(
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ) ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ) والمعنى أن تقدم العذاب إنما يكون بحسب المشيئة ، أو بحسب المصلحة ، فإذا لم تقتض المشيئة تقديم العذاب ، ولم يقتض الصلاح أيضا ذلك ، فالعذاب في القيامة كافيهم في الردع عما هم عليه .
ثم قال تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9ياأيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى ) .
اعلم أن المخاطبين بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9ياأيها الذين آمنوا ) على قولين ، وذلك لأنا إن حملنا قوله فيما تقدم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ) [ المجادلة : 8 ] على
اليهود حملنا في هذه الآية قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9ياأيها الذين آمنوا ) على المنافقين ، أي يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم ، وإن حملنا ذلك على جميع الكفار من
اليهود والمنافقين ، حملنا هذا على المؤمنين ؛ وذلك لأنه تعالى لما ذم
اليهود والمنافقين على التناجي بالإثم والعدوان ومعصية
[ ص: 233 ] الرسول ، أتبعه بأن نهى أصحابه المؤمنين أن يسلكوا مثل طريقتهم ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9فلا تتناجوا بالإثم ) وهو ما يقبح مما يخصهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9والعدوان ) وهو يؤدي إلى ظلم الغير (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9ومعصية الرسول ) وهو ما يكون خلافا عليه ، وأمرهم أن
nindex.php?page=treesubj&link=32116يتناجوا بالبر الذي يضاد العدوان ، وبالتقوى وهو ما يتقى به من النار من فعل الطاعات وترك المعاصي ، واعلم أن القوم متى تناجوا بما هذه صفته قلت مناجاتهم ؛ لأن ما يدعو إلى مثل هذا الكلام يدعو إظهاره ، وذلك يقرب من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) [ النساء : 114 ] وأيضا فمتى عرفت طريقة الرجل في هذه المناجاة لم يتأذى من مناجاته أحد .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9واتقوا الله الذي إليه تحشرون ) أي إلى حيث يحاسب ويجازى ، وإلا فالمكان لا يجوز على الله تعالى .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ) الألف واللام في لفظ النجوى لا يمكن أن يكون للاستغراق ؛ لأن في النجوى ما يكون من الله ولله ، بل المراد منه المعهود السابق وهو
nindex.php?page=treesubj&link=32116النجوى بالإثم والعدوان ، والمعنى أن الشيطان يحملهم على أن يقدموا على تلك النجوى التي هي سبب لحزن المؤمنين ؛ وذلك لأن المؤمنين إذا رأوهم متناجين قالوا : ما نراهم إلا وقد بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا إلى الغزوات أنهم قتلوا وهزموا ، ويقع ذلك في قلوبهم ويحزنون له .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) وَالْمَعْنَى أَنَّ تَقَدُّمَ الْعَذَابِ إِنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْمَشِيئَةِ ، أَوْ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ ، فَإِذَا لَمْ تَقْتَضِ الْمَشِيئَةُ تَقْدِيمَ الْعَذَابِ ، وَلَمْ يَقْتَضِ الصَّلَاحُ أَيْضًا ذَلِكَ ، فَالْعَذَابُ فِي الْقِيَامَةِ كَافِيهِمْ فِي الرَّدْعِ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) .
اعْلَمْ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) عَلَى قَوْلَيْنِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّا إِنْ حَمَلْنَا قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ) [ الْمُجَادِلَةِ : 8 ] عَلَى
الْيَهُودِ حَمَلْنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) عَلَى الْمُنَافِقِينَ ، أَيْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ ، وَإِنْ حَمَلْنَا ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْكُفَّارِ مِنَ
الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ ، حَمَلْنَا هَذَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَمَّ
الْيَهُودَ وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى التَّنَاجِي بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ
[ ص: 233 ] الرَّسُولِ ، أَتْبَعَهُ بِأَنْ نَهَى أَصْحَابَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْلُكُوا مِثْلَ طَرِيقَتِهِمْ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ ) وَهُوَ مَا يَقْبُحُ مِمَّا يَخُصُّهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9وَالْعُدْوَانِ ) وَهُوَ يُؤَدِّي إِلَى ظُلْمِ الْغَيْرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ ) وَهُوَ مَا يَكُونُ خِلَافًا عَلَيْهِ ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=32116يَتَنَاجَوْا بِالْبَرِّ الَّذِي يُضَادُّ الْعُدْوَانَ ، وَبِالتَّقْوَى وَهُوَ مَا يُتَّقَى بِهِ مِنَ النَّارِ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَتَرْكِ الْمَعَاصِي ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْمَ مَتَى تَنَاجَوْا بِمَا هَذِهِ صِفَتُهُ قَلَّتْ مُنَاجَاتُهُمْ ؛ لِأَنَّ مَا يَدْعُو إِلَى مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ يَدْعُو إِظْهَارَهُ ، وَذَلِكَ يَقْرُبُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) [ النِّسَاءِ : 114 ] وَأَيْضًا فَمَتَى عَرَفْتَ طَرِيقَةَ الرَّجُلِ فِي هَذِهِ الْمُنَاجَاةِ لَمْ يَتَأَذَّى مِنْ مُنَاجَاتِهِ أَحَدٌ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=9وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) أَيْ إِلَى حَيْثُ يُحَاسَبُ وَيُجَازَى ، وَإِلَّا فَالْمَكَانُ لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=10إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي لَفْظِ النَّجْوَى لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ ؛ لِأَنَّ فِي النَّجْوَى مَا يَكُونُ مِنَ اللَّهِ وَلِلَّهِ ، بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ الْمَعْهُودُ السَّابِقُ وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=32116النَّجْوَى بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى أَنْ يُقْدِمُوا عَلَى تِلْكَ النَّجْوَى الَّتِي هِيَ سَبَبٌ لِحُزْنِ الْمُؤْمِنِينَ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا رَأَوْهُمْ مُتَنَاجِينَ قَالُوا : مَا نَرَاهُمْ إِلَّا وَقَدْ بَلَغَهُمْ عَنْ أَقْرِبَائِنَا وَإِخْوَانِنَا الَّذِينَ خَرَجُوا إِلَى الْغَزَوَاتِ أَنَّهُمْ قُتِلُوا وَهُزِمُوا ، وَيَقَعُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ وَيَحْزَنُونَ لَهُ .