[ ص: 12 ] ( سورة المنافقون )
إحدى عشرة آية مدنية
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون )
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون )
nindex.php?page=treesubj&link=29034وجه تعلق هذه السورة بما قبلها ، هو أن تلك السورة مشتملة على ذكر بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وذكر من كان يكذبه قلبا ولسانا بضرب المثل كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=5مثل الذين حملوا التوراة ) [ الجمعة : 5 ] وهذه السورة على ذكر من كان يكذبه قلبا دون اللسان ويصدقه لسانا دون القلب ، وأما الأول بالآخر ، فذلك أن في آخر تلك السورة تنبيها لأهل الإيمان على تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ورعاية حقه بعد النداء لصلاة الجمعة وتقديم متابعته في الأداء على غيره وأن
nindex.php?page=treesubj&link=30563_30569_30723ترك التعظيم والمتابعة من شيم المنافقين ، والمنافقون هم الكاذبون ، كما قال في أول هذه السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إذا جاءك المنافقون ) يعني
عبد الله بن أبي وأصحابه (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1قالوا نشهد إنك لرسول الله ) وتم الخبر عنهم ثم ابتدأ فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1والله يعلم إنك لرسوله ) أي أنه أرسلك فهو يعلم إنك لرسوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1والله يشهد ) أنهم أضمروا غير ما أظهروا ، وأنه يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28647حقيقة الإيمان بالقلب ، وحقيقة كل كلام كذلك ، فإن من أخبر عن شيء واعتقد بخلافه فهو كاذب ، لما أن الكذب باعتبار المخالفة بين الوجود اللفظي والوجود الذهني ، كما أن الجهل باعتبار المخالفة بين الوجود الذهني ، والوجود الخارجي ، ألا ترى أنهم كانوا يقولون بألسنتهم : نشهد إنك لرسول الله ، وسماهم الله كاذبين لما أن قولهم يخالف اعتقادهم ، وقال قوم : لم يكذبهم الله تعالى في قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1نشهد إنك لرسول الله ) إنما كذبهم بغير هذا من الأكاذيب الصادرة عنهم في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74يحلفون بالله ما قالوا ) [ التوبة : 74 ] الآية . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56ويحلفون بالله إنهم لمنكم ) [ التوبة : 56 ] وجواب إذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1قالوا نشهد ) أي
[ ص: 13 ] أنهم إذا أتوك شهدوا لك بالرسالة ، فهم كاذبون في تلك الشهادة ، لما مر أن قولهم يخالف اعتقادهم ، وفي الآية مباحث :
البحث الأول : أنهم قالوا : نشهد إنك لرسول الله ، فلو قالوا : نعلم إنك لرسول الله ، أفاد مثل ما أفاد هذا ، أم لا ؟ نقول : ما أفاد ، لأن قولهم : نشهد إنك لرسول الله ، صريح في الشهادة على إثبات الرسالة ، وقولهم : نعلم ليس بصريح في إثبات العلم ، لما أن علمهم في الغيب عند غيرهم .
[ ص: 12 ] ( سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ )
إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً مَدَنِيَّةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ )
nindex.php?page=treesubj&link=29034وَجْهُ تَعَلُّقِ هَذِهِ السُّورَةِ بِمَا قَبْلَهَا ، هُوَ أَنَّ تِلْكَ السُّورَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرِ بِعْثَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذِكْرِ مَنْ كَانَ يُكَذِّبُهُ قَلْبًا وَلِسَانًا بِضَرْبِ الْمَثَلِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=5مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ) [ الْجُمُعَةِ : 5 ] وَهَذِهِ السُّورَةُ عَلَى ذِكْرِ مَنْ كَانَ يُكَذِّبُهُ قَلْبًا دُونَ اللِّسَانِ وَيُصَدِّقُهُ لِسَانًا دُونَ الْقَلْبِ ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ بِالْآخِرِ ، فَذَلِكَ أَنَّ فِي آخِرِ تِلْكَ السُّورَةِ تَنْبِيهًا لِأَهْلِ الْإِيمَانِ عَلَى تَعْظِيمِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِعَايَةِ حَقِّهِ بَعْدَ النِّدَاءِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَتَقْدِيمِ مُتَابَعَتِهِ فِي الْأَدَاءِ عَلَى غَيْرِهِ وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30563_30569_30723تَرْكَ التَّعْظِيمِ وَالْمُتَابَعَةِ مِنْ شِيَمِ الْمُنَافِقِينَ ، وَالْمُنَافِقُونَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ، كَمَا قَالَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ ) يَعْنِي
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيِّ وَأَصْحَابَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ) وَتَمَّ الْخَبَرُ عَنْهُمْ ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ) أَيْ أَنَّهُ أَرْسَلَكَ فَهُوَ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1وَاللَّهُ يَشْهَدُ ) أَنَّهُمْ أَضْمَرُوا غَيْرَ مَا أَظْهَرُوا ، وَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28647حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ بِالْقَلْبِ ، وَحَقِيقَةَ كُلِّ كَلَامٍ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ وَاعْتَقَدَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ كَاذِبٌ ، لِمَا أَنَّ الْكَذِبَ بِاعْتِبَارِ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْوُجُودِ اللَّفْظِيِّ وَالْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ ، كَمَا أَنَّ الْجَهْلَ بِاعْتِبَارِ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ ، وَالْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ : نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ، وَسَمَّاهُمُ اللَّهُ كَاذِبِينَ لِمَا أَنَّ قَوْلَهُمْ يُخَالِفُ اعْتِقَادَهُمْ ، وَقَالَ قَوْمٌ : لَمْ يُكَذِّبْهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ) إِنَّمَا كَذَّبَهُمْ بِغَيْرِ هَذَا مِنَ الْأَكَاذِيبِ الصَّادِرَةِ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا ) [ التَّوْبَةِ : 74 ] الْآيَةَ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ ) [ التَّوْبَةِ : 56 ] وَجَوَابُ إِذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1قَالُوا نَشْهَدُ ) أَيْ
[ ص: 13 ] أَنَّهُمْ إِذَا أَتَوْكَ شَهِدُوا لَكَ بِالرِّسَالَةِ ، فَهُمْ كَاذِبُونَ فِي تِلْكَ الشَّهَادَةِ ، لِمَا مَرَّ أَنَّ قَوْلَهُمْ يُخَالِفُ اعْتِقَادَهُمْ ، وَفِي الْآيَةِ مَبَاحِثُ :
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ : أَنَّهُمْ قَالُوا : نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ، فَلَوْ قَالُوا : نَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ، أَفَادَ مِثْلَ مَا أَفَادَ هَذَا ، أَمْ لَا ؟ نَقُولُ : مَا أَفَادَ ، لِأَنَّ قَوْلَهُمْ : نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ، صَرِيحٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى إِثْبَاتِ الرِّسَالَةِ ، وَقَوْلَهُمْ : نَعْلَمُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي إِثْبَاتِ الْعِلْمِ ، لِمَا أَنَّ عِلْمَهُمْ فِي الْغَيْبِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ .