(
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ) .
والمعنى : أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من إنفاق المال ، فإذ لم تفعلوا ما أمرتم به وتاب الله عليكم ورخص لكم في أن لا تفعلوه ، فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات . فإن قيل : ظاهر الآية يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=32462تقصير المؤمنين في ذلك التكليف ، وبيانه من وجوه :
أولها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أأشفقتم أن تقدموا ) وهو يدل على تقصيرهم .
وثانيها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13فإذ لم تفعلوا ) .
وثالثها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13وتاب الله عليكم ) قلنا : ليس الأمر كما قلتم ، وذلك لأن القوم لما كلفوا بأن يقدموا الصدقة ويشغلوا بالمناجاة ، فلا بد من تقديم الصدقة ، فمن ترك
[ ص: 238 ] المناجاة يكون مقصرا ، وأما لو قيل بأنهم ناجوا من غير تقديم الصدقة ، فهذا أيضا غير جائز ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=32462المناجاة لا تمكن إلا إذا مكن الرسول من المناجاة ، فإذا لم يمكنهم من ذلك لم يقدروا على المناجاة ، فعلمنا أن الآية لا تدل على صدور التقصير منهم ، فأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أأشفقتم ) فلا يمتنع أن الله تعالى علم ضيق صدر كثير منهم عن إعطاء الصدقة في المستقبل لو دام الوجوب ، فقال هذا القول ، وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13وتاب الله عليكم ) فليس في الآية أنه تاب عليكم من هذا التقصير ، بل يحتمل أنكم إذا كنتم تائبين راجعين إلى الله ، وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ، فقد كفاكم هذا التكليف ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13والله خبير بما تعملون ) يعني محيط بأعمالكم ونياتكم .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون )
كان المنافقون يتولون
اليهود وهم الذين غضب الله عليهم في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=60من لعنه الله وغضب عليه ) وينقلون إليهم أسرار المؤمنين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ما هم منكم ) أيها المسلمون ولا من
اليهود (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ويحلفون على الكذب ) والمراد من هذا الكذب إما ادعاؤهم كونهم مسلمين ، وإما أنهم كانوا يشتمون الله ورسوله ويكيدون المسلمين ، فإذا قيل لهم : إنكم فعلتم ذلك ، خافوا على أنفسهم من القتل ، فيحلفون أنا ما قلنا ذلك وما فعلناه ، فهذا هو الكذب الذي يحلفون عليه .
واعلم أن هذه الآية تدل على فساد قول
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ : إن الخبر الذي يكون مخالفا للمخبر عنه إنما يكون كذبا لو علم المخبر كون الخبر مخالفا للمخبر عنه ؛ وذلك لأن لو كان الأمر على ما ذهب إليه لكان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14وهم يعلمون ) تكرارا غير مقيد ، يروى أن
عبد الله بن نبتل المنافق كان يجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرفع حديثه إلى
اليهود ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرته إذ قال : يدخل عليكم رجل ينظر بعين شيطان - أو بعيني شيطان - فدخل رجل عيناه زرقاوان فقال له : لم تسبني ؟ فجعل يحلف . فنزل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .
وَالْمَعْنَى : أَخِفْتُمْ تَقْدِيمَ الصَّدَقَاتِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِنْفَاقِ الْمَالِ ، فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَرَخَّصَ لَكُمْ فِي أَنْ لَا تَفْعَلُوهُ ، فَلَا تُفَرِّطُوا فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ . فَإِنْ قِيلَ : ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=32462تَقْصِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ التَّكْلِيفِ ، وَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَوَّلُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا ) وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَقْصِيرِهِمْ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا ) .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ) قُلْنَا : لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْتُمْ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا كُلِّفُوا بِأَنْ يُقَدِّمُوا الصَّدَقَةَ وَيُشْغَلُوا بِالْمُنَاجَاةِ ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الصَّدَقَةِ ، فَمَنْ تَرَكَ
[ ص: 238 ] الْمُنَاجَاةَ يَكُونُ مُقَصِّرًا ، وَأَمَّا لَوْ قِيلَ بِأَنَّهُمْ نَاجَوْا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمِ الصَّدَقَةِ ، فَهَذَا أَيْضًا غَيْرُ جَائِزٍ ؛ لَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32462الْمُنَاجَاةَ لَا تُمْكِنُ إِلَّا إِذَا مَكَّنَ الرَّسُولُ مِنَ الْمُنَاجَاةِ ، فَإِذَا لَمْ يُمَكِّنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْمُنَاجَاةِ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى صُدُورِ التَّقْصِيرِ مِنْهُمْ ، فَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أَأَشْفَقْتُمْ ) فَلَا يَمْتَنِعُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ ضِيقَ صَدْرِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ عَنْ إِعْطَاءِ الصَّدَقَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَوْ دَامَ الْوُجُوبُ ، فَقَالَ هَذَا الْقَوْلَ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ) فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ تَابَ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا التَّقْصِيرِ ، بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّكُمْ إِذَا كُنْتُمْ تَائِبِينَ رَاجِعِينَ إِلَى اللَّهِ ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ ، فَقَدْ كَفَاكُمْ هَذَا التَّكْلِيفَ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) يَعْنِي مُحِيطٌ بِأَعْمَالِكُمْ وَنِيَّاتِكُمْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )
كَانَ الْمُنَافِقُونَ يَتَوَلَّوْنَ
الْيَهُودَ وَهُمُ الَّذِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=60مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ) وَيَنْقُلُونَ إِلَيْهِمْ أَسْرَارَ الْمُؤْمِنِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14مَا هُمْ مِنْكُمْ ) أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَا مِنَ
الْيَهُودِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ ) وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْكَذِبِ إِمَّا ادِّعَاؤُهُمْ كَوْنَهُمْ مُسْلِمِينَ ، وَإِمَّا أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتُمُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَكِيدُونَ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ : إِنَّكُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ ، خَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْقَتْلِ ، فَيَحْلِفُونَ أَنَّا مَا قُلْنَا ذَلِكَ وَمَا فَعَلْنَاهُ ، فَهَذَا هُوَ الْكَذِبُ الَّذِي يَحْلِفُونَ عَلَيْهِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13974الْجَاحِظِ : إِنَّ الْخَبَرَ الَّذِي يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمُخْبَرِ عَنْهُ إِنَّمَا يَكُونُ كَذِبًا لَوْ عَلِمَ الْمُخْبِرُ كَوْنَ الْخَبَرِ مُخَالِفًا لِلْمُخْبَرِ عَنْهُ ؛ وَذَلِكَ لَأَنَّ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ لَكَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) تَكْرَارًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ ، يُرْوَى أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَبْتَلٍ الْمُنَافِقَ كَانَ يُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَرْفَعُ حَدِيثَهُ إِلَى
الْيَهُودِ ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُجْرَتِهِ إِذْ قَالَ : يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ يَنْظُرُ بِعَيْنِ شَيْطَانٍ - أَوْ بِعَيْنَيْ شَيْطَانٍ - فَدَخَلَ رَجُلٌ عَيْنَاهُ زَرْقَاوَانِ فَقَالَ لَهُ : لِمَ تَسُبَّنِي ؟ فَجَعَلَ يَحْلِفُ . فَنَزَلَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .