(
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون )
المعنى أنه لا يجتمع الإيمان مع
nindex.php?page=treesubj&link=28802وداد أعداء الله ، وذلك لأن من أحب أحدا امتنع أن يحب مع ذلك عدوه ، وهذا على وجهين :
أحدهما : أنهما لا يجتمعان في القلب ، فإذا حصل في القلب وداد أعداء الله لم يحصل فيه الإيمان ، فيكون صاحبه منافقا .
والثاني : أنهما يجتمعان ولكنه معصية وكبيرة ، وعلى هذا الوجه لا يكون صاحب هذا الوداد كافرا بسبب هذا الوداد ، بل كان عاصيا في الله ، فإن قيل : أجمعت الأمة على أنه تجوز مخالطتهم ومعاشرتهم ، فما هذه
nindex.php?page=treesubj&link=28802المودة المحرمة المحظورة ؟ قلنا : المودة المحظورة هي إرادة منافسه دينا ودنيا مع كونه كافرا ، فأما ما سوى ذلك فلا حظر فيه ، ثم إنه تعالى بالغ في المنع من هذه المودة من وجوه :
أولها : ما ذكر أن هذه المودة مع الإيمان لا يجتمعان .
وثانيها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) والمراد أن الميل إلى هؤلاء أعظم أنواع الميل ، ومع هذا فيجب أن يكون هذا الميل مغلوبا مطروحا بسبب الدين .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013801قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : نزلت هذه الآية في nindex.php?page=showalam&ids=5أبي عبيدة بن الجراح ، قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد ، وعمر بن الخطاب قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر ، وأبي بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : " متعنا بنفسك " ،
nindex.php?page=showalam&ids=104ومصعب بن عمير قتل أخاه
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب [
وحمزة ]
وعبيدة قتلوا
عتبة وشيبة nindex.php?page=showalam&ids=15497والوليد بن عتبة يوم بدر ، أخبر أن هؤلاء لم يوادوا أقاربهم
[ ص: 241 ] وعشائرهم غضبا لله ودينه .
وثالثها :
nindex.php?page=treesubj&link=29485_29703أنه تعالى عدد نعمه على المؤمنين ، فبدأ بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أولئك كتب في قلوبهم الإيمان ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : المعنى أن من أنعم الله عليه بهذه النعمة العظيمة كيف يمكن أن يحصل في قلبه مودة أعداء الله ، واختلفوا في المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22كتب ) أما القاضي فذكر ثلاثة أوجه على وفق قول
المعتزلة :
أحدها : جعل في قلوبهم علامة تعرف بها الملائكة ما هم عليه من الإخلاص .
وثانيها : المراد شرح صدورهم للإيمان بالألطاف والتوفيق .
وثالثها : قيل في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22كتب ) قضى أن قلوبهم بهذا الوصف . واعلم أن هذه الوجوه الثلاثة نسلمها للقاضي ونفرع عليها صحة قولنا ، فإن الذي قضى الله به أخبر عنه وكتبه في اللوح المحفوظ ، لو لم يقع لانقلب خبر الله الصدق كذبا ، وهذا محال ، والمؤدي إلى المحال محال ، وقال
أبو علي الفارسي : معناه : جمع ، والكتيبة : الجمع من الجيش ، والتقدير : أولئك الذين جمع الله في قلوبهم الإيمان ، أي استكملوا فلم يكونوا ممن يقولون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150نؤمن ببعض ونكفر ببعض ) [ النساء : 150 ] ومتى كانوا كذلك امتنع أن يحصل في قلوبهم مودة الكفار ، وقال جمهور أصحابنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22كتب ) معناه أثبت وخلق ، وذلك لأن الإيمان لا يمكن كتبه ، فلا بد من حمله على الإيجاد والتكوين .
المسألة الثانية : روى
المفضل عن
عاصم : " كتب " على فعل ما لم يسم فاعله ، والباقون : " كتب " على إسناد الفعل إلى الفاعل .
والنعمة الثانية : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وأيدهم بروح منه ) وفيه قولان :
الأول : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : نصرهم على عدوهم ، وسمى تلك النصرة روحا ؛ لأن بها يحيا أمرهم .
والثاني : قال
السدي : الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22منه ) عائد إلى الإيمان ، والمعنى أيدهم بروح من الإيمان ، يدل عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) [ الشورى : 52 ] .
النعمة الثالثة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ) وهو إشارة إلى نعمة الجنة .
النعمة الرابعة : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22رضي الله عنهم ورضوا عنه ) وهي نعمة الرضوان ، وهي
nindex.php?page=treesubj&link=29703_29710أعظم النعم وأجل المراتب ، ثم لما عدد هذه النعم ذكر الأمر الرابع من الأمور التي توجب ترك الموادة مع أعداء الله ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) وهو في مقابلة قوله فيهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=19أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ) .
واعلم أن الأكثرين اتفقوا على أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ) نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة وإخباره
أهل مكة بمسير النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد فتح
مكة ، وتلك القصة معروفة ، وبالجملة فالآية زجر عن التودد إلى الكفار والفساق .
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : "
اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي نعمة فإني وجدت فيما أوحيت ( nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما ) إلى آخره " والله سبحانه وتعالى أعلم ، والحمد لله رب العالمين ، وصلاته وسلامه على سيد المرسلين وخاتم النبيين ، سيدنا
محمد النبي الأمي ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ مَعَ
nindex.php?page=treesubj&link=28802وِدَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ أَحَبَّ أَحَدًا امْتَنَعَ أَنْ يُحِبَّ مَعَ ذَلِكَ عَدُوَّهُ ، وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْقَلْبِ ، فَإِذَا حَصَلَ فِي الْقَلْبِ وِدَادُ أَعْدَاءِ اللَّهِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ الْإِيمَانُ ، فَيَكُونُ صَاحِبُهُ مُنَافِقًا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ وَلَكِنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَكَبِيرَةٌ ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ صَاحِبُ هَذَا الْوِدَادِ كَافِرًا بِسَبَبِ هَذَا الْوِدَادِ ، بَلْ كَانَ عَاصِيًا فِي اللَّهِ ، فَإِنْ قِيلَ : أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ مُخَالَطَتُهُمْ وَمُعَاشَرَتُهُمْ ، فَمَا هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28802الْمَوَدَّةُ الْمُحَرَّمَةُ الْمَحْظُورَةُ ؟ قُلْنَا : الْمَوَدَّةُ الْمَحْظُورَةُ هِيَ إِرَادَةُ مُنَافِسِهِ دِينًا وَدُنْيَا مَعَ كَوْنِهِ كَافِرًا ، فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَلَا حَظْرَ فِيهِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَالَغَ فِي الْمَنْعِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَدَّةِ مِنْ وُجُوهٍ :
أَوَّلُهَا : مَا ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَدَّةَ مَعَ الْإِيمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَيْلَ إِلَى هَؤُلَاءِ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الْمَيْلِ ، وَمَعَ هَذَا فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَيْلُ مَغْلُوبًا مَطْرُوحًا بِسَبَبِ الدِّينِ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013801قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي nindex.php?page=showalam&ids=5أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ ، قَتَلَ أَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْجَرَّاحِ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَتَلَ خَالَهُ الْعَاصَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَأَبِي بَكْرٍ دَعَا ابْنَهُ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى الْبِرَازِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : " مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ " ،
nindex.php?page=showalam&ids=104وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ قَتَلَ أَخَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [
وَحَمْزَةَ ]
وَعُبَيْدَةَ قَتَلُوا
عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15497وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ يَوْمَ بَدْرٍ ، أَخْبَرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُوَادُّوا أَقَارِبَهُمْ
[ ص: 241 ] وَعَشَائِرَهُمْ غَضَبًا لِلَّهِ وَدِينِهِ .
وَثَالِثُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=29485_29703أَنَّهُ تَعَالَى عَدَّدَ نِعَمَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، فَبَدَأَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ فِي قَلْبِهِ مَوَدَّةُ أَعْدَاءِ اللَّهِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22كَتَبَ ) أَمَّا الْقَاضِي فَذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ عَلَى وَفْقِ قَوْلِ
الْمُعْتَزِلَةِ :
أَحَدُهَا : جَعَلَ فِي قُلُوبِهِمْ عَلَامَةً تَعْرِفُ بِهَا الْمَلَائِكَةُ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ .
وَثَانِيهَا : الْمُرَادُ شَرَحَ صُدُورَهُمْ لِلْإِيمَانِ بِالْأَلْطَافِ وَالتَّوْفِيقِ .
وَثَالِثُهَا : قِيلَ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22كَتَبَ ) قَضَى أَنَّ قُلُوبَهُمْ بِهَذَا الْوَصْفِ . وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ الثَّلَاثَةَ نُسَلِّمُهَا لِلْقَاضِي وَنُفَرِّعُ عَلَيْهَا صِحَّةَ قَوْلِنَا ، فَإِنَّ الَّذِي قَضَى اللَّهُ بِهِ أَخْبَرَ عَنْهُ وَكَتَبَهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، لَوْ لَمْ يَقَعْ لَانْقَلَبَ خَبَرُ اللَّهِ الصِّدْقُ كَذِبًا ، وَهَذَا مُحَالٌ ، وَالْمُؤَدِّي إِلَى الْمُحَالِ مُحَالٌ ، وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : مَعْنَاهُ : جَمَعَ ، وَالْكَتِيبَةُ : الْجَمْعُ مِنَ الْجَيْشِ ، وَالتَّقْدِيرُ : أُولَئِكَ الَّذِينَ جَمَعَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ، أَيِ اسْتَكْمَلُوا فَلَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَقُولُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ ) [ النِّسَاءِ : 150 ] وَمَتَى كَانُوا كَذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَحْصُلَ فِي قُلُوبِهِمْ مَوَدَّةُ الْكُفَّارِ ، وَقَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22كَتَبَ ) مَعْنَاهُ أَثْبَتَ وَخَلَقَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ لَا يُمْكِنُ كَتْبُهُ ، فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْإِيجَادِ وَالتَّكْوِينِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : رَوَى
الْمُفَضَّلُ عَنْ
عَاصِمٍ : " كُتِبَ " عَلَى فِعْلِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، وَالْبَاقُونَ : " كَتَبَ " عَلَى إِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى الْفَاعِلِ .
وَالنِّعْمَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) وَفِيهِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : نَصَرَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ ، وَسَمَّى تِلْكَ النُّصْرَةَ رُوحًا ؛ لِأَنَّ بِهَا يَحْيَا أَمْرُهُمْ .
وَالثَّانِي : قَالَ
السُّدِّيُّ : الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22مِنْهُ ) عَائِدٌ إِلَى الْإِيمَانِ ، وَالْمَعْنَى أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنَ الْإِيمَانِ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ) [ الشُّورَى : 52 ] .
النِّعْمَةُ الثَّالِثَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى نِعْمَةِ الْجَنَّةِ .
النِّعْمَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) وَهِيَ نِعْمَةُ الرِّضْوَانِ ، وَهِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=29703_29710أَعْظَمُ النِّعَمِ وَأَجَلُّ الْمَرَاتِبِ ، ثُمَّ لَمَّا عَدَّدَ هَذِهِ النِّعَمَ ذَكَرَ الْأَمْرَ الرَّابِعَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي تُوجِبُ تَرْكَ الْمُوَادَّةِ مَعَ أَعْدَاءِ اللَّهِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) وَهُوَ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ فِيهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=19أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَإِخْبَارِهِ
أَهْلَ مَكَّةَ بِمَسِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ فَتْحَ
مَكَّةَ ، وَتِلْكَ الْقِصَّةُ مَعْرُوفَةٌ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْآيَةُ زَجْرٌ عَنِ التَّوَدُّدِ إِلَى الْكُفَّارِ وَالْفُسَّاقِ .
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : "
اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ لِفَاجِرٍ وَلَا لِفَاسِقٍ عِنْدِي نِعْمَةً فَإِنِّي وَجَدْتُ فِيمَا أَوْحَيْتُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لَا تَجِدُ قَوْمًا ) إِلَى آخِرِهِ " وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .