[ ص: 264 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم ) ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )
في نظم هذه الآيات وجه حسن معقول ، وهو أن المعاند لا يخلو من أحد أحوال ثلاثة ، إما أن يستمر عناده ، أو يرجى منه أن يترك العناد ، أو يترك العناد ويستسلم ، وقد بين الله تعالى في هذه الآيات أحوالهم ، وأمر المسلمين أن يعاملوهم في كل حالة على ما يقتضيه الحال .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ) [ الممتحنة : 4 ] فهو إشارة إلى الحالة الأولى ، ثم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=7عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ) [ الممتحنة : 7 ] إشارة إلى الحالة الثانية ، ثم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات ) إشارة إلى الحالة الثالثة ، ثم فيه لطيفة وتنبيه وحث على مكارم الأخلاق ، لأنه تعالى ما أمر المؤمنين في مقابلة تلك الأحوال الثلاث بالجزاء إلا بالتي هي أحسن ، وبالكلام إلا بالذي هو أليق .
واعلم أنه تعالى سماهن مؤمنات لصدور ما يقتضي الإيمان وهو كلمة الشهادة منهن ، ولم يظهر منهن ما هو المنافي له ، أو لأنهن مشارفات لثبات إيمانهن بالامتحان ، وهو الابتلاء بالحلف ، والحلف لأجل غلبة الظن بإيمانهن ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013810وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للممتحنة : " بالله الذي لا إله إلا هو ما خرجت من بغض زوج ، بالله ما خرجت رغبة من أرض إلى أرض ، بالله ما خرجت التماس دنيا ، بالله ما خرجت إلا حبا لله ولرسوله " وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10الله أعلم بإيمانهن ) منكم والله يتولى السرائر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فإن علمتموهن ) العلم الذي هو عبارة عن الظن الغالب بالحلف وغيره ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فلا ترجعوهن إلى الكفار ) أي تردوهن إلى أزواجهن المشركين ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ) أي أعطوا أزواجهن مثل ما دفعوا إليهن من المهور ، وذلك
أن nindex.php?page=treesubj&link=30862الصلح عام الحديبية كان على أن من أتاكم من أهل مكة يرد إليهم ، ومن أتى مكة منكم لم يرد إليكم ، وكتبوا بذلك العهد كتابا وختموه ، فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة والنبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية ، فأقبل زوجها مسافر المخزومي ، وقيل : صيفي بن الراهب ، فقال : يا محمد اردد علي امرأتي فإنك قد شرطت لنا شرطا أن ترد علينا من أتاك منا ، وهذه طية الكتاب لم تجف ، فنزلت بيانا لأن الشرط إنما كان للرجال دون النساء .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013812وعن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أنه قال : إنها جاءت nindex.php?page=showalam&ids=11720أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي عاتق ، فجاء أهلها يطلبون من رسول [ ص: 265 ] الله صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم ، وكانت هربت من زوجها nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ومعها أخواها عمارة والوليد ، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخويها وحبسها ، فقالوا : ارددها علينا ، فقال عليه السلام : " كان الشرط في الرجال دون النساء " وعن
الضحاك : أن
العهد كان إن يأتك منا امرأة ليست على دينك إلا رددتها إلينا ، وإن دخلت في دينك ولها زوج ردت على زوجها الذي أنفق عليها ، وللنبي صلى الله عليه وسلم من الشرط مثل ذلك ، ثم نسخ هذا الحكم وهذا العهد ، واستحلفها الرسول عليه السلام فحلفت وأعطى زوجها ما أنفق ، ثم تزوجها عمر ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ) أي مهورهن إذ
nindex.php?page=treesubj&link=17945_11391المهر أجر البضع (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) والعصمة ما يعتصم به من عهد وغيره ، ولا عصمة بينكم وبينهن ولا علقة النكاح كذلك ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن اختلاف الدارين يقطع العصمة ، وقيل : لا تقعدوا للكوافر ، وقرئ : تمسكوا ، بالتخفيف والتشديد ، وتمسكوا أي ولا تتمسكوا ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10واسألوا ما أنفقتم ) وهو إذا لحقت امرأة منكم بأهل العهد من الكفار مرتدة فاسألوهم ما أنفقتم من المهر إذا منعوها ولم يدفعوها إليكم فعليهم أن يغرموا صداقها كما يغرم لهم وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم ) أي بين المسلمين والكفار ، وفي الآية مباحث :
الأول : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فامتحنوهن ) أمر بمعنى الوجوب ، أو بمعنى الندب ، أو بغير هذا وذلك ، قال
الواحدي : هو بمعنى الاستحباب .
الثاني : ما الفائدة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10الله أعلم بإيمانهن ) وذلك معلوم من غير شك ؟ نقول : فائدته بيان أن لا سبيل إلى ما تطمئن به النفس من الإحاطة بحقيقة إيمانهن ، فإن ذلك مما استأثر به علام الغيوب .
الثالث : ما الفائدة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10ولا هم يحلون لهن ) ويمكن أن يكون في أحد الجانبين دون الآخر ؟ نقول : هذا باعتبار الإيمان من جانبهن ومن جانبهم إذ الإيمان من الجانبين شرط للحل ; ولأن الذكر من الجانبين مؤكد لارتفاع الحل ، وفيه من الإفادة ما لا يكون في غيره ، فإن قيل : هب أنه كذلك لكن يكفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فلا ترجعوهن إلى الكفار ) لأنه لا يحل أحدهما للآخر فلا حاجة إلى الزيادة عليه ، والمقصود هذا لا غير . نقول : التلفظ بهذا اللفظ لا يفيد ارتفاع الحل من الجانبين بخلاف التلفظ بذلك اللفظ وهذا ظاهر .
البحث الرابع : كيف سمى الظن علما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فإن علمتموهن ) ؟ نقول : إنه من باب أن الظن الغالب وما يفضي إليه الاجتهاد ، والقياس جار مجرى العلم ، وأن صاحبه غير داخل في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36ولا تقف ما ليس لك به علم ) [ الإسراء : 36 ] .
[ ص: 264 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
فِي نَظْمِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَجْهٌ حَسَنٌ مَعْقُولٌ ، وَهُوَ أَنَّ الْمُعَانِدَ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَحْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ، إِمَّا أَنْ يَسْتَمِرَّ عِنَادُهُ ، أَوْ يُرْجَى مِنْهُ أَنْ يَتْرُكَ الْعِنَادَ ، أَوْ يَتْرُكَ الْعِنَادَ وَيَسْتَسْلِمَ ، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَحْوَالَهُمْ ، وَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُعَامِلُوهُمْ فِي كُلِّ حَالَةٍ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ ) [ الْمُمْتَحِنَةِ : 4 ] فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى ، ثُمَّ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=7عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً ) [ الْمُمْتَحِنَةِ : 7 ] إِشَارَةٌ إِلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ ، ثُمَّ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ ) إِشَارَةٌ إِلَى الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ ، ثُمَّ فِيهِ لَطِيفَةٌ وَتَنْبِيهٌ وَحَثٌّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، لِأَنَّهُ تَعَالَى مَا أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي مُقَابَلَةِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ بِالْجَزَاءِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، وَبِالْكَلَامِ إِلَّا بِالَّذِي هُوَ أَلْيَقُ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ لِصُدُورِ مَا يَقْتَضِي الْإِيمَانَ وَهُوَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ مِنْهُنَّ ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُنَّ مَا هُوَ الْمُنَافِي لَهُ ، أَوْ لِأَنَّهُنَّ مُشَارِفَاتٌ لِثَبَاتِ إِيمَانِهِنَّ بِالِامْتِحَانِ ، وَهُوَ الِابْتِلَاءُ بِالْحَلِفِ ، وَالْحَلِفُ لِأَجْلِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِإِيمَانِهِنَّ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013810وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِلْمُمْتَحِنَةِ : " بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا خَرَجْتِ مِنْ بُغْضِ زَوْجٍ ، بِاللَّهِ مَا خَرَجْتِ رَغْبَةً مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ ، بِاللَّهِ مَا خَرَجْتِ الْتِمَاسَ دُنْيَا ، بِاللَّهِ مَا خَرَجْتِ إِلَّا حُبًّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ " وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ) مِنْكُمْ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ ) الْعِلْمَ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الظَّنِّ الْغَالِبِ بِالْحَلِفِ وَغَيْرِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ) أَيْ تَرُدُّوهُنَّ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ الْمُشْرِكِينَ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ) أَيْ أَعْطُوا أَزْوَاجَهُنَّ مِثْلَ مَا دَفَعُوا إِلَيْهِنَّ مِنَ الْمُهُورِ ، وَذَلِكَ
أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=30862الصُّلْحَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةَ كَانَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاكُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُرَدُّ إِلَيْهِمْ ، وَمَنْ أَتَى مَكَّةَ مِنْكُمْ لَمْ يُرَدَّ إِلَيْكُمْ ، وَكَتَبُوا بِذَلِكَ الْعَهْدِ كِتَابًا وَخَتَمُوهُ ، فَجَاءَتْ سُبَيْعَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةُ مُسْلِمَةً وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ ، فَأَقْبَلَ زَوْجُهَا مُسَافِرٌ الْمَخْزُومِيُّ ، وَقِيلَ : صَيْفِيُّ بْنُ الرَّاهِبِ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ارْدُدْ عَلَيَّ امْرَأَتِي فَإِنَّكَ قَدْ شَرَطْتَ لَنَا شَرْطًا أَنْ تَرُدَّ عَلَيْنَا مَنْ أَتَاكَ مِنَّا ، وَهَذِهِ طَيَّةُ الْكِتَابِ لَمْ تَجِفَّ ، فَنَزَلَتْ بَيَانًا لِأَنَّ الشَّرْطَ إِنَّمَا كَانَ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013812وَعَنِ nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّهَا جَاءَتْ nindex.php?page=showalam&ids=11720أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَهِيَ عَاتِقٌ ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَطْلُبُونَ مِنْ رَسُولِ [ ص: 265 ] اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ ، وَكَانَتْ هَرَبَتْ مِنْ زَوْجِهَا nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَمَعَهَا أَخَوَاهَا عُمَارَةُ وَالْوَلِيدُ ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَوَيْهَا وَحَبَسَهَا ، فَقَالُوا : ارْدُدْهَا عَلَيْنَا ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : " كَانَ الشَّرْطُ فِي الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ " وَعَنِ
الضَّحَّاكِ : أَنَّ
الْعَهْدَ كَانَ إِنْ يَأْتِكَ مِنَّا امْرَأَةٌ لَيْسَتْ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهَا إِلَيْنَا ، وَإِنْ دَخَلَتْ فِي دِينِكَ وَلَهَا زَوْجٌ رُدَّتْ عَلَى زَوْجِهَا الَّذِي أَنْفَقَ عَلَيْهَا ، وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّرْطِ مِثْلُ ذَلِكَ ، ثُمَّ نُسِخَ هَذَا الْحُكْمُ وَهَذَا الْعَهْدُ ، وَاسْتَحْلَفَهَا الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَحَلَفَتْ وَأَعْطَى زَوْجَهَا مَا أَنْفَقَ ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) أَيْ مُهُورَهُنَّ إِذِ
nindex.php?page=treesubj&link=17945_11391الْمَهْرُ أَجْرُ الْبُضْعِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) وَالْعِصْمَةُ مَا يُعْتَصَمُ بِهِ مِنْ عَهْدٍ وَغَيْرِهِ ، وَلَا عِصْمَةَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ وَلَا عَلَقَةَ النِّكَاحِ كَذَلِكَ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ اخْتِلَافَ الدَّارَيْنِ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ ، وَقِيلَ : لَا تَقْعُدُوا لِلْكَوَافِرِ ، وَقُرِئَ : تُمْسِكُوا ، بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ ، وَتُمْسِكُوا أَيْ وَلَا تَتَمَسَّكُوا ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ ) وَهُوَ إِذَا لَحِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْكُمْ بِأَهْلِ الْعَهْدِ مِنَ الْكُفَّارِ مُرْتَدَّةً فَاسْأَلُوهُمْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنَ الْمَهْرِ إِذَا مَنَعُوهَا وَلَمْ يَدْفَعُوهَا إِلَيْكُمْ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَغْرَمُوا صَدَاقَهَا كَمَا يُغْرَمُ لَهُمْ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ) أَيْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ ، وَفِي الْآيَةِ مَبَاحِثُ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فَامْتَحِنُوهُنَّ ) أَمْرٌ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ ، أَوْ بِمَعْنَى النَّدْبِ ، أَوْ بِغَيْرِ هَذَا وَذَلِكَ ، قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : هُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ .
الثَّانِي : مَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ) وَذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ ؟ نَقُولُ : فَائِدَتُهُ بَيَانُ أَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى مَا تَطْمَئِنُّ بِهِ النَّفْسُ مِنَ الْإِحَاطَةِ بِحَقِيقَةِ إِيمَانِهِنَّ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ بِهِ عَلَّامُ الْغُيُوبِ .
الثَّالِثُ : مَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ دُونَ الْآخَرِ ؟ نَقُولُ : هَذَا بِاعْتِبَارِ الْإِيمَانِ مِنْ جَانِبِهِنَّ وَمِنْ جَانِبِهِمْ إِذِ الْإِيمَانُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ شَرْطٌ لِلْحِلِّ ; وَلِأَنَّ الذِّكْرَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مُؤَكَّدٌ لِارْتِفَاعِ الْحِلِّ ، وَفِيهِ مِنَ الْإِفَادَةِ مَا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ ، فَإِنْ قِيلَ : هَبْ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَكِنْ يَكْفِي قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ) لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ ، وَالْمَقْصُودُ هَذَا لَا غَيْرُ . نَقُولُ : التَّلَفُّظُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَا يُفِيدُ ارْتِفَاعَ الْحِلِّ مِنَ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ التَّلَفُّظِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ وَهَذَا ظَاهِرٌ .
الْبَحْثُ الرَّابِعُ : كَيْفَ سَمَّى الظَّنَّ عِلْمًا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ ) ؟ نَقُولُ : إِنَّهُ مِنْ بَابِ أَنَّ الظَّنَّ الْغَالِبَ وَمَا يُفْضِي إِلَيْهِ الِاجْتِهَادُ ، وَالْقِيَاسُ جَارٍ مَجْرَى الْعِلْمِ ، وَأَنَّ صَاحِبَهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) [ الْإِسْرَاءِ : 36 ] .