَارُ الْمَالِ يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ ، وَأَمَّا إِزَالَةُ الْمَرَضِ فَلَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : الشَّبَقُ الْمُفْرِطُ وَالْغُلْمَةُ الْهَائِجَةُ عُذْرٌ فِي الِانْتِقَالِ إِلَى الْإِطْعَامِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ " لَمَّا أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ بِالصَّوْمِ قَالَ لَهُ : وَهَلْ أُتِيتُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ الصَّوْمِ ؟ فَقَالَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ - : أَطْعِمْ " دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الشَّبَقَ الشَّدِيدَ عُذْرٌ فِي الِانْتِقَالِ مِنَ الصَّوْمِ إِلَى الْإِطْعَامِ ، وَأَيْضًا الِاسْتِطَاعَةُ فَوْقَ الْوُسْعِ ، وَالْوُسْعُ فَوْقَ الطَّاقَةِ ، فَالِاسْتِطَاعَةُ هُوَ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْإِنْسَانُ مِنَ الْفِعْلِ عَلَى سَبِيلِ السُّهُولَةِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَتِمُّ مَعَ شِدَّةِ الشَّبَقِ ، فَهَذِهِ جُمْلَةٌ مُخْتَصَرَةٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِفِقْهِ الْقُرْآنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .