(
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=26391_905_979_29033ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) وجه التعلق بما قبلها هو أن الذين هادوا يفرون من الموت لمتاع الدنيا وطيباتها والذين آمنوا يبيعون ويشرون لمتاع الدنيا وطيباتها كذلك ، فنبههم الله تعالى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9فاسعوا إلى ذكر الله ) أي إلى ما ينفعكم في الآخرة ، وهو حضور الجمعة ، لأن الدنيا ومتاعها فانية والآخرة وما فيها باقية ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=17والآخرة خير وأبقى ) [ الأعلى : 17 ] ووجه آخر في التعلق ، قال بعضهم : قد أبطل الله قول
اليهود في ثلاث : افتخروا بأنهم أولياء الله وأحباؤه ، فكذبهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=6فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) وبأنهم
أهل الكتاب ، والعرب لا كتاب لهم ، فشبههم بالحمار يحمل أسفارا ، وبالسبت وليس للمسلمين مثله فشرع الله تعالى لهم الجمعة ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إذا نودي ) يعني النداء إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة وهو قول
مقاتل ، وأنه كما قال لأنه لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نداء سواء كان إذا جلس عليه الصلاة والسلام على المنبر أذن
بلال على باب المسجد ، وكذا على عهد
أبي بكر وعمر ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9للصلاة ) أي لوقت الصلاة يدل عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9من يوم الجمعة ) ولا تكون الصلاة من اليوم ، وإنما يكون وقتها من اليوم ، قال
الليث : الجمعة يوم خص به لاجتماع الناس في ذلك ، ويجمع على الجمعات والجمع ، وعن
سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013821nindex.php?page=treesubj&link=26391سميت الجمعة جمعة لأن آدم جمع فيه خلقه " وقيل : لما أنه تعالى فرغ فيها من خلق الأشياء ، فاجتمعت فيها المخلوقات .
قال
الفراء : وفيها ثلاث لغات التخفيف ، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش والتثقيل ، وهي قراءة العامة ، ولغة
لبني عقيل ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9فاسعوا إلى ذكر الله ) أي فامضوا ، وقيل : فامشوا وعلى هذا معنى السعي : المشي لا العدو ، وقال
الفراء : المضي والسعي والذهاب في معنى واحد ، وعن
عمر أنه سمع رجلا يقرأ : " فاسعوا " قال من أقرأك هذا ؟ قال :
أبي ، قال : لا يزال يقرأ بالمنسوخ ، لو كانت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي ، وقيل : المراد بالسعي القصد دون العدو ، والسعي التصرف في كل عمل ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=102فلما بلغ معه السعي ) [ الصافات : 102 ] قال
الحسن : والله ما هو سعي على الأقدام ولكنه سعي بالقلوب ، وسعي بالنية ، وسعي بالرغبة ، ونحو هذا ، والسعي ههنا هو العمل عند قوم ، وهو مذهب
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، إذ السعي
[ ص: 9 ] في كتاب الله العمل ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=205وإذا تولى سعى في الأرض ) [ البقرة : 205 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=4إن سعيكم لشتى ) [ الليل : 4 ] أي العمل ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013822إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، ولكن ائتوها وعليكم السكينة " واتفق الفقهاء على : " أن
nindex.php?page=treesubj&link=978النبي صلى الله عليه وسلم [ كان ] متى أتى الجمعة أتى على هينة " وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إلى ذكر الله ) الذكر هو الخطبة عند الأكثر من أهل التفسير ، وقيل : هو الصلاة ، وأما الأحكام المتعلقة بهذه الآية فإنها تعرف من الكتب الفقهية ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9وذروا البيع ) قال
الحسن : إذا أذن المؤذن يوم الجمعة لم يحل الشراء والبيع ، وقال
عطاء : إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء ، وقال
الفراء إنما حرم
nindex.php?page=treesubj&link=999البيع والشراء إذا نودي للصلاة لمكان الاجتماع ولندرك له كافة الحسنات ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9ذلكم خير لكم ) أي في الآخرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إن كنتم تعلمون ) ما هو خير لكم وأصلح ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فإذا قضيت الصلاة ) أي إذا صليتم الفريضة يوم الجمعة (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فانتشروا في الأرض ) هذا صيغة الأمر بمعنى الإباحة لما أن إباحة الانتشار زائلة بفرضية أداء الصلاة ، فإذا زال ذلك عادت الإباحة فيباح لهم أن يتفرقوا في الأرض ويبتغوا من فضل الله ، وهو الرزق ، ونظيره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) [ البقرة : 198 ] ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إذا فرغت من الصلاة فإن شئت فاخرج ، وإن شئت فصل إلى العصر ، وإن شئت فاقعد ، كذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10وابتغوا من فضل الله ) فإنه صيغة أمر بمعنى الإباحة أيضا لجلب الرزق بالتجارة بعد المنع ، بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9وذروا البيع ) وعن
مقاتل : أحل لهم ابتغاء الرزق بعد الصلاة ، فمن شاء خرج ، ومن شاء لم يخرج ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : إن شاء فعل ، وإن شاء لم يفعل ، وقال
الضحاك ، هو إذن من الله تعالى إذا فرغ ، فإن شاء خرج ، وإن شاء قعد ، والأفضل في الابتغاء من فضل الله أن يطلب الرزق ، أو الولد الصالح أو العلم النافع وغير ذلك من الأمور الحسنة ، والظاهر هو الأول ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16560عراك بن مالك أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد [ و ] قال : اللهم أجبت دعوتك ، وصليت فريضتك ، وانتشرت كما أمرتني ، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10واذكروا الله كثيرا ) قال
مقاتل : باللسان ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : بالطاعة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : لا يكون من الذاكرين كثيرا حتى يذكره قائما وقاعدا ومضطجعا ، والمعنى إذا رجعتم إلى التجارة وانصرفتم إلى البيع والشراء مرة أخرى فاذكروا الله كثيرا ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) [ النور : 37 ] .
وعن
عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013823إذا أتيتم nindex.php?page=treesubj&link=24449السوق فقولوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، فإن من قالها كتب الله له ألف ألف حسنة وحط عنه ألف ألف خطيئة ورفع له ألف ألف درجة " وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10لعلكم تفلحون ) من جملة ما قد مر مرارا ، وفي الآية مباحث :
البحث الأول : ما الحكمة في أن شرع الله تعالى في يوم الجمعة هذا التكليف ؟ فنقول : قال
القفال : هي أن الله عز وجل خلق الخلق فأخرجهم من العدم إلى الوجود وجعل منهم جمادا وناميا وحيوانا ، فكان ما سوى الجماد أصنافا ، منها بهائم وملائكة وجن وإنس ، ثم هي مختلفة المساكن من العلو والسفل فكان أشرف العالم السفلي هم الناس لعجيب تركيبهم ، ولما كرمهم الله تعالى به من النطق ، وركب فيهم من العقول والطباع التي بها غاية التعبد بالشرائع ، ولم يخف موضع عظم المنة وجلالة قدر الموهبة لهم فأمروا بالشكر على هذه الكرامة في يوم من الأيام السبعة التي فيها أنشئت الخلائق وتم وجودها ، ليكون في اجتماعهم في ذلك اليوم تنبيه على عظم ما أنعم الله تعالى به عليهم ، وإذا كان شأنهم لم يخل من حين ابتدئوا من نعمة تتخللهم ، وإن منة الله مثبتة عليهم قبل استحقاقهم لها ، ولكل أهل ملة من الملل المعروفة
[ ص: 10 ] يوم منها معظم ،
فلليهود يوم السبت
وللنصارى يوم الأحد ، وللمسلمين يوم الجمعة ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013824يوم الجمعة هذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له فلليهود غدا وللنصارى بعد غد " ولما جعل
nindex.php?page=treesubj&link=26391يوم الجمعة يوم شكر وإظهار سرور وتعظيم نعمة ، احتيج فيه إلى الاجتماع الذي به تقع شهرته فجمعت الجماعات له كالسنة في الأعياد ، واحتيج فيه إلى الخطبة تذكيرا بالنعمة وحثا على استدامتها بإقامة ما يعود بآلاء الشكر ، ولما كان مدار التعظيم ، إنما هو على الصلاة جعلت الصلاة لهذا اليوم وسط النهار ليتم الاجتماع ولم تجز هذه الصلاة إلا في مسجد واحد ليكون أدعى إلى الاجتماع والله أعلم .
الثاني : كيف خص ذكر الله بالخطبة ، وفيها ذكر الله وغير الله ؟ نقول : المراد من ذكر الله الخطبة والصلاة ; لأن كل واحدة منهما مشتملة على ذكر الله ، وأما ما عدا ذلك من ذكر الظلمة والثناء عليهم والدعاء لهم فذلك ذكر الشيطان .
الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=999_29033_34077قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9وذروا البيع ) لم خص البيع من جميع الأفعال ؟ نقول : لأنه من أهم ما يشتغل به المرء في النهار من أسباب المعاش ، وفيه إشارة إلى ترك التجارة ، ولأن البيع والشراء في الأسواق غالبا ، والغفلة على أهل السوق أغلب ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9وذروا البيع ) تنبيه للغافلين ، فالبيع أولى بالذكر ولم يحرم لعينه ، ولكن لما فيه من الذهول عن الواجب فهو كالصلاة في الأرض المغصوبة .
الرابع : ما الفرق بين ذكر الله أولا وذكر الله ثانيا ؟ فنقول : الأول من جملة ما لا يجتمع مع التجارة أصلا إذ المراد منه الخطبة والصلاة كما مر ، والثاني من جملة ما يجتمع كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=26391_905_979_29033يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) وَجْهُ التَّعَلُّقِ بِمَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّ الَّذِينَ هَادُوا يَفِرُّونَ مِنَ الْمَوْتِ لِمَتَاعِ الدُّنْيَا وَطَيِّبَاتِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا يَبِيعُونَ وَيَشْرُونَ لِمَتَاعِ الدُّنْيَا وَطَيِّبَاتِهَا كَذَلِكَ ، فَنَبَّهَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) أَيْ إِلَى مَا يَنْفَعُكُمْ فِي الْآخِرَةِ ، وَهُوَ حُضُورُ الْجُمُعَةِ ، لِأَنَّ الدُّنْيَا وَمَتَاعَهَا فَانِيَةٌ وَالْآخِرَةَ وَمَا فِيهَا بَاقِيَةٌ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=17وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) [ الْأَعْلَى : 17 ] وَوَجْهٌ آخَرُ فِي التَّعَلُّقِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : قَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ قَوْلَ
الْيَهُودِ فِي ثَلَاثٍ : افْتَخَرُوا بِأَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ، فَكَذَّبَهُمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=6فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) وَبِأَنَّهُمْ
أَهْلُ الْكِتَابِ ، وَالْعَرَبَ لَا كِتَابَ لَهُمْ ، فَشَبَّهَهُمْ بِالْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ، وَبِالسَّبْتِ وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ مِثْلُهُ فَشَرَعَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمُ الْجُمُعَةَ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إِذَا نُودِيَ ) يَعْنِي النِّدَاءَ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ قَوْلُ
مُقَاتِلٍ ، وَأَنَّهُ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِدَاءٌ سَوَاءٌ كَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ
بِلَالٌ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، وَكَذَا عَلَى عَهْدِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9لِلصَّلَاةِ ) أَيْ لِوَقْتِ الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) وَلَا تَكُونُ الصَّلَاةُ مِنَ الْيَوْمِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ وَقْتُهَا مِنَ الْيَوْمِ ، قَالَ
اللَّيْثُ : الْجُمُعَةُ يَوْمٌ خُصَّ بِهِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ ، وَيُجْمَعُ عَلَى الْجُمُعَاتِ وَالْجُمَعِ ، وَعَنْ
سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013821nindex.php?page=treesubj&link=26391سُمِّيَتِ الْجُمُعَةُ جُمُعَةً لِأَنَّ آدَمَ جُمِعَ فِيهِ خَلْقُهُ " وَقِيلَ : لِمَا أَنَّهُ تَعَالَى فَرَغَ فِيهَا مِنْ خَلْقِ الْأَشْيَاءِ ، فَاجْتَمَعَتْ فِيهَا الْمَخْلُوقَاتُ .
قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ التَّخْفِيفُ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ وَالتَّثْقِيلُ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ ، وَلُغَةٌ
لِبَنِي عُقَيْلٍ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) أَيْ فَامْضُوا ، وَقِيلَ : فَامْشُوا وَعَلَى هَذَا مَعْنَى السَّعْيِ : الْمَشْيُ لَا الْعَدْوُ ، وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : الْمُضِيُّ وَالسَّعْيُ وَالذَّهَابُ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ ، وَعَنْ
عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ : " فَاسْعَوْا " قَالَ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذَا ؟ قَالَ :
أُبَيٌّ ، قَالَ : لَا يَزَالُ يَقْرَأُ بِالْمَنْسُوخِ ، لَوْ كَانَتْ فَاسْعَوْا لَسَعَيْتُ حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالسَّعْيِ الْقَصْدُ دُونَ الْعَدْوِ ، وَالسَّعْيُ التَّصَرُّفُ فِي كُلِّ عَمَلٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=102فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) [ الصَّافَّاتِ : 102 ] قَالَ
الْحَسَنُ : وَاللَّهِ مَا هُوَ سَعْيٌ عَلَى الْأَقْدَامِ وَلَكِنَّهُ سَعْيٌ بِالْقُلُوبِ ، وَسَعْيٌ بِالنِّيَّةِ ، وَسَعْيٌ بِالرَّغْبَةِ ، وَنَحْوَ هَذَا ، وَالسَّعْيُ هَهُنَا هُوَ الْعَمَلُ عِنْدَ قَوْمٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، إِذِ السَّعْيُ
[ ص: 9 ] فِي كِتَابِ اللَّهِ الْعَمَلُ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=205وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ ) [ الْبَقَرَةِ : 205 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=4إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) [ اللَّيْلِ : 4 ] أَيِ الْعَمَلُ ، وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013822إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ ، وَلَكِنِ ائْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السِّكِّينَةُ " وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى : " أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=978النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ كَانَ ] مَتَى أَتَى الْجُمُعَةَ أَتَى عَلَى هَيِّنَةٍ " وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) الذِّكْرُ هُوَ الْخُطْبَةُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ ، وَقِيلَ : هُوَ الصَّلَاةُ ، وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَإِنَّهَا تُعْرَفُ مِنَ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9وَذَرُوا الْبَيْعَ ) قَالَ
الْحَسَنُ : إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ يَحِلَّ الشِّرَاءُ وَالْبَيْعُ ، وَقَالَ
عَطَاءٌ : إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ حَرُمَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ ، وَقَالَ
الْفَرَّاءُ إِنَّمَا حَرُمَ
nindex.php?page=treesubj&link=999الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ لِمَكَانِ الِاجْتِمَاعِ وَلِنُدْرِكَ لَهُ كَافَّةَ الْحَسَنَاتِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ) أَيْ فِي الْآخِرَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَصْلُحُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ ) أَيْ إِذَا صَلَّيْتُمُ الْفَرِيضَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ ) هَذَا صِيغَةُ الْأَمْرِ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ لِمَا أَنَّ إِبَاحَةَ الِانْتِشَارِ زَائِلَةٌ بِفَرْضِيَّةِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ ، فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ عَادَتِ الْإِبَاحَةُ فَيُبَاحُ لَهُمْ أَنْ يَتَفَرَّقُوا فِي الْأَرْضِ وَيَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ، وَهُوَ الرِّزْقُ ، وَنَظِيرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 198 ] ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : إِذَا فَرَغْتَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَصَلِّ إِلَى الْعَصْرِ ، وَإِنْ شِئْتَ فَاقْعُدْ ، كَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) فَإِنَّهُ صِيغَةُ أَمْرٍ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ أَيْضًا لِجَلْبِ الرِّزْقِ بِالتِّجَارَةِ بَعْدَ الْمَنْعِ ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9وَذَرُوا الْبَيْعَ ) وَعَنْ
مُقَاتِلٍ : أَحَلَّ لَهُمُ ابْتِغَاءَ الرِّزْقِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ، فَمَنْ شَاءَ خَرَجَ ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَخْرُجْ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : إِنْ شَاءَ فَعَلَ ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ ، وَقَالَ
الضَّحَّاكٌ ، هُوَ إِذْنٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا فَرَغَ ، فَإِنْ شَاءَ خَرَجَ ، وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ ، وَالْأَفْضَلُ فِي الِابْتِغَاءِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ أَنْ يَطْلُبَ الرِّزْقَ ، أَوِ الْوَلَدَ الصَّالِحَ أَوِ الْعِلْمَ النَّافِعَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْحَسَنَةِ ، وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16560عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ [ وَ ] قَالَ : اللَّهُمَّ أَجَبْتُ دَعْوَتَكَ ، وَصَلَّيْتُ فَرِيضَتَكَ ، وَانْتَشَرْتُ كَمَا أَمَرْتَنِي ، فَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ) قَالَ
مُقَاتِلٌ : بِاللِّسَانِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : بِالطَّاعَةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : لَا يَكُونُ مِنَ الذَّاكِرِينَ كَثِيرًا حَتَّى يَذْكُرَهُ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا ، وَالْمَعْنَى إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَى التِّجَارَةِ وَانْصَرَفْتُمْ إِلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَرَّةً أُخْرَى فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) [ النُّورِ : 37 ] .
وَعَنْ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013823إِذَا أَتَيْتُمُ nindex.php?page=treesubj&link=24449السُّوقَ فَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فَإِنَّ مَنْ قَالَهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَحَطَّ عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ خَطِيئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ " وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) مِنْ جُمْلَةِ مَا قَدْ مَرَّ مِرَارًا ، وَفِي الْآيَةِ مَبَاحِثُ :
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ : مَا الْحِكْمَةُ فِي أَنْ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ هَذَا التَّكْلِيفَ ؟ فَنَقُولُ : قَالَ
الْقَفَّالُ : هِيَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ فَأَخْرَجَهُمْ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ جَمَادًا وَنَامِيًا وَحَيَوَانًا ، فَكَانَ مَا سِوَى الْجَمَادِ أَصْنَافًا ، مِنْهَا بَهَائِمُ وَمَلَائِكَةٌ وَجِنٌّ وَإِنْسٌ ، ثُمَّ هِيَ مُخْتَلِفَةُ الْمَسَاكِنِ مِنَ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ فَكَانَ أَشْرَفُ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ هُمُ النَّاسَ لِعَجِيبِ تَرْكِيبِهِمْ ، وَلِمَا كَرَّمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ النُّطْقِ ، وَرَكَّبَ فِيهِمْ مِنَ الْعُقُولِ وَالطِّبَاعِ الَّتِي بِهَا غَايَةُ التَّعَبُّدِ بِالشَّرَائِعِ ، وَلَمْ يُخْفِ مَوْضِعَ عِظَمِ الْمِنَّةِ وَجَلَالَةِ قَدْرِ الْمَوْهِبَةِ لَهُمْ فَأُمِرُوا بِالشُّكْرِ عَلَى هَذِهِ الْكَرَامَةِ فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ السَّبْعَةِ الَّتِي فِيهَا أُنْشِئَتِ الْخَلَائِقُ وَتَمَّ وُجُودُهَا ، لِيَكُونَ فِي اجْتِمَاعِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَنْبِيهٌ عَلَى عِظَمِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِمْ ، وَإِذَا كَانَ شَأْنُهُمْ لَمْ يَخْلُ مِنْ حِينِ ابْتُدِئُوا مِنْ نِعْمَةٍ تَتَخَلَّلُهُمْ ، وَإِنَّ مِنَّةَ اللَّهِ مُثْبَتَةٌ عَلَيْهِمْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِمْ لَهَا ، وَلِكُلِّ أَهْلِ مِلَّةٍ مِنَ الْمِلَلِ الْمَعْرُوفَةِ
[ ص: 10 ] يَوْمٌ مِنْهَا مُعَظَّمٌ ،
فَلِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ
وَلِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ ، وَلِلْمُسْلِمِينَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013824يَوْمُ الْجُمُعَةِ هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ فَلِلْيَهُودِ غَدًا وَلِلنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ " وَلَمَّا جُعِلَ
nindex.php?page=treesubj&link=26391يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ شُكْرٍ وَإِظْهَارِ سُرُورٍ وَتَعْظِيمِ نِعْمَةٍ ، احْتِيجَ فِيهِ إِلَى الِاجْتِمَاعِ الَّذِي بِهِ تَقَعُ شُهْرَتُهُ فَجُمِعَتِ الْجَمَاعَاتُ لَهُ كَالسُّنَّةِ فِي الْأَعْيَادِ ، وَاحْتِيجَ فِيهِ إِلَى الْخُطْبَةِ تَذْكِيرًا بِالنِّعْمَةِ وَحَثًّا عَلَى اسْتَدَامَتِهَا بِإِقَامَةِ مَا يَعُودُ بِآلَاءِ الشُّكْرِ ، وَلَمَّا كَانَ مَدَارُ التَّعْظِيمِ ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى الصَّلَاةِ جُعِلَتِ الصَّلَاةُ لِهَذَا الْيَوْمِ وَسَطَ النَّهَارِ لِيَتِمَّ الِاجْتِمَاعُ وَلَمْ تَجُزْ هَذِهِ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ لِيَكُونَ أَدْعَى إِلَى الِاجْتِمَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّانِي : كَيْفَ خُصَّ ذِكْرُ اللَّهِ بِالْخُطْبَةِ ، وَفِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ وَغَيْرِ اللَّهِ ؟ نَقُولُ : الْمُرَادُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ الْخُطْبَةُ وَالصَّلَاةُ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ ، وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الظَّلَمَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ فَذَلِكَ ذِكْرُ الشَّيْطَانِ .
الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=999_29033_34077قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9وَذَرُوا الْبَيْعَ ) لِمَ خَصَّ الْبَيْعَ مِنْ جَمِيعِ الْأَفْعَالِ ؟ نَقُولُ : لِأَنَّهُ مِنْ أَهَمِّ مَا يَشْتَغِلُ بِهِ الْمَرْءُ فِي النَّهَارِ مِنْ أَسْبَابِ الْمَعَاشِ ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَرْكِ التِّجَارَةِ ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي الْأَسْوَاقِ غَالِبًا ، وَالْغَفْلَةُ عَلَى أَهْلِ السُّوقِ أَغْلَبُ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9وَذَرُوا الْبَيْعَ ) تَنْبِيهٌ لِلْغَافِلِينَ ، فَالْبَيْعُ أَوْلَى بِالذِّكْرِ وَلَمْ يَحْرُمْ لِعَيْنِهِ ، وَلَكِنْ لِمَا فِيهِ مِنَ الذُّهُولِ عَنِ الْوَاجِبِ فَهُوَ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ .
الرَّابِعُ : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذِكْرِ اللَّهِ أَوَّلًا وَذِكْرِ اللَّهِ ثَانِيًا ؟ فَنَقُولُ : الْأَوَّلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا لَا يَجْتَمِعُ مَعَ التِّجَارَةِ أَصْلًا إِذِ الْمُرَادُ مِنْهُ الْخُطْبَةُ وَالصَّلَاةُ كَمَا مَرَّ ، وَالثَّانِي مِنْ جُمْلَةِ مَا يَجْتَمِعُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) .